أنت هنا

أوباما هل يطرد كرزاي؟.. خلاف اللصوص مع ضياع المسروقات..
18 صفر 1430

في المأثورات الشعبية العربية، أن الناس لا ترى اللصوص عندما يسرقون، لكن أمرهم يُفْتضح حين يقتسمون المسروقات فكل منهم يريد نصيباً أكبر من شركائه في الجريمة.
هذه الحكمة الرمزية تنطبق اليوم كل الانطباق، على المجرمين في أفغانستان، ما بين سادة وعبيد، باستثناء فرق واحد، هو أن الشركاء في إراقة دم الشعب الأفغاني المسلم، وتدمير بلاده، يتصارعون على حصص الإخفاق وليس على مقادير المسروقات، فقد أدهشتهم صلابة هذا الشعب المقاتل الأعزل، بالرغم من تفوق الغزاة في العدد والعتاد والقدرات المادية وحشود المخبرين وأدوات الاحتلال من الخونة والعملاء.
قبل يومين فحسب، جرى الإعلان فجأة عن تأجيل الزيارة الأولى التي كان مقرراً أن يقوم بها  ريتشارد هولبروك موفد الرئيس الأمريكي الجديد إلى كابل، وقيل:إن السبب هو سوء الأحوال الجوية!!والحقيقة التي يسعى الغازي المسيطر ووكيله المحلي كرزاي إلى التكتم عليها، تتلخص في سوء المناخ بينهما، وتقلص مدى التفاهم وتقاسم الأدوار.
فلم يعد سراً أن الإدارة الأمريكية الجديدة تتهم ما يسمى"الرئيس الأفغاني"بأنه بعيدٌ عن شعبه، وبالتقاعس عن محاربة المخدرات التي ضجت منها البلاد وجيرانها، وجأرت بالشكوى منها جميع الهيئات الدولية المتخصصة.وواشنطن تلوم دميتها(كرزاي) لأنه متهاون في كبح الفساد المتفشي في جميع الأجهزة الحكومية، إلى درجة بلغت روائحها العالم الخارجي كله.
وليس ها هنا مجال تقويم مدى الهزل في الاتهامات الأمريكية لكرزاي وبطانته، فهي صحيحة تماماً، لكن الأمريكيين يمارسون الدجل عندما يتظاهرون بالحرص على علاقة طيبة بين وكيلهم في كابل وبين شعبه الساخط.فالاحتلال الأجنبي هو جوهر العداء بين الطرفين.وواشنطن تدعم تقليدياً النظم المستبدة والحكومات الفاسدة ما دامت تخدم مصالحها، ومن شاء التوسع فليقرأ تاريخها الأسود في أمريكا الجنوبية وفي جنوب شرقي آسيا!!
ومن جانبه، اجترأ كرزاي على إعلان احتجاجه على الزيادة البشعة في عدد الأفغان المدنيين الذين يجري قتلهم على يد جيش الاحتلال الأمريكي.

وما من عاقل سوف يحمل صراخ كرزاي على محمل الجد، لسبب جوهري أشد سطوعاً من الشمس في ظهيرة يوم خليجي قائظ.فالرجل /اللعبة جاء تحت أقدام الغزاة، الذين شنوا على الأفغان حرباً ضروساً غير متكافئة، تصفها المنظمات الحقوقية غير المسلمة بأنها حرب إبادة.
فهل استيقظ  كرزاي بعد كل هذه السنوات من القتل والتدمير المنهجي للأفغان على يد سادته، الذين نصّبوه دمية تنفذ ما يُمْلى عليها تنفيذاً حرفياً؟أم أنه أدرك أن دوره  في التمثيلية الدامية يوشك على الانتهاء، فأراد أن يغادر خشبة المسرح بصورة مزيفة تختلف عن واقعه البائس على مدى ست سنوات عجاف؟
وهل يتوهم كرزاي أن الأفغان ذوي البأس المتميز والحكمة المؤمنة، سوف تنطلي عليهم دموعه الكاذبة والتي فات أوانها؟
إن ما يبدو تحت السطح، ينبئ بأن واشنطن سوف تعاجل وكيلها بكتاب استغناء عن خدماته، بحثاً عن ممثل آخر يلائم المرحلة الجديدة، بوعيدها المقبل منذ حملة أوباما الانتخابية، وبضغوط البيت الأبيض على حلفاء أمريكا في حلف الناتو الصليبي لمضاعفة عدد جنودهم في أفغانستان، في حين يتململ هؤلاء الحلفاء حرصاً على مصير أبنائهم، وليس رفضاً للاشتراك في حملة إذلال الأفغان.فحصاد السنوات السبع من الغزو تدعوهم إلى الكآبة بل إلى اليأس.