التاريخ الأسود للموساد
16 ذو القعدة 1439
خالد مصطفى

على غير العادة بدأت وسائل إعلام أجنبية في الفترة الأخيرة فتح التاريخ الأسود لجهاز الاستخبارات الصهيوني المسمى بـ "الموساد" حيث كان الغالب على هذا الإعلام التغطية على جرائم الكيان الصهيوني أو الحديث عنها في سياق الاتهامات والمزاعم..

 

ولكن يبدو أن استفحال الموساد وعدم اعتباره لأسس العلاقات مع الدول الغربية ووضعه الأجهزة الأمنية لهذه الدول في موضع حرج أجبر بعض وسائل الإعلام على الخروج عن الخط القديم..

 

فقد ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية في تقرير لها، أن جهاز الاستخبارات الصهيوني "الموساد" نفذ 800 عملية اغتيال خلال العقد الماضي...

 

وأضافت أن "الموساد" استخدم عدة أساليب في تنفيذ عمليات الاغتيال، بدءًا من تدبير عمليات تفجيرية إلى استهداف أشخاص بعينهم ودس السم لهم في متعلقات شخصية مثل أنابيب معجون الأسنان...واستندت الصحيفة في هذا التقرير إلى كتاب "انهض واقتل أولا: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة لإسرائيل" للصحفي الصهيوني رونين بيرغمان، الذي يستعرض عددا من عمليات الاغتيال السرية للموساد...وفي السياق، لفتت إلى أن فريقًا من الموساد قام بتدبير عملية اغتيال القيادي بحركة "حماس" محمود المبحوح، في يناير 2010 بمدينة دبي الإماراتية...

 

وأوضحت أن عملاء الموساد وصلوا إلى المبحوح في غرفته بأحد الفنادق ودسوا إليه السم في رقبته عبر جهاز موجات فوق صوتية عالي التقنية، دون أن يتم اختراق جلده، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعدها بدقائق...وخارج نطاق العقد الأخير، قالت "ديلي ميل" إن "جهاز الموساد قتل عددًا من الأشخاص أكثر من أي جهاز آخر في أي دولة بالعالم منذ الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)"...

 

وضربت مثالا على محاولة اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، عندما كان رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1968...وضربت مثالا على محاولة اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، عندما كان رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1968...وأوضح المصدر أن العملية تمت "من خلال أسير فلسطيني بعد إخضاعه لعملية غسيل دماغ"، مبينا أن الموساد استعان بطبيب نفسي سويدي المولد، للقيام بعملية "غسل الدماغ" لأسير كشف الكتاب اسمه الأول وهو "فتحي"...وبحسب الصحفي "بيرغمان" تم إخضاع الأسير لهذه العملية لمدة ثلاثة أشهر، تم تدريبه خلالها على إطلاق النار على صور عرفات...

 

وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول 1968، قام فريق من الموساد بتهريب "فتحي" عبر "نهر الأردن" أملا في أن يصل إلى مقر إقامة عرفات، لكنه خيب أملهم، حين ذهب مباشرة إلى قسم للشرطة الأردنية واتهم الموساد بمحاولة غسل دماغه، وانتهت العملية بالفشل، حسب المصدر نفسه...كما أكدت صحيفة "لوموند" الفرنسية، على أن الموساد الصهيوني قام بالتخطيط لعملية اغتيال القيادي في حركة "حماس" محمود المبحوح عام 2010 من غرفة عمليات داخل أحد فنادق العاصمة باريس...

 

جاء ذلك في تقرير استندت فيه الصحيفة الفرنسية على معلومات استخباراتية خاصة بعمليات التجسس الصهيونية، حمل عنوان "ظل الموساد يحوم فوق باريس"...وأشارت الصحيفة إلى أنّ اغتيال "المبحوح" ليست العملية الوحيدة التي خطط لها الموساد من الداخل الفرنسي، إذ أشارت أن فرنسا باتت "مركزا للعمليات الدولية للموساد"...

 

وتابعت: "هذه القضية (اغتيال المبحوح) تبرز لأي درجة باريس مدينة مستباحة للجواسيس"...وحسب الصحيفة الفرنسية، خطط عملاء صهاينة داخل أحد فنادق حي "جسر برسي" بباريس لاغتيال "المبحوح" عن طريق حقنه بمادة قاتلة داخل الغرفة رقم "230" بفندق "البستان روتانا" بمدينة دبي الإماراتية، التي تبعد نحو 7 آلاف كيلومتر عن العاصمة الفرنسية.

 

ونقلت "لوموند" عن مسؤول بقطاع مكافحة التجسس في فرنسا مطلع حول خبايا القضية، قوله "حتى لو نعرف كل شيء، لن نفعل مثل الأيرلنديين والبريطانيين، سنظل أصدقاء (مع الإسرائيليين)، لكن هذا الأمر لن يكون مجاني"...

 

هذه الوقائع التي كشفت عنها وسائل الإعلام الغربية مؤخرا هي جزء يسير من حقيقة هذا الجهاز الذي يستخدمه الاحتلال لتصفية قادة المقاومة والمناوئين لجرائم الكيان المغتصب ضد الشعب الفلسطيني والمستمرة منذ أكثر من 60 عاما..

 

وقد استغل الموساد طوال السنوات الماضية الدعم الغربي للكيان الصهيوني من أجل تنفيذ جرائمه انطلاقا من العواصم الأوروبية أو داخلها دون أن يتم القبض على عناصره رغم معرفة أجهزة الأمن الغربية أن الموساد وراء هذه الجرائم وأن مئات من عملاء الموساد يعملون داخل سفارات الكيان الصهيوني في هذه العواصم ويتمتعون بالحصانة الدبلوماسية التي تكفل لهم الهرب بعد تنفيذ جرائمهم...

 

والسؤال الآن هل تجرؤ وسائل الإعلام الغربية الاستمرار في كشف المزيد من جرائم الموساد؟! وهل تجرؤ السلطات الغربية على معاقبة الكيان الصهيوني الذي انتهك قوانينها ونفذ جرائم على أراضيها أم أن المصالح ستجعلها تتغاضى كما حدث طوال السنوات الماضية؟!