"النصر" في المفهوم النصيري !!
2 شعبان 1439
د. زياد الشامي

لا يتفق مفهوم "النصر" في الذهنية والعقلية النصيرية مع أي معنى من معاني "النصر" اللغوية أو الاصطلاحية ناهيك عن بعده عن معنى النصر بالمفهوم القومي العربي أو العقدي الإسلامي الأمر الذي يؤكد مرة بعد أخرى عدم انتماء هذا النظام بأي شكل من الأشكال إلى الأمة العربية والإسلامية .

 

 

مشهد جديد من مشاهد العبث النصيري بمفهوم النصر الحقيقي تجلى منذ أيام في احتفالات مؤيديه والمجبرين على تأييده في المناطق الخاضعة "لسيطرته" بما اعتبره فشل تحقيق الضربة العسكرية التي وجهتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ضد بعض المواقع بدمشق وحمص لأهدافها في إضعاف القدرات العسكرية لقوات النظام وحلفائه حسب وصفه .

 

 

وبعيدا عن كون الضربة العسكرية رمزية إلى أبعد الحدود وبغض النظر عن تأكيدها للمرة الألف اتفاق العم سام والدول الغربية على ضرورة إبقاء طاغية الشام وإعادة تأهيله وعدم إضعافه فضلا عن إنهاء حكمه وإجباره على التنحي......فإنها تبقى في المفهوم السياسي ضربة عسكرية وهزيمة ميدانية وسياسية لطاغية الشام وداعميه الذين لم يجرؤوا على التلويح بالتصعيد والمواجهة ولو لفظيا وشكليا على الأقل .

 

 

إن من يتابع الإعلام النصيري ويعاين ما جرى في ساحات دمشق وغيرها من المدن بعد تنفيذ الضربة بساعات يظن أن المهاجم هو طاغية الشام لا الحلف الغربي وأن المتلقي للضربة العسكرية هي عواصم الغرب لا عاصمة الأمويين !!!

 

 

لقد عمت الاحتفالات في مناطق سيطرة النظام النصيري بما سموه "فشل الضربة في تحقيق أي من أهدافها" وما اعتبروه "نصرا" كبيرا !! و نشر مكتب رئاسة النظام النصيري عبر تويتر مقطعا مصورا لطاغية الشام وهو ذاهب إلى عمله مذيلا التغريدة بعبارة "صباح الصمود" فيما أكدت مصادر صحفية استقصائية أن المقطع المصور قديم .

 

 

الاحتفالات عمت مدن دمشق وحلب واللاذقية وطرطوس وتم نشر صور ومقاطع مصورة أظهرت العشرات من المدنيين والمسلحين في عدد من الساحات والتجمعات ترقص وتغني ابتهاجا بما سمي "فشل" الضربات الغربية في تحقيق أي من أهدافها التي شنت الضربة لأجلها بعد أن أكدت موسكو أن المواقع المستهدفة مدمرة سابقا وخالية من أي قوات سورية أو قوات صديقة للنظام .... وكأن القوات المهاجمة لم تكن تعلم ذلك مسبقا !!!

 

 

تلفزيون النظام النصيري الرسمي قام ببث مشاهد مباشرة من ساحة الأمويين في دمشق وساحة سعد الله الجابري في حلب حيث تجمع مدنيون ومسلحون يحتفلون بــ "النصر" ويرفع بعضهم الأعلام الروسية والإيرانية وصور حسن نصر الله في مشهد يشير إلى عدد الدول التي باتت تحتل عاصمة الأمويين في العهد النصيري المشؤوم .

 

 

لم يكن المشهد الاحتفالي رغم الهزيمة حدثا غريبا على النظام النصيري أو مستحدثا فلطالما حاول هذا النظام عبر عقود مضت تصوير هزائمه انتصارات وإطلاق اسم الإنجازات على انتكاساته ومصائبه , ولعل ما جرى في نكسة حزيران عام 1967م خير شاهد على ذلك , ففي الوقت التي كان النظام النصيري في عهد الأب يسلم القنيطرة للكيان الصهيوني بالانسحاب منها منفردا كان إعلامه وما زال يصور ما حدث بأنه انتصارا على "الاحتلال الإسرائيلي" ويروج للمهزوم بأنه "بطل التشرينين" !!

 

 

لقد كان بيان وزير الدفاع السوري حينها بإعلان سقوط القنيطرة في حرب 1967 قبل سقوطها بثلاث ساعات فضيحة مدوية بعد ذلك , فقد كتب الصهيوني جيرمي بوين في كتابه (ستة أيام : كيف شكلت حرب 1967 الشرق الأوسط) يقول : " وصلنا للقنيطرة من دون أي عائق تقريبا... كان هناك غنائم في كل مكان حولنا , كل شيء كان لا يزال يعمل , محركات الدبابات لم تتوقف ، معدات الاتصال لا تزال في وضع العمل ، وقد تم التخلي عنها. سيطرنا على القنيطرة دون قتال" !!

 

 

كثير من المغردين على وسائل التواصل الاجتماعي سخروا من احتفالات مؤيدي النظام النصيري بالضربة العسكرية التي تلقاها مشيرين إلى أنها ليست المرة الأولى التي يصور فيها الإعلام النصيري هزائمه انتصارات وفي ذلك غرد أحد الحسابات : "عقود من الهزائم المتلاحقة ومازال الحثالة يتراقصون فرحا بالانتصارات" .

 

 

لا ينبغي إذا الإسراف في استغراب مشهد احتفال مؤيدي النظام النصيري بالضربة العسكرية الرمزية لقوات الدول الاستعمارية الغربية واعتباره "نصرا" مؤزرا لطاغية الشام وداعميه , كما لا ينبغي أن نستغرب احتفالهم من قبل بتدمير مدن وبلدات سورية وقتلهم الأطفال والنساء بكافة أنواع الأسلحة التقليدية والمحرمة دوليا وتهجير من تبقى منهم على قيد الحياة كما حصل في أحياء حلب الشرقية ومدن وبلدات الغوطة الشرقية مؤخرا واعتبار ذلك "انتصارا" يستحق الاحتفال .....فهم في الحقيقة عملاء أعداء هذه الأمة وأدواتها في المنطقة , فلا عجب بعد ذلك أن يحتفلوا بكل ما من شأنه أن يلحق الأذى والضرر بالأمة وأبنائها ويعتبروه "نصرا" كبيرا وإنجازا عظيما .