أنت هنا

فتح عمورية
8 رمضان 1439
منذر الأسعد

في السنة 223 الهجرية أوقع ملك توفيل بن ميخائيل بأهل سلطته من المسلمين وما والاها ملحمة عظيمة، قَتل فيها خلقا كثيراً من المسلمين، وأَسَر ما لا يُحصى كثرة، وكان من جملة من أُسر ألف امرأة من المسلمات، ومثَّل عدو الله بمن وقع في أَسْره من المسلمين فقطع آذانهم وأنوفهم وسمل أعينهم.
 

بلغت تلك الأنباء الموجعة الخليفة العباسي المعتصم فغضب وأمر بتعبئة الجيوش واستدعى القاضي والشهود فأشهدهم أن ما يملكه من الضياع ثلثه صدقه، وثلثه لولده، وثلثه لمواليه وخرج بالجيش إعانة للمسلمين فوجدوا ملك الروم قد رجع إلى بلاده.، فقال المعتصم للأمراء: أي بلاد الروم أَمْنَعُ؟ فقالوا: عمورية لم يَعْرِض لها أحد منذ كان الإسلام وهي عندهم أشرف من القسطنطينية فعزم على فتحها.
 

سار الخليفة العباسي المعتصم إلى عمورية في جحافل أمثال الجبال ووصل إليها صبيحة يوم الجمعة في اليوم السادس من رمضان فدار حولها دورة ثم نزل قريباً منها، وقد تحصّن أهلها تحصيناً شديداً. نصب المعتصم المجانيق حول عمورية وضرب أسوارها وشدد الحصار على أهلها.
 

ثم اقتحمها المسلمون من ثغرة في السور وتفرقت الروم عن أماكنها فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان حيث وجدوهم وقد حشروهم في كنيسة هائلة ففتحوها قسراً وقتلوا من فيها وأحرقوا عليهم باب الكنيسة فاحترقوا عن آخرهم.
 

وغنم المسلمون من عمورية أموالاً لا تحد ولا توصف فحملوا منها ما أمكن حمله، وأمر المعتصم بإحراق ما بقي منها، وبإحراق آلات الحرب لئلا يتقوى بها الروم على شيء من حرب المسلمين.
 

وقد خلَّد الشاعر الشهير أبو تمام فتح عمورية في قصيدة رائعة، مطلعها:

السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتبِ *** في حَدِّهِ الحَدُّ بين الجِدِّ واللَّعِبِ