أنت هنا

لو نجح الحوار لكان عجباً!!
10 ربيع الثاني 1430

آلَ الحوار الفلسطيني/ الفلسطيني في القاهرة إلى طريق مسدود، في الجولة الثالثة، التي خُصصت للقضايا الأشد حده، وهي:قانون الانتخابات الجديد، والتزام تركة إملاءات واشنطن وتل أبيب المسماة برؤية اللجنة الرباعية الدولية أو خارطة الطريق، وتأسيس مرجعية مؤقته بينما يتم الاتفاق على أسس إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية لتصبح-عن جدارة-الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
والعارفون ببواطن الأمور كانوا متشائمين منذ البداية وتوقعوا سلفاً أن ينتهي الحوار إلى فشل تام، وهو ما لم يغبْ عن بال قيادات المقاومة، لكنها ذهبتْ إلى حوار المصالحة لئلا تُتّهم برفض الصلح-مع أنها متهمة مسبقاً بذلك من إعلام الهرولة وراء سراب التسوية-ولأن العرب لم يستطيعوا أن يفكوا حصار غزة ولو نسبياً، أما الغرب الصليبي اليهودي فمشغول بهاجس الصهاينة الأكبر، وهو إحكام السدود أمام ما يمكن إدخاله من أسلحة محدودة القوة والعدد إلى داخل القطاع الأسير.
فالمشهد الفعلي هو مفاوضات غير مباشرة لكنها عسيرة وشاقة بين حماس وشركائها في شرف الجهاد من جانب، والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في عواصم الناتو وربيبتهم المدللة تل أبيب!! ولذلك كان الاتفاق مستحيلاً.
ولم يكن لوفد السلطة من مهمة تتجاوز عرض شروط الإذعان الغربية، والدفاع عنها باسم الوحدة الوطنية الفلسطينية زوراً وبهتاناً.ومن هنا، اضطر الراعي المصري-حين جد الجد واشتد أوان الحزم ودخل الحوار في منطقة الأبيض أو الأسود-اضطر إلى إيفاد مدير المخابرات المصرية إلى واشنطن للحصول على جوابها النهائي، والذي كان رفضاً للقبول بمشاركة المقاومين في حكومة فلسطينية ولو كانت انتقالية موقتة إلا إذا ألقى المقاومون سلاحهم بل كان المطلوب أبعد من الكف عن إطلاق الصواريخ عند الضرورة، وهو التخلي الرسمي والمعلن عن خيار المقاومة، على غرار نسف ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية قبل بضع سنوات.وبعبارة أخرى:لا حل فلسطينياً إلا إذا نفذت فصائل المقاومة للعدو ما عجز عن تحقيقه بمجازره الوحشية  وعدوانه الشامل على قطاع غزة قبل زهاء 100 يوم.
ولو كان لمندوبي عباس في حوار القاهرة دور يتجاوز دور النقل والتبرير، لما تشبثوا بشروط الغرب الجائرة، على الأقل عندما يسمعون وزير خارجية الجديد في كيان العدو أفيدور ليبرمان وهو يرفع عقيرته برفض حكومة نتنياهو مقررات أنابوليس ولا يجرؤ مسؤول غربي على استنكار صلف الوزير الصهيوني ولو بصوت مبحوح أو هامس!!
ولو تجاوبت حماس وزميلاتها مع مطلب الاستسلام المزري-جدلاً-فإن شروط الغرب لن تتوقف عند هذا الحد، بل سيأتي المزيد بدءاً من تفصيل قانون انتخابي يمنع حصول المقاومين على الأغلبية النيابية بأي حال، على غرار الانتخابات مسبقة النتائج التي تجريها نظم الاستبداد التغريبية العربية!!ويضاف إلى ذلك إسقاط حركات المقاومة في عيون جمهورها بمجرد قبولها بإملاءات الرباعية الدولية، فتغدو عصابة أوسلو متفردة من جديد بصنع القرار الفلسطيني، مع فرق جوهري عن المرحلة السابقة، يتمثل في وجود المقاومين السابقين في مقاعد شهود الزور!!
وحينئذٍ يصبح الحديث عن إعادة بناء منظمة التحرير لتعبّر عن جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، يصبح حديث خرافة!! وإذا كان خاطفو المنظمة ثم خطف حركة فتح، قد أبوا الدخول الجاد في ملف إصلاح المنظمة على مدى سنوات وسنوات، بالرغم من قوة المقاومة وحضورها وألقها، فكيف يتصور عاقل مسلكهم إزاء هذا المطلب الحيوي، إذا انخدعت المقاومة وانساقت وراء سيناريو تقزيمها تمهيداً لإقصائها؟
إن معضلة الحوار الفلسطيني/الفلسطيني أنه ليس فلسطينياً إلا من طرف واحد، هو طرف المقاومة التي تحمل هموم شعبها وتؤمن بعدالة قضيتها، وتبذل كل جهد مستطاع لرفع الحصار الظالم عن أهل غزة الصابرين البواسل.ويحن يعود الآخرون إلى صف شعبهم وإلى نقاء قضيته، وشرف كفاحه، فلن يستغرق التوافق ساعة واحدة!! بل نستطيع الجزم من الآن بأن الحاجة إلى مصالحة تصبح منتفية تلقائياً.فهل نحلم؟أم أن صبر الفلسطينيين ولا سيما في الضفة المحتلة على اختطاف قضيتهم وبيعها بأبخس الأثمان لن يدوم طويلاً؟