هذا ما فعلته "المقاومة" بمخيم اليرموك !!
8 رمضان 1439
د. زياد الشامي

لم يختلف المشهد هنا عن غيره من المشاهد التي أضحت مألوفة مع كل مرة يستعيد فيها نظام طاغية الشام ومليشياته الصفوية احتلال منطقة أوبلدة أو مخيم للاجئين كانت فصائل الثورة السورية قد حررتها من قبل...حيث مشاهد الأبنية التي سويت بالأرض والخراب والدمار الذي طال كل شيء دون استثناء .

 

 

الشيء الوحيد المختلف في المنطقة التي دخلها جيش الطاغية ومرتزقته اليوم بعد حصار دام سنوات وقصف وإبادة ممنهجة لكل شيء يتحرك فيها وتدمير أبنيتها وتسويتها بالأرض وتهجير من تبقى من أهلها...هو كونها في الأصل مخيما للاجئيين الفلسطينيين الذين انخدعوا ذات يوم بشعارات "المقاومة والممانعة" للنظام النصيري بدمشق وحليفه الصفوي في طهران .

 

 

إنه مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي يعتبر أكبر تجمع للفلسطينيين في سورية والذي تم إنشاؤه عام 1957 على مساحة تقدر بـ2.11 كم مربع لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينيين ليتوسع المخيم ويتطور مع مرور الزمن وليصبح منطقة سكنية مكتظة بالسكان وفيها العديد من العائلات السورية الفقيرة أو ذات الدخل المحدود .

 

 

كان لا بد مع تمدد زخم الثورة السورية إلى مناطق جنوب العاصمة دمشق من أن يصل تأثيرها وشرارتها إلى مخيم اليوموك المتاخم لمناطق مثل ببيلا ويلدا وغيرها , وإذا أخذنا بعين الاعتبار القصف العشوائي والقمع الذي طال المخيم نفسه وأهله لمجرد تعاطفهم مع الثورة السورية فإن انضمامهم للثوار كان مجرد مسألة وقت لا أكثر .

 

 

تعرض المخيم منذ منتصف عام 2013م لحصار خانق من قبل النظام النصيري ومليشياته الصفوية التي ما فتأت تتاجر بالقضية الفلسطينية وتقامر بأكذوبة ممانعة ومقاومة الاحتلال الصهيوني , واستشهد المئات من أبناء فلسطين في سورية جوعا تحت وطأة حصار فرضه من يزعم نصرة قضيتهم ومقاومة عدوهم الصهيوني .

 

 

باءت جميع المبادرات لإنقاذ الوضع الإنساني المتدهور في المخيم جراء الحصار الجائر بسبب تعنت مدُّعي "المقاومة والممانعة" ولم تشفع لهم واحدة من أضخم الحملات الإعلامية التي انطلقت في فلسطين لنصرة اللاجئين الفلسطينيين المحاصرين في مخيم اليرموك في سورية باسم "هنا مخيم اليرموك"، والتي شاركت فيها أكثر من 60 محطة إذاعية فلسطينية في بث موحد .

 

 

لم يكن لما يسمى تنظيم "داعش" أي وجود في مخيم اليرموك قبل منتصف عام 2015م كما أن تواجده بشكل أو بآخر في المخيم بعد ذلك التاريخ ما هو إلا ذريعة لاستكمال تدمير المخيم على رؤوس ساكنيه وتهجير من تبقى من أهله من اللاجئين الفلسطينيين إلى أرض الشتات من جديد .

 

 

لم تكن مشاهد الخراب والدمار الكامل الشامل التي بثتها وسائل الإعلام لمنطقة مخيم اليرموك بعد دخول قوات النظام النصيري ومليشياته الطائفية إليها اليوم إلا دليلا آخر يكشف حجم الكذب والدجل الذي تنطوي عليه أسطورة "المقاومة والممانعة" التي خدع بها كثيرين طوال سنوات خلت .

 

 

لقطات فيديو بثتها دائرة الإعلام الحربي المركزي في سورية أظهرت الأدخنة تتصاعد من داخل المخيم المنكوب فيما بدت المشاهد وكأنها تمثل ستالينغراد السوفيتية في عام 1942، أو برلين في عام 1945، خلال الحرب العالمية الثانية: حيث المباني والطرق المدمرة، والأزقة الخاوية على عروشها، والأدخنة الرمادية الناتجة من الضربات الجوية.....وسط مشاهد وُصفت بـ"نهاية العالم" وبأنها تمثل "جرائم ضد الإنسانية .

 

 

المخيم الذي كان يؤوي نحو 160 ألف فلسطيني قبل بدء الحرب التي شنها النظام النصيري والرافضة على الثورة السورية لكنه تحول إلى أكوام من الحجارة والبيوت والأبنية المدمرة التي توحي وكأنه لم تكن هناك حياة في هذه البقعة من الأرض في سورية .

 

 

منظمة الأمم المتحدة التي لم تكن يوما بريئة مما حل بالسوريين على أيدي المجريمين وصفت ما حل بالمخيم بقولها : إن مخيم اليرموك أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا يعاني "حالة دمار كامل".

 

 

وخلال مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة الدائم في نيويورك قال استيفان دوغريك المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية: إن مخيم اليرموك "في حالة دمار كامل، حيث لا يكاد يوجد مبنى واحد لم يتم تدميره أو إتلافه".

 

 

وتابع دوغريك: "كان القتال ضاريا، وخاصة في الشهر الماضي. لقد فر تقريبا كل اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا في المخيم....

 

 

لم يعد زيف وكذب شعار "المقاومة والممانعة" التي ما زال يزعمها ويدعيها النظام النصيري والخميني حتى الآن بحاجة إلى دليل جديد أو مزيد من البراهين بعد أن كشفت الثورة السورية ذلك الدجل منذ انطلاقها , إلا أن ما نقلته عدسات الكاميرات مما حلّ بمخيم اليرموك من دمار على يد النصيرية والمجوس يؤكد أن الأمر يتجاوز حدود كشف زيف شعار المقاومة , ويثبت بما لا يدع مجالا للشك حجم العمالة مع الصهاينة .