د.وليد الطبطبائي: مؤتمر اسطنبول فتح آفاقاً كبيرة لدعم غزة.. وصمودها أحيا دور العلماء
24 صفر 1430
المسلم - خاص







على هامش مؤتمر "غزة النصر" الذي أقيم في اسطنبول أواسط فبراير الحالي، أكد نائب رئيس الحملة العالمية لمقاومة العدوان د.وليد الطبطبائي أن هذا الملتقى الذي جمع مئات من العلماء والمفكرين وقادة الرأي في العالم الإسلامي سيكون له ـ بمشيئة الله ـ أثره في دعم صمود أهل غزة، وسيؤسس لفعالية أكبر، وصوت أعلى للعلماء في القضايا والشؤون العامة.

واعتبر د.الطبطبائي الذي التقاه موقع "المسلم" على هامش مؤتمر اسطنبول أن "هذا الصمود الكبير قد أعاد الأمل إلى عموم الأمة بأن لديهم إمكانات كبيرة، وإنهم أن أرادوا النصر الله ينصرهم، فما من شك أن غزة أحيت دور العلماء والمشايخ وأعادت تجسيد بعض آيات القرآن المتعلقة بالنصر والثبات والجهاد على أرض الواقع".

وفيما يلي نص الحوار:

باعتباركم نائب الحملة العالمية لمقاومة العدوان، كيف تقومون أداء المؤتمر الذي انعقد أخيراً، والحملة عموماً؟

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد الله والصلاة والسلام على رسوله، المؤتمر أتى بعد الصمود الرباني الكبير لإخواننا في غزة، ومشاعر النصر، واندحار الكيان الصهيوني، إلا أن المشكلة لا زالت قائمة والوضع الإنساني والمعيشي لإخواننا في غزة سيء، فلذلك كان الغرض الأساسي للمؤتمر هو المساعدة في حل القضية من الناحية الإعلامية والسياسية ومن الناحية القانونية ومن الناحية الإغاثية، ومتابعة كل الجوانب المختلفة لهذه الملفات ودعم صمود إخواننا في غزة، وفي فلسطين عموماً بشكل أساسي، فالمؤتمر جاء كمساهمة في هذا الاتجاه، وأعتقد أنها مساهمة إيجابية من خلال المحاور التي قيلت، ومن خلال ورش العمل التي وضعت تصورات لبرامج عملية توضع على أرض الواقع.

هل فتحت آفاقاً جديدة لكم لم تكن موجودة من قبل؟

بالطبع ما من شك في ذلك، فحضور هذا العدد الكبير من المفكرين والمشايخ ومن رجال الإعلام فتح آفاقاً كبيرة تجاه وسائل الدعم القوي خاصة من الناحية الإعلامية، والقانونية والإغاثية، والعمل على فك الحصار، واستخدام وسائل مبتكرة لفك الحصار.

هل تعتقدون أن المؤتمر قد أسس لمفهوم جديد لدور العلماء وتكبير دورهم؟

بالتأكيد، باعتبار أن هذا هو أكبر ملتقى للعلماء تم خلال الفترة الماضية، فهناك كانت العديد من المؤتمرات الجماهيرية والمؤتمرات المتخصصة (فيما يخص غزة) لكن لم يحصل من قبل ملتقى عام للعلماء، فيعتبر هذا أكبر تجمع للعلماء توافرت فيه فرصة لإبراز صوت العلماء والمشايخ والدعاة والذي كان لهم دور كبير في تحريك الجماهير وتوعيتهم في التأثير على القارئ السياسي العربي والإسلامي تجاه دعم إخواننا في غزة.

هل رفعت غزة من سقف حرية العلماء في التعبير عن مواقفهم، وأعلت صوتهم سياسيًا وإعلاميًا وواقعيًا؟

غزة ـ إن صح التعبير ـ أحيت الأمة وأعادت الأمل بعد تردي الأوضاع في العراق وفي أفغانستان، وهيمنة الأعداء والخسائر المتتالية للأمة. وهذا النصر وهذا الصمود الكبير أعاد الأمل إلى عموم الأمة بأن لديهم إمكانات كبيرة، وإنهم أن أرادوا النصر الله ينصرهم، فما من شك أن غزة أحيت دور العلماء والمشايخ وأعادت تجسيد بعض آيات القرآن المتعلقة بالنصر والثبات والجهاد على أرض الواقع بعد أن كادت تمحى بالفتاوى المخذلة.

لقد شهد كثيرون من الحضور على فعالية هذا المؤتمر، لكن هل تضمنون استدامة هذه الفاعلية بعد المؤتمر؟

دائمًا البدايات صعبة، لكن إن شاء الله مع الوقت أتوقع إن نستطيع تحقيق نجاح أكبر.

هل هناك لجان سيتواصل عملها؟

مؤتمر الحملة العالمية سوف ينتج عنه حملة لنصرة فلسطين، وستسير الأمور ـ بإذن الله ـ في اتجاه تخصصات داخل الحملة العالمية، تتولى تفعيل الجوانب الاقتصادية والسياسية والقانونية دعماً لغزة ونصرة لها.

يتردد أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد قرر إرسال وفد إلى الصومال للمصالحة بين الفصائل المختلفة، هل للحملة أيضًا دور في مسألة المصالحة هذه، أو إرادة في القيام بدور ما في هذا الخصوص، على الأقل تأسيسًا لما تم في فترة العدوان على غزة من زيارة لوفد العلماء أو ما تمخض عنه هذا الاجتماع من دور أكبر وصوت أعلى للعلماء في العالم الإسلامي؟

الأوضاع في الصومال معقدة جداً، وتستدعي جهداً كبيراً للعلماء والمشايخ لتقريب وجهات النظر وحقن دماء المسلمين هناك وإعادة الاستقرار خاصة بعد اندحار القوات الإثيوبية، فنتمنى إن شاء الله أن تسهم هذه الجهود في عمل مصالحة وتوافق على استقرار الصومال وتحقيق الأمن وحقن دماء المسلمين هناك.

هناك مفارقة حول التزامن ما بين الحديث عن محاكمة الرئيس السوداني عمر البشير والصمت وتبرئة حكام "إسرائيل" من المجازر التي ارتكبت في عدوان غزة، وكما علمنا أن مؤتمر اسطنبول يتبنى المسألة الحقوقية وملاحقة هؤلاء، هل سيتبنى المؤتمر نوعاً من المساندة للرئيس السوداني عمر البشير بموازاة مساعيه لمحاكمة مجرمي الحرب "الإسرائيليين"؟

الذي يحدث في السودان هو نوع من الازدواجية، المجتمع الدولي للأسف مزدوج المعايير؛ فهو يطالب بمحاكمة رئيس دولة على جرائم مزعومة وتهم مفترضة، غير مؤكدة، وهؤلاء (المعنيون) جزء من شعبه أصلاً، شعب دارفور هو جزء من الشعب السوداني، ومثل هذه الجرائم مستبعدة أصلا أن تحدث، وقد يكون بعض التجاوزات قد وقعت فعلا، ولكن مستبعد أن يكون رئيس الدولة هو من أمر بجرائم ضد الإنسانية، ومع ذلك، هذه التهم تدرس وتبحث، لكن الجرائم التي شاهدها العالم كله على الهواء مباشرة، من استخدام القنابل الفوسفورية والقنابل الحارقة والقنابل المحرمة دوليًا، فضلاً عن قصف مساجد ومدارس ومستشفيات، حتى مدارس الأمم المتحدة لم تسلم من القصف، وشهد على ذلك أمين عام الأمم المتحدة نفسه عندما زار مدارس الأونروا وتأكد حينها من استهدافها. هذه الجرائم تتباطأ المحاكم الدولية في النظر فيها، وبينما تشدد على موضوع ظني وغير مؤكد في دارفور!!

أما نحن فسيكون دورنا تحريك الملف الآخر المتضمن لجرائم الحرب التي سجلت ضد الكيان الصهيوني، لاسيما من الجانب القانوني، وتنسيق الجهود مع الجهات المعنية والمهتمة. أما ما يتعلق بدارفور فقد يستشهد بها، لكن المؤكد في ذلك هو أن مستشاري الرئيس السوداني سيعملون على رد هذا الاتهام.

تحدثتم الآن عن مسائل ظنية في موضوع الرئيس السوداني، لكن هل تحققت الحملة من كذب هذه الادعاءات الغربية من جرائم الحرب في دارفور، هل أرسلت لجنة للتحقيق، ليتم تأسيس تبعًا لذلك حملة مضادة لهذة الملاحقة؟

في موضوع (الرئيس) البشير؟

نعم، ويقال إن السودان مرشح للتقسيم وأنه هو الخطوة التالية بعد العراق..

بالتأكيد، مشاكل السودان في حقيقتها سهلة، وأوضاع دارفور هذه إنما تمت بفعل فاعلين في الجوار ومن دول الاستعمار، لاسيما من جانب تشاد وفرنسا والدول الغربية، فالواجب أن نسعى لمساندة السودان ضد هذه الهجمة الشعواء التي يلاقيها، ونحن ندافع عن السودان لأسباب عديدة من بينها أنه أكبر بلد عربي، ونحن ندرك أن مطالب تفكيكه وإضعافه رغبة غربية، وهي مسألة نرفضها.

لكن، أنتم تحركتم أثناء العدوان على غزة، وبعده، فهل نأمل أن يكون هناك تحرك قبل أن يحدث شيء بالسودان كمسألة استباقية للأحداث، لكي لا يكون التحرك في سياق ردود الأفعال، وإنما استباقيًا؟

بإذن الله نأمل ذلك، ونحن نسعى لدراسة الموقف قبل التحرك، حتى يكون تحركنا واقعياً وبناءً على خطوات محسوبة.