هل يمكن الحكم بنجاح نظام سياسي فشل في إشباع الحاجات الأساسية لشعبه، وأخفق في تصدير " نموذجه" إلى الخارج بغير الدمار والدماء؟
كاتب هذه السطور يزعم ذلك!
نجاح بائس وملوث
كلمة النجاح في مدلولها المبدئي لا تعني أمراً إيجابياً بالضرورة، إلا أنها كادت تصبح مؤشراً على نتيجة طيبة، بتأثير الاستعمال العام لها بين الناس. ولذلك يفتخر المرء إذا قيل عنه: إنه ناجح..
والنجاح الوحيد الذي حققه المشروع الصفوي الجديد منذ ثورة الخميني حتى اليوم، نجاح يزدريه أي إنسان لديه بقايا ضمير إنساني أو شعور أخلاقي ولو في أدنى درجاته.
لطالما افتخر مسؤولون إيرانيون في السنوات الأخيرة، بأنهم باتوا يسيطرون على أربع عواصم عربية .. وبلغت الوقاحة بمعمم ذي منصب حساس في نظام الملالي أنه سمى سوريا –في 3/3/2015م- : المحافظة الإيرانية الـ 35..
إنه المعمم مهدي طائب، رئيس مقر "عمّار" الاستراتيجي للحروب الناعمة-أي: غرفة تخطيط عمليات الحرس الثوري- الذي قال: "على إيران أن تستمر في تقديم الدعم للمقاتلين في سوريا والعراق ولبنان واليمن حتى لو كان ذلك على حساب قوت الشعب الإيراني"، على حد تعبيره.
ووفقاً لوكالة أنباء "رسا"، فقد أشار طائب إلى أن إيران لديها ثروات طبيعية كثيرة كالغاز والنفط، ويجب على الشعب الإيراني أن يقلل من طعام سفرته من أجل نصرة ودعم المقاتلين في سوريا والعراق ولبنان واليمن".
ووصف طائب سوريا بالمحافظة الإيرانية رقم 35 في ظل حكم الأسد، ومنحها أهمية استراتيجية قصوى بين المحافظات الإيرانية قائلاً: "سوريا هي المحافظة الـ35، وتعد محافظة استراتيجية بالنسبة لنا".
وكان قد صرح في وقت سابق بأن أهمية سوريا بالنسبة لإيران أكبر من أهمية إقليم "الأهواز" العربي، قائلاً "لو خسرنا سوريا لا يمكن أن نحتفظ بطهران، ولكن لو خسرنا إقليم خوزستان (الأهواز) سنستعيده ما دمنا نحتفظ بسوريا".
الكسب بدماء الشيعة " السفارديم"
تلك المكاسب الصفوية الدنيئة تحققت بالتحالف السري مع واشنطن وتل أبيب – الشيطان الأكبر وربيبته!- .. ولا تأتي دنائة هذا الدور من النفاق الصفوي المبتذل بين الثرثرة في الإعلام وبين الواقع على الأرض فحسب، وإنما كذلك من مكونات الصفقة، وهي تتألف من شطرين متكاملين، أولهما: تدمير البلاد العربية وقتل مكونها الرئيسي وتشريد الناجين من القتل من أبنائه؛ والآخر: استخدام الشيعة غير الفرس في المحرقة .. فعدد الهالكين من الإيرانيين في حمامات الدم هذه لا يعادل نقطة من شلالات الدماء الشيعية المجلوبة كرقيق جرى غسل دماغه، من العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان.
وهؤلاء الشيعة/ الوقود للمشروع الصفوي أسوأ حالاً ألف مرة من أوضاع اليهود الشرقيين "السفارديم" في الكيان الصهيوني.
انفجار شيعة العراق
إحراق صورة الخميني في البصرة حادثة فردية حتى اللحظة.. لكنها كانت مستحيلة في ذهن أي مراقب.. لم يفعلها ضحايا المحرقة الصفوية من عرب العراق أهل السنة.. فكيف يفعلها الغاضبون في الجنوب العراقي ذي الطابع الشيعي الغالب؟
لستُ أقرأ مآلات الاحتجاجات هناك، فالخريطة معقدة والمتدخلون كثر ولذلك يبقى الوضع مفتوحاً على جميع الاحتمالات، كل ما يهمني هنا أن البركان يغلي سخطاً على نظام خامنئي المتكسب بدماء العراقيين.. وأن المحتجين أخذوا يستيقظون من حالتهم المزرية ومستقبلهم الكئيب، بعد أن اكتشفوا –متأخرين- أنهم مطلوبون لتصفية مواطنيهم والعرب الآخرين ولا ضير في مصرع ألوف وألوف منهم.. ولا بأس في أن تنهب قم والنجف ووكلاؤهما في المنطقة الخضراء ملايين الدولارات يومياً، بينما يعاني العراقيون من غياب الكهرباء والمياه النظيفة والحد الأدنى من الخدمات.
أصبحوا يدركون أن بلدهم يصّدر 4,5 مليون برميل نفط في اليوم، لا يدخل موازنة العراق منها سوى ثمن 4 ملايين .. وما يدخل من مال تجري سرقته لاحقاً.
أضحى شعورهم الضمني أنهم :
كالعيسِ في البيداءِ يَقْتلُها الظما*** والماءُ فوقَ ظهورِها محمولُ
هل كان ذلك جوعاً؟
لو كان شاعر العراق الشهير: بدر شاكر السياب حيًّا اليوم، لترحم على العراق الغابر، الذي وصفه بالبؤس قبل 56 سنة بجملته الشهيرة:
وفي العراق جوعْ!
ففي سنة 1962 م أصدر السياب ديوانه "أنشودة المطر" الذي ضم أشهر قصائده وتحمل العنوان نفسه.
قال فيها:
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسمُ الحصادْ
لتشبع الغربان والجرادْ
...
ثم يقول:
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً، كانت السماءْ
تغيمُ في الشتاءْ
ويهطل المطرْ،
وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ.
..
..
عراق الخيرات المنهوبة