السياحة.. هل تعني العداء للدين وهدر الكرامة؟
17 جمادى الأول 1430
منذر الأسعد

في الكيان اليهودي الغاصب، وتحديداً عند حائط البراق الأسير (والمسمى زوراً: حائط المبكى)، يتم إلزام الزائرين باعتمار القبعة التلمودية، حتى لو كان أولئك الزائرون رؤساء دول أو زعماء دينيين لديانات غير اليهودية!! أما في كثير من بلاد المسلمين، فإن قوى المسخ والتغريب القهري تجبر أهل البلد على مشاهدة مناظر مخزية يقترفها سائحون مزعومون، حيث يأتون بملابس فاضحة، ويمارسون بعض فجورهم أمام شباب الأمة وفتياتها، ويتعاطون الخمور علانية بصورة تستفز الحجر الأصم!!

 

وبمرور الزمن، وطول مدة السيطرة التغريبية القمعية على مقدرات تلك الدول، تم إسكات أهل العلم والدعاة، بكل السبل الهمجية من اعتقال تعسفي وتعذيب فظيع ومطاردة في لقمة العيش، حتى بات الهمس عن تلك الممارسات المهينة مخيفاً للناس كافة.وقد أدى ذلك إلى مزيد من الاجتراء على ثوابت الشرع وهوية الأمة وكرامة البلاد، فانتقلت الصفاقة من آثار المعابد الوثنية والمقابر القديمة، وها هي اليوم تهدد بيوت الله عز وجل، وشعائر معلومة من الدين بالضرورة.

 

فعلى سبيل المثال لا الحصر، طالعتنا الأنباء مؤخراً بأن وزيرة التنمية الاجتماعية والتضامن في المغرب، تهاجم أذان الفجر وتطالب بمنعه في أنحاء المملكة المغربية كافة، لأنه يؤثر سلباً على الأفواج السياحية!! أجل فهذه المرأة التي تتقاضى راتبها من أموال المسلمين، يؤذيها نداء:حي على الصلاة!! ووالله لو كانت يهودية أو نصرانية لوجب عليها أن تحترم عقيدة الشعب الذي يمنحها مزايا معنوية ومادية لكي تكون في خدمته، وليس لتخدم أهداف ألد أعدائه!! وتغافلتْ هذه المتطاولة على دين الأمة، عن أن البلدان التي تستقبل أضعاف ما يستقبله المغرب من سائحين، لم تغيّر شيئاً من قيمها أو ممارساتها لإرضاء هذا السائح أو ذاك..فهل تصمت أجراس الكنائس النصرانية في إسبانيا حرصاً على زيد أو إكراماً لعمرو؟

 

كما تردد في وسائل الإعلام خبر موازٍ من مصر، عن تدخل سافر وشائن من وزارة السياحة في شأن من أخص شؤون الجامع الأزهر. وخلاصة القصة، أن خطيب الجامع الأزهر قرر وضع حد لسفاهة كثير من السائحات الغربيات اللائي يدخلن إلى المسجد شبه عاريات، فوضع ملابس محتشمة نسبياً عند المداخل لكي ترتديها الزائرة ثم تعيدها عند مغادرتها. وهنا ثارت ثائرة الأوصياء على السياحة الذين لا يعترفون -في ما يبدو- بالسياحة إلا إذا كانت مرادفةً للمجون والعري والمعالنة في ارتكاب الموبقات!! بل إن الأنكى من ذلك -على هوله- أن السائحات لم يشتكين من الستر الموقت الواجب لدخول المسجد، فما الذي يهيج هؤلاء الكهنة والسدنة في معابد التغريب البشع؟! نقول هذا مع علمنا بأن أحكام الدين واجبة التنفيذ بصرف النظر عن قبول شخص أو فئة، لكننا نشير إلى أن عبيد التغريب تجاوزوا حتى مطالب سادتهم!!

 

وبالمنطق الإداري المحض، يعد تصرف وزارة السياحة عدواناً صارخاً على اختصاصات جهة إدارية خارج سلطتها!! بل إن الأزهر يتبع رئيس الوزراء مباشرة!! لكن القوم مستعدون لقلب جميع الأعراف والموازين كلما تعلق الأمر بمهمتهم في إفساد الأمة عنوةً!!

 

وسقى الله أياماً كان الأزهر فيها هيئة علمية وشرعية مستقلة، وعندما كان العلماء يختارون شيخ الأزهر من بينهم، ولذلك لم يكن أي مسؤول حتى لو كان حاكم البلد نفسه لم يكن يستطيع أن يتدخل في أمور الأزهر أو يفرض على علمائه أدنى أمر إداري، فكيف والأمر أصبح يتصل بأحكام شرعية قطعية؟

 

وفي المقابل، كم يحز في النفس، أن أي وزير في البلدين المذكورين وفي غيرهما من ديار الإسلام، لا يجرؤ على إصدار همسة انتقاد لشخصية دينية نصرانية أو يهودية-وقريباً:هندوسية أو بوذية!!-.

 

وختاماً: فهل يحق لعاقل أن يعجب من وجود مناخ يلائم دعوات الغلو والشطط، ما دام الشباب يرون هذه السياسات المتعمدة المعادية لقيم الإسلام ومبادئه وأحكامه، بينما تتم مجاملة الشرك والكفر والفسوق إلى حدود المداهنة والاستسلام؟
وجدير بالعلماء والدعاة أن يقفوا عند حدود الله ويبينوا الحق للناس بحكمة واعتدال ولكن بجلاء، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.