مراقبة أهل السنة
26 جمادى الأول 1439
خالد مصطفى

تتواصل التقارير والمعلومات التي تؤكد على تصاعد حالة الاضطهاد التي يتعرض لها المسلمون السنة في العديد من المناطق والدول..

 

ولم يعد الأمر يقتصر على البلاد التي تحكمها حكومات طائفية مثل إيران والعراق والمناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي في اليمن بل تجاوز الأمر إلى الدول الغربية التي أصبحت ترى أن المسلمين السنة تحديدا هم أول المشتبه بهم في "قضايا الإرهاب" وهو أمر عنصري انتقدته العديد من المنظمات الحقوقية..وما أكد هذا الأمر مؤخرا ما كشف عنه تقرير صادر عن وزارة الأمن الداخلي بأمريكا عن اضطهاد أهل السنة في البلاد حيث أوصى التقرير, السلطات الأمريكية بمواصلة مراقبة من وصفتهم بـ "المهاجرين من المسلمين السنة الذين يشكلون خطراً"، وقدمت اقتراحا بمراقبة طويلة الأمد للمهاجرين إلى الولايات المتحدة...

 

وتذرع التقرير الذي حصلت "فورين بوليسي" على نسخة منه إلى هجمات تمت في الولايات المتحدة ما بين  أكتوبر 2001 و ديسمبر 2017 ليخلص إلى أنه سيكون من الجيد إجراء الحكومة الأمريكية تقييماً مستمراً للأشخاص المعنيين...

 

وأشار محللون إلى أنه وفي حال تمّ تنفيذ توصيات التقرير فإن ذلك يشكل توسعاً لسياسات ترامب التي تستهدف العديد من المهاجرين المسلمين، وتوسيع نطاق التدقيق من أولئك الذين يحاولون دخول الولايات المتحدة إلى المقيمين الدائمين فيها بشكل قانوني...

 

مصدر مطلع في وزارة الأمن الداخلي قال إن التقرير سيدفع بصانعي السياسات إلى القيام بمراقبة غير عادلة وعنصرية لمجموعات عرقية معينة كما أنه قد يدفع بهم إلى التغاضي عن تهديدات أمنية كبيرة...وعبّر مسؤول سابق في وزارة الأمن الداخلي عن قلقه من الطريقة التي صيغ بها التقرير قائلاً إن التقييم يعتمد على تصنيف لمجموعة محددة جداً من المهاجرين...فيما قال آخر إن التركيز على فئة محددة من المسلمين تثير القلق...

 

التقرير الصادر عن وزارة الأمن الداخلي في أمريكا ليس الأول من نوعه في هذا الاتجاه فمنذ غزو الولايات المتحدة للعراق وهي تسير على هذا النهج وتحاول الترويج له؛ فقد تعاونت واشنطن بعد احتلال العراق مع الشيعة وسمحت لإيران بالتغلغل في البلاد وتكوين ميليشيات مسلحة لأن أهل السنة وقفوا ضد الغزو وقاوموا الاحتلال وهو ما اعتبرته واشنطن "إرهابا" وعاقبت أهل السنة على هذا الموقف بالتعسف في اعتقالهم وتعذيبهم والتنكيل بهم وتلفيق الاتهامات ضدهم وفتحت الأبواب على مصراعيها أمام القوى الشيعية لكي تسيطر على البلاد وتقوم هي الأخرى بتهميش أهل السنة وسن القوانين من أجل القذف بهم خلف أسوار السجون وعلى أعواد المشانق..

 

إن الفكرة التي خرجت بها أمريكا من غزو العراق بشأن أهل السنة جعلتها وحتى هذه اللحظة تساهم في الأزمات التي يتعرضون لها وتقف مكتوفة الأيدي بل داعمة أحيانا للميليشيات الشيعية التي تستهدفهم..وقد وصل الأمر إلى دخول الولايات المتحدة في صفقات وتعاون مع أكبر قوة في المنطقة مناهضة لأهل السنة وهي إيران وغض الطرف عن قيامها بأعمال إرهابية ضد دول المنطقة بشكل مباشر مثلما يحدث في سوريا أو بشكل غير مباشر كما يحدث في لبنان واليمن والعراق...

 

لقد أصبح الغرب خلال السنوات الأخيرة, وخلافا لما يقال في الإعلام, يعتقد أن أهل السنة رغم كل الظلم الذي يتعرضون له, هم الخطر الأكبر الذي يهدده وليس إيران وميليشياتها المنتشرة بشكل شبه رسمي في العديد من الدول, وهو أمر يحتاج إلى استراتيجية عربية وإسلامية عاجلة لمواجهته قبل أن يستفحل ويصب إلى جانب ازدياد النفوذ الإيراني الطائفي.