أنت هنا

موقعة بلاط الشهداء
2 رمضان 1439
منذر الأسعد

في الثاني من شهر رمضان سنة 114 للهجرة (732م) وقعت معركة "بلاط الشهداء" بين المسلمين بقيادة والي الأندلس "عبد الرحمن الغافقي" والفرنجة بقيادة "شارل مارتل"، في المنطقة الواقعة بين مدينتي "تور" و"بواتييه" الفرنسيتين.

 

كان أودو دوق أقطانيا قد جمع جيشًا قاتل به جيش الغافقي في معركة نهر الجارون، والتي انتصر فيها المسلمون، وسط خسائر كبيرة في الجيش الأقطاني. بعد هذه المعركة، افتتح الغافقي أقطانيا بالكامل،بما في ذلك مدينة عاصمتها: بوردو ثم واصل الغافقي إلى بواتييه فافتتحها، ثم تور الواقعة على نهر اللوار وافتتحها أيضاً.

 

استمرت المعركة عشرة أيام من أواخر شعبان حتى أوائل شهر رمضان، ولم تُسْفر المعركة عن انتصار أيٍّ من الفريقين،ثم اقترب المسلمون من النصر ففاجأهم الفرنجة باستهداف مؤخرة جيشهم حيث تجمعت الغنائم، فانشغل بها المقاتلون المسلمون واضطربت صفوفهم، وحاول الغافقي ومن معه السيطرة على الموقف وظل يقاتل حتى قُتل.. وقد نجح بقية جيش المسلمين في الدفاع عن معسكرهم حتى نهاية اليوم.

 

وقد أسرف الغربيون المتعصبون – بمن فيهم العلمانيون!!- في تبجيل شارل مارتل لأنه أنقذ " المسيحية" لكن المنصفين منهم نظروا إلى الأمر من زاوية حضارية فقال هنري (دي شاميون) «: لولا انتصار جيش شارل مارتل الهمجي في توربواتييه لما وقعت فرنسا في ظلمات العصور الوسطى ولما أصيبت بفظائعها، ولولا ذلك الانتصار الهمجي لما تأخر سير المدنية ثمانية قرون.

 

وقال الشعار الفرنسي الشهير (أناتول فرانس): ليت شارل مارتل قُطعت يده ولم ينتصر على عبد الرحمن الغافقي. إن انتصاره أخّر المدنية عدة قرون.

 

أما صاحب كتاب حضارة العرب "غوستاف لوبون" فقال: (لنفرض جدلاً أن النصارى عجزوا عن دحر العرب فماذا كان يصيب أوروبا؟

 

كان يصيب أوربا المتبربرة مثل ما أصاب إسبانيا من الحضارة الزاهرة تحت راية النبي العربي، ولم يكن ليحدث فيها ما حدث مما لم يعرفه المسلمون من الوقائع التي ضرَّجت أوربا بالدماء عدة قرون. لو أن العرب استولوا على فرنسا لصارت باريس مركزاً للحضارة والعلم؛ حيث كان رجل الشارع في إسبانيا يكتب ويقرأ بل ويقرض الشعر أحياناً، في الوقت الذي كان فيه ملوك أوربا لا يعرفون كتابة أسمائهم).