تربويات من مدرسة الحج

فيما تغمر العالم الإسلامي فرحة أيام الحج ومناسكه التي شرعها الله _سبحانه وتعالى_ تطهيراً ورحمة لعباده، تنطق الأقلام، وتسطر الحناجر، وقفات إيمانية وروحية وعلمية وتربوية وجهادية، تنهل من مدرسة الحج نماذج وأفكار وعبر كثيرة.
فلا يوجد في الدين الإسلامي ركن أو نهج أو عمل، إلا وكانت حكمة عظيمة وراءه، دبرها العزيز المنان، وكشف بعضاً منها لأولي العلم من الناس، يتدبروا فيها عظمة الخالق وجبروت مالك الملك، ورحمة الرحمن الرحيم.

 

بشرى للتائبين

إنها بشرى حقة لكل تائب منيب لربه سبحانه , وفرصة سانحة لكل صادق مخلص , تلكم هي أيام الفضل والنفحات الإيمانية القادمة , أيام الحج وصالحات الأعمال , وأيام العشر وما فيها من فضائل واسعة , وأيام التشريق وما فيها من مكرمة لكل مؤمن.

 

إنها فرصة حقيقية لمن أراد أن يطهر نفسه من آثار المعاصي المذلة والذنوب المنكسة والرذائل الخبيثة فيعود إلى ربه تائبا ويؤوب إلى مولاه الرحيم مقبلا بقلب سليم صالح .

 

التغافل المحمود.. قيمة إسلامية نحتاجها

"كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" حقيقة ذكرت للتنبيه على أن من طبيعة الإنسان في هذه الحياة الدنيا الخطأ والزلل , وصيغة العموم في قوله "كل بني آدم" (1) تفيد عدم الاستثناء إلا لمن اختصهم الله بالعصمة من الأنبياء والمرسلين .

 

المؤمن بين الوجل والطمأنينة

لطالما تساءل بعض المسلمين عن سر وصف كتاب الله تعالى قلب الؤمن في أحد المواضع بأنه خائف وجل من عذاب الله وعقابه عند ذكره سبحانه , ومطمئن راج لواسع رحمته وشمول عفوه ومغفرته في مواضع أخرى .

 

أما صفة الوجل لقلب المؤمن عند ذكر الله فقد وردت في أكثر من موضع من كتاب الله تعالى , ففي سورة الأنفال : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } الأنفال/2

 

الإحرام من جدة لغير أهلها

الحمد لله الذي شرح صدورنا للإسلام، وجعلنا من أمة خير الأنام صلى الله عليه وسلم، وغرس في النفوس حب بيت الله الحرام، وجعل على زيارة بيته الأجر الكبير والثواب، وجعل حب بيته غريزة في قلوب المؤمنين يقول تعالى: { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق } الحج آية 27، وفرض حجه على المسلمين، وجعله من أركان الإسلام الخمسة.

أما بعد: