الموقف العالمي من "الإرهاب البوذي"
24 جمادى الثانية 1439
خالد مصطفى

في العقود الأخيرة سعت وسائل إعلام عالمية نافذة إلى تقديم صورة الوثنيين البوذيين بشكل براق, وأشاعت هذه الوسائل أن البوذيين لا يعرفون العدوان على الآخرين وأنهم يدعون للسلام, وأن الديانة البوذية تحقق الصفاء الداخلي ولا تعرف الكراهية تجاه الآخر بأي شكل من الأشكال!..

 

هذه الأفكار المغلوطة غزت الغرب وأثّرت بقوة في قطاع عريض منه حتى أن بعض المشاهير هناك التحقوا بهذه الديانة ورحلوا إلى المراكز الخاصة بها في آسيا من أجل الحصول على "الطهارة الروحية", كما زعموا..

 

وقد تم إنتاج عدد من الأفلام في عاصمة السينما العالمية بأمريكا تؤكد على هذه المعاني وتدعو إليها بشكل صريح وتروج لهذه المفاهيم.. في نفس الوقت كانت نفس وسائل الإعلام تهاجم الإسلام والمسلمين وتصمهم بالإرهاب وحمل السلاح وتدعي أنهم ينشرون الكراهية حول العالم!...

 

كما تم إنتاج مئات الأفلام في الغرب التي تظهر المسلمين بشكل يثير الاشمئزاز وتتهمهم بظلم المرأة والهمجية وأنهم قوم لا خلاق لهم..

 

لقد أطلقت هذه الحملات المشبوهة طوال عقود وسنوات كان فيها المسلمون يتعرضون للتنكيل والاضطهاد على أيدي البوذيين والهندوس والنصارى وتم طمس هذه الحقائق على المستوى العالمي لفترة طويلة ومن أمثلة ذلك ما جرى ضد المسلمين في فطاني جنوب تايلاند على أيدي الحكومة البوذية المحتلة والتي قتلت واعتقلت الآلاف من أبناء المسلمين في حملة شنعاء في أواسط القرن الميلادي الماضي واستمرت لسنوات دون أن يسلط العالم الضوء عليها..

 

كما تعرض المسلمون للاضطهاد والتنكيل في جنوب الفلبين طوال سنوات عديدة على أيدي "الحكومة المسيحية" دون أن يشعر بهم الكثيرون حول العالم وظل الغرب طوال هذه السنوات يصدر الصورة النمطية عن المسلمين المتوحشين وعن البوذيين الرحماء! في  إصرار منقطع النظير على تغيير الحقائق..والآن يتعرض المسلمون لموجة عير مسبوقة من القتل والتعذيب والانتهاكات المختلفة التي وصلت إلى حد التطهير العرقي على أيدي البوذيين في ميانمار وسريلانكا وعلى أيدي الهندوس في الهند ومع ذلك لا زال الغرب يواصل خطابه الإعلامي المستأنس ضد البوذيين والعدائي ضد المسلمين حتى أنه لا يمر يوم إلا ونسمع عن حريق يستهدف مسجدا أو اعتداء يستهدف مسلما أو مسلمة في بلد غربي جراء حملات التحريض الإعلامية المثيرة التي يشارك فيها بعض السياسيين والمسؤولين...

 

في نفس الوقت لم تتعير لهجة الوداعة تجاه البوذيين وديانتهم بحجة أن كل ما يجري على كثرته وخطورته منهم هو حوادث فردية! بينما يتعرض المسلمون لحرب منهجية لتشويههم فهل هذه هي العدالة التي يدعو إليها العالم الغربي؟! أم أن الأمر يتعلق بكراهية دفينة تجاه الإسلام وأهله ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بحقائق الماضي والحاضر؟