تصعيد إيران بعد إلغاء الاتفاق النووي سيكون تدريجياً
25 شعبان 1439
علي باكير

لا يوجد في نص اتفاق إيران النووي الذي يقع في ١٥٩ صفحة ما يشير صراحة الى كيفية معالجة انسحاب أحد الأطراف من الاتفاق، أو ما مصير الاتفاق في حال انسحاب أحد الأطراف منه، ولكن اذا ما نظرت طهران الى ما حصل على انّه نزاع، وقررت البقاء ملتزمة بالاتفاق، فستكون عليها الاستعانة بما جاء فيه، وعندها من الممكن الإشارة الى بضع فقرات تتعلّق بكيفية معالجة الوضع حال حصول اختلاف على تنفيذ الاتفاق او حصول نزاع على خلفية تنفيذ أحد بنوده.

 

وترد الإشارة الى هذه المواضيع في الفقرة رقم ٢٦ تحت العنوان الفرعي «العقوبات»، والفقرة رقم ٣٦ تحت العنوان الفرعي «آلية حل النزاع» وهي الفقرة الأهم في هذا الإطار.

 

الفقرة ٢٦ من الاتفاق النووي تقول إنّ «إيران ستتعامل مع إعادة إدخال أو إعادة فرض العقوبات المحددة في الملحق الثاني أو مع إعادة فرض عقوبات نووية جديدة ضدها على أنّها أرضيّة أو سبب لإيقاف تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق كلياّ أو جزئيا». وبما أنّ ترامب قد قال انّه سيفرض عقوبات عليها، فاذا ما بقيت إيران ملتزمة بالاتفاق فانها قد تلجأ الى هذه الآلية.

 

أيضا في مكان آخر من الاتفاق وتحت عنوان «آلية حل النزاع» في الفقرة رقم ٣٦، هناك نص على أنّه إذا حصل نزاع أو اختلاف وتمت إحالته الى اللجنة المخوّلة بحث النزاع، وإذا ما تم استنفاد كل الإجراءات المنصوص عليها لحل الخلاف ومع ذلك لم يقتنع الطرف المشتكي بهذه الجهود أو بالحل الذي تم تقديمه، فيمكن له بموجب النص الوارد في الاتفاق أن يعتبر أنّ الأمر يشكّل أرضيّة لأن «يوقف تنفيذ التزاماته كليّا أو جزئياً و/أو يبلغ مجلس الأمن بأنّه يعتبر أن الموضوع -الذي تسبب بالنزاع- يشكّل حالة خرق خطيرة للاتفاق»!

 

بمعنى آخر، يتيح مثل هذا النص إمكانية اللجوء الى اللجنة التي كانت قد وافقت على الاتفاق لمحاولة حل المشكلة، ويتيح أيضاً اللجوء الى مجلس الامن، ولكن العبرة من هذا النص هو التزام جميع الأطراف به، أمّا وقد خرجت واشنطن منه، فمن غير المعروف كيف سيكون بالإمكان تطبيقه واقعياً.

 

بعيداً عن هذه النصوص، هناك عدد من الخيارات للتعامل مع هذا الوضع بشكل عام، منها الانسحاب المماثل، ومنها تعليق الاتفاق او تعليق بعض الالتزامات الواردة فيه، أو الانسحاب من الاتفاقية الملحقة المتعلّقة بمنع الانتشار النووي. وقد تُقدم إيران على خطوات تصعيدية تتعلّق بإعادة التخصيب بنسب عالية أو زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي، ولكن مثل هذه السيناريوهات سيعتمد على الطريقة التي سينظر بها النظام الايراني الى الخطوة الاميركية، ولأنّ من المتوقع لعملية الشد والجذب بين الطرفين أن تطول، فإنه من غير المنطقي افتراض أن يلجأ الجانب الايراني الى أقوى أوراقه في الجولة الأولى وإنما سيكون هناك تصعيد تدريجي وليس دفعة واحدة.

 

المصدر/ القبس