الحل الإسلامي لمشكلة الأقليات
27 ذو القعدة 1429
د. محمد مورو







تعد مشكلة الأقليات  التي ظهرت مؤخراً في العالم الإسلامي مشكلة مستحدثة أو مفتعلة، أو بها قدر هائل من التحريض الأجنبي، وهي في الحقيقة لم تظهر إلا في إطار الصراع مع الغرب، وتحديداً بعد مرحلة الاحتلال والنفوذ الأجنبي، ومن المعروف أن النظرة إلى القضايا الاجتماعية عموماًَ، والأقليات خصوصاً تختلف على حسب اختلاف المنظور العلمي المستخدم في دراستها، وبديهي أن علم الاجتماع السياسي وغيره من العلوم الإنسانية تختلف من سياق حضاري إلى آخر، فعلم الاجتماع مرتبط بالسياق الحضاري الذي أفرزه وأفرز من ثم المشكلات التي يتناولها الغرب، والخلل هنا أن البعض يستخدم مفاهيم ومناهج علم الاجتماع السياسي الغربي باعتباره هو العلم المطلق، وهذا خطأ منهجي لا شك فيه؛ لأن استخدام مناهج هذا العلم ومصطلحاته في دراسة الحالة الإسلامية وهي حالة مختلفة كماً ونوعاً عن الحالة والسياق والظروف التي ظهرت في الغرب يؤدي إلى أخطاء فادحة، نحن هنا لا نفضل علم الاجتماع السياسي الإسلامي مثلاً على علم الاجتماع السياسي الغربي – وهو أفضل منه طبعاً بالنظر إلى مرجعية الربانية – ولكن نقول فقط إنه غير صالح من الناحية العلمية لدراسة ظاهرة نشأت في ظرف حضاري مختلف، ومن البديهي من ثم أن دراسة الظواهر التي تنشأ في مجتمع إسلامي تقتضي استخدام أدوات ومناهج ومصطلحات علم الاجتماع السياسي، وإلا افتقدنا أول شروط العلمية والموضوعية.

 

في موضوعنا هذا "الأقليات " وهي إما أقليات عرقية أو دينية أو مذهبية  أو لغوية، فإن المنظور الإسلامي الديني والحضاري يختلف عن غيره من المناظير خاصة الغربية منها، فالإسلام مثلاً لا يفرق بين المسلمين على أساس اللون والعرق واللغة، وبالنسبة للتجمعات الدينية غير الإسلامية استخدمت  الشريعة الإسلامية لفظ "أهل الذمة" وهو يختلف اختلافاً بيناً في الأحكام والدلالات الأخلاقية والحقوق عن لفظ الأقليات، كما استخدمت الشريعة لفظ الفرق الضالة أو أهل البدع لوصف فرق دينية، مثل الخوارج والشيعة والمعتزلة وغيرهم .

الاختلاف بين الناس في الشكل واللون والفوارق والأجناس والأعراق واللغات بل وفي المفاهيم والتصورات هي حقيقة لا يمكن القفز فوقها، ولكن استخدام هذا الاختلاف في تأسيس مفاهيم الصراع والتطاحن هو المشكلة، فالإسلام يدعوا إلى التعارف " {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } ، وكان هذا التنوع مصدر ثراء في المجتمعات التي تقوم على العدل، وفي المجتمع الإسلامي ذاته كانت مصدر ثراء كبير طالما كان هناك التزاماً بالشريعة الإسلامية الغراء التي تحقق الأنصاف، وإذا حدث انحراف عن الشريعة الإسلامية، وكان هناك نوع من الظلم والتهميش، فإن ذلك يقع على المجتمع كله وليس على الأقليات فقط، ومع سقوط الخلافة الإسلامية وتشوشر أفكار النخبة، فإن مشكلة الأقليات برزت إلى السطح، ليس كحقيقة موضوعية  موجودة في المجتمع، ولكن كطريقة لتحقيق طموحات سياسية، أو استخدام خارجي، أو غيره من الأسباب، بل نكاد نقول أن المجتمع الإسلامي هو الذي صك في تجربته التاريخية والحضارية أفضل نوع من التعاون والثراء عن طريق التنوع، فالأسود والأبيض والأحمر، العربي والتركي والإفريقي، بل وغير المسلمين أيضاً ساهموا وسمح لهم أن يساهموا في البناء الحضاري الإسلامي وكانوا جزء من الثقافة والحضارة الإسلامية سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، ويمكننا أن ننظر بتأمل إلى وجود أقليات غير مسلمة في المجتمع الإسلامي، أقليات نصرانية ويهودية وغيرهما وبكثافة لا بأس بها، في وقت كانت الدول والإمبراطوريات تجبر رعاياها على اعتناق الدين والمذهب الرسمي للدولة، بل كان جزءاً من الواجب الشرعي للأمة الإسلامية هو حماية حقوق الاختيار ومنع الإكراه على الدين في أي مكان في العالم، وهذه إحدى أسباب ومسوغات الجهاد في سبيل الله.

اشتق لفظ أقلية من مادة "قلل" وهى في لسان العرب القلة  ضد الكثرة، وفي الزمخشري القلة والقل كالذل والذلة  ، وإذا أخذنا تعريف اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فإن تعريف الأقلية هو "جماعات متوطنة في مجتمع تتجمع بتقاليد خاصة وخصائص إثنية أو دينية أو لغوية معينة تختلف بشكل واضح عن تلك الموجودة لدى بقية السكان في مجتمع ما، وترغب في دوام المحافظة عليها" ، وتتضمن الأقليات في العالم العربي وفقاً للترتيب الهجائي " الأشوريين، الأرمن، الإسماعيلية، الأقباط ، الأكراد، البربر، التركمان، الدروز، الزيدية، الصحراوين، الطوارق، العبيدين، العلويين، الكلدان، المارونيين، اليزيديين، اليهود"    ، وفي العالم كله توجد ثمانية آلاف أقلية إثنية"عرقية" و7600 لغة.

ويُعرٍف الباحث صلاح سعد الأقلية بأنها"جماعة من الناس تشكل عدديا أقلية بالمقارنة مع جماعة أخرى تعيش معها في وطن مشترك تشكل الأغلبية" .

 

استخدام الأقليات جزء من صراع شامل

لأسباب ذاتية وموضوعية فإن مساحة كبيرة – كبيرة جداً – من تاريخينا الإسلامي شهد صراعاً طويلاً في الزمان والمكان، الجغرافيا والتاريخ بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، ويخطئ البعض حين يتصور أن الحروب الصليبية على الشرق 1095: 1295م هي المحطة  الوحيدة في هذا الصراع، لقد كانت الحرب الصليبية قبل هذه المحطة، وبعد هذه المحطة، ونقصد هنا بكلمة الصليبية "المسيحية الشمالية" كما عرفها الأستاذ محمود محمد شاكر ،  وهي مسيحية وثنية تستند إلى التراث اليوناني الروماني أكثر مما تستند إلى المسيحية " المحرفة". ذلك أن القيصر الروماني قسطنطين حين دخل في المسيحية فإنه أدخلها هي في الوثنية الرومانية لدرجة أن طقوس ترسيم بابا الكاثوليك في روما هي نفس طقوس ترسيم كهنة المعابد الرومانية القديمة، الحضارة الإسلامية تقوم على التوحيد، العدل، الحرية، اللاعنصرية، التسامح، بينما تقوم الحضارة الغربية "الوثنية ذات القشرة المسيحية "على الوثنية والقهر والظلم والإكراه، والنهب والتعددية، ومن ثم فإن الصدام الموضوعي كان حتمياً، وهذا الصراع بدأ منذ البعثة المحمدية ذاتها، ففي حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان هناك خمسة مواقع للصدام مع الدولة الرومانية هي معركة مؤته سنة      8 هـ ، وسرية ذات السلاسل سنة 8 هـ، وغزوة تبوك سنة 9هـ، وسرية دومة الجندل سنة 9هـ، ثم بعث أسامة سنة 11 هـ، وهو إدراك مبكر  للرسول  صلى الله عليه وسلم لمستقبل الصراع مع  الحضارة  الغربية، ولم تنقطع الصراعات من يومها وحتى الآن، الصراع في الشام، وشمال إفريقيا، والأندلس، والصراع في البحر المتوسط، ثم الحروب الصليبية، المشهورة، ثم الحروب المستمرة مع الدولة العباسية والسلجوقية، والعثمانية، وفتح القسطنطينية، والصراع العثماني في قلب أوروبا، ثم مرحلة الاستعمار واحتلال بلاد العالم الإسلامي، ثم إقامة إسرائيل، وغزو العراق وأفغانستان..إلخ" ، وهكذا فهي حرب صليبية واحدة!!

 

وهكذا فإن الصراع بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية كان صراعاً عسكرياً، وسياسيا، وثقافياًً، وفي المرحلة المعاصرة، فإن ازدواج المعايير الغربية فيما يخص قضايا العرب والمسلمين واضح جداً، وكذا عمليات الهجوم على الرموز الإسلامية، ومحاصرة العالم الإسلامي اقتصادياً وسياسياً ومن ثم استخدام الأقليات في هذا الصراع.

استخدام الأقليات في الصراع ليس جديداً

مع الاحتكاك بين الحضارة الإسلامية وأوروبا اكتشف الأوروبيون أن هناك منظومة فكرية وثقافية إسلامية شديدة التماسك، وأن المواجهة الصريحة والمباشرة مع الحضارة الإسلامية سيؤدي إلى هزيمة أوروبية لا شك فيها، ومن ثم فلابد من اكتشاف وسائل لإضعاف القلعة الإسلامية من داخلها ، وهذه الفكرة راودت لويس الرابع في أثناء أسره في المنصورة بعد هزيمة الحملة الفرنجية على مصر، فقرر إنشاء جيش الباحثين" المستشرقين" للبحث في وسائل إضعاف القلعة الإسلامية من داخلها فكرياً وثقافياً وعن طريق الأقليات الدينية ثم العرقية فيما بعد، وقد تطورت تلك الوسائل بالطبع فيما بعد، إلا أنها تظل فكرة قديمة جديدة، تقليدية مستحدثة، ويرصد الأستاذ محمود محمد شاكر في كتابه رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، كيف أن قادة الحملة الفرنسية على مصر قرروا عند الانسحاب سنة 1801م اصطحاب عدد من المصريين ومن ثم أبنائهم وأحفادهم وحقنهم بالثقافة الفرنسية ليكونوا فيما بعد حزب فرنسا في مصر ، وهو ما فعله تقريباً كل الدول الغربية فيما بعد، بل إن نابليون بونابرت نفسه حينما فكر في الحملة الفرنسية اعتمد على اختراقات معلوماتية عن مصر عن طريق الأرمن المقيمين في مصر وكذا استخدم الدجل في منشوره الذي وزعه على المصريين وقتها قبل وصوله إلى الإسكندرية سنة 1798م حيث حاول الوقيعة بين المصريين والمماليك ، كما استخدمت الحملة الفرنسية على نطاق واسع أثناء وجودها في مصر المسألة الطائفية في اختراق النسيج المصر، وظهر في هذا الصدد عدد من أسافل القبط على حد تعبير الجبرتي مثل المعلم يعقوب الذي شكل وقاد ما يسمى بالفيلق القبطي ، والذي أدى الأدوار الأكثر سوءاً في المجهود الفرنسي لقمع المقاومة الإسلامية ضد الحملة الفرنسية على مصر مثل تعذيب الثوار واستنطاقهم، أو جمع الضرائب والإتاوات أو حتى عمليات الإفساد الأخلاقي للنساء والرجال.

 

ويلتقط الأستاذ محمد جلال كشك نقطة دقيقة وهامة في هذا الصدد قائلاً

"كان الجبرتي يقسم أهل مصر إلى الأمراء وأولاد البلد وأولاد العرب أو المشايخ ومساتير الناس والزعران والحرافيش والعربان، ولكن حكومة الثورة الفرنسية قسمتنا إلى مسلمين ونصارى ويهود، وأصبح الناس في مصر – حسب المنشورات التي تصدر عن الفرنسيين-  إما فرنساوياً وإما مسلماً  أو نصرانياً أو يهودياً" . 

 

وعلى نفس النمط، أي استخدام ورقة الأقليات، شهدت الشام اختراقا أوروبياً في هذا الصدد عن طريق إرساليات التبشير التابعة للدول الاستعمارية، وفي الحقيقة فإن التبشير ليس فقط يستهدف تحويل  الناس إلى النصرانية، ولكن إقامة جسور مع الأقليات ومحاولة زرع التمرد داخلها، لاستخدامها فيما بعد في الصراع السياسي، أي أن  التبشير والاستعمار كانا ولا يزالا طرفي مقص يؤدي كل منهما إلى الأخرى، فالتبشير يمهد للاستعمار والاستعمار يفتح الباب أمام التبشير على نطاق واسع، بل إن بعض المفكرين يلخص الاستعمار في كلمات هي جنرال، ومبشر "قسيس" وتاجر، وتقول الدكتورة سوسن إسماعيل وجه المبشرون الأوروبيون اهتمامهم إلى البنية المسيحية في الشام فيثيرون الخلافات في طبقاتها وأصل مذاهبها، وأن المنافسة بين البروتستانت وبين المبشرين اليسوعيين ألقت في البلاد فتناً  ومنازعات مذهبية واجتماعية وقد تبارى المبشرون البروتستانت واليسوعيين في خلق هذه الاضطرابات بين الطوائف المسيحية ذاتها" وتضيف الدكتورة سوسن إسماعيل " منذ بداية القرن التاسع عشر غدت القنصليات الأجنبية في ولايات الشام أوكاراً للدسائس والفتن وإثارة الاضطرابات عن طريق تحريض الطوائف الدينية وترويج الشائعات التي كانت تسبب الفتن الطائفية" .

 

وتصل الدكتورة سوسن إلى الحقيقة الواضحة في استخدام السياسية الأوربية للأقليات قائلة " عمدت السياسية الأوربية إلى ترسيخ قدمها في المنطقة عن طريق غرس بذور الخلاف بين الطوائف مستعينة بالإرساليات الدينية والتعليمية" .

ويمكننا الربط لذلك بين ظهور إرساليات التبشير في مكان ما، أو ظهور مشكلة خاصة بالأقليات وبين تطلع الدول الأوروبية لنوع من النفوذ الكبير أو الصغير في تلك المنطقة.

بل إن القوى الاستعمارية استخدمت موضوع الأقليات تحديداً كتبرير للغزو والعدوان والاحتلال، في 11 يونيو سنة 1882 م وقعت مشاجرة بين مواطن مصري يدعى سيد العجان وكان يعمل " حمّاراَ" أن يقوم بتأجير حماره للنقل والحمل وبين مالطي من رعايا إنجلترا، واختلف الرجلان على الأجرة، مما أدى إلى مشاجرة تطورت إلى صدام بين المصريين واليونانيين، وترى كل المصادر التاريخية المحترمة أن تلك الحادثة مدبرة بالاتفاق بين الإنجليز والمالطي والأقلية اليونانية في الإسكندرية لإحداث مذبحة لتبرير عملية الغزو خاصة أن السفن الإنجليزية كانت قد وصلت بالفعل إلى ميناء الإسكندرية قبل أيام من ذلك الحادث ، في نفس الإطار سارت السياسية الإنجليزية في إحداث نوع من المشاكل بين المسلمين والمسيحيين في مصر، واستخدام هذه الورقة في تثبيت وتبرير الاحتلال ووصل الأمر في عام 1911 م إلى فتنة كبيرة، فتم عقد ما يسمى بالمؤتمر القبطي الذي طالب بما يسمى بحقوق الأقليات، وكانت أصابع الإنجليز واضحة وراء هذا المخطط، يقول الأستاذ طارق البشري في كتابه المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية " أن صحيفة الوطن ساهمت في استثارة الشقاق الطائفي في مصر واصطناعه، وكانت تعكس هنا هويتها الإنجليزية" .

 

وقد كتب بعض المنصفين من الأقباط أنفسهم متهمين الإنجليز بالتدبير وراء تلك الحوادث، فسالم سيدهم اتهم أخنوخ فانوس" رئيس هذا المؤتمر القبطي" بالخيانة وقال " هذا أحد صنائع الإنجليز في مصر والآلة التي يحركها الاحتلال، وأضاف " أن إنجلترا تستخدم الخونة الذين لا ضمير لهم لقتل الروح الوطنية" .

 

ويجب أن نلاحظ هنا أن الشقاق الطائفي الذي أفتعله أعوان الاحتلال الإنجليزي من الأقباط وصل إلى أقصى حدوده من عام 1908- إلى عام 1911م وهي الفترة التي كان الحزب الوطني قد وصل إلى حالة من القوة والانتشار بحيث أصبح خطراً على الوجود الإنجليزي في مصر، وأن الإنجليز لجئوا إلى لعبة التفرقة الطائفية وبث النعرات الطائفية عن طريق عملائها كنوع من طريق الحزب الوطني وجعله في حالة دفاع، وذلك لمنعه من الأخذ بزمام المبادرة وتفجير الثورة الشاملة على الإنجليز في مصر.

 

ومن الغريب أن هذا الفكر الاستعماري قد طال الولايات المتحدة مبكراً أي في عام 1911 قبل أن تظهر مطامعها ومشاريعها في المنطقة، فالرئيس الأمريكي في ذلك الوقت دعم مطالب الأقلية في مصر، وأيد مطالب المؤتمر القبطي، ووصف المسلمين بالتوحش وقال بضرورة بقاء الاحتلال الإنجليزي لمصر لحماية الأقليات لدرجة أن صحيفة الوطن  المصرية لسان حال الاحتلال ولسان حال دعاة الطائفية من الأقباط قالت أن الرئيس الأمريكي هو منصف الأقلية  من الأكثرية، وانه من الضروري استعانة الأقباط بالدول الأوروبية"

 

لم يقتصر السلوك الإنجليزي على مصر في هذا الصدد، بل طال السودان أيضاً، ونلاحظ أن الحالة السودانية اختلطت فيها المطامع الاستعمارية بالأهداف الكنسية، بالتداخل من بين أكثر من دولة أوروبية وأمريكية، فالمشاكل العرقية والدينية التي تثار في السودان بدءاً من التمرد في الجنوب والذي استمر إلى أن تم توقيع اتفاقية السلام الأخيرة، والتي هي بدورها اتفاقية هشة وقابلة لانهيار، وكذا التمرد في كردفان تتضح فيها الأصابع الإنجليزية والأمريكية بل والمنسية من مختلف البلدان، يقول الأستاذ حسن مكي في كتابه " التبشير المسيحي في العاصمة المثلثة – " إن التدخل في الشئون الداخلية للدول يعد جزءاً من الدور الاستعماري الذي تقوم به المؤسسات التنصيرية حيث تعد ذلك جزء من عملها لقيام إمبراطورية نصرانية تسيطر على العالم، ففي جميع الدول التي أقام بها دعاة التنصير مراكز لهم، أصبح هذا الدور واضحاً فقد قام مجلس الكنائس بدور بارز في ذلك".

 

في الإطار نفسه تأتي سلوكيات بلد مثل فرنسا في المغرب العربي حيث لعبت دوراً بارزاً في إثارة وخلق وزرع ما يسمى بالمشكلة الأمازيجية، ولا تزال تلعب بتلك المشكلة حتى الآن مع دخول أطراف أخرى على الخط، وكذا الممارسات المعروفة من انجلترا تجاه المشكلة الكردية في العراق بل وإيران وتركيا منذ وقت مبكر إلى أن قامت الولايات المتحدة بالحلول محل الدول الاستعمارية التقليدية في هذا الصدد" 

 

استخدام الأقليات في الصراع في الحقبة الأمريكية    

ورثت الولايات المتحدة النفوذ الاستعماري البريطاني والفرنسي والأوروبي عموماً في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وورثت منه تقاليد المدرسة الاستعمارية في استخدام الأقليات في الصراع، وبديهي أنها طورت في الوسائل والأساليب وصبغت المسألة بصيغتها الخاصة، والولايات المتحدة قامت أصلاً من خلال جريمة كاملة هي جريمة إبادة الهنود الحمر ثم استرقاق السود ثم ممارسة العنف والقهر والعنصرية بطريقة لم يسبق لها مثيل ، وتحالفت  الولايات المتحدة مع الكيان الصهيوني ودعمته دعما شاملاً، وبالطبع لا يمكن وضع تواصلاً زمنياً محدداً بين المرحلة الأمريكية وما قبلها، فهناك تداخل زماني ومكاني، وهناك استمرارية لدور الكنائس الغربية ومراكز التبشير في العملية الاستعمارية والغربية في المرحلتين الأوروبية والأمريكية.

 

ففي السودان مثلاً استمر الدعم الكنسي للتمرد في الجنوب، وكذا الدعم الأوروبي بالإضافة إلى الدعم الأمريكي، واستمر الدعم والممارسات التآمرية الفرنسية في موضوع الأمازيج بالإضافة إلى دخول الولايات المتحدة على الخط وبديهي أن كل حركات التمرد العرقي، أو حركات الخصوصية الثقافية أو مجرد المطالبة بمطالب مشروعة لرفع الظلم عن الأقليات أمورا متداخلة بحيث لا يمكن فصلها على مستوى السلوك والأفراد والمؤسسات بل والمفردات المستخدمة، ونلاحظ أيضاً أن الحقبة الأمريكية تميزت بحالة جديدة وهي أن طلب الدعم الخارجي أصبح موجوداً لدى قطاعات من الأقليات أو بعض هوامشها مثل أقباط المهجر المصريين مثلاً، ومن ثم فإن الأمر لم يعد قاصراً على الاختراقات الأمريكية والكنسية لدفع الأقليات إلى التمرد أو المشاكسة، بل أصبح الأمر متبادلاً بين الطرفين، وهذا لا يمنع من وجود قومي داخل الأقليات تتمسك بالثوابت الوطنية، وبعد أن كانت الاختراقات الأجنبية في الأقليات تمس قوى هامشية داخل تلك الأقليات، اتسعت المسألة بل وأصبحت تلك القوى الهامشية قوى رئيسية بل بعضها أصبح هو القيادة داخل تلك الأقليات، الأمر الأكثر أهمية في هذا الصدد أن سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وانتهاء هامش المناورة واللعب على المتناقضات  الثانوية بين الرأسمالية والشيوعية،أو المنظومة الغربية والمنظومة السوفيتية جعل من الصعب مواجهة المشروع الأمريكي بسهولة، وهذا المشروع يمكن أن نطلق عليه المشروع الأمريكي الصهيوني نظراً للدور الكبير وتحقيق أهداف صهيونية واضحة داخل هذا المشروع وهذا المشروع استهدف ضمن ما استهدف القضاء على الحضارة الإسلامية وإعادة احتلال وتمزيق العالم الإسلامي، واعتبار الإسلام هو الخطر الأهم عالمياً بعد انتهاء الخطر الأحمر، والرئيس الأمريكي جورج بوش الأب الذي شهد نهاية الاتحاد السوفيتي قال يومها" إن اخطر ثلاث حركات في القرن العشرين هي النازية والفاشية والإسلام الأصولي"

 

ويقول (مساعد وزير خارجية الأمريكية الأسبق) " ريتشارد شيفر" " إن الإسلام يمثل تهديداً كبيراً للاستقرار العالمي " .

 

والكاتب الأمريكي بيتر رومان كتب في مجلة " ذا ناشونال ريفيو" يقول" نحن لا نظلم الإسلام عندما نعتبره عدونا الجديد الذي يحل محل الشيوعية" 

 

وبصعود ما يسمى بالخطر الإسلامي أصبح من الطبيعي محاولة اختراق أمريكية للإسلام والمجتمع  الإسلامي من داخله، أو على الأصح تكثيف ذلك، لأن هذا الأمر كان موجوداً بالفعل، ومن ثم استخدام الأقليات في تلك  المسألة، الأقليات الدينية كالأقباط في مصر، والأقليات المذهبية كالشيعة في العراق، وكالأمازيج في المغرب، بل والنوبة في مصر، ومشاكل الأعراق في السودان وغيرها مما لا يمكن حصره، وقد يرى البعض أن ذلك ارتبط بحادث " سبتمبر 2001" ولكن الحقيقة أن الأمر ارتبط بسقوط الاتحاد السوفيتي وشهدت الأعوام التي تلت تفكك المنظومة الاشتراكية في تسعينات القرن الماضي جهدا أمريكياً دؤوباً في هذا الصدد، من ناحية رصد الأموال واختراق المنظمات التابعة لتلك الأقليات، وتمويل المراكز الثقافية لنشر ما يسمى بالثقافات البائدة كلغة الأمازيج، ولغة النوبة، ووضع قواميس ومعاهد ودورات ومناهج تدريسية في هذا الصدد وكذا اختراق التشكيلات الشيعية والكردية وغيرها، بل ووصل الأمر إلى حد اختراق بعض المراكز الإسلامية السنية بهدف خلق ما يسمى بالإسلام الليبرالي، وفي الحقيقية فان النجاحات الأمريكية في هذا الصدد كانت في موضوع الشيعية العراقيين، والأقباط في مصر وخاصة أقباط  المهجر.

 

وهكذا فإن استخدام الأقليات كان جزءاً  لا يتجزأ من الإستراتيجية الأمريكية فيما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وحتى الآن، وإذا قرأنا تقارير مراكز الأبحاث التي تصدرها المراكز  الأمريكية في هذا الصدد وجدنا موضوع الديمقراطية المزعومة وتحريك الأقليات ودعم مشاركة المرأة هي السمات البارزة في هذا الصدد وبالطبع بطريقة جزئية ومنحرفة وليست نزيهة، والإستراتيجيات التابعة للمؤسسات عن مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الواسع، أو الممتد أو الكبير أو غيرها من أسماء نفس المشروع كلها تنمو نفس النمو، وهي مشروعات رسمية نسبت إبان صدورها إلى وزراء خارجية أمريكية مثل وزير الخارجية السابق كولين باول، أو الحالي كوندليزا ريس، أو الرئيس الأمريكي نفسه، وحتى وثائق المحافظين الجدد والمعروفة والمنشورة منذ عام 1997م وحتى الآن والتي رصدها عدد من الكتاب الأمريكيين  " نورمان بورهوردز" في صحيفة كومنتري، والكاتب "ديفر بيت" في النيويورك تايمز" وصاحب كتابي الحرب على العراق، والصمت أكبر جريمة"، فإن استخدام الأقليات محور هام من محاور مشروع هؤلاء المحافظين الجدد، والوثيقة المنشورة عام 2000م والمنسوبة إلى رموز تلك الجماعة مثل ديك تشيني، والبوت ابرامز، وريتشارد بيرل،وغيرهم والتي تتحدث عن الإمبراطورية الأمريكية والقرن الأمريكي وضعت شرط لتحقيق ذلك إعادة صياغة  الإسلام، وتحطيم الأكثرية السنية، ودعم الأقليات.

 

وفي يونيو 2006 نشرت مجلة القوات المسلحة الأمريكية تقرير كتبه "رالف بيترز" وهو كولونيل سابق في الجيش الأمريكي خدم في شعبة الاستخبارات العسكرية  تحدث فيه عن تقسيم الشرق الأوسط من جديد وإقامة دولة مركزية تقتطع أجزاء من العراق وإيران وتركيا وسوريا ودولة شيعية في جنوب العراق وإيران ومناطق أخرى من السعودية والإمارات والكويت والبحرين، ودولة مارونية درزية في جبل لبنان، وزيادة مساحة الأردن على حساب السعودية، أي المحصلة تفكيك الدول الكبيرة مثل تركيا وإيران والسعودية ثم يأتي بعد ذلك الدور على مصر ليتم تفكيكها مع تفكيك السودان والمغرب ….إلخ"

 

وهذا التصور يتفق مع التصور الإسرائيلي، حيث قال الصحفي الإسرائيلي حابي بازور في صحيفة يديعوت احرنوت" إن المنطقة بوضعها الحالي خطراً على "إسرائيل" ، ولابد من خريطة جديدة للمنطقة بتقسيم العراق وإيران"

 

بالنسبة للعراق التي تعرضت لاحتلال منذ عام 2003 فإنه من المعروف حضارياً وتاريخياً " أن موقع العراق الجيويولوثيكي حتى بعد ولادة الدولة الحديثة ورسم حدودها الدولية ربط بين مصيره ومصير الجوار العربي والإسلامي، وأن انقسام العراق وانحطاطه مؤشراً على انقسام المنطقة وانحطاطها، واستقرار العراق ورخائه مؤشراً على استقرار المنطقة ورخائها"

وأن سنة العراق هم الرابط الأساسي في ذلك البلد، لأنهم سنة مع أكراد، وعرب مع شيعة، وهم لا ينظرون إلى أنفسهم كطائفة بل كحاضنة عريضة للإسلام ولم يظهر دستورا طائفياً إلا عند ما داهم الخطر والاعتداء" .

ولم يعرف العراق منذ تأسيس الدولة الحرب الأهلية رغم التنوع العرقي والديني والمذهبي الذي يتميز به إلا بعد الاحتلال الأمريكي والتواطؤ الشيعي الأمريكي، وقد اعتمد الأمريكان بصورة واضحة في احتلالهم للعراق على استخدام الأقليات وخاصة الكردية والشيعية، ولا يعد التنوع العرقي والديني والمذهبي في العراق الحديث حالة خاصة ولا استثناء لا بالمقاييس الإسلامية التي حلت تلك المشكلة أصلاً بالنظر إلى رحابة الإسلام وتسامحه وإمكانية أن يتحول التنوع إلى مصدر قوة، ولا حتى بالمقاييس الأوروبية، فمعظم الدول الأوروبية فيها هذا التنوع، بريطانيا مثلاً فيها الاسكتلنديون، والإنجليز، والويلزيون والايرلنديون، وفيها بروتستانت وكاثوليك وكذا مسلمون بعد الهجرة ومن ثم فإن الحرب الأهلية – أو ما شبه  الحرب الأهلية- أو الصدام السني الشيعي أو التطهير العرقي  ، وحتى العراق كدولة ظهر إلى الوجود نتيجة تقسيمات أوروبية أصلا، ولم يستشرِ أهل العراق في ذلك طبعاً، وهذا لا يمنع بالطبع من الإشارة إلى ضرورة تحقيق العدل وعدم الهيمنة والسماح بالتعبير عن الخصوصيات الثقافية، والإشارة أيضاً إلى أن ما تم من أمور في   هذا الإطار، لم تكن سياسية سنية في إطار حكم صدام حسين ولكنه كان مجرد نظام اصطدم بكل من يعارضه، سنة وشيعة وأكراد، وليس باعتبارهم سنة وشيعة وأكراد بل باعتبارهم معاديين للنظام، أو اتهامه لهم بالعمالة لدول إقليمية أو دولية، ومن ثم فإن تصوير نظام الرئيس صدام حسين على أنه نظام حكم عربي – سني– اضطهد الشيعة والأكراد هو تصوير مخادع وغير صحيح، بل إن من الضروري أن نقرر أن نظام البعث نشأ نشأة علمانية أولاً، واستخدم العنف ليس في مناطق الأكراد والشيعة ولكن في منطقة الرمادي السنية مثلاً عندما استشعر تمردها في منتصف التسعينات.

 

ويجب أيضاً أن نشير إلى عروبة العراق بدأت بالوجود العربي قبل الإسلام في حوض  الفرات وتأكدت بهجرة العرب المسلمين إبان الصدام مع الفرس وبعد تأسيس الدولة الإسلامية على مدى زمني طويل، واستطاع الإسلام أن يصهر داخل العراق مختلف الأعراق، وتم اعتبار ذلك نوعاً من القوة وليس العكس، ولكن عندما ظهرت فكرة القومية  الحديثة، وهي فكرة أوروبية أساساً، نقلها أتباع الاتحاد والترقي التركي، ومارسها القوميون الأتراك ضد فكرة الجامعة الإسلامية، وظهرت حركة قومية عربية نزعت نزعة علمانية فيما بعد وعادت بدورها فكرة الجامعة الإسلامية، فلا نستطيع أن ندين ظهور نزعة قومية كردية معادية للعرب مثلاً، إلا إذا وقفنا موقف الإدانة من كل تلك الحركات القومية، ومن ثم فإن الفكرة القومية هي بدايتها فكرة خاطئة لا يمكن بها تبرير الاستمرار في حكم الأكراد مثلاً، فالأكراد وغير الأكراد قبلوا الحكم الإسلامي عربياً أو تركياً أو حتى كردياً، ويرحبون بالتقريب إذا كان في إطار إسلامي، وظهر منهم زعماء أمثال صلاح الدين، وكذا وقياساً عليه الأمازيج والنوبة، بل وحتى غير المسلمين مثل الأقباط والنصارى بكل طوائفهم قبلوا الحضارة الإسلامية كثقافة وكوطن، المهم في الأمر أن المسألة الكردية لم تظهر إلا بعد الحرب العالمية الثانية بصورتها الانفصالية والعرقية...وعانت ما عانت من اضطهاد عرقي علماني، ولكنها سارت في الشوط إلى حافة الخيانة حيث ارتبطت بمشروعات استعمارية بريطانية ثم أمريكية بل وأحياناً مدت الجسور مع "إسرائيل" وهذا أمر مرفوض وطنياً وحضارياً قبل أن يكون مرفوض إسلامياً.

 

استخدمت الولايات المتحدة الورقة الكردية خاصة بعد عام 1991، وحققت للأكراد منطقة آمنة، ومنعت العراقيين في عهد صدام من اجتثاث الحركة الكردية، والأمر نفسه بصورة أقل بالنسبة للشيعية منذ عام 1991،

ويلخص الدكتور حامد محمود عيسى في كتابه القضية الكردية في العراق من الاحتلال البريطاني إلى الغزو الأمريكي المسألة بقوله" أنه لا شاه إيران ولا رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية كان يرغب في انتصار الكرد، بل كان يرغب في استمرار الثورة الكردية متأججة بالقدر الذي يسمح باستخدامها في المعادلات الإقليمية" .

 

وفي تقرير للجنة شكلها الكونجرس عام 1975 والمعروفة بلجنة  pike   "لقد كانت سياسيتنا غير أخلاقية تجاه الكرد، فلا نحن ساعدنهم ولا نحن تركناهم يحلون مشاكلهم بالمفاوضات مع الحكومة العراقية، لقد حرضناهم ثم تخلينا عنهم"

 

وقد وصف المحلل الأمريكي وليم سافير تدخل هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية ومسئوليته في تدمير الكرد في كتابه" الأكراد والضمير" بأن الولايات المتحدة وإيران كانت تحتاجان إلى الكرد لمقاومة المد السوفيتي ومن ثم كانا يمدون الكرد بالأسلحة ويقدمان للكرد التمويل، لاستقلال ثقافتهم وعندما حلت المشكلة توقف الدعم والتمويل توقف تاما، وكانت خطة ناجحة لكل منهما بعكس الكرد، وختم وليم سافير مقاله بقوله" هذه هي المدنية المنهارة، شعب يباد والولايات المتحدة باعتبارها مسئولية جزئياً عن هذه الحالة، لم ترفع أي صوت للاحتجاج".

 

وهكذا فإن استخدام الولايات المتحدة، ومن قبلها الدول الأوروبية لموضوع الأقليات لم يكن – ولن يكون- إلا نوع من استخدامها كورقة في المعادلات الدولية والإقليمية ثم تركها تدفع الثمن وتواجه مصيرها المشؤوم وتتعرض حتى للإبادة، وهي خبرة يجب على الأقليات أن تدركها فتمنع قيادتها من العمالة للخارج أو تقديم طلبات طائفية أو عرفية أو مذهبية على حساب الأوطان، أو لعب دور هدّام في المجال الثقافي مثلاً.

الأقليات ودور هدّام

استخدمت القوى الخارجية الأقليات في عملية غزو الأوطان، وهذا دور هدّام ظهر في الغزو الأمريكي للعراق، وكذا في الغزو الأمريكي لأفغانستان حيث تم استخدام ما يسمى بالتحالف الشمالي وهو مكون من الأقليات غير البشتونية عرقية ومذهبية مثل الأوزبك "عرقية" والإسماعيلية "مذهبية" وغيرها، وكذلك استخدمت القوى الخارجية الأقليات في تثبيت الاحتلال والتعاون معه وتنفيذ أجندته، وهذا دور هدّام آخر، ولكن الأمر لم يقتصر على عملية الغزو والاحتلال، بل يمكن استخدام الأقليات كورقة للضغط على الحكومات كما تفعل الولايات المتحدة بالنسبة لورقة الأقباط في مصر، أو لإضعاف المناعة الداخلة للمجتمعات، أو حتى للشوشرة على المشروع الإسلامي والثقافة الوطنية، أو لتحقيق مهام أخرى كلها تدخل في هذا الدور الهدّام، الأمثلة في هذا الصدد واضحة جداً، فاليهودي المصري هنري كورييل تم استخدامه لجر الحركة الشيوعية في مصر إلى عدم معارضة المشروع الصهيوني بل إن حركة هدّامة مثل الشيوعية نشأت في بلد مثل مصر على يد اليهود مثل جوزييف روزنتال سنة 1918 م، ثم هنري كورييل وهليل شوارتز في الأربعينات، وقد ظهرت علاقات هنري كورييل بالصهيونية فيما بعد الأمر الذي رصده عدد كبير من الباحثين مثل الدكتور رؤوف عباس في كتابه أوراق هنري كورييل ، والمستشار طارق البشري في كتابه الحركة السياسية في مصر 1945- 1952م.

وفي الحقيقة فإن دور اليهود في إنشاء الأحزاب الشيوعية العربية أصبح دوراً معروفاً في مصر وسوريا وفلسطين وغيرهم، بل وكذا جر تلك الحركات إلى نوع من التصهين

في إطار الدور الهدّام للأقليات، يمكن أن نرصد أيضاً وجود كبير من غير المسلمين في الأحزاب الشيوعية واليسارية في المنطقة، وكذا في الدعوة التي يتبناها عدد من المثقفين المنتمين للأقليات في مناهضة اللغة العربية أو الثقافة الإسلامية ويظهر ذلك ويظهر ذلك واضحاً في أمثال الأمازيجي صلاح الدين محسن الذي يدعو إلى نبذ الثقافة الإسلامية واللغة العربية وإحياء الرموز الوثنية ليس في المغرب العربي وحده بل في مصر والعراق والشام ، وأمثال سلامة موسى، ولويس عوض، وغالي شكري الذين تحمسوا للكتابة بأحرف لاتينية بدلاً من الحروف العربية ودعوا إلى استخدام اللهجات العامية ومارسوا الحرب بلا هوادة على اللغة العربية وقد كرروا في هذا الصدد مفاهيم وأراء كل من ولهلم المبشر، وسبينا المبشر، وويلكلكس المبشر، ودنلوب المستشار الإنجليزي، وولمور القاضي الألماني في المحاكم المختلطة، ويصف الأستاذ محمود محمد شاكر ذلك بقوله "إن تحطيم اللغة العربية هدف استعماري ثابت قديم جديد، يستهدف بلبلة العقل العربي وتشكيكه في نفسه وتحطيم الرابطة الأولى والأخيرة في حياة العرب وهى اللغة العربية " .

 

ولويس عوض وأحزابه لم يتركوا شيئاً إيجابياً في تراثنا وثقافتنا وآدابناً لم يشوشروا عليها، وكذا تشويه سمعة كل من قاوم الاستعمار بل واعتبار هذا الاستعمار تنويرا وتقدما وحضارة ومقاومته جهل وتخلف وإرهاب".

 

بل ووصل الأمر ببعضهم إلى مهاجمة فكرة الإلوهية ذاتها، مثل: سلامة موسى، وتتحرك أبواق هؤلاء عادة كلما تم الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وللأسف فإن قيادات كنسية مصرية شاركت في الصيام احتجاجاً على الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، والدعوة إلى إلغاء المادة الثانية من الدستور في مصر التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، ووصل الأمر إلى حد أن مجمع الآباء الكهنة والمجلس الملي وممثلي الشعب القبطي في مؤتمراً الإسكندرية المنعقد في بطريركية الأقباط الأرثوذكس بتاريخ 17 يناير سنة 1977 قد تطرق لذلك ، وبديهي أن الاحتجاج على تطبيق الشريعة، واعتبار ذلك مطلب قبطي هو نوع من الدور المشبوه لتفكيك المجتمع والضغط على الحكومة خدمة لأعداء الوطن.

 

الدور الهدّام الذي تلعبه قطاعات انعزالية داخل الطائفة الأرثوذكسية المصرية خصوصاً، والنصرانية عموماً كبير وواسع، ولكن لا يمنع أن نقول أنه لا زال هناك قطاع عريض من النصارى عموماً والأرثوذكس خصوصاً متمسك بالثوابت الوطنية، ولكن الخطورة هي أن قيادة الكنيسة انحازت إلى النمط الأول للأسف، وتلعب دوراً سياسياً هدّاماً يخالف المصالح المصرية والعربية بل ويخالف تقاليد الكنيسة الأرثوذكسية ذاتها.

 

ويمكن أن نرصد هنا محاولات نشر الأسماء الفرعونية داخل الأقباط وبعث ما يسمى باللغة القبطية، بل والدعوة إلى حذف آيات وأحاديث وخطب من المناهج والمدارس والمساجد بدعوى أنها تهاجم النصارى، وكذا الإدعاء بأن النصارى في مصر يزيدون على 10 مليون نسمة مع أن كل الإحصاءات تقف على حدود الـ6% أي حوالي أربعة ملايين، بما فيها الإحصاءات التي أجريت أيام الاحتلال الإنجليزي لمصر، وبديهي أن نسبتهم تقل ولا تزيد بسبب تأخر الزواج، وتقييد تعدد الزوجات والطلاق وغيرها.

 

أخطر ما في المسألة أن الكنيسة المصرية والتي استمرت متمسكة بتقاليدها الكنسية في رفض الدخول في تحالفات مع الكنائس الأوروبية أو الانخراط فيما يسمى بمجلس الكنائس العالمي انخرطت في ذلك المجلس المشبوه.

 

مجلس الكنائس العالمي هذا هو المؤسسة الأهم في إطار المشروع الأمريكي لاستخدام الأقليات النصرانية في اختراق المجتمعات، وهو مجلس معروف بارتباطاته بالمخابرات الأمريكية والهدف منه زرع الخلافات الطائفية لاتخاذها ذريعة للتدخل ولمد النفوذ الأمريكي، يقول محمد حسين هيكل في كتابه خريف الغضب" إن مجلس الكنائس العالمي يعكس دون أدني شك رغبة جهات أمريكية معينة في استخدام ورقة الأقليات المسيحية وأن التحقيقات التي أجريت في الكونجرس أثبتت أن مجلس الكنائس العالمي كان من الجهات التي حصلت على مساعدات ضخمة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية" .

 

ويضيف هيكل"وفوق منصة الرئاسة يوم افتتاح هذا المجلس، كان يجلس وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس شقيق الرئيس المعين لإدارة المخابرات المركزية الأمريكية آلان دالاس إلى جانب رئيس مجلس الكنائس العالمي، وكان مما قاله دالاس أن نبشر بالمسيحية فهذا معناه أن نبشر بالحضارة الغربية" .

 

ويقول الكاتب المصري القبطي المعروف د. وليم سليمان قلادة في كتابه ( الكنسية المصرية تواجه الاستعمار والصهيونية) ،" إن دعوة مجلس الكنائس العالمي تتجه في صراحة تامة إلى ضرورة تدخل الكنائس داخل البلاد المستقلة حديثاً في سياسيات بلادها والتنسيق مع الغرب في السياسية الدولية، والدعوة إلى إجراء صلح بين العرب وإسرائيل" .

 

ويقول الأستاذ عبد اللطيف المناوي في كتابه(الأقباط: الكنيسة أم الوطن)،  "  ما الذي تغير في موقف الكنيسة المصرية حتى تنخرط في مجلس الكنائس العالمي، وحتى تدفع ببطريرك أقباط مصر إلى سُدة رئاسته"، ويجيب الأستاذ المناوي على ذلك بقوله" أهم متغير فيما نرى هو الطرف الثالث في المعادلة المتمثل في الأنبا شنودة شخصياً الذي تولى منصبة عام 1971 م .

 

وتختلف مطالب الأقباط الأرثوذكس في مصر على حسب الجهة القبطية التي تطالب بها، فعلى حين يصل الأمر بما يسمى بالجماعات القبطية في المهجر ذات الصلة المشبوهة بالدوائر الأمريكية والإسرائيلية إلى حد المطالبة بطرد المستعمر العربي المسلم من مصر على غرار الأندلس والفلبين على حد قول بيانات هؤلاء، وكذا الاستعانة بالقوة العسكرية الأمريكية والإسرائيلية لتحقيق ذلك، بل ومطالبة الأرثوذكسية في كل مصر وخارجها إلى توجيه جهودهم إلى تحرير مصر من الإسلام ورفع راية المسيحية في كل بقعة من أرض مصر ، فإن المطالب الرسمية القبطية الأرثوذكسية تقل عن ذلك كثير، فهي تقتصر على المطالبة بزيادة عدد الكنائس، والمساواة في الوظائف السياسية، وتخصيص نسبة مع نسبتهم المزعومة التي تقدرها الكنيسة بـ15% وهي نسبة كاذبة طبعاً وكذلك عدم تطبيق الشريعة الإسلامية، وتغيير المناهج التعليمية وإلغاء جامعة الأزهر أو السماح للمسيحيين بدخولها وغيرها من المطالب" .

 

وللإنصاف فإن هذا السلوك من أقباط المهجر، أومن قيادات الكنيسة لا يزال يجد من يعترض عليه من عقلاء الأرثوذكسية الذين يؤكدون على الانتماء العربي لمصر، وان الأقباط الأرثوذكسية هم جزء من النسيج المصري العربي، وأنهم ينتمون إلى الثقافة والحضارة العربية الإسلامية وأنهم يرون أن سلوكيات البابا شنودة تقود الكنيسة والمسيحية في مصر إلى كارثة فلن ينفع المسيحيون في مصر إلا الصلة الطيبة بإخوانهم المسلمين، وأن استخدام الورقة الخارجية والاستقواء بالأمريكان هو سلوك غير أخلاقي وغير مضمون العواقب أيضاً.

سياسيات لمنع التحركات السلبية للأقليات

إذا بدأنا بالاعتراف بحقيقة أن الأقليات جزء من المجتمعات التي تعيش فيها، وأن اختلاف الناس سنة من سنن الله تعالى، وأن التعارف بين الشعوب والقبائل هو توجيه إلهي وليس الصراع بلا مبرر، وإذا  اعتبرنا أن من حق الناس أن تعبر عن خصوصياتها الثقافية واللغوية بل والعرقية بما لا يتعارض مع أمن المجتمع، ولا قيمه وتقاليده، وفي إطار المرجعية العليا للمجتمع، ليس بمعنى التطابق معها، ولكن بمعنى عدم ضرب الأسس التي تقوم عليها، فإن ذلك وغيره يحل الكثير من المشكلات في المجتمع الإسلامي المعاصر، هناك بالطبع مشاكل عرقية، ودينية ومذهبية، بل وثقافية أيضاً، وينبغي هنا أن ندرك مجموعة من الحقائق كالتالي: 

-  أن المجتمع الإسلامي طالما كانت مرجعيته العليا هي الإسلام وأن الشريعة مطبقة فيه، فإن مشكلة الأقليات العرقية والجنسية لم يكن له أي وجود يذكر، لأن الإسلام لا يفرق بين المسلمين على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو حتى اللغة وكذلك لا يظلم غير المسلمين على أي أساس." {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} . أي أن العدل حتى مع من تكرههم. والملاحظة الجديرة بالتسجيل هنا أن عدداً كبيراً من العرقيات والجنسيات والشعوب والقبائل ساهمت في البناء الحضاري الإسلامي، ونبغ أشخاص كقواد عسكريين، وعلماء دين ودينا من الأقليات، وأن فترات الظلم التي حاقت بالمجتمعات الإسلامية كان تطال المجتمع كله وليس أقلية معينة عرقية أو دينية.

-      أن نشأة المشاكل المرتبطة بالأقليات العرقية كالأكراد والأمازيج والنوبة كانت مرتبطة بسقوط الخلافة الإسلامية أو ضعفها الشديد، أو كرد فعل على ظهور القوميات العرقية التركية أو العربية مع الأخذ في الاعتبار هنا أن التعريب والعروبة في إطار إسلامي أمر لم يكن يثير حساسية أي أقلية، بل حتى لم يكن يثير حساسية دولة الخلافة العثمانية ذاتها رغم أنها لم تكن عربية لأن هذا الأمر أعتبر نوعاً من الدعوة إلى الإسلام والثقافة الإسلامية أما عندما تحولت الفكرة القومية العربية إلى فكرة شوفينية، وأصبحت ذات طابع علماني فإنها جرت مشاكل لا حصر لها، ومن البديهي أن الكردي أو الأمازيجي لا يجد حساسية في الانتماء الإسلامي بل من هذه العرقيات من حمل لواء الجهاد في سبيل الله والمقاومة في سبيل الإسلام، الأمازيج كانوا ولا يزالون من أهم مقاتلي الإسلام الأشداء وكذا الكرد الذين منهم صلاح الدين الأيوبي، وحتى في حركات المقاومة الحديثة ضد الاستعمار كانت قيادات المقاومة من الأمازيج طالما كان مشروع المقاومة إسلاميا، أما حين تكون العروبة علمانية والقومية العربية شوفينية فإن العكس يحدث على طول الخط، أكثر من هذا أن عدد من المنتمين إلى الأقليات العرقية في الوطن العربي رفعت شعار التعريب في مواجهة التتريك الذي قاده رجال الاتحاد والترقي المعادي للجامعة الإسلامية، وكان هؤلاء فيهم الكردي والأمازيجي، على أساس أن تلك دعوة إحياء الخلافة الإسلامية عن طريق العرب بعد أن ظهر أن الأتراك في الاتحاد والترقي يريدون إلغاء تلك الخلافة .

وفي حالة العراق مثلاً يرصد الدكتور بشير نافع أنه عندما " أخذ المنحنى العروبي اتجاها أكثر راديكالية وفي تأكيد الأسس العرقية لهوية العرب ووحدة بلادهم بدلاً من الأبعاد الإسلامية واللغوية والثقافية وأنه ببروز البعث في الأربعينيات، كانت الحركة القومية العربية قد قطعت شوطاً واسعاً في قصورها الحصري للهوية العربية وابتعدت مسافة كبيرة عن تصور العروبيين – الإسلاميين في مطلع القرن العشرين للعروبة وأهدافها، وأغلق هذا التطور في مسار الفكرة القومية العربية وخطابها وتوجهاتها الجسور والقنوات مع الحركات القومية الكردية التي كانت ارتفعت أسوار قومية في عراق النصف الثاني من القرن العشرين بين الأكثرية العراقية العربية من ناحية والأقليات الكردية والتركمانية من جهة أخرى، وطورت كل فئة خطاب هويتها الخاصة، المؤسس على مركب من الحقائق والأساطير، والمستبطن استبعاد الآخر أو الخشية منه".  

وما حدث في العراق حدث مثله وأكثر في الشام وفي غيره من بلدان العرب، وهكذا فإن المشكلات القومية، والحركات العرقية يمكن أن تكون في جزء كبير منها رد فعل على القومية العربية العلمانية أو في أقل الأحوال يمكن حل المشكلة من جذورها إذا ما عدنا إلى فكرة الجامعة الإسلامية والمرجعية الإسلامية العليا، بل سنجد أن غلاة القوميين الأكراد والامازيج ربما سيكونون أشد المدافعين عن الاستقلال الوطني في إطار إسلامي أو حتى في إطار عروبي غير علماني بل عروبي إسلامي.

-      في الإطار الإستراتيجي فان الإسلامية تحل مشكلة العرقية، ولكن طالما كان الأمر لا يزال بعيد المنال، وما دامت الدولة القطرية هي الموجودة الآن ولمدى غير قصير، فإنه يجب الاعتراف بالحقوق الثقافية للأقليات العرقية مع زيادة جرعة التعليم الإسلامي الذي يؤكد على وحدة المسلمين وعدم التفريق بينهم على أسس عرقية أو لونية أو جنسية.

-      ربما يبدو للوهلة الأولى .. أن المشكلة ستكون كبيرة بخصوص الأقليات الدينية والطائفة -  وفي الحقيقة فان فكرة الجامعة الإسلامية والثقافية الإسلامية والهوية الحضارية قادرة على حل تلك المشكلة، فالكثير من المسيحيين العرب ينظرون إلى أنفسهم مسيحيون دينا، مسلمون  ثقافة وحضارة ووطن، وهذا الكلام ليس من قبيل الأماني بل هو بالتحديد ما قاله زعماء أقباط مصريون أو مسيحيون شوام، فالزعيم الوطني القبطي المصري مكرم عبيد قال " أنا مسيحي دينا مسلم وطناً"، وهذا التيار الذي عبر عنه مكرم عبيد كان هو التيار الرئيسي في الكنيسة المصرية حتى عهد البابا كيرلس السادس المتوفى عام 1976 م، ويمكن لهذا الخط أن يعود وليصبح التيار الرئيسي في الكنيسة المصرية بعد البابا شنودة الثالث، وعلى أي حال فإن الجسم القبطي الأرثوذكسي المصري لا يزال به مساحة واسعة لهذا الخط الوطني ولا تزال رموزه موجودة مثل الأستاذ جمال أسعد الذي دخل انتخابات مجلس الشعب المصري على قوائم التحالف الإسلامي" .                    

بل إن تطبيق الحدود الإسلامية – حظي بموافقة أغلبية قبطية في استفتاء أجراه مركز البحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة عام 1985 تحت إشراف الدكتور أحمد المجذوب رئيس المركز في ذلك الوقت- ولاحظ أن السؤال كان حول تطبيق الحدود الشرعية ولم يكن حول تطبيق الشريعة الإسلامية مما يجعل الأمر أكثر دلالة وقد قال 68%  من المسيحيين أنهم يوافقون على ذلك ووصلت النسبة بين المسلمين إلى 99%.

في نفس الإطار يقول الدكتور فكتور سحاب " إن سياسية تفكيك المنطقة عبر إثارة الفتن الطائفية هي سياسية غربية ثابتة والتباكي على حقوق المسيحيين العرب هو من دموع التماسيح، ووراءه أهداف سياسية باتت تقليدية ومكشوفة".

وهكذا فان السياسية الصحيحة لحل مشاكل الأقليات أو التقليل من آثارها السلبية هي العودة إلى المرجعية الإسلامية وإعلاء قيمة الانتماء الحضاري الإسلامي، والانخراط في مشرع وطني عربي إسلامي لمقاومة الاحتلال الأجنبي الصهيوني والأمريكي، ومشروع المقاومة هذا سوف يزيد التلاحم الإسلامي بين مختلف الأعراق، ويزيد قوة الصلة بين المسلمين وغير المسلمين داخل المجتمع، وأخيراً ضرورة ممارسة العدل وتحقيق الأنصاف وسياسية التعارف بين الشعوب والقبائل وليس الإقصاء والتهميش لأي عرق أو طائفة.