تواترت الروايات على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أبلغ بنيامين نتنياهو عدة مرات، أنه يشاطره الرغبة في إخراج إيران من سوريا؛ إلا أن موسكو لا تستطيع أداء تلك المهمة منفردة!
مسافة "أمان" زائفة
بحسب صحيفة هآرتس الصهيونية التي جددت الحديث عن الرواية المذكورة، "نجح" الاحتلال الروسي بإرجاع الوجود العسكري الإيراني ما بين 85 و100 كيلو متر عن الحدود مع الجولان المحتل.
طبعًا، على المراقب الموضوعي أن يتجاهل البالونات الإعلامية المتناقضة، حيث كانت طهران تعترف – بل تتباهى- بحضورها العسكري في سوريا، وكان النظام السوري يصر على أن الوجود الإيراني يقتصر على المستشارين فقط. فجنائز القتلى الإيرانيين وبينهم ضباط كبار، كانت تملأ شاشات التلفزة ومنصات التواصل الاجتماعي.
والاستخبارات الغربية كلها، رصدتُ مغادرة جنود إيرانيين ومرتزقة شيعة تحت إمرتهم، لمناطق الاحتكاك ثم عودتهم بملابس الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة التابعَيْن لنظام بشار!
ويبقى الشك صاخبًا حول المسألة برمتها، فلدى ملالي قم صواريخ باليستية يتجاوز مداها من الأراضي الإيرانية نفسها حدود فلسطين المحتلة، فَلِـمَ الإصرار على إقصاء العسكر الإيراني عن التماسّ المباشر مع جيش الاحتلال في هضبة الجولان المحتلة منذ 1967، بينما كان الموقف الرسمي في تل أبيب الترحيب العلني النادر بعودة قوات بشار إلى تلك المنطقة. ويعلم الساسة هناك –كما ساسة واشنطن- عمق التحالف بينه وبين إيران منذ ثورة الخميني 1979.
وها هو وزير الدفاع الإيراني يزور دمشق قبل يومين، ويعقد مزيدًا من اتفاقات التعاون بين الجانبين..
فمسار الأحداث المعلن، يؤكد بقاء إيران عسكريًا في سوريا ربما إلى "الأبد" – أي : ما دام النظام السوري نفسه قائمًا-. وهو بقاء كان هدفًا رئيسيًّا مشتركًا بين نتنياهو وخامنئي على امتداد سنوات الثورة السورية !.
المسرح المكشوف
تنقل الصحيفة الصهيونية عن كثير من المحللين قناعتهم بأن الجدل بأكمله حول "طرد إيران من سوريا" غير واقعي. حيث تحتفظ إيران بالآلاف من الجنود والمقاتلين المنتمين إلى الميليشيات الشيعية المنتشرين في معظم الأراضي السورية، كما تنتظر إيران بفارغ الصبر جني ثمار عملية إعادة إعمار سوريا. حيث تضر عملية إخراج جميع المليشيات العسكرية الإيرانية، إيران، التي تخطط للاستفادة من إعادة الإعمار لتعوض عن الضغط الاقتصادي المتزايد الذي تمارسه عليها الولايات المتحدة.
وقال (دان شابيرو) السفير الأمريكي السابق لدى "إسرائيل": "إن تقييم بولتن واقعي للأسف. الأمر يتطلب مستوى من الالتزام من جانب روسيا، ليس على الورق فقط بل بشكل أساسي لمحاربة إيران في سوريا وضمان مغادرة إيران بالكامل".
وأضاف "ينبغي على إسرائيل والولايات المتحدة التركيز على ضمان استمرار إسرائيل في حرية التصرف اللازمة لضرب الأهداف الإيرانية في سوريا حسب الحاجة، بهدف منع التهديد الإيراني من الوصول إلى مستويات غير مقبولة. ويجب إبقاء القوات الأمريكية في سوريا، لأن ذلك سيساعد على فرض قيود على المناطق التي يمكن أن تعمل فيها إيران".
وتشير الصحيفة إلى أن أحد الخيارات المطروحة من قبل المسؤولين الإسرائيليين هي اعتماد (الأسد) كشريك في نهاية المطاف لضمان الإطاحة بإيران. ويستند هؤلاء على أن (الأسد) مثل الروس، لم يعد يرغب بالوجود الإيراني بعد ما ضمن انتصاره في الحرب السورية. مع ذلك ناقض (الأسد) هذه النظرية بعدما صرح في الشهر الماضي إنه يريد من إيران و"حزب الله" البقاء في سوريا لفترة طويلة ومساعدته على ضمان استقرار البلاد.
فصل بشار عن طهران أم تأهيله ؟
أشار دبلوماسي أوربي بارز للصحيفة، من قلق الزعماء الأوربيين حيال التفاهمات الأمريكية الروسية المحتملة والتي من الممكن أن تشمل السماح بـ "التطبيع" مع الأسد. معتبراً أن الحل هذا غير منطقي بسبب عدم قدرة النظام على فعل ذلك حيث قال موضحاً "الأسد يحتاج إلى إيران وسيظل بحاجة إلى إيران في المستقبل القريب".
كما أكد أن حكم الأسد لن يقوى على البقاء حتى لو سيطر على كامل التراب السوري، من دون مساعدة إيران لردع السكان الغاضبين والمظلومين خشية اشتعال شرارة ثورة ثانية.
المهم – كما تنقل هآرتس- أن لا توجد ميليشيات شيعية ، على الحدود "الإسرائيلية" إلا بأعداد مقبولة، وحينئذٍ يمكن لجميع الأطراف التعايش مع الوضع الراهن" الأمر الذي توافق عليه الصحيفة على الرغم من كل الخطابات التي تدور حول طرد إيران من سوريا!.