سؤال مشروع يدور في ذهن أي مسلم متابع لما يجري للمسلمين الإيغور في تركستان الشرقية وهو يقرأ عن حملات الاعتقال الهستيرية التي تطال الغالبية المسلمة هناك والتي ما زالت مستمرة وبوتيرة متصاعدة , ويسمع أنباء تكثيف السلطات الصينية من تلك الحملات بشكل كبير مؤخرا حتى بلغت نسبتها 730% العام الماضي .
نوايا وأهداف الحزب الشيوعي الحاكم في الصين من وراء هذه الحملة القمعية ضد مسلمي تركستان لم تعد تخفى على كل ذي لب وعقل , فمحاولة محو الهوية الإسلامية وإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة التي يقطنها أكثر من 25 مليون إنسان معظمهم من المسلمين الإيغور باتت أوضح من ضوء الشمس في رابعة النهار .
أما الذريعة والأكذوبة التي يحاول النظام الشيوعي الصيني من خلالها تبرير جرائمه وانتهاكاته وقمعه "مواجهة تهديد المتطرفين والانفصاليين في المنطقة" فهي مجرد دعوى ليس لها أي دليل او برهان ولم تعد تنطلي إلا على السذج من الناس .
إن اعتقال السلطات الصينية لنحو 228 ألف شخص بتهم جنائية في عام 2017 حسب بيانات جمعتها منظمة “المدافعين عن حقوق الإنسان في الصين” من مصادر حكومية رسمية يكفي لبيان مستوى ما تعانيه تركستان الشرقية وأهلها من قمع واضطهاد على أساس ديني وثقافي وعقدي .
المنظمة الحقوقية قالت : إن هذه الاعتقالات تشكل نسبة نحو 21% من الاعتقالات في الصين العام الماضي رغم أن عدد سكان المنطقة لا يشكل سوى 1,5% من سكان الصين البالغ 1,4 مليار نسمة .
وذكرت المنظمة في تقريرها الذي صدر بالاشتراك مع منظمة "مبادرة المساواة في الحقوق" الصينية أن "الزيادات المفاجئة في نسبة الاعتقالات والاتهامات في عام 2017 مقارنة بعام 2016 كانت مذهلة" .
الباحثة في منظمة "المدافعين عن حقوق الإنسان في الصين" فرانسيس إيف أشارت إلى أن هذه البيانات القادمة من الحكومة الصينية نفسها يجب أن تجبر المجتمع الدولي على التحرك .
لم تحرك تلك التقارير الحقوقية ولا المعلومات اليومية التي تتحدث عن ارتفاع رهيب في نسبة الاعتقالات التي تقوم بها السلطات الصينية ضد مسلمي تركستان الشرقية.....غيرة المجتمع الدولي المزعومة على رعاية وحماية حقوق الإنسان ولا شعارات الدول الغربية الإنسانية المرفوعة منذ زمان .
نعم تحركت تلك الغيرة وتم تفعيل تلك الشعارات حين تعلق الأمر بحقوق أقلية وعرقية "التبت" , وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد استقبلت في البيت الأبيض زعيم "التبت" الروحي الدالاي لاما في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما .....اما حين يتعلق الأمر بحقوق ملايين المسلمين الإيغور الذين يتعرضون لشتى ألوان الاضطهاد والقمع فلا تتحرك تلك الغيرة ولا يتم تفعيل شيء من تلك الشعارات المزعومة .
التقرير الذي نشرته المنظمة الحقوقية عن زيادة نسبة اعتقال مسلمي تركستان يأتي قبل مراجعة الأمم المتحدة لاتهام الحكومة الصينية بارتكاب تهم متعلقة بالتمييز العنصري والتي ستبدأ في الـ10 من أغسطس المقبل .
يمكن اعتبار حملة الاعتقالات الصينية بحق مسلمي الإيغور حلقة في مسلسل اضطهاد وتنكيل ممنهج ومنظم ضد أهالي تركستان المسلمة , فحظر حجاب المرأة ومنع الرجل من إطلاق لحيته وحرمان المسلمين من الصلاة والصيام ومصادرة المصاحف وكل ما يتعلق بالدين الإسلامي ........الخ خير شاهد على أن الأمر لا علاقة له بمحاربة التطرف بقدر ما هو حرب على الهوية الإسلامية .
نعم لقد تحولت تركستان في الآونة الأخيرة إلى سجن كبير بعد أن كشفت الكثير من التقارير قيام السلطات الصينية باعتقال مئات الآلاف من مسلمي تركستان - دون توجيه تهمة إليهم - و الزج بهم في معسكرات أطلقت عليها اسم "مراكز التأهيل السياسي"والتي تم بناء عدد هائل منها ومن مراكز الاحتجاز والسجون منذ منتصف عام 2017م .
يبدو الغرض الأساسي من احتجاز واعتقال هذا العدد الهائل من مسلمي تركستان في تلك المراكز والزنازين واضحا , فمحاولة محو وطمس معالم الهوية الإسلامية وإكراههم على ترديد شعارات الشيوعية وممارسة طقوسها و........تتصدر المهام الموكولة لمسؤولين عن تلك السجون الكبيرة .
ليست عقيدة وهوية مسلمي تركستان الشرقية وحدها المهددة فحسب , بل إن حياتهم باتت أيضا في خطر , فالتقارير التي تتحدث عن وسائل التعذيب وارتفاع أعداد الضحايا هناك تنذر بكارثة إنسانية إن لم يتحرك العالم العربي والإسلامي لإنقاذ تلك النفوس المسلمة البرئية .