رئيس العلماء في مقدونيا: الاعتراف باستقلال كوسوفا ضرورة.. لأول مرة تدريس الإسلام بمدارسنا الحكومية
13 ذو الحجه 1429
عبد الباقي خليفة




الشيخ سليمان أفندي رجبي من الدعاة العاملين في منطقة البلقان ولاسيما مقدونيا ،التي تشكو تعتيماً إعلامياً ، وغياباً إسلامياً على المستوى الدولي حيث يقوم المسلمون بخدمة الإسلام بجهودهم الخاصة سواء فيما يتعلق ببناء المساجد ،أو النضال من أجل نيل حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

 

وفي هذا الإطار تمكن المسلمون كما أخبرنا الشيخ رجبي من انتزاع حق تدريس الإسلام في المدارس الحكومية لأبنائهم بداية من شهر سبتمبر 2008 م أي بداية العام الدراسي الحالي . وتحدث عن أنشطة الاتحاد الإسلامي في مقدونيا وخارجها . كما تطرق لانعكاسات استقلال كوسوفا الإيجابية على مسلمي مقدونيا . وغيرها من القضايا فإلى الحوار:

 

كيف تقومون مسألة الإقبال على المساجد في مقدونيا؟

 

في مقدونيا نلمس الإقبال الطيب على المساجد خلال جميع الصلوات الخمس ويحضر المسلمون بكثافة الدروس الدينية في مساجد مقدونيا بعد صلاة العصر في معظم المساجد الرئيسة للمدن .

 

ماذا عن الأوضاع الاجتماعية والثقافية للمسلمين في مقدونيا؟

 

أحوال المسلمين الاجتماعية هي والحمد لله طيبة ، وهناك تحسن ملموس في العلاقات وخاصة بعد الاعتراف باللغة الألبانية كلغة رسمية في الدولة ، والاعتراف الرسمي بجامعة تيتوفو جامعة المسلمين لجميع الكليات ، ومشاركة المسلمين في وظائف الدولة وفي الوزارات والبرلمان المقدوني ، وهذا العام 2008م هو أول عام يبدأ فيه التعليم الديني في المدارس الحكومية بعد كفاح طويل من مسؤولي مؤسستنا الإسلامية الرسمية من أجل ضمان التعليم لأبناء المسلمين .

ويقوم مدرسون من خريجي كلية الدراسات الإسلامية في مقدونيا ومجازون من الجامعات الإسلامية في الدول الإسلامية بمهمة التدريس. وهذا يعتبر حدثا تاريخيا فلأول مرة في تاريخ مقدونيا يتم تدريس الإسلام في المدارس الحكومية .بالإضافة للتعليم الإسلامي الذي تشرف عليه إدارات الإفتاء من خلال الكتاتيب في مساجد مقدونيا، حيث إن في معظم المساجد هناك مكتب خاص لتعليم الأطفال القرآن الكريم ومبادئ الإسلام .

 

وماذا عن حركة بناء وإعادة بناء المساجد في مقدونيا؟

 

أما عن حركة بناء المساجد في مقدونيا فهي على طوال العام وفي جميع إدارات مدن إفتاء مقدونيا .وهذه الحركة مستمرة ولا تتوقف ، وفي مبني الرئاسة الإسلامية العليا هناك قسم خاص في الإدارة لمتابعة إصدار ترخيص إنشاء المساجد من وزارات الدولة على مدار السنة وفي حركة مستمرة من النشاط ، إما بناء مسجد جديد ، أو توسيع مسجد ، أو إعادة بناء مسجد قديم يهدم وينشأ مكان القديم مسجد جديد أكبر مساحة للتغيير السكاني للمنطقة ، وفي أكثر الأحوال تجد أن المسجد القديم مر على إنشائه أكثر من مائة عام ، ويقوم مسلمو منطقة المسجد بجمع الأموال من بعضهم البعض لبناء المسجد ، ويقدر عدد المساجد بـ 850 جامعا ، وهي من المساجد الكبيرة والتي تجد في أغلبها طابق خاص بالنساء  .

 

لو تحدثونا عن حلقات تحفيظ القرآن ، وهو نشاط معروف في مقدونيا..

 

عند الحديث عن تعليم القرآن الكريم وحفاظ القرآن الكريم في مقدونيا ، نريد أن نحيطكم علما بأن العناية بالقرآن الكريم في منطقتنا أمر معروف تاريخياً ، حيث موقع الصدارة لمسلمي جمهورية مقدونيا في الحفاظ على التراث الإسلامي العريق والذي يمتد لأكثر من 600عام.

 

كما هو معروف أن مدينة سكوبيا كانت عاصمة البلقان خلال حكم الدولة العثمانية لمنطقة البلقان أي أن مركز السلطان كان في سكوبيا . طبعا يتبع هذا الاهتمام المكثف بإحياء الشعائر الإسلامية وتعليم المسلمين شؤون دينهم .

 

ومقدونيا هي الدولة الأولي في عدد حفاظ القرآن الكريم وليست البوسنة، وهذا أمر معروف لجميع مسؤولي المؤسسات الإسلامية لدول البلقان ، وكذلك الأمر في عدد المراكز الإسلامية في دول أوروبا التابعة لمقدونيا حيث تحتل مقدونيا مركز الصدارة، وهنا نقول أن عدد المراكز الإسلامية في سويسرا التابع لمقدونيا يفوق عدد مراكز تركيا ، في نفس البلد .

 

 وهذا مشاهد وملاحظ حيث تكون الصدارة دائما لحفاظ مقدونيا أثناء مشاركتهم في مسابقات حفظ القرآن الكريم في أوروبا وحصولهم على المراتب الأولى .أو في مشاركة مقدونيا لأكثر من خمسة عشر عاما في المسابقة الدولية للقرآن الكريم في القاهرة ودبي ، وهنا نذكر  فقط في قرية واحدة من قرى مدينة سكوبيا وهي قرية ستودينشاني هناك مائة وخمسون حافظا للقرآن الكريم ( فقط في قرية وماذا عن العدد في جميع مدن مقدونيا ) ونشاط تحفيظ القرآن الكريم يشرف عليه إمام الجامع خلال فترتين من اليوم صباحية وبعد الظهر فترة للبنات وفترة للذكور.

 

ليس حفظ القرآن فقط بل التعليم الإسلامي عريق أيضا في مقدونيا لو تعقدون مقارنة بين وضع التعليم في وقتنا الراهن ما كان عليه سابقا؟

 

التعليم الإسلامي في مقدونيا والحمد لله في تقدم وتطور.وإن كان التعليم الإسلامي الأكاديمي أو تعليم القرآن الكريم ومبادئ الإسلام قد بدأ منذ فترة طويلة ،إلى جانب الكتاتيب الملحقة بالمساجد في مقدونيا . فمثلا التعليم الإسلامي بمدرسة عيسي بيك الثانوية الإسلامية أستأنف نشاطه في عام 1984م واليوم لمدرسة عيسي بيك فروع للبنات والبنين في مدن مقدونيا ، المدرسة الإسلامية في مدينة شتيب ، مدرسة البنات في تيتوفو فرع لمدرسة عيسي بيك في مركز العاصمة سكوبيا ، وحالياً نسعى لإنشاء مدرسة للتعليم الإسلامي في مدينة غوستيفار .

 

والتعليم الإسلامي في مقدونيا قوي، ويشهد على ذلك خريجو مدرسة عيسي بيك الثانوية الذين تابعوا دراساتهم الجامعية ويعملون اليوم في مراكز حساسة في الدولة بجانب المشاركة في التعليم الديني   والحمد لله بدأ التعليم الإسلامي لأول مرة في التاريخ ابتداء من هذا العام 2008م في المدارس الحكومية وقدمنا نحن الرئاسة الإسلامية العليا قائمة بأسماء الجامعيين الذين يقومون بالتعليم الديني الإسلامي في مدارس الحكومية  .

 

 أما التعليم الجامعي فعلى الصعيد الداخلي والحمد لله قمنا بإنشاء كلية العلوم الإسلامية وبدأ التدريس فيها عام 1995م وتخرج من الكلية عدد من دفعات الخريجين الذين يشاركون اليوم في العديد من المناصب وإن كانت تعليمية أو في المناصب الحكومية، ويدرس في هذه الكلية نخبة من حاملي الشهادات العليا من الدكتوراه والماجستير من خريجي كليات الشريعة في الدول الإسلامية .

 

وللرئاسة الإسلامية ، إضافة لنشاطها في دعم المساجد ومسؤولية إدارتها، مهمة توجيه المتفوقين من خريجي العلوم الشرعية للاضطلاع بمهام الإمامة وخطب الجمعة، لدينا اهتمام خاص بتنفيذ المشاريع الحيوية للمؤسسات الإسلامية التعليمية، وخاصة تنفيذ المشاريع الحيوية مع البنك الإسلامي للتنمية بجدة في مقدونيا .

 

هل لاستقلال كوسوفا تأثير إيجابي على المسلمين في مقدونيا؟

 

كان هناك ترحيب وتهليل خاص باستقلال كوسوفا من قبل مسلمي مقدونيا ليس فقط بسبب الانتماء العرقي الألباني ، إضافة للرابطة العائلية ،وإنما هناك بعد إسلامي وجغرافي وتاريخي وثقافي ،وهنا نذكر أن عاصمة كوسوفا برشتينا تبعد عن عاصمة مقدونيا ،سكوبيا 80 كيلومترا فقط ، وحتى عام 1990 لم يكن هناك حدود بين العاصمتين فكان أفراد العائلة الواحدة يقيمون في مناطق عديدة .

 

وكما قلت فإضافة لرابطة النسب هناك رابطة العائلة الواحدة ، ولقد تقدمت بطلب الاعتراف بكوسوفا في المؤتمر الإسلامي للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي عقد في القاهرة هذا العام رسمياً ووقع على الكتاب المقدم لرئاسة المجلس الأعلى للمؤتمر رؤساء جميع دول البلقان وتركيا المشاركين في المؤتمر .

 

 والاعتراف بكوسوفا دولة مستقلة له تأثيرات عديدة على مسلمي جمهورية مقدونيا سواء كان اقتصاديا أو تعليميا أو اجتماعيا ، ومنذ أكثر من 50 عاما هناك تعاون مشترك في مجال التعليم الإسلامي  بين كوسوفا ومقدونيا ، هذه الأوجه تعود بالمنفعة الخاصة على المسلمين ،خاصة أن العالم اليوم يمر بأزمة اقتصادية عالمية فالتعاون بين مسلمي مقدونيا ومسلمي كوسوفا وخاصة في التجارة له مردود مشترك بين الدولتين حين تكمل التسهيلات المشتركة للحركة التجارية والتي تلعب دورا حيويا ورئيسيا في المنطقة .

 

كيف تنظرون لدور ألبانيا الأم في المنطقة ، وهل هو عامل مساعد على تمكين المسلمين من نيل حقوقهم المشروعة؟

 

طبعاً نحن ننظر لريادة ألبانيا في المنطقة، ودورها الحيوي في نيل المسلمين لحقوقهم فهي دولة مستقلة وموجودة في المؤسسات العالمية . ولا يستطيع أحد إنكار الدور الذي يقوم به الألبان في دولة ألبانيا ورعايتهم للألبان في المنطقة ، وهناك تعاون دائم بيننا وبين المؤسسة الدينية لمسلمي ألبانيا على جميع المستويات، ومن ذلك المشاركة في جميع المؤتمرات الإسلامية التي تهم رعاية شؤون المسلمين سواء كان في مقدونيا أو في كوسوفا أو في ألبانيا .

 

ولا شك فإن لدينا اهتمام كبير بمسلمي مقدونيا ، وهو اهتمام دائم ويومي في جميع الأوجه الحيوية اجتماعيا وتعليميا ودينيا . نحن الرئاسة الإسلامية العليا في زيارات دائمة ومتواصلة مع جميع مناطق مدن جمهورية مقدونيا، حيث يوجد المسلمون في قطر 300 كيلومتر مربع من شرق مقدونيا إلى إدارة إفتاء مدينة شتيب لغرب مقدونيا لإدارة مدينة إفتاء ستروغا ، هذا النشاط يومي ومستمر ، إن كان في إنشاء المساجد أو في متابعة التعليم الإسلامي .

 

ما هي رسالتكم للمسلمين؟

 

رسالتي للمسلمين في المرحلة الحالية التعاون الدائم والترابط والابتعاد عن الاختلافات والاهتمام بتعليم الشباب والأطفال بجانب التعليم الإسلامي التعليم الدنيوي فلنا جامعات خاصة والحمد لله ، يجب على المسلمين الاشتراك الحيوي في بناء المجتمع الذي يعيشون فيه ، مشاركتهم الفعالة في برلمان الدولة ،وفي المؤسسات الحكومية من الوزارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج ، وأناشد المسؤولين من أهل العقد والحل والذين يعملون في المناصب الحساسة العمل الدائم على رفع مستوي التعليم لدى المسلمين وتأهيلهم لمواجهة الحياة والمشاركة الفعالة في جميع أوجه الحياة في جمهورية مقدونيا وأخيرا أناشد الدول الإسلامية والعربية الإسراع بالاعتراف والتعاون مع كوسوفا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .