التحدي الذي يواجه أعداء الإسلام
5 رجب 1439
خالد مصطفى

مع انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في الكثير من دول العالم وتصاعد المد اليميني المتطرف في أوروبا المناهض للأجانب عموما والمسلمين خصوصا بدأ نوع من التحدي يواجه هذه الظواهر والحركات وهو النمو المطرد للمسلمين حول العالم رغم حروب الإبادة التي تشن ضدهم في العديد من المناطق في وقتنا الحاضر وفي السنوات الماضية..

 

لقد كشفت دراسة أمريكية مؤخرا عن أن الإسلام سيصبح أكبر ديانة في العالم بحلول 2070..وأشار مركز لأبحاث التغيرات الديموغرافية في الديانات الكبرى, إلى أن الإسلام هو الديانة الوحيدة في العالم التي تنتشر أسرع من وتيرة نمو سكان العالم...وأوضح مركز "بيو" الأمريكي لأبحاث التغيرات الديموغرافية في الديانات الكبرى أن عدد السكان المسلمين سينمو بنسبة 73 في المائة بين عامي 2010 و2050، بالمقارنة مع 35 في المائة لدى "المسيحيين" - ثاني أسرع ديانة نمواً في العالم...

 

وفي نفس السياق، أفاد مركز "بيو" بأن عدد سكان العالم سنة 2050 سينمو بنسبة 37 في المائة، وأضاف أن الديانة الإسلامية ستصبح الأولى في العالم بحلول سنة 2070 إذا ما واصل الإسلام نموه بهذه الوتيرة...هذا وأشار موقع "إكسبرس" البريطاني بناءً على توقعات مركز "بيو" أن عدد المسلمين سنة 2050 سيبلغ حوالي 2.76 مليار، في حين سيصل عدد "المسيحيين" إلى حوالي 2.92. وتابع مركز "بيو" قائلاً :"إذا استمرت الاتجاهات الديموغرافية الحالية، فمن المتوقع أن يتجاوز عدد المسلمين عدد "المسيحيين" بحلول نهاية القرن الحالي"...هذا وأكد المركز، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أن معدلات الخصوبة من بين الأسباب التي قد تُفسر سبب انتشار الإسلام بوتيرة سريعة في العالم، حيث إن المسلمين يمتلكون أعلى معدل خصوبة في العالم، بواقع 3.1 طفل لكل امرأة، بالمقارنة مع 2.7 لكل امرأة "مسيحية"...

 

وأضاف "بيو" أن الإسلام يجذب الكثير من الشباب، وهو ما يعني أن لديهم المزيد من سنوات الإنجاب، فيما توقع نفس المركز أن يشهد عدد "المسيحيين" تراجعاً، إذ يتزايد عدد الأشخاص غير الدينيين أو الذين يُغيرون دينهم..هذه الدراسة جاءت في وقت تشهد فيه العديد من الدول الإسلامية مثل سوريا واليمن وليبيا والعراق لحروب مستعرة قضت على مئات الآلاف, كما تأتي في وقت تشن فيه حكومة ميانمار حرب إبادة ضد مسلمين الروهينغيا قضت فيها على الآلاف كما قضت حروب أخرى شهدتها البوسنة وكوسوفا ومناطق المسلمين في جنوب تايلاند وجنوب الفلبين في السنوات الأخيرة, على الآلاف ومع ذلك لا زال الإسلام ينتشر سريعا ويشكل تحديا كبيرا لأعدائه رغم محاولتهم المضنية للقضاء عليه عبر القضاء على من ينتسبون إليه... ما يجهله أعداء الإسلام أن هذا الدين ينظر للحياة بشكل مختلف ورغم الصعوبات التي يواجهها المسلمون فإنهم لا يتوقفون عن إنجاب الأطفال لأن دينهم يحث على ذلك ويركز على قضية تعمير الأرض والتكاثر والإعلاء من قيمة الجماعة والتضحية والعطاء وبذل المستطاع في سبيل تربية الأبناء على هذه المفاهيم بينما الحضارة الغربية تعلي من شأن الفرد بشكل يصيبه بالأنانية حتى أنه يرفض أن ينجب الأطفال ويفضل على ذلك تربية الكلاب لأنه يكره تحمل مسؤولية غيره ويخشى أن يفقد متعته الشخصية....

 

ليس هذا فحسب فالإسلام لا ينتشر فقط عبر تكاثر أبنائه بل ينتشر عبر دخول غير المسلمين إليه وبعض هؤلاء من أشد الكارهين له وذلك بعد أن يعرفوا المعاني السامية لهذا الدين مثلما جرى مع السياسي الألماني المعادي للمسلمين، أرثر فاجنر الذي تحول للإسلام، وكشف موقع « دويتشه فيله»، في تقرير له مترجم عن مجلة «فوكس الألمانية»، عن الأسباب التي دفعت أرتور فاجنر أو كما يطلق عليه حاليًا «أحمد» إلى  اعتناق الإسلام...وجاء في التقرير، أن السياسي الألماني الذي ينتمي لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي كان يخفي أمر اعتناقه للإسلام عن الحزب وعن الرأي العام..وشرح قراره الذي فاجأ الكثيرين في حزبه المعادي للإسلام والأجانب، بالقول: «من بين الأسباب التي جعلتني أعتنق الإسلام التغييرات التي طرأت على الكنيسة، والتي لم تعد تنسجم مع قناعاتي: موقفهم من حزب البديل من أجل ألمانيا، وزواج الشواذ ومشاركة القساوسة في احتفالات الشواذ "يوم كريستوفر" ببرلين (...)».

 

ورغم أنه لم يعلن إسلامه إلا في أكتوبر 2017، إلا أنه اتخذ القرار منذ نوفمبر 2015،  خلال زيارة إلى روسيا، موضحًا أنه تعرف هناك على المسلمين "كشعب منفتح وصادق"، وهو ما شجعه أكثر على اتخاذ قراره بتغيير دينه، ورغم اعتناقه الإسلام احتفظ بقراره لنفسه ولم يطلع عليه أعضاء الحزب، مؤكدًا أنه لم يكن يعرف كيف سيخبر اندرياس كالبيتس، رئيس منظمة الحزب اليميني الشعبوي المعادي للإسلام في ولاية براندنبورغ، بالقرار، خصوصا وأن الأخير من بين الذين يتبنون شعار "الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا"...

 

ما حدث مع هذا السياسي الألماني حدث مع آخرين في أوروبا بعد أزمة الرسوم المسيئة حيث دخل عدد كبير في الإسلام بعد أن اطلعوا على حقيقته...إن حروب الإبادة التي يشنها أعداء الإسلام على أبنائه والتركيز فيها على قتل الأطفال واغتصاب النساء من أجل كسر هذا التحدي الصعب لن تثبط عزائم المسلمين ولن تقضي على دين يغزو أوروبا بحيويته وعقيدته البسيطة ومفاهيمه الملائمة للفطرة السوية والتي تجمع بين مطالب الجسد والروح حتى يتحول أشد الأعداء إلى أكبر المدافعين عنه.