مدير البنك الوطني الإسلامي بغزة: سنشرع تدريجياً في عمل مشروعات تنموية.. هدفنا التخفيف عن شعبنا.. لا نتبع حماس
7 جمادى الأول 1430
إيمان يس







في محاولة منهم لمواجهة الحصار المفروض على قطاع غزة ؛ قام مجموعة من خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال الفلسطينيين بإنشاء أول بنك إسلامي في القطاع.

ورغم أن افتتاح البنك ـ الذي يحمل اسم البنك الوطني الإسلامي ـ تم منذ 10 أيام فقط إلا أن الدكتور علاء الدين الرفاتي ـ رئيس مجلس إدارة البنك والمتخصص في الاقتصاد الإسلامي ـ يؤكد تفاؤله بالإقبال الشديد على البنك مما سيسمح لهم بتوزيع أرباح في السنة الأولى.

موقع المسلم توجه بالسؤال للرفاتي حول أهداف البنك ومؤسسيه ، وماهي الضمانات التي سيقدمها لعملائه ؟، وماذا عن خطته في دفع عجلة التنمية في ظل الحصار المفروض على القطاع؟، وكيف سيتغلب على الصعوبات التي سيواجهها في ظل عدم اعتراف سلطة النقد به؟

فكان هذا الحوار:

بداية.. كيف بدأت الفكرة؟

نحن مجموعة متخصصين في الإقتصاد الإسلامي، وفي مجال العمل المصرفي ورجال أعمال إضافة إلى بعض التجار يعرفون حقيقة الوضع المصرفي في قطاع غزة؛ وحقيقة أننا منذ أعوام ونحن نتشاور في فكرة إنشاء بنك، إلا أن الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعانيه القطاع في ظل الحصار هو ما دفعنا إلى المبادرة بتنفيذها، فقد تراجع العمل المصرفي بشكل كبير جدا بسبب عدم تعامل المصارف مع الحكومة، وأصبحت لدينا شريحة كبيرة من المواطنين لا يستطيعون الحصول على خدمات المصارف الموجودة في قطاع غزة، فالبنوك غير قائمة بدورها بل وتزيد من حدة المشكلة بسبب رفضها للتعامل مع المواطنين، ومن هنا كان الحصار أحد الدوافع التي دفعت بنا للتحرك سريعا للمساهمة بتخفيف المعاناة عن شعبنا في قطاع غزة، كل هذه العوامل أدت إلى وجود حاجة ملحة لهذه المؤسسة من أجل المساهمة في تحفيف المعاناة عن شعبنا، وقد أثنى نائب رئيس الوزراء الفلسطيني ـ المهندس زياد الظاظا ـ على الفكرة واعتبرها أحد إبداعات شعبنا في كسر الحصار، مؤكدا أن الحصار يحتاج إلى مبادرة من المواطنين  لمواجهته، وعدم الرضوخ لشروط وإملاءات الاحتلال الصهيوني الهادفة إلى تركيع المواطن الفلسطيني.

 

وماذا عن المؤسسين ؟ وكم يبلغ رأس مال البنك ؟

المجموعة التأسيسية للبنك تتكون من  17 شخصية من الأكاديميين والمختصين ورجال الأعمال والتجار هنا في قطاع غزة، ويبلغ  رأس مال البنك 20 مليون دولار اكتتبت في 20 مليون سهم بواقع دولار للسهم، ويمكن لأي مواطن الاكتتاب بـ100 سهم كحد أدنى، وقد قامت الهيئة التأسيسية بالاكتتاب بـ20% من رأس المال.

ما هو دوركم  في إعادة إعمار غزة؟

نحن نأمل أن يتم الإعمار عبر الحكومة الشرعية في غزة، وبالتالي نحن البنك الوحيد الذي يتعامل حاليا مع الحكومة، فجميع البنوك خارج وداخل قطاع غزة لا تتعامل مع الحكومة بسبب تعليمات سلطة النقد في رام الله التي تحظر على جميع المؤسسات المصرفية التعامل مع الحكومة ، فحسب وجة نظرها هذا يشكل خطراً!!، وبالتالي سيكون البنك الوطني الإسلامي هو الوسيط في استقبال الأموال ومنح التسهيلات وإجراء التعاملات المالية المتعلقة بإعادة الإعمار.

هل معنى هذا أن البنك هو أحد مؤسسات حركة "حماس"؟

بالطبع لا، هو شركة مساهمة عامة، تصنف في إطار الشركات الربحية التي تهدف إلى المنافسة في تقديم الخدمات المصرفية دون علاقة بأي تنظيم ولا أي جهه حكومية، وكوننا حصلنا على الترخيص في ظل حكومة حماس؛ هذا لا يعني أن المؤسسة تابعة لحماس.

 

هل هناك تعاون بين البنك وبنوك أخرى؟

ليس هناك أي تعامل بين البنك وبنوك أخرى بسبب تعليمات سلطة رام الله التي تعتبر أن الترخيص الذي حصلنا عليه من الحكومة في قطاع غزة غير رسمي، ولذلك هم أصدروا تعليماتهم لبنوك القطاع بعدم التعامل معنا، فالمسألة مرتبطة بعدم امكانية إجراء أي مقاصة بيننا وبين بنوك أخرى، وأي مقاصة متعلقة بصرف شيكات لن تكون ضمن الخدمات التي نستطيع تقديمها في البنك الوطني، وفي رأيي هي إشكالية بسيطة جدا لن تؤثر علينا كثيرا.

وماذا عن البنوك خارج غزة ؟

سوف تكون سياستنا التمويلية في المرحلة الحالية مقتصرة على التمويلات الداخلية وفق نظرة أن المدخرات والودائع الفلسطينية الموجودة في البنوك الفلسطينية الأصل أن تستثمر في فلسطين، وفي ظل الظروف الصعبة أصبح الشعب الفلسطيني كله يعتمد على المساعدات والمنح، لكن سلوك المصارف في قطاع غزة يدفع بالمواطنين إلى استثمار أموالهم خارج القطاع بحجة أن المناخ الاستثماري في فلسطين غير مناسب، ونحن نقول أن أبناء شعبنا أولى بهذه المدخرات ولذلك فإن سياستنا ستركز على منح  تمويل وتسهيلات مصرفية داخل فلسطين، وبالتالي في هذه المرحلة ليس هناك حاجة للبنوك الخارجية، فرأس المال والودائع التي ستكون بحوزتنا سنوجهها للاستثمار الداخلي حتى إننا  نطلب باستجلاب رؤوس أموال واستثمارات من الخارج لتصب داخل فلسطين.

وكيف يمكنكم اجتذاب رؤوس أموال من الخارج وأنتم ليس لديكم فروع في الخارج؟

هناك طرق متعلقة بشركات الصرافة في قطاع غزة، وهي طرق شرعية معروفة، مثل ويسترن يونيون وغيرها من شركات الصرافة، بل إن هذا ما يحدث بالفعل بالنسبة لجميع البنوك الأخرى في قطاع غزة، فهي بنوك محلية ليست لها فروع في الخارج ولا تقوم بالتحويل للخارج أو استقبال حوالات، وإنما يتم ذلك عبر المؤسسات المصرفية.

ألا ترون أن هذا سيؤثر سلبا على الوضع الدولي لحكومة غزة؟

المسألة ليست مرتبطة بوجود البنك، فمن قبل البنك والحكومة الفلسطينية تحصل على الأموال فنحن علاقتنا مباشرة مع الجمهور وليس لنا أي علاقة بتمويل حكومة أو أي جهه تنظيمية، فهو عمل ربحي تجاري متعلق بالوساطة بين المدخر والمستثمر.

دائما ما تتهم الصيرفة الإسلامية بأنها توجد طريقة مصرفية  تتفق مع الإسلام كمعاملات لكنها لا توجد طرقا للتنمية الحقيقية؛ فهل ستعتمدون أسلوب التنمية التشاركية الفاعلة العاملة على بناء اقتصاد حقيقي؟ ( مثل التنمية في مجال الزراعة أو الصناعة)؟

نعم، فالمؤسسة ترفع شعار "نحن شركاء في التنمية"، أعرف أن معظم البنوك الإسلامية لا تدخل في مشاريع استثمارية حقيقية، لكن هذه مرحلة لإثبات الذات ثم بعد ذلك سرعان ما يدخل في عمليات استثمارية حقيقية، ونحن الآن نناقش في سياستنا التمويلية دعم بعض القطاعات التي تم تدميرها من خلال العدوان الصهيوني، فعلى سبيل المثال، قطاع غزة مشهور بجودة صناعة الملابس، وهذه الصناعة كانت تستوعب أكثر من 40 ألف عامل، وهناك بنية تحتية كاملة لهذه الصناعة من معدات وأيدٍ عاملة، والآن نحن ندرس إمكانية إعادة إحياء هذا القطاع من أجل توفير فرص عمل،  وإن شاء الله يكون لنا مساهمة حقيقية في إعادة إنعاش هذا القطاع.

وما هو الشكل المقترح لدعم هذه القطاعات؟ هل هي قروض أم ماذا؟ وما هي الضمانات التي ستطالبون بها لذلك؟ وكيف يضمن المساهم أن كافة التعاملات ستكون إسلامية؟

بالطبع لن نتعامل بالقروض، فهذا تعامل ربوي، وبالتالي لن نطالب بضمانات؛ وسوف تقوم تعاملاتنا على أساس صيغ التمويل الإسلامي المعروفة من مضاربات ومرابحات ومشاركات، وأيضا تجارة منتهية بالتمليك أو عقد استصناع، فهذه الصيغ سنقدمها لكن بالتدريج، وقد بدأنا ببرنامج أطلقنا عليه اسم (برنامج التمويل الشخصي) وهو منح مرابحات لبعض أنواع السلع والعقارات، وقد تقرر البدأ في هذا المشروع من الشهر الحالي، أما عن التأكد من أن جميع المعاملات إسلامية، فلدينا  هيئة خاصة بذلك "هيئة الرقابة الشرعية" التي تقود بالتدقيق في مدى مطابقة جميع تعاملاتنا مع الأحكام الشرعية، ووفق مقررات مجمعات الفقة الإسلامي.

لكن تمويل قطاعات كبيرة كهذه يحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة؟ فماهي الحوافز التي ستقدمونها للمكتتبين أو للمودعين لجذب رؤوس الأموال في ظل الوضع الإقتصادي القائم؟

الحوافر كثيرة جدا، أولها هو الحافز الديني والوطني الذي يتمتع به أهل غزة، فالإسلام يطالبنا بألا نكتنز أموالنا ونحجبها، بل ويطالبنا بأن نساهم بها في عجلة التنمية الإقتصادية، فأنا أراهن هنا على  الحس الوطني والإسلامي الذي سيدفع الكثير للمساهمة في الخروج من هذا الوضع الإقتصادي الذي يعشه قطاع غزة، أما عن الحوافز الأخرى؛ فنحن ننافس في تقديم الخدمة المصرفية وننافس في تحقيق معدلات ربح، فمن ضمن السياسات التي اعتمدها مجلس الإدارة أن يتم توزيع عائد بدءا من السنة الأولى، وهناك حجم اقبال على التعاملات يعطي مبشر ومؤشر على أننا بالفعل سنحقق أرباح بإذن الله من السنة الأولى.

هل يمكن لأشخاص خارج غزة فتح حسابات لديكم؟

نعم، هذه النقطة ضمن خطتنا المستقبلية، لكنها تحتاج إلى وجود فروع للبنك خارج غزة أو التعامل عن طريق بنك مراسل، وكمرحة أولى نحن نفكر باتجاه ايجاد بنك مراسل، حتى يكون هناك تقاص بين الشيكات التي نصدرها وبين هذا البنك الذي سيتعامل معنا كمراسل.

في رأيكم هل ستجدون ذلك البنك ؟

أؤكد أننا سنجد بإذن الله .

ماذا عن المؤسسات التي عادة ما تقوم البنوك بتجميد ارصدتها هل ستجد لديكم بديلا؟

معظم المؤسسات التي ترفض البنوك الأخرى التعامل معها الآن بدأت في فتح حسابات لدينا، وهذا جزء من الخدمات التي نقدمها لهذه الشريحة التي رفضت البنوك العاملة التعامل معها، وحقيقة أننا نجد إقبالا كبيرا، فكثير من المؤسسات الموجودة في قطاع غزة حرمت من التعامل مع البنوك بسبب تعليمات سلطة النقد!!، بحجج كثيرة ليس لها أساس من الصحة، فهذه المؤسسات خيرية تقدم إعانات وإغاثات للقراء والأيتام وأسر الشهداء، وقد حرمت هذه المؤسسات من فتح حسابات وتقديم المساعات عبر البنوك ونحن الآن بدأنا التعامل معنا ومعظمهم قاموا بفتح حسابات لدينا وسيقومون بصرف هذه المستحقات من خلال البنك الوطني بدءا من هذا الشهر بإذن الله.

 

السيولة مشكلة تطفو على السطح بين الحين والآخر في قطاع غزة، فكيف ستتغلبون عليها؟

مشكلة السيولة سببها أننا نتعامل بالشيكل "الإسرائيلي" كعملة أساسية، بالإضافة إلى الدولار الأمريكي والدينار الأردني، الآن البنك المركزي "الإسرائيلي" أوقف ضخ الشيكل لقطاع غزة منذ عامين تقريبا باعتبار القطاع  كيانا معاديا، ليفرض علينا حصارا نقديا هو أحد أوجه الحصار التي يواجهها الشعب الفلسطيني، وهذا بدوره  أدى إلى أن البنوك لا تستطيع أن تعطي كامل الأرصدة لعملائها، بالإضافة إلى أن التجار ورجال الأعمال يفضلون ابقاء ارصدتهم من النقود بحوزتهم خوفا من تعرضهم لمتطلبات لا يجدوا لها سيولة كافية، فهذه الأزمة تفرض على البنوك أن تعزز الثقة بينها وبين العملاء، وتفرض على التجار ورجال الأعمال أن يكونوا على درجة أكبر من الوعي في مسألة عدم حجب الأموال، والعمل على تسريع دوران النقود وتداولها لأن هذا ما سوف يخفف من حدة أزمة السيولة.

هل ترون أن إيجاد عملة بديلة للشيكل يمكن أن يمثل حلا لأزمة السيولة؟

حقيقة، هذا أحد الحلول المقترحة لحل الأزمة، لكن المسألة سياسية بالدرجة الأولى تحكمها الاتفاقيات الموقعة بين الجانب الفلسطيني والجانب الصهيوني في بروتوكول باريس الإقتصادي.

الحديث عن السياسة يدفعنا للسؤال عن علاقة مؤسستكم بالبنك المركزي أو ما تطلقون عليه اسم "سلطة النقد"؟

سلطة النقد غير موجودة في قطاع غزة، وبالتالي نحن ليس لنا أي علاقة بها، العلاقة بيننا وبين الحكومة الفلسطينية في غزة

وماذا عن تصريحات جهاد  الوزير (محافظ سلطة النقد الفلسطينية) بأنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية لمنع البنك من العمل، وسيلاحق القائمين عليه قانونيا، في رأيكم ما هي العقبات التي ستواجهونها في هذا المجال؟ وكيف يمكنكم التغلب عليها؟

لن يكون هناك أي دعاوى قضائية بيننا وبين سلطة النقد، فمجرد انتهاء هذه التجاذبات السياسية ستنتهي كافة هذه المناكفات، وسوف يتم تسوية الأوضاع ويتم تطبيق القانون المتعلق بالمصارف والقانون المتعلق بسلطة النقد على البنك الوطني الإسلامي وبذلك تنتهي المشكلة من جذورها.

إذن أنتم تعولون كثيرا على الوصول إلى حل سياسي بين غزة ورام الله؟

بالطبع هذه أمنية الشعب الفلسطيني كله أن تنتهي حالة الإنقسام وتعود اللحمة بين شطري الوطن.

هذا عن علاقتكم برام الله، فماذا عن علاقتكم بالكيان الصهيوني؟ ألا تخشون استهداف البنك؟ وماهي الاحتياطات التي اتخذتوها لذلك؟

الله خير حافظا أولا وأخيرا، ونحن مؤسسة كبقية مؤسسات الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني لا يستثنى منه أحد، وسوف نتخذ ما بوسعنا من احتياطات كأن لا نحتفظ بما لا نحتاج إليه من سيولة مثلا في مقر البنك وغيرها من الاحتياطات الخاصة بوجود نسخ إلكترونية بجميع ما يخص العملاء والمودعين والحسابات وغيره.

وماذا عن علاقتكم ببقية الفصائل الفلسطينية كحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية على سبيل المثال؟

نحن في إطار العمل التجاري نحاول أن ننأى بأنفسنا عن التجاذبات السياسية، ونتمنى أن نكون مؤسسة اقتصادية فقط، وإن كانت الأوضاع القائمة فرضت علينا المعادلة، إلا أن البنك يفتح أبوابه لجميع أبناء الشعب الفلسطيني من كافة الفصائل بما فيها فتح.

وأيضا ماذا عن فلسطينيي 48 ؟

كما ذكرت لكِ في هذه المرحلة نحن سنعمل داخل غزة فقط ولكن بالتأكيد هناك خططا مستقبلية ورغبة في التوسع.

أخيرا ..من هي الفئة المستفيدة من خدماتكم؟

يستطيع أن يستفيد من هذه الخدمات كافة أبناء الشعب الفلسطيني خاصة موظفي الحكومة الذين حرموا من صرف رواتهم عبر البنوك الأخرى، كما سيتم أيضا فتح حساب لإيداعات لحكومة، يتم من خلاله التحويل للوزارات المختلفة حسب الاعتمادات الموجودة في موازنة السلطة لهذه الوزارات، بالإضافة إلى الضمانات التي تحتاجها المؤسسات للتعامل مع الحكومة لحين تنفيذ المشروعات والعطاءات التي ترسو على هذه المؤسسات

وأشكر لكم هذا الاهتمام بفكرة البنك الوطني الإسلامي ولا تنسونا من صالح دعائكم