الفضائيات الإسلامية نظرة أولية
18 ذو القعدة 1429
د.مالك الأحمد

 

تقديم

ليس المقصود بهذا التقرير تحليل تفصيلي لواقع القنوات الإسلامية بقدر ما هو نظرة عاجلة للموضوع سيعقبه في المستقبل - بإذن الله - دراسة منهجية تفصيلية دقيقة .

 

تقسيم القنوات الإسلامية

تقسيم نوعي

-         قنوات متخصصة (الفجر ، إنشاد ، المجد للقرآن ...)

-         قنوات عامة (المجد ...

-         قنوات دينية دعوية ( الناس ، الرحمة ، الرسالة ،..

 

من حيث المحتوى والمنهجية الإسلامية

-         قنوات محافظة (المجد ، الناس ...

-         قنوات منفتحة ( اقرأ ، الرسالة ...

 

من حيث الاحترافية المهنية

-         قنوات محترفة (الرسالة ، اقرأ ..

-         شبه محترفة ( المجد)

-         قنوات غير محترفة (الناس ، الخليجية ، الحكمة ..

 

من حيث الجمهور المستهدف والمنطقة الجغرافية المحدودة (الإقليمية )

-         إقليمية وذات جمهور محدد (المجد ، الناس ...

-         عربية عامة ( الرسالة ، اقرأ ، دليل...

 

من حيث اللغة

-         عربية (أغلب القنوات )

-         انجليزية (الهدى ، إسلام ، السلام )

 

من حيث التوجه

-         سلفية (الناس ، الحكمة ، المجد ...

-         إخوان (الرسالة ، اقرأ ..

-         عامة (خليجية )

 

من حيث الإمكانات المالية والقوة

-         قوية (الرسالة ، المجد ..

-         محدودة (الناس ، الخليجية ...

  

اثر الفضائيات الإسلامية الايجابي

تقوله الباحثة الجامعية التونسية سنية المنصوري في تصريحات لـموقع "إسلام أون لاين" بأن وجود قنوات فضائية إسلامية مثل (اقرأ والمجد) وغيرهما من الفضائيات، يمثل مصدراً بديلاً للمعرفة الإسلامية وللفتوى الدينية، خصوصاً لدى الفتيات والنساء، في ظل غياب الدعاة والوعّاظ الدينيين عن المساجد والبرامج الإذاعية والتلفزيونية المحلية، كما أنّ الدعاة من أمثال عمرو خالد تحولوا إلى (شخصيات مؤثرة) في أوساط اجتماعية كبيرة في بلادها."
الواقع أن التأثير الديني للفضائيات على الجمهور يبدو واضحاً لدى المراقب والمتابع لشؤون الناس والحياة اليومية، والانطباع المنتشر أن هذه البرامج والفضائيات تتمتع بجمهور عريض ، وتلقى قبولاً واهتماماً لدى الناس، وبالطبع فإنه جمهور متفاوت ومتعدد بمثل تعدد البرامج والفضائيات نفسها، وهو واقع ينسجم مع طبيعة وتعدد الظاهرة الدينية المتنامية والمنتشرة في المجتمعات والدول.

 

نظرة أولية عامة على القنوات الإسلامية

الشأن الفني والمهني

-         برامج بعض القنوات أشبه ما تكون لمسرح مدرسي تعليمي يقدمها هواة بعيداً عن الحرفية والمهنية الإعلامية.

-         الضعف الفني والمتمثل في الإخراج والتصوير والديكور وغلبة الأساليب القديمة والأطر الفنية المتخلفة.

-         الاعتماد - في كثير من الأحيان- على شباب عديمي الخبرة في التقديم والإعداد وإدارة البرامج وقلة المتخصصين والخبراء بسبب الحساسية من توجهات بعض المقدمين.

-         ضعف التشويق وعدم الاستفادة الكاملة من تقنيات الصورة الإعلامية لدرجة أن بعض البرامج هي إذاعية ولا تضيف الصورة لها شيئاً.

-         أعطت بعض القنوات الإسلامية صورة نمطية سلبية عن أسلوب هذه القنوات حيث الافتقار للإبهار والجاذبية والتي تميزت بها القنوات الأخرى

 

الجانب الإداري والمالي

-         الإمكانات المالية عنصر أساسي بل أهم عنصر في الوقت الحاضر بالنسبة للقنوات وأي قناة لديها ضعف مالي عند البدء فإنها سرعان ما تتوقف أو تتعثر (قناة خير توقفت وقناة فجر متعثرة ..)

-         عدم وجود ميزانيات واضحة ودقيقة يتم السير بناء عليها كجزء من خطة العمل للقناة.

-         مشكلات مالية لدى أغلب القنوات الإسلامية بسبب توفير مبالغ يسيرة للبدء والاتكاء على الدعم والمساعدات الخيرية في المستقبل.

-         مشكلات إدارية شديدة داخل الكثير من القنوات الإسلامية بسبب أسلوب الإنشاء والاعتماد على العلاقات الشخصية بعيداً عن الأنظمة الإدارية واللوائح الدقيقة.

-         البدء بإنشاء بعض القنوات الإسلامية دون دراسات كافية إعلامية واقتصادية والاكتفاء فقط بالنوايا الطيبة والاستعانة ببعض الفنيين الذين لهم مصالحهم الخاصة.

-         غياب المستشارين المتخصصين في الجوانب النفسية والتربوية والاجتماعية والإعلامية عن القنوات. قد يوجد فقط بعض المستشارين الشرعيين والذين يقتصر دورهم على الفتوى .

-         غياب الشخصيات المحترفة في إدارة القنوات الإسلامية والاتكال على أشخاص غير مؤهلين وغير مدربين أو ليس لهم علاقة بالعمل الإعلامي بتاتاً.

-         التنافس بين الشخصيات الإسلامية على إنشاء القنوات رغم عدم تخصصهم وعدم اعتمادهم على المتخصصين فنجد بعض المشايخ أصبحوا مدراء قنوات، مما تسبب في تشويه صورة البعض منها.

 

 

الرؤية والمنهج والفكر والبرامج

-         عرض برامج جيدة أحياناً في أوقات خارج الذروة (أول النهار أو آخر الليل) مما يفقدها المتابعة من جمهور المشاهدين

-         تركيز بعض القنوات على العموميات في الجانب الإسلامي وعدم الخوض في التفاصيل الضرورية كالسلوك واللباس والتعاملات وفقه العبادات وأصول العقيدة

-         بعض القنوات عبارة عن محاضرات دينية متخصصة هي ذات فائدة لكنها لفئة صغيرة ومتخصصة وليست لجماهير المشاهدين.

-         ضعف الاهتمام بالمرأة والطفل والشاب والاقتصار فقط على الخطاب الإعلامي العام مع الحاجة الماسة حالياً للخطاب المتخصص لكل فئة.

-         تأثر بعض القنوات بالوضع السياسي العام وتبعيتها في الجانب السياسي لبعض الحكومات العربية مما أفقدها جزءاً من المصداقية المطلوبة في العمل الإعلامي

-         القنوات الإسلامية التي تفسح المجال للنساء في التقديم البرامجي تغض النظر عن الاهتمام المبالغ في اللباس واستخدام المكياج واختيار شخصيات جميلة وملفتة للنظر.

-         بعض القنوات (الإسلامية) لا تتحرج من استضافة شخصيات بدعية معروفة ولا تركز على منهج الشخص إسلامياً بقدر ما هو قدرته على التأثير وجماهيريته.

-         انعدام الدراما من القنوات الإسلامية وهي وسيلة هامة لجذب الجمهور والتأثير عليه خصوصاً مع توفر الكم الهائل من المسلسلات والأفلام في القنوات الأخرى.

-         اعتماد بعض القنوات على الفنانات المعتزلات بزعم جذب جمهور المشاهدين في الوقت الذي يفتقدن فيه لمهارة التقديم والإعداد فضلاً عن ضعف الخلفية الإسلامية

-         الاكتفاء بالضيوف ممن يحمل نفس التوجه والتحسس الشديد من غيرهم حتى لو كان من الملتزمين بنفس المنهج لكن يختلف معهم في بعض الجزئيات أو الاجتهادات الفقهية.

-         عدم التنوع والاكتفاء بأنماط محددة قد تكون جميلة لكنها ستمل في نهاية المطاف .

-         استضافة مشايخ ذوو أداء ضعيف تلفزيونياً وغير مناسبين بتاتاً للظهور على الشاشة (وبعضهم بالكاد تنتبه لحركة شفتيه فضلاً عن الأداء الجسمي وحركة الوجه)

-         الابتعاد - ما أمكن- عن مناقشة القضايا السياسية أو وضعها في نطاق ضيق خوفاً من التعرض لها بينما كثير من القنوات الأخرى لا تتوانى في مناقشة أشد القضايا حساسية (خلافة جمال لوالده الريس حسني مبارك).

-         عدم التنويع والتجديد في البرامج والاعتماد على برامج الاستديو والبرامج المسجلة التقليدية ورغم وجود تباين كبير بين القنوات الإسلامية إلا أن هذه الصورة تكاد تنطبق على معظم القنوات ذات الاتجاه السلفي.

-         التركيز على الخطاب الإعلامي المباشر والمتضمن توجيهات دينية أو وعظ هي مطلوبة بحد ذاتها لكن أن تكون في نطاق ضيق وكجزء من التنويع في المحتوى البرامجي.

-         التحفظ في معالجة القضايا المعاصرة والافتقار للجرأة في الطرح والنقاش والنقد (يتضمن قطع الاتصالات أحياناً) والتخوف الشديد والحذر من بعض الموضوعات وكثرة الخطوط الحمراء الداخلية.

-         التكرار في عرض البرامج (إحدى القنوات تعيد البرنامج نفسه ثمان مرات خلال مدة شهرين!!) وأحياناً بأوقات متشابهة مما يسبب السأم والملل للمشاهد.

 

ملاحظات عامة

-         أغلب القنوات الفضائية الإسلامية هي سلفية التوجه (مع تفاوت نسبي بينها) وهذا يقلل من فرصة القنوات الجديدة ذات النمط المشابهة .

-         أغلب القنوات الإسلامية السلفية التوجهة دعوية المنحى أي ليست متخصصة أو ليست منوعة وهذا - بدوره - يقلل من إمكانية المنافسة للجدد .

-         القنوات الإسلامية غير السلفية لها سوق واسعة وعريضة في العالم الإسلامي وذات حضور جماهيري ملموس (اقرأ – الرسالة) وبعض برامجها جماهيرية (الوسطية يتابعه أكثر من 2 مليون مشاهد)

-         القنوات الإسلامية السلفية ذات الإمكانات الضعيفة أعطت انطباعا سلبيا لدى جمهور المشاهدين عن جودة المخرجات والبرامج وتميزت القنوات الإسلامية الأخرى عنها بالمهنية وهذا يؤثر على أي قناة جديدة ذات منحى سلفي

-         رغم نجاح قناة الناس في السنة الأولى من انطلاقها كإسلامية سلفية إلا أنها بدأت بفقد الزخم السابق والجماهيرية التي حصلت عليها في مصر بسبب انسحاب بعض المشايخ ومشكلات في إدارة القناة فالمسألة إذن ليست هينة خصوصا إذا اعتمدت على أسماء معينة

-         القنوات الإسلامية غير السلفية وجدت قبولا لا بأس به في السعودية (خصوصا في الغربية) ورغم بعض الطرح الغير معتاد محليا إلا أنها نجحت في اقتحام هذا السوق وبدأت بعض الشخصيات غير السلفية بالتأثير محليا .

-         النمو والتسارع في وتيرة القنوات الإسلامية - عددياً- يضع أصحاب المشاريع الجديدة في تحدي كبير حيث الخيارات - لدى المشاهدين- كثيرة والتنافس قوي والفترة التي يقبل عليها الناس لمشاهدة القنوات الإسلامية محدودة بخلاف القنوات الترفيهية.

-         التطور التقني وتحسن شكل الصورة على التلفاز يمثل تحدي كبير أمام جميع القنوات الإسلامية لتحقيق معادلة مناسبة من حيث مناسبة المحتوى للجمهور  وانضوائه تحت الضوابط الشرعية

-         التلفاز جهاز ترفيهي - في أصل اختراعه- وتحويله إلى جهاز تثقيفي وتعليمي دعوي ليس بالمهمة السهلة ويتطلب خبرات عالية وإمكانات متميزة ورؤية صائبة فهل هذا متاح - حالياً- أمام القنوات الإسلامية السلفية وبالذات الناشئة منها!!

-         من متطلبات القنوات الفضائية وجود جمهور محدد وفي منطقة محددة حتى يمكن صياغة رسالة مناسبة وترجمتها في برامج والتعميم في الجمهور والمنطقة يصعب جداً الأمور على القائمين على القناة ويضعف من قدرتهم للوصول للمستهدفين.

 

مستقبل القنوات الإسلامية

رغم الجهد الذي تبذله القنوات الإسلامية للوصول للمشاهد وإقناعه بالمتابعة فان النتيجة ليست دائما ناجحة لأسباب :

-         اهتمام شريحة واسعة من المشاهدين بالبعد الترفيهي للبرامج

-         الخيارات الضخمة في المشاهدة مع إغراء وتنوع شديد

-         قدرة القنوات العربية (الكبيرة منها) في استقطاب الجمهور من خلال برامج جماهيرية ضخمة ذات كلفة عالية لا تستطيعها القنوات الإسلامية بتاتا

-         عدم إمكانية أسر المشاهد لساعات طويلة لمتابعة برامج استديو حتى لو كان المتكلمون من ذوي القدرات المتميزة(وهذا ضمن نطاق وقدرة القنوات الإسلامية) بسبب الطبيعة المملة لهذه البرامج

-         سقف الحركة الواسع لدى القنوات الأخرى في تقديم مادة مغرية بصريا ومعرفيا لا تستطيعه القنوات الإسلامية

-         التطور التقني المتسارع وخبرة القنوات العربية حياله بخلاف القنوات الإسلامية الناشئة (في معظمها ) والتي تحتاج لوقت (فضلا عن الجانب المالي والبشري ) لاستيعابه وتوظيفه .

-         الاعتماد الرئيسي للقنوات العربية على الدراما (المسلسلات والأفلام) والتي تمثل شعبية كبيرة لدى المشاهدين (حتى لو كانت غير عربية كالمسلسلات التركية حاليا ) هذا الأمر يكاد ينعدم لدى القنوات الإسلامية لأسباب شرعية وأيضا مالية .

-         توفر برامج ومسلسلات متنوعة للقنوات العربية للشراء المباشر بينما تضطر اغلب القنوات الإسلامية الاعتماد على الإنتاج الذاتي والذي يمثل تكلفة عالية وايضا خيارات محدودة .

-         ضعف وحتى انعدام التنسيق بين القنوات الإسلامية في جانب الإنتاج المشترك لتخفيف التكاليف وتطوير المادة البرامجية المنافسة للغير .

-         التوجه العربي فضلا عن العالمي هو للباقات وتكتل قنوات سواء في القنوات المشفرة أو المفتوحة (مجموعة MBC ، روتانا ، دبي ، الجزيرة ..) وهذا يمثل تحدي آخر يستدعي أن تتكتل القنوات الاسلامية كي تستطيع أن تصمد في المنافسة

-         هناك مجالات لا يمكن للقنوات الإسلامية المنافسة فيها أبدا ، تلك التي تعتمد على الغواية والاغراء أو الحرية المطلقة في جانب التعبير عن الأديان أو القيم وهذا يمثل تحدي آخر أمام القنوات الإسلامية لذلك لابد من بدائل مناسبة تستهوي جمهور المشاهدين.

-         رغم الانفتاح الإعلامي العربي لصالح الفضائيات إلا أن توجه وزراء الإعلام العربي نحو متابعة وتقييد البث الفضائي قد ينعكس سلبا في المستقبل على القنوات الإسلامية وهناك أمثلة على ذلك (الزوراء ، حوار ، بركة ..) مما يتطلب انتباه ووعي دقيق واستعداد لهذه المرحلة .

-         خلاف القنوات العربية العامة فإن القنوات الاسلامية محل مراقبة ومتابعة من الجهات الرسمية العربية وخطابها محل حساسية عامة والخطوط الحمر التي يجب عليها ان تلتزم بها أكبر بكثير من القنوات الأخرى .

-         رغم التحديات الضخمة أمام القنوات الإسلامية إلا أن مبررات الصمود وأيضا النجاح كثيرة منها أن الناس تميل للدين ومعظم الناس محافظون والخطاب الإسلامي - بمجمله - مقبول  فما بالك أن زين واستخدمت طرائق التأثير الحديثة فيه ، فالمتوقع إقبال الناس .

-         كثرة القنوات الإسلامية مستقبلا ميزة جيده والأجود أن تكون ذات محتوى عال الجودة والتنافس بينها سيرفع مستوى الجودة كما هو متوقع .

-         المرأة والموسيقى أهم عقبة وتحدي أمام القنوات الإسلامية ومعالجة هذه القضية من منطلق شرعي مبني على مراعاة المصالح والمفاسد قضية شديدة الأهمية .