الدعوة السلفية وفرار الشيرازي..
4 جمادى الأول 1430
منذر الأسعد

حققت قناة المستقلة في الأسبوعين الأخيرين سبقاً إعلامياً يستحق التنويه، بتخصيصها سلسلة حلقات من برنامج (الحوار الصريح) لعرض الخطوط العريضة للدعوة الإصلاحية السلفية التي قام بها الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى قبل ثلاثة قرون تقريباً، وأحدثت آثاراً طيبة على مستوى العالم الإسلامي كله، وإن جاءت تلك النتائج متفاوتة في درجاتها بتأثير الظروف المحيطة.

 

وكان حُسْن اختيار المشاركين في البرنامج أول مقومات هذا النجاح، حيث تألق الشيخ عبد الرحيم زادة البلوشي (أبو منتصر) والدكتور محمد بن إبراهيم السعيدي، بغزارة معلوماتهما وقوة حجتهما.ومما زاد الحلقات نجاحاً فوق النجاح، فرار مكارم الشيرازي "ويحمل عند الرافضة لقب: آية الله!!" فقد رفض المشاركة لكي يتاح له توجيه اتهاماته الباطلة المكرورة التي يفتريها القوم على الشيخ المجدد ودعوته المباركة. بل إن مدير الحوار-وهو صاحب المستقلة محمد الهاشمي-فضح المستور عندما اضطر إلى بيان تهرب الشيرازي من المناظرة بعد أن ثرثر مرات ومرات متحدياً أهل السنة والجماعة، وطالباً مواجهة من ينبزهم باسم "الوهابيين" زاعماً أنه سوف يهزمهم على الملأ!! لكنه عندما حان وقت الجد، نكص على عقبيه وأبى الحضور لمعرفته بأن هزيمته النكراء محققة بإذن الله، ولجأ إلى شرط لم يكن يطرحه عندما كان يرغي ويزبد ويهدد ويتوعد يوم كان في سعة من أمره، فلما دقت ساعة الحقيقة فر من الساحة، فطلب مناظرة سماحة المفتي العام للمملكة. بل إن الرجل تهرب –كما أوضح الهاشمي في القناة على الهواء وفي موقع القناة في الإنترنت-حتى من تسمية أحد أشياعه لكي يمثله في سلسلة الحوار. وهو يدرك أن الناس واعية ولا تنطلي عليها مخادعته المكشوفة، ولو كان يثق بمعتقده لبادر من فوره إلى الحضور منتهزاً فرصة نادرة، وهي استغلال منبر إعلامي ليس لرهطه لكي يبين للأمة صلابة دينه وتهافت خصومه.
والشيرازي ليس مفتياً لإيران حتى يتذرع بشرطه العجيب المريب، فيقال: إنه يبحث عن رجل له عند أهل السنة مقام موازٍ لموقعه هو عند جماعته.

 

وأمام افتضاحهم على مرأى ومسمع ملايين المشاهدين، اضطروا إلى دفع ثامر الميالي بصفة غير رسمية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فكان الحصاد كارثة أكيدة، فالميالي لا يعرف كيف يتلو آية من كتاب الله عز وجل تلاوة سليمة، فضلاً عن جهله بأبجديات اللغة العربية، فهو يلفظ كلمة (شِرْك) بضم الكاف، الأمر الذي أخذه عليه الدكتور البلوشي-ومن المفارقات أن الميالي راح يعيّر البلوشي بكونه غير عربي فإذا بغير العربي يصحح له نطقه في مصطلح أساسي في موضوع المناظرة!!-.ونسي الميالي أنه شخصياً يعيش على هامش الصفويين الجدد في قم، وأن معتقده غير إسلامي وغير عربي على الأقل منذ عهد الشاه المهووس إسماعيل الصفوي!!وصدقت العرب حين قالت في أشباهه: رمتني بدائها وانسلتْ.

 

وكم كانت الحصيلة مقشقشة للميالي وما يمثله، ففي حين لا يستدل البلوشي والسعيدي إلا بالآيات القرآنية المُحْكَمة، كان الميالي يلجأ إلى قياسات فاسدة، علماً بأن الاثني عشرية لا يعترفون بالقياس في فروع الفقه ولطالما تطاولوا علينا لأخذ جمهور علمائنا بالقياس، لكن صاحبهم هنا أصر على القياس الفاسد في قضايا عقدية كبرى تتصل بالتوحيد!!

 

وكم كان الميالي مثيراً لسخرية تلامذة المدارس العامة في بلاد المسلمين، عندما استدل بقصة ذي القرنين المذكورة في القرآن الكريم في قول الحق تبارك وتعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً} [سورة الكهف، الآيتان:94، 95].

 

فقد زعم الجهول أن طلب ذي القرنين من هؤلاء أن يُعِينُوه في بناء السد يعني جواز الاستعانة بالبشر مطلقاً، فانطلق من هذا الطلب المتفق بين العقلاء كافة على جوازه ليقيس عليه الاستغاثة بالموتى ورفع حوائج إليهم مما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى!!

 

ومما وفق الله عز وجل الشيخين البلوشي والسعيدي استشهادهما بنصوص منسوبة لآل البيت ولا سيما للخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحفيده علي بن الحسين الملقب ب"زين العابدين"، وهي نصوص صريحة جداً في منع دعاء غير الله سبحانه. ولم تنفع ألاعيب الميالي في طمس هذه الحجج المفحمة له بناء على ما يقدسه!! ولعل أقوى صفعة تلقاها القوم في هذه الحلقات، مداخلة شخص لبناني شيعي اثني عشري يَدْرس ويحضّر للحصول على الماجستير في حوزتهم بالعاصمة البريطانية، فقد طرح عليهم أسئلة جوهرية ومحرجة، فلم يجدوا له جواباً غير توجيه تهديدات شخصية له بعد انتهاء مشاركته، وهو ما فضحه في حلقة أخرى.
فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.