أنت هنا

لماذا صمتت أمريكا على تهديد إيران للبحرين؟!
5 ربيع الأول 1430







لا يحتاج الموقف العربي إلى تفسير، والذي تجسد في زيارة خاطفة للرئيس المصري للبحرين لم تحدث من قبل بهذه السرعة ولا مدة الإقامة، ولا التصريحات المصرية والأردنية وغيرهما، وهو ما يعكس انزعاجاً لافتاً من قيادات عربية للحديث عن تبعية تاريخية للبحرين لإيران.

هذا هو المتوقع في ظل الإمكانات العربية المتاحة هذه الأيام، لكن ما لم يكن يتوقعه الخليجيون أن يستمر الصمت الأمريكي على حالة في الأزمة الإيرانية/البحرينية برغم هذه التهديدات والتصعيدات المستمرة في السياسة والإعلام الإيرانيين.

للتذكير، لم تكن الأزمة الأخيرة أولى الأزمات، لا ولم تكن كذلك منفصلة ولو زمنياًَ عن سابقاتها؛ فالتهديد متواصل لم يتوقف لحظة، وإنما يأخذ أطواراً مختلفة؛ فتارة يساق عبر الإعلام كمثل ما قاله يوماً حسين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة كيهان الإيرانية الشهيرة ومستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي في يوليو عام 2007 عن أن البحرين هي جزء من إيران، وبالمناسبة فقد نفذ الإيرانيون السيناريو ذاته حين أعطوا تطمينات (تقية) للمسؤولية البحرين كما فعلوا الآن!!، وقتها قال القائم بأعمال السفارة الإيرانية لدى المنامة رضا هنرو نظيري ''هذه تصريحات تمثل وجهة نظر شخصية لشريعتمداري (...) بالتأكيد هي مرفوضة ومسيئة لعلاقاتنا مع البحرين (...) نحن نحترم سيادة واستقلالية وعروبة البحرين، وتربطنا بها علاقات حسنة على المستوى السياسي والاقتصادي والحضاري ونتطلع لتطويرها في المستقبل"، مضيفاً: "لقد خرجت هذه التصريحات من قبل شريعتمداري باعتباره مشرفاً على مؤسسة صحافية ولا علاقة لها بمنصبه كمستشار لدى المرشد الأعلى"!!

بيد أن المهم هنا ليس تقية المسؤولين الإيرانيين واستحالة تفسير أطماعهم بحسن نية، وإنما تحليل الموقف الرسمي والإعلامي الأمريكي المرتبط به سعياً وراء مقاربة لقراءته على نحو صحيح، إذ يعزونا الإدراك لماهية الصمت وجدواه على السياسة الأمريكية في الخليج، لا بل الاستراتيجية الأمريكية عموماً فيه.

لا مراء أن الصمت أبلغ من أي حديث، لكنه في السياسة إما غض الطرف وتواطؤ، وإما استدراج، وكلاهما لا تفسير إيجابياً له على الصعيد العربي؛ حيث إن كلاهما مقلق لمصير البحرين على المديين القريب والبعيد، لاسيما إذا كان التعاطي مع الصمت على كونه استدراج أمريكي لإيران كما حدث مع صدام قبيل غزوه للكويت هو درب من دروب المستحيل أو المستبعدات على أقل تقدير.

وتبقى فرضية غض الطرف أو التواطؤ لغرض ما في نفس كهنة البيت الأبيض هو الأقرب للتصديق، إذ إن إرهاب دول الخليج من إيران نتاج تهديدات حقيقة غير مبالغ فيها بطبيعة الحال، هو خادم كبير للاستراتيجية الأمريكية في الخليج، والإبقاء على التهديدات نشطة هو مفض إلى فتح شهية الخليج إلى تكديس السلاح المتراكم في المخازن الأمريكية، وعقد صفقات جديدة، والتوقيع على اتفاقات مجحفة تخرج أمريكا من نكبتها الاقتصادية، حيث إن كل تهديد يقابله شعور أكبر بالحاجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي هي برغم وجود قيادة أسطولها في الخليج بالبحرين لم تنبس ببنت شفة حتى الآن، وكأن الأمر لا يعنيها!!

على أية حال، نحن لا نرجو حماية ولا مساعدة من أعدائنا الأصليين، ولا نتوقع منهم إلا كل شر، وتقاسم لكعكتنا مع نظام طهران، ولا ننتظر رد فعل في البحرين لم يتحقق من قبل إزاء انسياب الحرس الثوري الإيراني في كل من العراق وأفغانستان ولبنان وتسلطه على السنة هناك، في البحرين، وإنما ننتظر من أمتنا الإسلامية والعربية أن تفيق، وتدرك أنه لن يحارب أحد باسمها، ولن يدافع عنها إلا أبناؤها، ولن يحمي حدودها إلا من رفضوا التبعية للغرب والشرق؛ فهل تدرك النخبة في هذه الأمة تلك الحقيقة قبل الطوفان؟!