الحرب على الإسلام طالت حتى الأسماء
4 شعبان 1439
د. زياد الشامي

مع دخول الحرب التي يشنها أعداء الإسلام على دين الله مرحلة العلانية والجهر , ومع شمول تلك الحرب جميع ما يتعلق بختام الرسالات وتجاوزها حدود محاولة التشكيك ببعض عقائد الإيمان الغيبية والتشويش على أحكام الإسلام وحدوده الشرعية...وصلت شرارة تلك الحرب مؤخرا إلى منع إطلاق كثير من الأسماء الإسلامية على مواليد المسلمين في كثير من دول القارة العجوز وبعض دول شرق آسيا .

 

 

آخر فصول هذه الظاهرة العنصرية جاءت من قلب دولة ما برحت تزعم أنها رائدة الحريات و حاملة لواء حماية حقوق الإنسان ورعاية الأقليات , فقد رفضت محكمة فرنسية في مدينة تولوز تسمية طفل لأبوين مسلمين باسم "جهاد" وطالبت الوالدين بإعادة ترتيب أحرف الاسم ليصبح "جهيد" .

 

 

المحكمة الفرنسية اعتبرت أن هذا التعديل في مصلحة الطفل حسب زعمها واستندت في قرارها على القانون الفرنسي الذي لم يعد يسمح بالحرية المطلقة للأبوين "وخصوصا المسلمين" في اختيار أسماء أطفالهما .

 

 

تكررت نفس الحادثة في فرنسا عام 2016م حين قضت محكمة في بلدة "روبيه" بتغيير اسم صبي من "جهاد" إلى "جاهيد" باسم القانون الفرنسي الذي سمح للادعاء  أن يقرر إحالة الأمر إلى قاضي أسرة يتولى اتخاذ القرار بشأن ما إذا كان الاسم يضر فعليا بمصالح الطفل ليصار إلى مطالبة الوالدين باختيار اسم آخر، وإذا ما رفضا يمكن للقاضي اختيار اسم جديد للطفل !!

 

 

حتى عام 1993م كان يتعين على الآباء الفرنسيين انتقاء الاسم الأول لأطفالهم من قائمة بالأسماء معتمدة رسميا، ولم يتم السماح للوالدين باختيار اسم وليدهم إلا بعد ذلك التاريخ ما لم يتعارض مع مصلحة المولود حسب نص القانون الفرنسي .

 

 

قد يكون اسم "جهاد" مضر بالوليد بالفعل في دول القارة العجوز وكثير من دول العالم التي باتت تربط بين العنف والتطرف و "الإرهاب" وبين كل ما يتعلق من قريب أو بعيد بأتباع دين الله الحق حتى الأسماء إذ يكفي أن يكون اسمك "جهاد" أو محمد أو أحمد أو........حتى تعاني من تدقيق الإجراءات والاشتباه بك في كل ما قد يجري في البلاد من أعمال عنف أو ما يطلق عليه "إرهاب" !!!

 

 

ليست باريس وحدها من أقدمت على هذا الخطوة غير المبررة فهناك الصين التي أعلنت سلطاتها في تركستان الشرقية "شينجيانغ" منذ أشهر حظر قائمة أسماء إسلامية مكونة من 29 اسما تمنع بموجبها الأسر من إطلاق أسماء مثل "محمد" و"قرآن" و "جهاد" و "مكة" على أطفالهم حديثي الولادة .

 

 

المبرر الذي ساقته السلطات الصينية للحظر يعود إلى ارتباط تلك الأسماء بخلفية دينية حسب تعبير مسؤول في مكتب الأمن العام في محافظة "كاشغار" الواقعة جنوبي الإقليم مضيفا أن "الأطفال حديثي الولادة الذين سيحملون هذه الأسماء سيتم منعهم من الحصول على الرعاية الصحية الممولة من الحكومة ومن التعليم".

 

 

ليس في اسم "جهاد" الشائع نسبيا في الكثير من الدول العربية أي مدلولات سياسية أو ارتباط أو علاقة بالعنف أو التطرف إلا في أذهان الحكومة الفرنسية ومثيلاتها من حكومات الدول الغربية أو الشيوعية أو.... ولعل ما تنطق به الإحصائيات الرسمية خير شاهد على ذلك , فقد تم إطلاق اسم "جهاد" بين عامي 2006 و2015 على 289 طفل في فرنسا , فما الذي جعل من هذا الاسم مؤخرا علاقة بالعنف والتطرف في نظر الحكومة الفرنسية ؟!!!

 

 

ليس هناك ما يفسر حظر دول من الشرق والغرب إطلاق بعض الأسماء الإسلامية على مواليد المسلمين إلا موروث حقدهم القديم على دين الله الخاتم ومحاولة التضييق على أتباعه في دولهم و مواصلة العمل على طمس هويتهم الدينية .

 

 

قد تكون أولى أهداف هذه الحرب المعلنة على دين الله وقف مده الجارف في كثير من دول العالم و تسارع انتشاره الواسع في معظم القارات بعد أن أكدت الكثير من الإحصائيات إمكانية تحول بعض دول الشرق والغرب إلى دول إسلامية بحلول عام 2050م .

 

 

إن بلوغ الحرب التي تشنها الدول المعادية لدين الله الإسلام مرحلة حظر إطلاق أسماء إسلامية على مواليد المسلمين في دولهم دليل على عجزهم عن إيقاف مد انتشار الإسلام بالحجة والبرهان والدليل , واضطرارهم للجوء إلى أسلوب الاضطهاد والتضييق والمنع والحظر الذي أثبت أيضا عدم جدواه في منع الناس من الدخول في دين الله أفواجا .