الشعب الإيراني ومغامرات حكامه
27 ذو القعدة 1439
خالد مصطفى

تعاني إيران منذ سنوات من تدهور الأحوال الاقتصادية جراء المغامرات التي يخوضها الحكام الطائفيون والذين يريدون نشر التشيع والسيطرة على دول المنطقة بأي ثمن من أجل إحياء الإمبراطورية الفارسية والانتقام من العرب السنة...

 

وظل الشعب الإيراني صامتا لفترة طويلة بسبب القمع الأمني والقبضة الحديدية للحرس الثوري ولكن مع تزايد التدهور وانتشار الفقر والبطالة بصورة غير مسبوقة وتوغل النظام الحاكم في المغامرات الخارجية وإنفاق مليارات الدولارات عليها, انتفض الشعب الإيراني متحديا آلة القمع الأمنية والتلويح بالسجن والإعدام واستمرت الانتفاضة لأشهر رغم أن النظام كان يراهن على قدرته على السيطرة عليها بعد أيام قليلة ولكنه فشل حتى الآن وبدأت الاعترافات تتوالى من جانب كبار المسؤولين بحق الشعب في المطالبة بحقوقه ووجود تقصير من جانب الدولة تجاهه ووصل الأمر للتحذير من انهيار النظام الحاكم إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه....

 

ومؤخرا كشف تقرير نشرته وسائل إعلام رسمية إيرانية، عن تسجيل زيادة مطردة في حجم المستخدمين الإيرانيين لشبكة الإنترنت بالبحث عن دول للجوء، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية مع دخول الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ...وقالت وكالة أنباء “خبر أون لاين” الحكومية إن “كلمة اللجوء في محرك البحث غوغل شهدت زيادة كبيرة بين المستخدمين الإيرانيين خلال الفترة من أوائل آب/أغسطس 2017 إلى آب/ أغسطس 2018”...ووفقًا للتقرير الذي نشرته الوكالة، فإن “أكثر المستخدمين لكلمة اللجوء عبر محرك بحث غوغل هم من مقاطعات العاصمة طهران، ومحافظة البرز، وقزوين وجيلان وزنجان”...

 

وكشف التقرير عن الأماكن والدول التي بحث عنها الإيرانيون للحصول على اللجوء، موضحًا أن عبارات البحث كانت “الهجرة إلى روسيا” و “الهجرة إلى أيسلندا” و”أفضل بلدان الهجرة” و”اللجوء إلى كندا”، كما ضمت القائمة عبارة “الهجرة إلى الكويت”، وهي العبارات الأكثر بحثًا على Google من قبل المستخدمين الإيرانيين....

 

في نفس الوقت تزايدت عدوى خروج الشركات الأوروبية والعالمية من السوق الإيرانية؛ إذ بدأ الكثير منها يحزم حقائبه فور إعلان الولايات المتحدة فرض العقوبات على إيران...وتستهدف الحزمة الأولى من العقوبات، النظام المصرفي الإيراني، بما في ذلك شراء الحكومة الإيرانية للدولار الأمريكي، وتجارة الذهب، ومبيعات السندات الحكومية...ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، قال مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية إن أكثر من 100 شركة عالمية أعلنت بالفعل، مغادرة إيران مع بدء سريان العقوبات...

 

ومن بين أبرز الشركات الأوروبية التي أعلنت الخروج من إيران خشية العقوبات الأمريكية (إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات، والنفط الفرنسية "توتال"، سيمنز الألمانية، ساغا إينرجي النرويجية للطاقة الشمسية، أليانز الألمانية للتأمين، "ميرسك" الدنماركية للشحن، الصلب الإيطالية دانييلي، صناعة السيارات الفرنسية "بيجو"، "دايملر" الألمانية لصناعة المركبات)...وقالت شركة النفط الفرنسية "توتال" إنها ستنسحب من صفقة بقيمة مليار دولار كانت قد توصلت إليها مع إيران، بالاشتراك مع شركة النفط الصينية، إذا لم تحصل على إعفاء أمريكي...وقالت شركة صناعة السيارات الفرنسية "بيجو"، أيضا، إنها ستنسحب ما لم تحصل على إعفاء من الولايات المتحدة، رغم أن مبيعات سياراتها بإيران تبلغ نحو 44 ألف سيارة في العام....

 

وسحبت شركة "ايني" الإيطالية استثماراتها من إيران، وألغت اتفاقية لدراسة حقول النفط والغاز...وبينما قررت شركة أليانز للخدمات المالية مغادرة طهران، أوقفت دانييلي للصلب تنفيذ عقود لصالح إيران بقيمة 1.5 مليار يورو (1.740 مليار دولار)...كما أوقفت شركة "ساغا إينرجي" النرويجية للطاقة الشمسية، تنفيذ عقد بقيمة 2.5 مليار يورو (2.9 مليار دولار)، فيما ألغت وزارة الخزانة الأمريكية تراخيص لشركتي بوينغ وإيرباص لبيع طائرات الركاب إلى إيران...

 

تداعيات العقوبات الأمريكية مع الصعوبات التي يعاني منها في الأساس النظام الإيراني أثقلت كاهل الشعب الإيراني ولم تعد تجدي معه المسكنات التي يقوم بها النظام من إقالة مسؤول أو تعيين آخر وأصبح لزاما على النظام الإيراني التوقف عن المغامرات الهوجاء أو فليواجه الانفجار الداخلي عاجلا أم آجلا.