ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مدن الأحواز العربية مظاهرات واحتجاجات على سياسات المحتل الصفوي وممارساته المسيئة والمستفزة لهوية عرب الأحواز .....إلا أنها تبدو الآن أشد حاجة للدعم وأكثر افتقارا للمؤازرة العربية والإسلامية المفقودة أو الخجولة والضعيفة على أقل تقدير .
لم تكن انتفاضة عرب الأحواز واحتجاجاتهم المستمرة منذ خمسة أيام من فراغ بل جاءت ردا على إساءة جديدة من إعلام الاحتلال الرافضي للهوية الأحوازية العربية من خلال بث القناة الثانية للتلفزيون الرسمي برنامجا خاصا بالأطفال باسم "كلاه قرمزي" بمناسبة ما يسمى "عيد النوروز" ورأس السنة الصفوية تضمن وضع دمى صغيرة بملابس القوميات فوق الخريطة الإيرانية في الأماكن التي تقيم بها تلك العرقيات باستثناء منطقة الأحواز العربية حيث تم وضع دمية أخرى بدلًا من دمية تمثل القومية العربية , فضلاً عن بث قناة "نسيم" للأطفال برنامجاً فكاهيا آخر ظهر فيه أربعة أشخاص بالزي العربي وهم يطلقون صوت القطة .
كان من الطبيعي أن تخرج حشود الأحرار من عرب الأحواز إلى الشوارع منددين بالإهانة والاساءة المتعمدة للهوية العربية الأحوازية في الإعلام الصفوي , فقد تجمع آلاف من المواطنين العرب أمام مبنى فرع منظمة الإذاعة والتلفزيون الرسمي الإيراني في مدينة الأحواز منذ أيام وعبروا عن احتجاجهم على ما جرى دون أن يجدوا من المحتل إلا قمع مظاهراتهم و اعتقال شبابهم .
لم تتوقف المظاهرات منذ خمسة أيام بلياليها رغم القمع والعنف الذي تستخدمه قوات الاحتلال الإيراني ضد المحتجين السلميين , ما اضطر نظام الملالي لإرسال المزيد من التعزيزات من القوات الخاصة وومليشيا الحرس الثوري من (خرّم آباد) إلى الأهواز والمدن التابعة لخوزستان لقمع الاحتجاجات ومحاولة تطويقها تمهيدا لإخمادها .
فيديوهات وصور المظاهرات الأحوازية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد توثيقها من قبل ناشطين , الأمر الذي دفع سلطات الاحتلال إلى قطع شبكة الإنترنت وحظر الرسائل النصية SMS في بعض المناطق التابعة للمحافظة في محاولة لمكافحة الاحتجاجات والمظاهرات .
وأمام عنف وقسوة القمع الصفوي لجأ الناشطون الأحواز إلى اعتماد تكتيكات جديدة في انتفاضتهم المستمرة منذ خمسة أيام من خلال التظاهر ليلا للتقليل من خسائر الاعتقالات مرددين "أنا عربي وافتخر ومن لم يعجبه الأمر فلينتحر".
ممثل محافظة الأحواز في البرلمان الصفوي "عباس الكعبي" قدم اعتراضا لدى الحكومة مطالبا إدارة الإذاعة والتلفزيون بوقف الاستهانة والتطاول على القومية العربية و بتقديم اعتذار للشعب العربي الأحوازي .....فكان الرد الرسمي بمواجهة احتجاجات الأحوازيين بالرصاص الحي والضرب والاعتقال ما يكشف عن حقيقة ديكتاتورية واستبداد نظام الملالي ويؤكد هزلية مسرحية ديمقراطيته المزعومة .
مدير مركز الأحواز للإعلام والدراسات الاستراتيجية "حسن راضي" قال : إن الحرس الثوري الإيراني استخدم العنف ضد المتظاهرين مما أدى إلى وقوع إصابات واعتقالات , مؤكدا أن سياسة النظام الإيراني العنصرية ومساعيه لتغيير ديموغرافية منطقة الأحواز هو سبب خروج المظاهرات الأحوازية .
وأضاف راضي : "النظام الإيراني يستفز العرب من خلال الوفود الكبيرة التي جاءت إلى الأحواز من المدن الفارسية في عيد النيروز" مؤكدا أن "نظام "الملالي" نصب خياما كبيرة للقومية اللورية في المناطق العربية بعيد النيروز كما قام التلفزيون الرسمي ببث برامج "تسخر من العرب وتضع القومية اللورية في مكان القومية العربية على الخارطة " مشيرا إلى أن النظام "يسعى لتغيير ديموغرافية المنطقة وتهجير الأحواز من مناطقهم بحرمانهم من حقوقهم وتوفير فرص عمل لهم في مدن أخرى فارسية" .
سياسة نظام الملالي تجاه قضية الأحواز لم يعد يجهلها أحد فالإهمال والتهميش لهذه المنطقة العربية المحتلة ونهب خيراتها ومحاولة تهجير سكانها الأصليين واستبدالهم بعرقيات موالية وتابعة للخمينية الصفوية أضحت صارخة من شدة علانيتها و وقاحتها .
لا يمكن أن تستمر سياسة عدم إيلاء القضية الأحوازية الاهتمام المطلوب والدعم الكافي ماديا وسياسيا من قبل الدول العربية والإسلامية , فما يجري في كل من الأحواز وغيرها من الدول كــ "سورية والعراق ولبنان" التي باتت اليوم شبه محتلة من قبل نظام الملالي يجعل من تأجيل مواجهة المشروع الصفوي وتأخير دعم ومؤازرة من يقف في وجه خطر التمدد الرافضي أشد كارثية وأكثر مأساوية على جميع الدول العربية والإسلامية المجاورة .
إن مقارنة عاجلة بين ما تقوم به إيران من دعم كامل لجميع مليشياتها المتواجدة في دول الجوار رغم بطلان مطالبها وفساد قضيتها وبين غياب الدعم العربي والإسلامي للقضية الأحوازية رغم عدالة قضيتها ومشروعية مطالبها يشير بوضوح إلى فقدان الأمة للمشروع الذي يجمعها وحاجتها للمسارعة إلى بلورته وتبني ترجمته على أرض الواقع قبل فوات الأوان .