التدرج في ظاهرة "الإسلاموفوبيا"
9 رجب 1439
خالد مصطفى

المتابع لحالة العداء للإسلام في الغرب أو ما يسمى بظاهرة "الإسلاموفوبيا" يجد أنها بدأت عبارة عن تصريحات تندد بما يسمى "الإرهاب" و"التطرف" دون ربط ذلك بالإسلام كدين, وذلك في أعقاب بعض أعمال العنف التي شهدتها عدد من البلدان الغربية..

 

وفي هذا الوقت لم توجه أعمال عدائية للمسلمين أو يتم التضييق عليهم بشكل مباشر أو صريح...

 

ثم تطورت الأمور إلى تصريحات تنال من العقيدة الإسلامية والشريعة وأحكامها و"الدعوة لاجتهادات جديدة تناسب العصر", على حد وصف بعض السياسيين والصحفيين في هذا الوقت..

 

بعد ذلك ظهرت تصريحات فجة تتهم الإسلام بشكل واضح بالمسؤولية عن أعمال العنف وتدين المسلمين بشكل عام..وجاءت هذه التصريحات من قبل قيادات بارزة إلا أن عدم اتخاذ الحكومات وقتها لإجراءات صارمة تجاه هؤلاء الأشخاص زاد من عدد المؤيدين لهذه المزاعم وبدأت الأعمال العنصرية تظهر من خلال اعتداءات لفظية توجه لمن يبدو عليه أوعليها علامات الالتزام الديني مثل الملتحين والمحجبات..

 

وتطور الأمر سريعا حتى تحولت هذه الأعمال العنصرية إلى مواقف تتركز في رفض الحجاب ومنعه من المدارس والمصالح الحكومية وبعد ذلك منعه في الأماكن العامة ورفض تعيين المحجبات أو قبول شهادتهن في المحاكم..ثم ازداد السعار إلى رفض ركوب المحجبات أو المسلمين للطائرات خوفا منهم ووقعت أكثر من حادثة في هذا الشأن أثارت لغطا كبيرا...

 

الأمر لم يقف عند الكبار والبالغين من المسلمين والمسلمات بل تجاوزه إلى الصغار حيث تم طرد بعض الأطفال من المدرسة بسبب بعض الكلمات أو بعض الأفعال العادية التي تم المبالغة في فهمها مما زاد من حالة القلق في صفوف المسلمين المقيمين في الدول الغربية....لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد رغم خطورته بل وصل للاعتداء الجسدي الذي بدأ بتوجيه بعض اللكمات وخلع الحجاب بالقوة مرورا بالاعتداء الوحشي والتسبب في إصابات خطيرة  حتى وصل إلى القتل المباشر المتعمد...

 

لقد تعددت في الفترة الأخيرة حوادث إطلاق النار على المسلمين بسبب دينهم وخصوصا الأئمة فقد قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إن محكمة أمريكية حكمت بالسجن مدى الحياة على أمريكى بتهمة القتل من الدرجة الأولى بعد قتله إمام مسجد فى نيويورك ومساعده فى 13 أغسطس 2016..وأضافت الصحيفة أن هيئة محلفين في المحكمة العليا أدانوا أوسكار موريل ، 37 سنة ، بإطلاق النار على الإمام ومساعده، وهما يسيران إلى منزليهما بعد الصلاة يوم 13 أغسطس 2016...ووصف ريتشارد أ. براون ، وهو محامي منطقة كوينز ، عملية القتل بأنها "عمل شنيع من العنف المسلح في منتصف فترة ما بعد الظهيرة ونُفذت فى حى مترابط مليء بالعائلات والأطفال"...

 

كما كشف الادعاء الأمريكي عن أن ثلاثة رجال متهمين بالتخطيط لتفجير مجمع سكني في غرب ولاية كانساس يقيم فيه مهاجرون مسلمون من الصومال ويضم مسجدا، أرادوا قتل أكبر عدد ممكن وتوجيه رسالة مفادها أنهم ليسوا محل ترحاب بالولايات المتحدة...ووجه الادعاء الاتهام إلى الثلاثة، كيرتس آلن وجافين رايت وباتريك يوجين ستاين، بالتخطيط لاستخدام سلاح دمار شامل في جاردن سيتي بولاية كانساس وحرمان آخرين من حقوقهم المدنية. ويواجه رايت أيضا اتهامات تتعلق بالسلاح كما أن ستاين متهم بالكذب على مكتب التحقيقات الاتحادي...

 

ويواجه الثلاثة عقوبة السجن مدى الحياة في حالة إدانتهم. ..وقالت ممثلة الادعاء ريسا بيركوير "أراد المتهمون توجيه رسالة مفادها أن المسلمين ليسوا محل ترحاب هنا.. لا في جاردن سيتي ولا في كانساس ولا في أمريكا"...وهذا الأمر الأخير يدل على أن ظاهرة الإسلاموفوبيا لم تعد مجرد خوف من أشخاص أو دين ولكنها أصبحت حركة استئصالية فاشية مثل الحركة النازية العنصرية التي وقفت أوروبا أمامها في الحرب العالمية الثانية بعد أن تسببت في قتل ملايين البشر والآن أوروبا تدخل معركة جديدة فهل تدرك خطورتها؟!..

 

حتى الآن يبدو أن الغرب لم يدرك خطورة الوضع ولا زال عدد من الساسة البارزين يغذي هذا التطرف العنصري والدليل ما صدر أخيرا عن وزير الداخلية الألماني الجديد ورغم معارضة عدد من المسؤولين في البلاد لهذه التصريحات إلا أن عدم سن قوانين رادعة في هذا الشأن ستكون بمثابة ضوء أخضر للمزيد من عمليات العنف ضد المسلمين.. ولتتذكر أوروبا ماذا أصدرت من قوانين بعد الحرب العالمية الثانية لحماية اليهود أم أن دماء المسلمين فقط هي المستباحة؟!