إعلام التواصل يهزم التقليدي.. وفاة الشيخ الجزائري نموذجاً
5 ذو الحجه 1439
منذر الأسعد

الشيخ أبو بكر الجزائري –رحمه الله- الذي توفاه الله فجر أمس الأربعاء  في المدينة المنورة، ودُفن فيها؛ علَمٌ بارز، واسم كبير في ضمير ملايين المسلمين الذين اطلعوا على مؤلفات القيمة، والذين تابعوا دروسه الجميلة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

إلا أن معظم وسائل الإعلام العربية لها رأي مختلف.. وليس موقفها السلبي هذا يخص الراحل الكبير وإنما هو موقف عام وثابت إزاء القامات المحترمة  في ميادين العلم والفكر والثقافة .

 

النابغة المجهول عندنا
قالت صحيفة نيويورك تايمز: إن عادل محمود توفي يوم  11 يونيو/ حزيران 2018 نتيجة نزيف في المخ بمستشفى جبل سيناء في مانهاتن بنيويورك، ولم يصل الخبر للإعلام العربي إلا في يوم الأربعاء 20 يونيو، رغم مساهمة الرجل الحيوية في إنقاذ حياة الملايين بالتطعيمات التي ابتكرها. فقد كان أحد رواد أبحاث اللقاحات والأمراض المعدية في العالم، ومن أبرز العلماء في المجال الأكاديمي والطبي في الولايات المتحدة الأمريكية. ترجع شهرته في مجال تطوير اللقاحات التي ساهمت في إنقاذ حياة مئات الملايين حول العالم من سرطان عنق الرحم أثناء خدمته رئيسًا لشركة ميرك آند كو للأدوية كما عمل أستاذًا بجامعة برنستون الأمريكية.

 

ويبقى أشهر مواقفه العملية على الإطلاق، إسهامه في حل أزمة التطعيمات في عام 2013 الذي شهد انتشار عدد من حالات التهاب السحايا بين طلبة الجامعة ولم يكن في الولايات المتحدة أي تطعيمات لهذا المرض ولم يتم تصنيع التطعيمات في أمريكا، عندها استخدم البروفسور محمود علاقاته الوطيدة مع الجامعات الأوربية لجلب المصل والتطعيمات لمساعدة الجامعة وقد  تدخل أيضا لدى إدارة أوباما حتى تم الحصول على تصاريح دخول التطعيمات.

 

بعد انتشار مرض إيبولا في غرب أفريقيا عام 2014 بدأ حملة لإنشاء صندوق دولي للأمصال والتطعيمات على مستوى العالم استعدادًا لانتشار الأمراض الوبائية بشكل مفاجئ.

 

منصات التواصل قامت بالواجب
بقدر ما آلمني تجاهل 99% من وسائل الإعلام التقليدي غير  السعودية لفقد عالِمٍ من وزن الشيخ الجزائري رحمه الله، أثلج صدري الاهتمام العفوي البديع من لدن الجمهور العريض الذي ملأ منصات التواصل الاجتماعي، بالتعبير عن حزنه لوفاة الفقيد وبالتعريف بسيرته العملية وعطائه العلمي.

 

وضاعف من الارتياح أن الشيخ الراحل رحمه الله كان قد غاب عن الأضواء بحكم الشيخوخة والمرض.. لكن ذاكرة الأمة أثبتت قدرتها على إلحاق الهزيمة بإعلام الأجندات المسبقة،وأكدت حرصها على  الوفاء بحق أهل العلم  الذين أفنوا أعمارهم في نشر علوم الشريعة بكل السبل المتاحة في الجامعات والمعاهد وحلقات الدروس والوعظ ووسائل الإعلام .

 

رحم الله الفقيد الجليل.. وعوَّض أمة الإسلام من يسد مسدَّه.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.