أما آن لـBBC أن تتوب؟
22 شعبان 1439
منذر الأسعد

على من يريد الحكم على الأداء المهني لفضائية بي بي سي العربية أن يقارنه بأداء القناة الأم  BBC World Channel .

 

تشبيح بلا كلل!
يكفي هذه الفضائية الناطقة بالعربية " شرفاً" أنها وسيلة الإعلام الأجنبية اليتيمة، التي حظيت بقبول نظام بشار الأسد.. فقنوات روسيا اليوم والعالَم الإيرانية والمنار التابعة لحزب نصر الله والميادين التي لا تقل تضليلاً عن قناة سما الأسدية ... كلها قنوات السادة الذين يأمرون في سوريا الأسد فيُطاعون..

 

وذلكم عاجل بشرى الحقد المشترك بين الطرفين، فالقناة التي يُفترض أنها ممولة من جيوب دافعي الضرائب البريطانيين، أثبتت منذ اللحظة الأولى لانطلاق الاحتجاجات الشعبية السلمية، أنها في الخندق المناوئ لها بشراسة أثارت – وما زالت تثير الذهول-.

 

ولذلك قلما اهتم  الخبراء والناشطون والمعنيون بتغطية بي بي سي العربية للثورة السورية؛ نتيجة تحيزها المكشوف الذي يتناقض مع أبجديات العمل الإعلامي، فضلاً عن تعارضه الشائن مع تاريخ بي بي سي يوم كانت إذاعة يحترمها حتى من يخالفونها أو يأخذون عليها بعض المآخذ.

 

وكنا في هذا الموقع رصدنا ممارسات هذه الفضائية أكثر من مرة، رصداً معززاً بالشواهد الدامغة الموثقة. ولذلك صرفتُ النظر عنها، فيندر أن أمر بها إلا عَرَضًا.

 

الكيماوي الأخير
بقدر رباني محض، مرَّ بي جهاز التحكم على المحطة فجر اليوم 16/4/2018 م، وكانت هنالك إعادة لبرنامجها اليومي: العالَم هذا المساء. لم أكن أرغب في التوقف لولا أني سمعتُ المذيعة تتهم القمة العربية في الرياض، بأنها منعتْ مندوب العراق من إلقاء كلمة يبرئ النظام الأسدي من مجزرة كيماوي دوما، التي أضحت حديث الناس كافة منذ أسبوع حتى لحظة البرنامج المريب.

 

لم تستشعر المذيعة أدنى حرج، عندما صفعها أحد الضيوف بسؤال بديهي: إذا صحَّ هذا الادعاء فلماذا لم يصدر عن أي مسؤول عراقي بيان رسمي يؤكد هذا الزعم؟ ..

 

تمنيتُ وقتها لو أني أستطيع التكلم مع هذه المؤدلجة التي تزيف الحقائق بأسلوب فج، لأقول لها: لكن العراق أعلن رسمياً منذ يومين أنه يقف على الحياد في " الصراع السوري"؟! فهل نترك الموقف الرسمي الصريح،لنصدق مذيعة متحيزة في وسيلة إعلام أشد تحيزاً، تلقي الكلام جزافاً من دون إسناد الادعاء إلى جهة محددة – بل على طريقة أي كذاب: بحسب مصدر مطلع!!-

 

اللعب بمسرحيات الفيتو!!
ثم جرى حوار بين مذيعة قناة سما – في نسختها اللندنية!!- مع متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في دبي.

 

قالت المسؤولة –بلغة عربية لا بأس بها- : إن روسيا شلَّت قدرة مجلس الأمن على معالجة الوضع في سوريا، لأنها أجهضت عدة مشاريع قرارات بمجلس الأمن الدولي.. وهنا قاطعتْها المذيعة المتنمرة بغلظة لتقول: والطرف الآخر أجهض مشاريع قرارات قدمتها روسيا!!

 

لم تجرؤ أن تسمي الولايات المتحدة .. ربما لأن عداوتها –مثل عداوة محطتها- تنحصر في الشعب السوري فقط..

 

هنا انتقلنا معها من الكذب المرجح في زعمها منع العراق من تأييد بشار، إلى الكذب البواح .. فجلسات مجلس الأمن منقولة على الهواء عبر مئات المحطات التلفزيونية في مختلف أصقاع الأرض..

 

وشاهد الملايين أن مشروع التضليل الروسي سقط لأنه لم يحصل على الحد الأدنى من الأصوات ( تسعة أصوات) ولم يسقط بفعل حق النقض " الفيتو" .. فحق النقض يبدأ قانونياً إذا حصل مشروع القرار على تسعة أصوات لكن أحد الأعضاء الخمسة الدائمين قرر نقضه!

 

لو كان المذيعة تحترم الجمهور لما وقعت في كذب صراح كهذا ..

 

وكم كنا سنحترمها لو أنها قارعت المسؤولة الأمريكية حول لعبة الفيتو الروسية، التي تريح واشنطن كثيراً ..