رسائل روسية/ أسدية للدروز
17 ذو القعدة 1439
مهند الخليل

ليس في الأمر أي لغز، فالسلوك الروسي / الأسدي إزاء دروز سوريا – في محافظة السويداء التي يتركزون فيها- مكشوف إلى درجة عدم الاكتراث، بعد أن انتقل التواطؤ الأمريكي الصهيوني مع المهمة الروسية القبيحة، من غياهب الاستنتاجات من القرائن، إلى الصدع بالمؤامرة؛ حتى إن مجزرة الدروز تزامنت مع "جرأة" مفاجئة أبداها النظام الأسدي من خلال الاعتراف الضمني بقتل عشرات الألوف من السوريين تحت التعذيب! فقد بدأ يرسل شهادات وفاة من دهاليز أجهزته القمعية إلى سجلات الأحوال المدنية، التي تبلغ ذوي الضحايا بوفاة أقربائهم " نتيجة أزمة قلبية"!!

 

كسر العناد الدرزي
اتسم الموقف العام للدروز  من الثورة السورية بالحياد، وخاصة بعد اغتيال شيخ العقل السابق :أحمد سلمان الهجري في بداية السنة الثانية على انطلاق الحراك الشعبي السلمي ضد النظام ( اغتيل تحديداً في 25/3/2012 ) ،  وأصابع المخابرات الأسدية واضحة. فاقتصر الدروز على ما سمي " حركة الكرامة"  بقيادة الشيخ الدرزي  وحيد البلعوس، وهي حركة كانت تعترض على تجنيد الدروز في جيش بشار. ثم اغتيل البلعوس في 4 سبتمبر / ايلول  2015 باستهداف سيارته مع 50 من الشخصيات الدرزية المؤيدة لموقفه.

 

وجاء بعد الهجري شيخ عقل لا يخفي انحيازه لبشار، فقرر إنزال عقوبة دينية في حق البلعوس، وسكت النظام على مضض عن رفض الدروز الانخراط في جيشه.

 

أما الآن فقد جاء وقت الحساب .. ولا سيما أن تهديدات القادة العسكريين الروس لوجهاء الدروز لم تثمر.. فكانت خدمات داعش كالعادة تحت الطلب!
أسئلة شائكة

 

منذ سنتين خفتت حدة الهجمات التي كان يطلقها الزعيم الدرزي في لبنان وليد جنبلاط ضد نظام الأسد، عقب التدخل الروسي وتخلي الأصدقاء المزعومين عن الثورة السورية.

 

فجأةً، أطلق جنبلاط تصريحات نارية أعقبت مجزرة السويداء التي أسفرت عن قتل نحو 200 شخص، وتبناها داعش !

الثعلب الدرزي لا يبني مواقفه على مشاعره، وإنما على مؤشرات عديدة تجاهلها الإعلام كله تقريباً، تؤكد أن المجزرة جرت بتواطؤ متعمد من النظام السوري مع تنظيم داعش وبموافقة روسية.

 

فأعضاء داعش هم الوحيدون الذين يسمح لهم النظام بالذهاب إلى البادية! وهي تتاخم درعا والسويداء.

 

وقبل 24 ساعة من وقوع  المجرزة رفع النظام حواجزه العسكرية المحيطة بالمنطقة منذ سبع سنوات!!
وعمد إلى قطع الكهرباء عن المدينة ليسهل عمليات تسلل الدواعش إليها!

 

ونقلت صحيفة " المدن" عن مراسلها هناك أن النظام بدأ  قبل أسبوع من المجزرة،  بسحب السلاح من مليشيات محسوبة عليه، وطال هذا الإجراء عناصر في قرى الريف الشرقي، خاصة من مليشيا “حماة الديار” التي يتزعمها نزيه جربوع، ومليشيا “البستان” التابعة لرامي مخلوف وكان يقودها أنور الكريدي في السويداء. وهو ما اعتبره الكثيرون من أبناء المحافظة، خطوة في اتجاه تفريغ المحافظة من سلاحها، فلا يبقى إلا الفصائل خارج سلطة النظام التي رفضت تسليم سلاحها، ليتم استنزافها في الحرب مع “داعش”. وقوات النظام كانت قد انسحبت، في أواخر حزيران/يوليو، من بادية السويداء الشرقية.

 

طرد مندوبي النظام
رغم وجود مؤسسات النظام السوري في السويداء وفروع مخابراته، رفضت حشود الدروز حضور المُحافظ –أعلى سلطة في المحافظة- وكبار المسؤولين تشييع الضحايا أو تقديم التعازي لذويهم.. وكأن هناك إجماعاً لدى الدروز على مسؤولية النظام والروس عن مذبحة الأربعاء الماضي.

 

والدروز يدركون أن النظام لا يجرؤ على شن حملة عسكرية عليهم مثلما فعل في سائر مناطق أهل السنة.. فالروس أنفسهم لن يسمحوا له بحماقة كهذه.. كما أن الدولة العبرية ستتدخل حينذاك وتؤدب رأس النظام بشراسة.. فللدروز حضور واضح في الكيان الصهيوني بمؤسساته العسكرية والأمنية والسياسية!