أنت هنا

تركستان الشرقية.. معلومات عامة
16 رجب 1430
الموقع الجغرافي لتركستان
 (تركستان) مصطلح تاريخي يتكون من مقطعين "ترك" و"ستان" ويعني أرض الترك، وتنقسم إلى (تركستان الغربية)، أو (آسيا الوسطى) التي تشغل الثلث الشمالي من قارة (آسيا)، ويحدها من الشرق (جبال تيان شان)، ومن الغرب (جبال الأورال)، و(بحر قزوين)، ومن الشمال سلاسل جبلية قليلة الارتفاع.
أما (تركستان الشرقية) الخاضعة الآن للصين، وتعرف باسم (مقاطعة سكيانج)، فيحدها من الشمال الغربي ثلاث جمهوريات إسلامية هي: (كازاخستان)، و(قيرغيزستان)، و(طاجيستان)، ومن الجنوب: (أفغانستان)، و(باكستان)، ومن الشرق أقاليم (التبت) الصينية.
وتبلغ مساحة (تركستان الشرقية) حوالي (1.8) مليون كم2، أي خُمس مساحة (الصين)، وتعد أكبر أقاليم (الصين) ويزيد عدد سكانها على(25)مليون نسمة .  
ويتكون سكانها المسلمون من أجناس مختلفة: كالأجور ـ وهم يشكلون غالبية الإقليم ـ والتركمان، والقازاق، والأوزبك، والتتار، والطاجيك، ونسبة المسلمين بها حوالي 95%. وقد أطلق الصينيون على (تركستان الشرقية) اسم (سكيانج)، وتعني الوطن الجديد أو المستعمرة الجديدة.
وعاصمة (تركستان) هي مدينة (كاشغر) التي فتحها القائد المسلم (قتيبة بن مسلم الباهلي): وهي أشهر مدن (تركستان الشرقية) وأهمها، وكانت عاصمة (تركستان الشرقية)، ولها مركز عظيم في التجارة مع (روسيا) من جهة و(الصين) من جهة ثانية ودول (آسيا الوسطى) من جهة ثالثة، وتشتهر بمنسوجاتها الصوفية الجميلة.
وينسب إلى (كاشغر) علماء كثيرون، منهم (أبو المعالي) طفرل شاه محمد بن الحسن بن هاشم الكاشغري الواعظ، وكان عالماً فاضلاً، سمع الحديث الكثير، وطلب الأدب والتفسير، ولد سنة (490 هـ)، وعاش حتى سنة (550 هـ).
 
توجد في (كاشغر) أزقة وشوارع كثيرة تنتشر بين المساكن الأيغورية، معظمها طويلة وضيقة، ولم تبن المباني بشكل مرتب، بل بنيت حسب حاجات واقعية، ويظهر مبنى مشيد فوق مبنى آخر، ومبنى يعبر الزقاق الضيق؛ مما يعكس أسلوب حياة المسلمين الأيغوريين وعاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم المختلفة وظروف المناخ المحلية
    والمسلمون في (تركستان الشرقية) كلهم سنة أحناف؛ فقد عرف الإسلام هناك ـ على وجه التحديد ـ عام 96 هجرية .. وازدادت قوته وانتشر انتشاراً واسعاً بعد اعتناق (سلطان ستوق بوغرا عبد الكريم خان) الإسلام سرًّا في بداية الأمر ثم أعلنه، وانتشر الإسلام في ربوع (تركستان الشرقية) في أواسط القرن الرابع من الهجرة، ودخل الناس في دين الله أفواجاً.
إن الأراضي التي تقع في (آسيا الوسطى) ويقطنها الأتراك، وتسميها كل من (الصين) و(روسيا) بأسماء مختلفة حسب أهوائهما السياسية، هي نفس البلاد التي تسمي (تركستان) في المصادر الإسلامية، وسكان تلك الأراضي هم الأتراك المسلمون الذين كان لهم دور بارز في تاريخ وحضارة الإسلام، وهم جزء من الأمة الإسلامية، شاركوا في بناء كيانها الماضي والحاضر، وإن حجبتهم الظروف عن المساهمة الفعلية في الوقت الحالي!
 
لعبت مدينة (كاشغر) دورًا مهمًّا في انتشار الإسلام في الشرق؛ ففي أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر كان الإسلام قد دخل إلى منطقة (كاشغر)، ثم انتشر إلى مناطق أخرى في (الصين)، وقد ظلت هذه المناطق تحت سيطرة المسلمين في الفترة ما بين القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر، دون أن تطرأ أية تغيرات عليها. وفي الوقت ذاته انتشر الإسلام من الغرب إلى الشرق، أي من (كاشغر) و(خوديان) إلى (آكسو) و(كوتشار) وغيرهما من الأماكن الغربية في الصين، الأمر الذي شكل منطقة إسلامية واسعة تمتد من (جيمسار) شرقًا إلى (كاشغر) غربًا، في القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر، ظهر عدد كبير من المسلمين في (أورومتشي) و(توربان) و(قرا) بشمال غرب (الصين)، كانوا يمثلون الغالبية الكبرى من السكان المحليين.
نبذة تاريخية عن تركستان
     عاش أبناء (تركستان الشرقية) منذ فجر التاريخ يزرعون الأرض، ويرعون الماشية، فكانت حضارتهم من أقدم الحضارات التي لم يقم أحدٌ من دارسي الحضارات القديمة بالتفرغ لدراستها!!.
تاريخ دخول (تركستان الشرقية) في الإسلام
ما أن فرغ الفاتح العظيم (قتيبة بن مسلم الباهلي) من توطيد أركان الإسلام في (تركستان الغربية) - حتى بادر إلى (تركستان الشرقية) ففتح بعضها، ومرت السنون حتى آتت الدعوة والاتصال الحضاري بين الإسلام والحضارات الأخرى أكلها، فتحول التركستانيون إلى الإسلام تحت قيادة زعيمهم (ستوق بغراخان خاقان) رئيس الإمبراطورية القراخانية عام (323 هـ= 943م)، فأسلم معه أكثر من مائتي ألف خيمة - عائلة -، أي ما يقارب مليون نسمة تقريبًا، وقد ضربت النقود باسم (هارون بوغراخان) حفيد (ستوق بغراخان)، ووسع رقعة مملكته فشملت أجزاء من (تركستان الغربية)، كما ارتقت البلاد في عهده في النواحي الحضارية المختلفة، وكتبت اللغة التركستانية واللهجة الأيغورية بالحرف العربي- لأول مرة -، وكانت أوقاف المدارس تشكل خمس الأرض الزراعية، ولقب (هارون بوغراخان) بلقب (شهاب الدولة) و(ظهير الدعوة)، ونقش هذا اللقب على النقود التي سكت في عهده  سنة (332 هـ = 992م)، ولعب القراخانيون المسلمون دورًا هامًا في نشر الإسلام بين القبائل، ففي سنة (435 هـ = 1043م) استطاعوا إقناع أكثر من عشرة آلاف خيمة من خيام القرغيز بالدخول في الإسلام، ودخلوا في طاعة الخليفة العباسي (القادر بالله) وضربوا العملة باسمه، ودعوا له على المنابر، وعرفت (قبائل القرلوق) التركمانية بأنها من أوائل قبائل (تركستانية الشرقية) دخولاً في الإسلام، ثم قبائل (التغز) والغز السلاجقة والعثمانيين الذين عرفوا بجهادهم لنصرة الإسلام، فكانت فتوحاتهم  الواسعة في الأراضي التي تتبع (الدولة الرومانية)، ومع ذلك فقد كانت أجزاء أخرى من البلاد لا تزال في الوثنية تحارب الدعوة الإسلامية وتناصبها العداء بدعم من الصينيين، ومن أشهر تلك القبائل الكورخانيون (الدولة الكورخانية)، ويسمون أيضا (الخطل) أو (القراخطائيون)، وكان من أبرز زعماء المسلمين الذين تصدوا لهذه القبائل التركية غير المسلمة (السلطان علاء الدين محمد الخوارزمي)، الذي انتصر عليهم في بعض المعارك، ومن أشهر المعارك الفاصلة بين الأتراك المسلمين وغير المسلمين موقعة (طراز) وهي المدينة التي انتصر على أبوابها القائد المسلم (زياد بن صالح) سنة (134 هـ = 751م)، وساندت الإمبراطورية الصينية الأتراك غير المسلمين بجحافل من القوات الصينية، غير أن هزيمتهم وقتل أكثر من خمسين ألف صيني وأسر أكثر من عشرين ألفًا منهم أنهى التدخل الصيني، كما كان لـ(السامانيين) الذين حكموا منطقة (آسيا الوسطى) و(إيران) وشمال (أفغانستان) دور كبير في تثبيت دعائم الإسلام في (تركستان الشرقية).
لقد كسب (السامانيون) الأتراك الشرقيين للحضارة الإسلامية عن طريق الدعوة السلمية؛ حيث نشطت مدارس وجامعات (بخارى) و(سمرقند) و(فرغانة) في دعم العمل الدعوي بالعلماء المتفرغين للدعوة إلى الإسلام في أوج نشاطها في القرن الرابع الهجري، الذي كان بحق عصر الدعوة الإسلامية الذهبي بين الأتراك الشرقيين، وكان لحرص خلفاء الدولة العباسية على إشراك أهل البلاد المفتوحة في إدارة شؤون بلادهم وتأكيد وجوب معاملتهم معاملة عادلة، ما شرح صدورهم للدخول في دين الله أفواجًا، وانخرط أبناؤهم في شتى مجالات الحياة الفاعلة، فكان منهم الجنود وكبار القادة والحكام العظام، وكان نصيب الأتراك الغربيين كبير من مشاهير العلماء، في كافة العلوم، خاصة العلم النبوي الشريف، أمثال: (البخاري)، و(مسلم)، و(الترمذي)، و(البيهقي)، و(الفارابي)، و(ابن سينا)، و(محمد بن موسى الخوارزمي)، و(أبو الريحان البيروني)، و(الزمخشري)، و(أبو الليث السمرقندي)، و(أبو منصور الماتريدي)، و(محمد بن الحسين الفارقي) المشهور بـ(ابن نباتة)، والإمام الداعية (أحمد اليسوي)، والإمام الزاهد المحدث (عبد الله بن مبارك)، ومواطنه (الفضيل بن عياض)، والإمام المحدث (سفيان الثوري)، وآخرين لا حصر لهم خدموا الحضارة الإسلامية وأصبحوا من أعلامها الكبار. 
    بدأ ظهور العنصر التركي عند تولي الخليفة (المعتصم)، فكانوا يجلبون للبيع في أسواق (بغداد) و(القاهرة) و(دمشق)، ولم يكونوا من أهل (تركستان الغربية) المسلمين،  بل كانوا من أهل (تركستان الشرقية) الذين لم يسلموا بعد، وتوسع (المعتصم) في جعل حرسه وجيشه من الأتراك الشرقيين، الذين يجلبهم له التجار من (تركستان الشرقية).
وظهرت مجموعة الدول  الإسلامية المستقلة في العصر العباسي الثاني؛ إذ لم تكن تدين لعاصمة الخلافة بغير الولاء الاسمي، والدعاء للخليفة على المنابر، وإرسال بعض الجبايات والأموال، وكان للأتراك الشرقيين في هذه الدول دور وأي دور، فكان جل الدول التالية من العنصر التركي القادم من (تركستان الشرقية):
 1- (الدولة الغزنوية)  2- (الدولة الطولونية)  3 - (الدولة الإخشيدية) 4 - (الدولة السلجوقية الكبرى)، والسلاجقة العظام ثم السلاجقة في الأمصار المختلفة والأتابكيات.  5 - (الدولة الخوارزمية).
    وقد تبع هذا العهد دول كثيرة لعب فيها العنصر التركي القادم من (تركستان الشرقية) وبلاد (القبجاق) دورا بارزا؛ وذلك في العهد المملوكي حيث كان كثير من حكام  المماليك من تلك المناطق، ثم ظهرت دولة (تيمورلنك) من (قبائل البرلاس) التركية، وأقام إمبراطورية عظيمة امتدت من (الصين) إلى (روسيا)، وخضعت له معظم بلاد العالم آنذاك، ثم تولى أبناؤه من بعده، وأقاموا دولاً باذخة في (أفغانستان) و(الهند)، وعرفت (الدولة التيمورية) في (الهند) باسم (الدولة المغولية)، وبقيت هذه الدولة حتى القرن التاسع عشر  الميلادي، وفي نفس الفترة  ظهرت (الدولة العثمانية)، وكانت أطول عمرًا وأعظم تأثيرًا من كل الدول السابقة، ويرجع (آل عثمان) إلى (الأتراك الشرقيين)، الذين استطاعوا توسيع رقعة الإسلام في (أوروبا)، وحماية أقطار الإسلام لفترة طويلة من الغزو الصليبي والاستعمار الأوربي، وخلال القرون العشرة التي تلت ظهور العنصر التركي في التاريخ الإسلامي، كان (الأتراك الشرقيون) القادمين من أرض (توران) - وعلى رأسهم القادمون من (تركستان الشرقية) - هم العنصر المسيطر الذي أنقذ الأمة الإسلامية من الانهيار، وأوقف الزحف الصليبي، وكان بذلك من أعظم الشعوب الإسلامية دفاعًا عن الحضارة الإسلامية، وتمسكًا بصفاء العقيدة الإسلامية، ومحافظة على التراث الإسلامي.
وهؤلاء الآن في محنة عظيمة استهدفت وجودهم ودينهم واقتصادهم وكيانهم، ألا وهي محنة الاستعمار الصيني الخبيث، ومحاولة توطين الصينيين، والتهجير الإجباري للفلاحين، لتغيير التركيبة السكانية على الأرض وجعلهم أقلية في بلادهم، ليس لهم حقوق، ولا يملكون من أمرهم شيئًا.
التركيبة العرقية في تركستان
 بلغ عدد الأقليات العرقية المختلفة في (تركستان الشرقية) عند احتلالها من قبل الجيوش الصينية عام (1949م) حوالي ستمائة ألف نسمة من الصينيين والمنشوريين والشيوه والمغول، ولم يكونوا يشكلوا أكثر من (6%) من مجموع عدد السكان، ولكن لتزايد عدد الصينيين فقد سعوا إلى إسكان ما يزيد عن (200 مليون) صيني في (تركستان الشرقية)، كما صرح بذلك بعض القيادات الصينية؛ وبهذا يصبح عدد السكان الأصليين من الأيغور (12 - 16 مليون) - بعد فرار الكثيرين بدينهم - لا يساوي شيئًا أمام مئات الملايين من المستوطنين.
    وتذكر بعض المصادر أن عدد الصينيين في (تركستان) قد تجاوز بالفعل  الستة ملايين نسمة منذ عام (1992م)، فنظام الاحتلال الصيني يرسل أعدادًا هائلة من العسكريين وعائلاتهم إلى المنطقة، ويشجع العاطلين من أبناء (الصين) على الهجرة والعمل في (تركستان)، مع تقديم الحوافز المغرية لهم، وتهيئة المسكن، بل تعدى الأمر إلى إرسال الآلاف من المحكوم عليهم في قضايا سياسية أو جنائية، حتى بلغت نسبة الصينيين في بعض المدن الكبرى مثل (ارومجي) و(أقصو) و(قولجا) و(قورلا) و(التاي) و(قومول) و(بوريتالا) وغيرها نسبة (90%)، كما بنت الحكومة الصينية مدنًا جديدة لمئات الآلاف من المستوطنين، منها مدن (شيهنزة) و(كاراماي) و(كويتون) و(صانجو) و(اران) وغيرها، وبلغت نسبة الموظفين والعاملين الصينيين في مختلف القطاعات في (تركستان) حوالي (95%)، ومع ذلك  تدعي (الصين) أنها أعطت الحكم الذاتي لأبناء البلاد!!
الموارد الاقتصادية والاستراتيجية
 تمتعت (تركستان) قديمًا بأهمية كبيرة في التجارة العالمية؛ فكان طريق الحرير المشهور يمر بها، ويربط (الصين) ببلاد العالم القديم و(الدولة البيزنطية)، أما حديثًا فهي غنية بموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية إذ تمتلك احتياطيًّا ضخمًا من البترول، وتمتلك من الفحم ما يعادل (600) مليون طن، وبها ستة مناجم تحوي أجود أنوع اليورانيوم في العالم؛ لذا فهي عصب اقتصاد (الصين)، وعصب صناعاتها الثقيلة والعسكرية، فالصواريخ الصينية النووية، والصواريخ البالستية عابرة القارات تنتج في (تركستان الشرقية).
     وتشكل منطقة (تركستان الشرقية) - بحدودها المشتركة مع (منغوليا) و(كازخستان) و(قيرغيزستان) و(طاجكستان) و(أفغانستان) و(باكستان) و(روسيا) ـ  مساحة وقائية من الأخطار الخارجية، وحتى بعد انهيار (الاتحاد السوفيتي) استمرت الأهمية الإستراتيجية للمنطقة في التنامي والازدياد، حيث صارت تحتوي على إحدى الفرق العسكرية الكبرى، وفي إقليم (سينكيانج) توجد معظم الصواريخ النووية الباليستية التي تملكها (الصين)، ويمر عبر أراضيها البترول من (جمهوريات آسيا الوسطى) إلى مصانع (الصين).
    -  وتشتهر (تركستان الشرقية) بثرواتها النفطية والمعدنية المتنوعة، ويستخرج منها (118) نوعًا من المعادن، من بين (148) نوعًا تنتجها (الصين)، وأكثر من ثلاثين منطقة لإنتاج البترول، واحتياطي من البترول يربو على (8 مليار) طن، يستخرج منه سنويًّا حوالي خمسة ملايين طن من مناطق (كراماي) و(اقبولاق) و(قيزيل طاغ) و(اوجكاليك) و(كوكيار)، ويتم نقله كله إلى (الصين) دون استفادة أبناء البلاد بأي شيء!، وبها نصف احتياطي (الصين) كلها من الفحم - حوالي (2 تريليون) طن، وتبلغ المساحة الكلية التي يستخرج منها الفحم أكثر من (900 ألف) كلم مربع، من الفحم ذو السعرات الحرارية العالية جدًّا.
كما يتم استخراج الذهب من (56) منطقة، بواقع (360) كيلو غرام سنويًّا، كما أن بها أيضا مناجم الملح، والكريتال، ومعادن ملونة متنوعة، ومناجم للحديد الذي يستخرج من حوالي (550) موقعًا.
    كما تمتاز الزراعة في (تركستان) بتوفر الإمكانيات المائية الهائلة وخصوبة التربة، وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية  الوفيرة الإنتاج أكثر من (150 ألف) كلم مربع، تنتهبها (الصين) وتجبر الأيغور على العمل فيها بالسخرة أو بأجور زهيدة!!...
وتشمل حوض (جونجاراي) وحوضي (تاريم) و(تورفان) بين (جبال طانري) وحوض (نهر تاريم) الذي ينبع من (جبال قرة قورم)، ويصب في (بحيرة قرة بوران)، ونتيجة لوجود هذا النهر الذي يبلغ طوله (1600) كلم فإن الأراضي المحيطة به خصبة وزراعية.
      وتضم (تركستان) بين جنباتها "صحراء تكلمكان" - المهد الذهبي للحضارة الإنسانية-، ومنتزهات (التون داغ) الطبيعية - جنة من جنان الدنيا -، و(طريق الحرير) - الجسر الذي ربط قارتي (آسيا) و(أوروبا) قديمًا، وبحيرتا (طانري) و(بوغدا) - من أعلى البحيرات في العالم -، و(ايدينكول) - من أكبر المنخفضات عن سطح البحر -، فضلاً عن العديد من المراكز الحضارية التي تحتوي على الكثير من الآثار القديمة التي لم تستخرج بعد.
الحركات الإسلامية والوضع الحالي
 بعض الحركات الإسلامية في (تركستان) الشرقية
1- حركة (تركستان الشرقية) الحرة.
2- جبهة تحرير (أوغورستان).
3- الجبهة الثورية الوطنية لـ(طشقند).
ومعظم هذه التنظيمات التركستانية سنية المذهب والبعض يميل إلى المذهب الشيعي.
 أهداف الحركات الإسلامية في (تركستان الشرقية)
1- تحقيق الاستقلال الكامل لـ(تركستان) المسلمة عن الدولة الصينية.
2- زيادة الوعي الإسلامي للشعب التركستاني المسلم.
3- مقاومة المحاولات الصينية لتغيير التركيبة السكانية لتركستان.
 
 
الوضع الحالي
    في الوقت الذي يعيش المسلمون في معسكرات السخرة، أو على هامش الحياة في مراعيهم ومزارعهم البدائية، فإن السلطات الصينية قد أغرقت مقاطعة (شنجانغ) (تركستان الشرقية) بملايين الصينيين البوذيين المهجرين من أنحاء (الصين) تحت شعار : "اذهب إلى الغرب أيها الشاب"، وقد بلغ عدد الصينيين المهجرين (7.421.992) نسمة (بنسبة 40%) والمسلمون الأيغور (8.506.575) نسمة (بنسبة 45%) من جملة عدد سكانها البالغ (18.761.900) نسمة في عام (2001) حسب التقديرات الرسمية كما جاء في كتاب شنجانغ السنوي الرسمي المطبوع عام (2002م).
هذا في الوقت الذي كان فيه عدد الأيغور (3.291.100) نسمة يمثلون نسبة (95. 75%)، وكان عدد الصينيين (249.202) نسمة بنسبة (7.6%) من جملة سكانها البالغ عددهم (400.333. 4) نسمة عند احتلال (الصين) الشيوعية لها في عام (1949م).
ولكن خلال نصف قرن من الحكم الشيوعي تضاعف عدد الأيغور (2.58) مرة فقط، بينما تضاعف عدد الصينيين (29.78) مرة، علاوة على أن الرقم الرسمي لعدد الصينيين المهجرين لا يشمل إلا المسجلين في مكتب الإحصاء لمقاطعة (تركستان الشرقية)؛ لأن جيش (شنجانغ) للإنتاج والبناء - الذي يتولى مهمة توطين المهجرين الصينيين - لا يعلن إلا عن الأرقام التي يتم توظيفها وتوطينها في الأجهزة والشركات الرسمية، ولا يتم الإعلان عن عدد الذين يعملون في مزارعها ومؤسساتها؛ ما جعل الباحثين يؤكدون أن عدد المهجرين الصينيين يزيد عن (10 ملايين) وأن كثافتهم حاليا تفوق نسبة المسلمين الأيغور وغيرهم في (شنجانغ) (تركستان الشرقية) وبخاصة أن جريدة (بكين) (جي فانغ جون) Jeifangjun Bao ذكرت في عددها الصادر بتاريخ (10 مارس 1989م) أن جيش (شنجانغ) للإنتاج والبناء يشرف على (170 بلدة) و(2000 قرية)، وأن المستوطنين ينتجون (20%) من الإنتاج السنوي.
    وعلى ضوء ذلك يؤكد الباحثون أن النسبة تبدلت في كثير من المدن من 9 أيغور وصيني واحد، إلى 9 صينيين وأيغوري واحد، وفي (أورومجي) عاصمة مقاطعة (شنجانغ) (تركستان الشرقية) تحولت النسبة من (80%) أيغور و(20%) صينيين إلى (80%) صينيين و(20%) أيغور، وبدأ التذويب السكاني الصيني يهدد مدينة (كاشغر) التي عرفت لمكانتها الإسلامية باسم بخارى الصغرى؛ فالنظام الشيوعي الصيني - كما جاء في جريدة الشعب اليومية الصادرة في (بكين) بتاريخ (2 ديسمبر 1992م) - أشار إلى نقل مائة ألف صيني إليها من منطقة سد الممرات الثلاثة، مع تنفيذ نقل (470 ألف) صيني إليها بالتدريج، وبعد أن كان عدد المهجرين سنويا (250 ألفًا) عام (1950م)، صار (350 ألفًا) عام (1965م)، كما جاء في الجزء الخاص بمقاطعة (شنجانغ) (تركستان الشرقية)، ويجري تنفيذ هذا التوطين بمنح المهجرين إعفاءات ضريبية شاملة، مع توفير المساكن والأراضي، التي يتم مصادرتها من الأيغور المسلمين بعد طردهم إلى أطراف القرى والأراضي القاحلة، حتى صار ثلاثة أرباع سكان (كاشغر) لا يجدون الماء الكافي، ولم يعد الأيغور في (أورومجي) يمتلكون مراكز تجارية، ولكن تحولوا إلى متسولين وباعة جائلين أو طباخين يبيعون الأطعمة في الأزقة.
    وتؤكـد منظمة العفو الدولية - في تقريرها الصادر في (إبريل 1999م) - أن الحكم الصيني يمارس سياسة التمييز العنصري في التوظيف؛ لأن العدد الساحق من العمال في حقول النفط والمشروعات هم من الصينيين، والأيغور أو المسلمين عمومًا هم من الفلاحين و(80%) منهم يعيشون تحت خط الفقر؛ إذ لا يزيد متوسط دخلهم الشهري عن (50 دولارًا).
- إن تدفق هؤلاء المهجرين الصينيين وكثافة توطينهم لم يؤد إلى تدهور الوضع الاقتصادي لمسلمي (تركستان الشرقية) فحسب، بل إلى ممارسات جائرة ضد المسلمين؛ منها: منع رفع الأذان، والزواج المختلط بين المسلمين والبوذيين، وفرض التدريس باللغة الصينية لكافة المواد الدراسية من الصف الثالث في المدارس المتوسطة، وتزوير التاريخ وصياغته صياغة تخدم الحضارة الصينية.
ولم تكتف حكومة (الصين) بالتأثير على الدين والثقافة والتاريخ، بل تعدت ذلك بالآثار المدمرة التي تركتها التفجيرات النووية على البيئة والإنسان في منطقة (لوب)، التي جعلتها حقلاً لتجاربها النووية منذ عام (1964م)، واستمرت تلك التجارب تمارس مكشوفة في الفضاء حتى عام (1980م) ثم توقفت كما تزعم في عام (1996م)، بعد إجراء (42) تجربة نووية وهيدروجينية. وقد أدت إلى تزايد انتشار السرطان والإجهاض وتشوه المواليد، ومع أنها حاولت إخفاء ذلك وتبرير ما نتج عنها إلا أن المنظمات الدولية مثل السلام الأخضر والأطباء العالميين لمنع الحرب النووية IPPNW أكدت على نتائجها المدمرة على السكان والبيئة خاصة أن مستوى الإشعاع الذري في (لوب نور) وصل إلى (239 بلوتونيوم) (90 سترنتيوم) (187 سيسيوم). وفي مؤتمر المرأة العالمي في (بكين) عام (1995م) أثارت الدكتورة قالية كولدوغازيف (باحثة من جامعة بشكك بجمهورية قيرغيزستان) قضية ارتفاع نسبة الوفيات إلى (40%) في مناطق (قيرغيزستان الشرقية) على حدودها المتاخمة مع مقاطعة (شنجانغ) في (تركستان الشرقية) وذلك في أواخر شهر (مايو 1994م)؛ على أثر تجربة نووية في (تركستان الشرقية) وذكرت هذه الباحثة أن نسبة ارتفاع الأمراض في تلك النواحي من (قيرغيزستان) تصل إلى (5.8 في الألف) وأن الأطفال يعانون من اضطراب النظام العصبي وقصور في القلب، كل  هذا بسبب ارتفاع مستوى الإشعاع الذري في (قيرغيزستان) المجاورة، فكيف ستكون آثارها القاتلة في (تركستان) المسلمة نفسها!!، وما تحدثت عنه هذه الباحثة هو تجربة نووية تحت الأرض، ولكن هذه البلاد وشعبها المسلم لا يزال يعاني من نتائج التفجيرات النووية المكشوفة.
    وكأن هذه الوسيلة لم تكف لنشر الموت لإبادة المسلمين، فاستغلت السلطات الصينية فقدان الوعي الصحي والاجتماعي الذي فرضته على الشعب التركستاني المسلم من خلال ترويج المخدرات والكحول؛ فمثلا في مدينة (قراماي) يوزع الخمر مجانا على الأيغور المسلمين!!، وعندما حاول الطلاب المسلمون توعية الشباب بمخاطر الكحول، وضرره على الإنسان، مطالبين محلات الخمور بالتوقف عن ذلك، قامت السلطات الصينية بقمعهم بالقوة؛ فنتج عنها مقتل (200) طالب مسلم في عام (1997م).
    وفي مدينة لينشا Linxia في مقاطعة (كانسو) التي يسميها المسلمون الصينيون Hui (مكة الصغرى) لكثرة مساجدها ومدارسها الإسلامية، تعتبر أحد المراكز الناشطة لتجارة الهيرويين في (الصين) وهو متوفر في كل مكان ورخيص جدًّا مما يستخدمونه في التدخين. وينتهي هذا الطريق الصيني للمخدرات في (تركستان الشرقية)، حيث تدس في الأطعمة والمشروبات التي تقدم في المطاعم، وبلغت نسبة من ابتلي بها (20%) من جملة السكان؛ وتبلغ نسبة الشباب المبتلين بها من فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن (35 سنة) تبلغ نسبتهم (80%)، والهيروين الذي يباع باسم بايميان لا يصل نقاوته حتى (30%)، ولم يقتصر الترويج لهذا النوع فقط، بل هناك الكوكايين والأفيون والحشيش وغيرها، ومنذ بدأ تدفق المخدرات إلى (تركستان الشرقية) بتشجيع السلطات الصينية منذ عام (1994م) جاء مرض الإيدز إلى مناطق المسلمين؛ حيث تفيد التقارير أن التحاليل الطبية التي أجريت على مسلمي (تركستان الشرقية) عام (1995م)، لم تسجل إصابة واحدة بفيروس مرض نقص المناعة HIV، ولكن في نهاية عام (1996م) يقول الباحث الصيني (زنغ شي وين) - من الأكاديمية الصينية لدواء المقاومة - إن واحدًا من كل أربعة يتعاطون المخدرات كان إيجابيا بفيروسHIV، وفي السنوات الأخيرة أصبحت (شنجانغ) من أكثر المقاطعات الصينية إصابة بمرض الإيدز، وأصبح الأيغور المسلمون أكثر القوميات إصابة؛ حيث أعلن عن (303) إصابة جديدة بمرض الإيدز في (سبتمبر 2003م)، وبذلك يبلغ عدد المصابين (3165)، ويقدر العدد الحقيقي للمصابين بأكثر من (30 ألف) مصاب، ويذكر أن (6%) في (أورومجي) يحملون الأعراض الخاصة بفيروس مرض نقص المناعة، بينما تقدر بعض الجهات المحلية نسبة المصابين بنحو (40%) في (أورومجي) و(85%) في مدينة (إيلي) بالقرب من حدود (قازاقستان)، ويمكن القول بأن نسبة الإصابة تصل إلى (30%) في مقاطعة (شنجانغ) ما يجعلها المقاطعة الصينية الأولى في نسبة انتشار الإيدز في (الصين) كلها. 
الصين وتركستان الشرقية
 جاءت أسرة (المانشو) إلى الحكم في (الصين) سنة (1054هـ = 1644م) وكانت الأوضاع المستقرة للمسلمين في (الصين) قد أفرزت علماء متخصصين في علوم القرآن والحديث والفقه والتوحيد، بالإضافة إلى قيادات فكرية رفيعة المستوى، مثل: الشيخ (وانج داي يو)، و(مافوتشو) الفقيه المرموق، وبدأ عهد أسرة (مانشو) بداية لا تبشر بخير؛ إذ بدأت حملة من الاضطهاد والعذاب للمسلمين في (الصين)، اضطر معها المسلمون إلى رفع السلاح - لأول مرة في تاريخ (الصين) - سنة (1058هـ = 1648م) مطالبين بالحرية الدينية، وهو ما كلفهم الكثير من الدماء والأرواح، وقتل مئات الآلاف من المسلمين، وقُمعت ثورات المسلمين بقسوة شديدة وصلت إلى حد المذابح والإبادة الجماعية، وكانت هذه الفظائع تجري خلف أسوار (الصين)، دون أن يدري بها أحد في العالم الإسلامي.
    واستولى الصينيون على (تركستان الشرقية) سنة (1174 هـ = 1760م) بعد أن ضعف أمر المسلمين بها، وقتلت القوات الصينية وقتها مليون مسلم، وألغى الصينيون نظام البكوات الذي كان قائمًا بها، ووحدوا أقسام (تركستان) في ولاية واحدة، كما اتبعت (الصين) سياسة استيطانية في (تركستان الشرقية)، أو ما يسمى بتصيين (تركستان الشرقية)؛ عن طريق نقل كتل بشرية صينية إليها؛ فقام المسلمون بثورات عنيفة، منها: ثورة (جنقخ) سنة (1241هـ = 1825م)، واستمرت سنتين، ولم تهدأ ثورات المسلمين طوال مائة عام، منها: ثورة سنة (1272هـ = 1855م)، التي استمرت عشرين عامًا، بقيادة (يعقوب بك)، وسجلت أحداثها في كتاب من (330) جزءًا، وقد تمكن بعدها مسلمو (تركستان الشرقية) من الاستقلال سنة (1282هـ = 1865م)، وذلك أثناء الصراع مع أسرة (مانشو)، ولم تجد هذه الدولة الوطنية تأييدًا ولا اعترافًا من العالم، واستطاعت (الصين) مهاجمتها واحتلالها مرة أخرى سنة (1292هـ = 1875م).
    وتعرضت (تركستان الشرقية) لأربع غزوات صينية منذ عام (1277هـ = 1860م)؛ مرتين في عهد أسرة (مانشو)، ومرة في عهد (الصين) الوطنية، ومرة في عهد (الصين) الشيوعية؛ وقد أدت هذه الثورات والمذابح الصينية إلى إبادة كثير من المسلمين وحدوث عدة هجرات من هذا الإقليم إلى المناطق المجاورة.
    وقامت في (تركستان الشرقية) ثورة عارمة ضد (الصين) سنة (1350هـ = 1931م)، كان سببها تقسيم الحاكم الصيني للمنطقة التي يحكمها (شاكر بيك) إلى وحدات إدارية؛ فبدأ التذمر، ثم وقع اعتداء على امرأة مسلمة من قبل رئيس الشرطة، فامتلأ الناس غيظًا وحقدًا على الصينيين، وتظاهروا بإقامة حفل على شرف رئيس الشرطة وقتلوه أثناء الحفل مع حراسه البالغ عددهم اثنين وثلاثين جنديًا.
لقد كانت ثورة عنيفة، اعتصم خلالها بعض المسلمين في المرتفعات، ولم تستطع القوات الصينية إخمادها، فاستعانت بقوات من روسيا، فانتصر المسلمون عليهم، واستولوا على مدينة (شانشان)، وسيطروا على (طرفان)، واقتربوا من (أورومجي) قاعدة (تركستان الشرقية).
وأرادت الحكومة الصينية تهدئة الأوضاع فعزلت الحاكم العام؛ غير أن المسلمين كانوا قد تمكنوا من الاستيلاء على (أورومجي)، وطرودا الحاكم العام قبل أن تعزله الدولة، وتسلم قادة المسلمين السلطة في الولاية، ووزعوا المناصب والمراكز على أنفسهم، فما كان من الحكومة الصينية إلا أن رضخت للأمر الواقع، واعترفت بما حدث، وأقرّت لقادة الحركة بالمراكز التي تسلموها.
    ومع هذا فقد امتدت عدوى الثورة والتمرد إلى مناطق (تركستان الشرقية) كلها، وقام عدد من الزعماء واستولوا على مدنهم، ثم اتجهوا إلى (كاشغر) واستولوا عليها، وكان فيها (ثابت داملا) أي الملا الكبير، فوجدها فرصة وأعلن قيام حكومة (كاشغر الإسلامية)، أما (خوجانياز) أو (عبد النياز بك)، فقد جاء إلى الثائرين في (كاشغر) ليفاوضهم وينهي ثورتهم، إلا أنه اقتنع بعدالتها، فانضم إليهم وأعلن قيام حكومة جديدة باسم (جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية) في (21 رجب 1352هـ = 12 نوفمبر 1933م)، وقد اختير (خوجانياز) رئيسًا للدولة، و(ثابت داملا) رئيسًا لمجلس الوزراء.
ولم تلبث هذه الحكومة طويلاً، ويذكر (يلماز أوزتونا) في كتابه "الدولة العثمانية" أن الجيش الصيني الروسي استطاع أن يهزم (عبد النياز بك) مع جيشه البالغ (80) ألف جندي ، بعد استشهاده في (6 جمادى الآخرة 1356هـ = 15 أغسطس 1937م)، وبذلك أسقط التحالف الصيني الروسي هذه الجمهورية المسلمة، وقام بإعدام جميع أعضاء الحكومة مع عشرة آلاف مسلم وحصل الروس مقابل مساعدتهم للصين على حق التنقيب عن الثروات المعدنية والحصول على الثروات الحيوانية واستخدام عدد من الروس في الخدمات الإدارية في (تركستان الشرقية).
    كما قامت ثورة إسلامية أخرى بقيادة (علي خان) عام (1364 هـ = 1994م)، وأعلن استقلال البلاد، غير أن (روسيا) و(الصين) تعاونتا على إحباط هذا الاستقلال، وقام الروس وعملاؤهم باختطاف قائد الثورة، وإرغام الوطنيين على قبول الصلح مع (الصين) مقابل الاعتراف بحقوقهم في إقامة حكومة من الوطنيين وإطلاق يد زعمائهم في شؤونهم الداخلية.
    حصلت (تركستان الشرقية) على الاستقلال الذاتي سنة (1366 هـ = 1946م)، وتم تعيين (مسعود صبري) رئيسًا للحكومة، واتبعت الحكومة الوطنية الجديدة سياسة حازمة لإضفاء الصفة الوطنية على كل المؤسسات، واستطاع المسلمون في (تركستان الشرقية) أن ينظموا أنفسهم أثناء الحرب العالمية الثانية، فأنشئوا مطبعة وعددًا من المدارس، وأصدروا مجلة شهرية باللغة التركية، وبعد انتهاء هذه الحرب اجتاحت القوات الصينية الشيوعية هذه المنطقة سنة (1368 هـ = 1949م)، بعد قتال عنيف متواصل مع المسلمين، استمر في بعض المعارك عشرين يوما متواصلة.
    وكان عدد المسلمين في (تركستان الشرقية) عندما سيطر الشيوعيون عليها حوالي 2.3 مليون مسلم، وعدد المساجد يزيد على الألفي مسجد، وبدأ الشيوعيون احتلالهم بارتكاب مذابح رهيبة، أعقبها عملية احتلال استيطاني واسعة؛ وألغى الصينيون الملكية الفردية، واسترقوا الشعب المسلم، وأعلنوا رسميًا أن الإسلام خروج على القانون، ومنعوا السفر خارج البلاد أو دخول أي أجنبي إليها، وألغوا المؤسسات الدينية وهدموا أبنيتها، واتخذوا المساجد أندية لجنودهم، وغيروا الأبجدية الوطنية بحروف أجنبية، وجعلوا اللغة الصينية هي اللغة الرسمية، واستبدلوا بالتاريخ الإسلامي تعاليم (ماوتسي تونج)، وأرغموا المسلمات على الزواج من الصينيين، ولما قامت الثورة الثقافية في (الصين) زاد الأمر سوءًا، وزادت حدة اضطهاد المسلمين، وكان ضمن شعارات الثورة: "ألغوا تعاليم القرآن".
    ورغم هذا الكبت والاضطهاد فقد استمرت ثورات المسلمين العنيفة التي تعمل (الصين) على إخفاء أبنائها عن العالم، ومنها ثورة (1386 هـ = 1966م) في مدينة (كاشغر)، التي حاول فيها المسلمون أداء صلاة عيد الأضحى داخل أحد المساجد، فاعترضتهم القوات الصينية وارتكبت في حقهم مذبحة بشعة، وانتشرت الثورة في الإقليم، وقام المسلمون بحرب عصابات ضد الصينيين، واستشهد في هذه الثورة - خلال شهر واحد - حوالي (75 ألف شهيد)، ولا تكف الأخبار عن تناقل أنباء انتفاضات للمسلمين في (تركستان الشرقية) ضد الاحتلال الصيني الدموي اللا إنساني.  
 
 معانـاة المسلمين
 
    حملة قمع تحت شعار "تحديد النسل":
تحت شعار "تشديد سياسة تحديد النسل" صدر مرسوم عن حكومة الشعب في (سنجيانغ) عام 1988م بشأن تطبيق سياسة تحديد النسل على الأقليات، وفي منطقة (سنجيانغ) ذات الحكم الذاتي، وصدر بيان يقول: "بسبب نظام الإنجاب التقليدي السائد تشكلت حالة من كثافة السكان، وقلة الوفيات، وسرعة النمو في نسبة الولادة، ونسبة السكان تزيد بكثرة، وقد أصبحت القضية خطيرة"، كما قامت السلطات الصينية في أواسط عام 2000 بحملة عامة في منطقة خوتان في (تركستان الشرقية)، شعارها "اضرب الانفصاليين والعناصر الدينية غير المشروعة بقوة"؛ الأمر الذي أدى إلى زعزعة الاستقرار السياسي والأمني في (تركستان الشرقية) عامة، ومنطقة (خوتان) خاصة؛ حيث لقي المئات من الأيغور الأبرياء مصرعهم واعتقل الآلاف منهم خلال عام واحد تقريبًا.
    واللافت للنظر أن السلطات الصينية تقوم خلال عملية تحديد النسل بممارسة شتى الوسائل الوحشية، كما تسبب سوء الوسائل الطبية في موت كثير من الأمهات خلال عمليات الإجهاض الإجبارية ، وحسب ما ذكرته سيدة أيغورية وصلت إلى (ألمانيا) طالبة اللجوء السياسي فيها أن السلطات الصينية اقتادتها إلى المستشفي بالقوة بسبب حملها سرا وأجرت لها عملية إجهاض حيث تم إسقاط جنينها الذي مضى عليه 6 شهور كما تم إجراء عملية إجهاض لثلاث سيدات معها في نفس اليوم حيث توفيت سيدة  بسبب سوء الوضع والمعاملة السيئة من قبل الأطباء، وأيضا عانت بقية السيدات اللاتي أجريت لهن العملية من سوء الصحة والمرض لمدة طويلة.
أعلن في البيان الصيني أنه لحل مشكلة الولادة وتحسين عملية تحديد النسل الجارية في ولاية (خوتان) تم اتخاذ عدة قرارات وهي كالتالي :
    أولا: تعزيز قيادة حملة تحديد النسل وجعلها مسئولية القيادات المحلية.
    ثانيا: تفصيل بشأن العقوبات التي تنتظر من يتهاون في إجراء حملة تحديد النسل من الكوادر الحكومية حيث إنه واعتبارا من عام 2000م يلقى بالمسؤولية على القيادات المحلية في القرى والأرياف بشأن وقائع المواليد خارج النطاق المسموح بها، وسوف يتم خصم 10 أيام من المرتب الشهري منهم إن حدثت واقعة ولادة واحدة غير مسموح بها، كما سوف يتم تشهير المسؤولين بأسمائهم في الصحف والتلفزيون إن حدثت واقعتي ولادة غير مسموح بهما، ويتم إقصاء الكوادر - التي تعطي معلومات خاطئة بشأن المواليد - عن وظائفهم الحزبية والحكومية،وقد يحال أمرهم إلى الدوائر الأمنية للبت فيه.
 ثالثًا: نص القرار على "الشخصيات الدينية وظائفها الأساسية تقديم الدعم لسياسة تحديد النسل، ولذا ينبغي توقيع أقصى العقوبات بحق العلماء الذين يعترضون على تلك السياسة".
     والذي يثير الانتباه أن السلطات الصينية كانت ترغم القيادات والكوادر القروية على إجراء سياسة تحديد النسل، وذلك عن طريق القيام بتهديدهم بالإقصاء عن وظائفهم وتوقيع أقصى العقوبات عليهم في حال عدم رضوخهم لضغوطها. ومن المعروف أنه بسبب تلك الضغوط الصينية تشتد مواقف  الكوادر القروية المسؤولة عن تنفيذ سياسة تحديد النسل، وذلك أنه باستثناء بعض العملاء الذين يضحون بأنفسهم لإظهار ولائهم للحزب الشيوعي فان معظم الكوادر تقوم بذلك خشية فقدان وظائفهم. وأصبح ضرب وحبس الأشخاص بذريعة الاعتراض على سياسة تحديد النسل ظاهرة عامة في كثير من المدن والقرى.
    وتزيد هذه العمليات المنافية لحقوق الإنسان من مشاعر الغضب والعداء التي يكنها الأهالي ضد مراكز تحديد النسل والقائمين علي تنفيذها.
ولهذا السبب ومنذ بدء تطبيق سياسة تحديد النسل في (تركستان الشرقية) عام (1988م) تزداد عمليات الانتقام يومًا بعد يوم، خاصة ما يقوم به الأهالي والمجاهدون ضد مراكز تحديد النسل والقائمين عليها.
    فعلى سبيل المثال: وحسب ما ذكره شخص أيغوري وصل إلى (ألمانيا) قبل فترة وطلب حق اللجوء السياسي إليها ويدعي (عمر جان) هو من أعضاء حزب الإصلاح الإسلامي السري في (تركستان الشرقية) يقول: قامت قوات المجاهدين التابعة لحزبه في مدينة (آقسو) في الساعة العاشرة صباح 18 يوليو 1994م بتفجير كل من مقر تحديد النسل في بلدة (توقسو) وجسر (طاشيول) الواقع بين (كاشغر) و(اورومجي) ومبني محكمة التفتيش بولابة (آقسو) في آن واحد وذلك للانتقام من العمليات الهمجية الذي قام بها مركز تحديد النسل في مدينة (آقسو) أثناء إجرائه لسياسة تحديد النسل.
  وكان سبب الواقعة ما يلي: اختارت السلطات الصينية بلدة (توقسو) التابعة لولاية (آقسو) كمركز لتجربة سياسة تحديد النسل في عام 1994م وبدأت كوادر المركز عملية " فحص حالات الحمل غير القانونية" في 15 فبراير 1994م، في قرية (خلق طام) بالبلدة وأثناء عملية الفحص تم اكتشاف سيدة أيغورية مضى على حملها "غير القانوني" 9 أشهر، وطلبت مديرة المركز من زوج السيدة - واسمه هاشم - دفع ثلاثة آلاف ين غرامة مالية، وإسقاط الجنين الذي مضى عليه 9 أشهر ،و بالطبع لم يستطع دفع الغرامة فقام عملاء المركز بإرغامه على بيع بقرة وحمار كان يستعملهما في الزراعة وقمحه الذي هو قوته، وهرب هاشم من القرية تاركًا عائلته وأخذ أفراد المركز زوجته جولفيام إلى المستشفي لإسقاط جنينها، ولكنها تمكنت من الهرب قبل إجراء العملية ولجأت إلى إحدى المقابر وولدت هناك بنفسها وتمكنت من المحافظة على ولدها حيًّا، إلا أن الدوائر الأمنية التي كانت تبحث عنها وصلت إليها وأخذتها إلى مركز تحديد النسل؛ وهناك قتلت مديرة المركز الجنين خنقا أمام أمه التي أصيبت بانهيار وتوفيت بعد ذلك بقليل. وأثارت هذه الحادثة مشاعر الغضب والانتقام التي يكنها الأهالي للسلطات الصينية ومراكز تحديد النسل ونتيجة لذلك قامت مجموعة من المجاهدين في 18 يوليو 1994م بتفجير مقر تحديد النسل بقنبلة.
    رابعا: ضمان الإنفاق على عملية تحديد النسل
جاء في هذه المادة "أنه يجب على كافة الكوادر القروية إعطاء أهمية خاصة على الإنفاق على مجال تحديد النسل كما يجب إنفاق 20 في المائة من دخل القرى في هذا المجال ، وينبغي إعادة فحص شاملة للغرامات التي تم فرضها على المخالفين لتحديد النسل و جمع الغرامات التي لم يتم تحصيلها بعد. ويظهر إنفاق عشرين في المائة من دخل القرى على عملية تحديد النسل أن السلطات الصينية لا تأخذ في الاعتبار تطوير القرى أو الأهالي وإنما هدفها الوحيد تخفيض نسبة سكان الأيغور بكل الوسائل تمهيدًا للقضاء التام عليهم .
مع العلم أنه بسبب عدم وجود المبالغ اللازمة من أجل إنشاء المشروعات الأساسية للتطور كإنشاء سدود المياه وإنشاء الطرق وإنشاء مناطق جديدة للسكن وغيرها تقوم السلطات في القرى بإرغام الفلاحين على العمل في إنشاء تلك المشروعات مجانا، كما تزيد من الضرائب والغرامات التي تثقل كاهل الفلاح حيث زادت تلك الأنواع من الضرائب عن 30 نوعا.
وتزعم السلطات الصينية أن سبب فقر الأيغور هو عدم تنفيذهم لتحديد النسل وذلك أن هذه الأرض التي تمتلئ بالثروات قادرة على إعاشة 100 مليون أيغوري فضلا عن 7 أو 8 ملايين.
وعادة ما تكون الأوضاع في الدول التي تشجع على تنظيم النسل سيئة، كمحدودية الأرض الزراعية والثروات الطبيعية، وتركستان ليست من هذه الدول، ولا توجد دولة في العالم ترغم شعبها على تحديد النسل غير (الصين) فقط حيث تشجع الدول باستثناء (الصين) على تنظيم النسل وليس تحديده.
تسعى السلطات الصينية بشتى الوسائل للقضاء على الشعب الأيغورى؛ فتعامل النساء الأيغوريات في القرى كالمساجين، وتجري لهن عمليات تعقيم، وقد توفي الكثير منهن بسبب نقص الإمكانيات والوسائل الطبية وتواضع مستوى الأطباء في مستشفيات القرى.
وحسب ما أورده مركز (تركستان الشرقية) للمعلومات في (ألمانيا)؛ فقد اقتيدت 28 سيدة أيغورية في (20 يونيو 2000م) إلى مركز تحديد النسل في بلدة (فيزاوات) بولاية (كاشغر)، حيث أجريت لهن عملية إجهاض واستؤصلت أرحامهن، وتوفي على الفور نتيجة لذلك (7) سيدات تتراوح أعمارهن مابين (25 - 34) سنة من مختلف القرى في بلدة (فيزاوات)!
    كما بلغ مجموع النساء اللاتي تم تعقيمهن خلال عام (1991م) في بلدة قارقاش في (تركستان الشرقية) وحدها (18765 سيدة)، وهذا الرقم يشكل نصف السيدات في سن الإنجاب في تلك البلدة، كما تم إجراء عمليات إجهاض إجبارية لثمانمائة وخمسة وستين سيدة خلال عام (1992م) في بلدة توقسو وحدها، وقد أصيبت (90%) من تلك السيدات بالمرض أو الجنون نتيجة لذلك، كما توفيت (17 سيدة) خلال (3 أشهر) بعد العمليات.
 
وفضلاً عن سياسة تحديد النسل، تمنع الصين سفر الأيغور - خاصة الشباب - إلى الخارج؛ خوفًا من انضمامهم إلى الجماعات والمنظمات التي تكافح ضد الاحتلال الصيني وتسعى للاستقلال، والتي تعمل فيما يقرب من 20 دولة في العالم، مثل (الولايات المتحدة الأمريكية), (كندا), (استراليا), (تركيا), (ألمانيا), (بلجيكا), (قازاقستان), (قيرغيزيا), (اوزبكستان)، (روسيا)، …  وتشتد هذه الجماعات والمنظمات قوة يوما بعد يوم، وتكافح تلك الجماعات سياسيًّا، وبدأت بالأيغور الذين هربوا من جحيم الشيوعيين عام (1949م) بقيادة القائدين (محمد أمين بوغرا) و(عيسى يوسف آلبتكين)، ولجأوا إلى (المملكة العربية السعودية)، والذين هربوا عام (1962م) إلى جمهوريات آسيا الوسطى، والذين هربوا بعد الثمانينيات بذرائع شتى.
 
 محاربة الإسلام
 
    تدهورت الأوضاع الإسلامية في (تركستان الشرقية)، وتمادت السلطات الصينية الشيوعية في إجراءاتها الاستبدادية، التي زادت عقب انهيار (الاتحاد السوفيتي)، واستقلال (جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية) عام (1991م)؛ حيث خافت الصين من انتقال عدوى التحرر  والاستقلال إلى (تركستان الشرقية) بعدما استقلت (تركستان الغربية) عن الحكم الروسي الشيوعي .
    واتخذت حكومة (الصين) الشيوعية تدابير صارمة لتشديد قبضتها الحديدية على (تركستان الشرقية) على الصعيدين الداخلي والخارجي، وقد عملت على منع الدعم السياسي الذي كان يحظى به اللاجئون التركستانيون في (الاتحاد السوفيتي) إبان الحكم الشيوعي؛ حيث وقعت اتفاقية إقليمية عرفت باسم اجتماع شنغهاي الخماسي مع دول الجوار - وهي (قازاقستان) و(قيرغيزستان) و(طاجيكستان) و(روسيا الاتحادية) - في (26 إبريل 1996م)، ثم بعد أن وقعتها (أوزبكستان) في (15 يونيو 2001م) سميت بمنظمة تعاون شنغهاي حيث أعلنت عن تأسيس مركز لمقاومة الإرهاب في (بشكيك) عاصمة (قيرغيزستان) وهكذا نجحت (الصين) - التي استفادت من الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية في هذه الدول حديثة الاستقلال والتكوين - في فرض إملاءاتها السياسية الخاصة في (تركستان الشرقية) لتمارس بحرية إجراءات القمع والتنكيل ضد المسلمين التركستانيين.
    وعلى الصعيد الداخلي اتخذ المكتب السياسي للجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني - في اجتماعه الطارئ في (28 مارس 1996م) - قرارًا سريًّا للغاية في معالجة قضية (تركستان الشرقية) (شنجانغ) عرف بالوثيقة رقم (7)، وتضمنت تطبيق (10) إجراءات صارمة تبدأ بحظر التعليم الإسلامي، ومنع النشاط الديني، واعتقال وإعدام من يعارض الحكم الشيوعي، أو يدعو إلى استقلال وانفصال (تركستان الشرقية) عن (الصين).
وبدأت السلطات الصينية في تنفيذ هذه السياسة بحملة "اضرب بقوة" في (12 إبريل 1996م) وأدت هذه الحملة الجائرة إلى منع المسلمين من موظفي أجهزة الحكم الصيني والنساء والشباب من ارتياد المساجد، وحظر التعليم الإسلامي، ومن ذلك ما حدث في مدينة (غولجة) في ليلة السابع والعشرين من رمضان عام (1417هـ)، عندما وقف رجال المباحث والاستخبارات والشرطة أمام أبواب المساجد يمنعون الشباب والنساء من دخول المساجد لأداء صلاة التراويح والتهجد، فاشتبك المسلمون معهم، واندلعت ثورة عارمة في (غولجة) التي تقع في شمال البلاد، وتدخل الجيش الصيني لضرب هؤلاء المسلمين العزل، فقتل منهم أكثر من (300) واعتقل نحو (10 آلاف) مسلم.
وقد ذكر سكرتير الحزب الشيوعي لمقاطعة (شنجانغ) في (تركستان الشرقية) في جريدة (شنجانغ) الرسمية اليومية بتاريخ (11 يوليو 1997م): أن السلطات الشيوعية اعتقلت (17 ألف شخص) في معسكرات السخرة لجيش التحرير والبناء، كما ذكرت الجريدة ذاتها بتاريخ (21 يونيو 1997م): أن الحكومة الصينية هدمت (133 مسجدًا)، وأغلقت (105 مدرسة إسلامية)؛ كما قامت بهدم عشرة مساجد في بلدة (قراقاش) في محافظة (خوتن).
وفي الوقت الذي انهار فيه النظام الشيوعي، وتخلصت الشعوب التي منيت به في (الاتحاد السوفيتي) و(أوربا الشرقية)، وحرر الحكم الصيني نفسه نظامه الاقتصادي، إلا أنه لم يغير طريقته الاستبدادية مع المسلمين التركستانيين؛ بهدف تذويبهم ثقافيا واجتماعيا في البوتقة الصينية وقد لاحظت ذلك الهيئات الدولية، فنشر مكتب مباحث الأمن الكندي مقالا بعنوان "اضطراب الإسلام في مقاطعة (شنجانغ) ذات الحكم الذاتي" (كتبه الدكتور باول جورج باحث مستقل في قضايا التنمية السياسية والأمن العالمي، برقم 73 في ربيع عام 1998) أشار إلى أن بكين تعمل بشكل منظم على التحكم في النشاط الديني في كافة أنحاء الصين، بدعوى حماية الوحدة الوطنية والاستقرار، ولكن في (شنجانغ)، يظهر الإسلام بشكل ملحوظ في الهوية الوطنية والثقافية المحلية، فتعده بكين تهديدًا مباشرًا لسلطانها، كما تعتبر المساجد والمدارس الإسلامية مراكز استياء لحكمها، ومن ثم تقوم من وقت لآخر باعتقال رجال الدين ومعاقبتهم بعنف.
    ولا يقتصر الأمر على الاضطهاد الديني فقط، بل بلغ حد سيطرة المستوطنين الصينيين على أمور هذا البلد المسلم؛ فحسب قول أحد الباحثين: "معظم كبار الموظفين وكل قواد الجيش من الصينيين الذين عينتهم (بكين)؛ فالصينيون يسيطرون على كل الصناعات الرئيسة ومراكز الاستثمار الاقتصادي لتحقيق متطلبات السلطة المركزية؛ وأما أغلب المسلمين المحليين، فهم في مهنهم التقليدية في الزراعة والرعي، وفرص العمل لهم في المجالات الأخرى محدودة جدا؛ علاوة على أن الثروات تصدر إلى (الصين)، ثم تستورد منها مصنوعات غالية الثمن".
وقد عرفت (شنجانغ) بـ"سيبريا الصين" لأنها أصبحت معسكرات سخرة لآلاف السجناء السياسيين والمجرمين، وتديرها منظمة (بين توان)، أو (جيش شنجانغ) للإنتاج والبناء، ويبلغ عدد أفراده (2.28 مليون) جندي.
 
أبرز مظاهر الاضطهاد الديني

مارست السلطات الصينية كافة أنواع الاضطهاد على المسلمين، ومن أبرزها :
1-حظر التعليم الإسلامي في المساجد تماماً؛ حيث أخذت السلطات الصينية تعهدات خطية مشددة من أئمة المساجد بعدم تجميع أطفال المسلمين وتعليمهم علوم الإسلام في المساجد.
2-منع بناء المساجد.
3-منع رفع الأذان من مكبرات الصوت.
5-منع طبع الكتب الإسلامية أو إدخالها إلى (تركستان).
6-منع نشر المقالات الإسلامية في الصحف أو إذاعتها في الراديو والتلفزيون.
7-منع استخدام الأحرف العربية في الكتابة.
8-تطبيق قوانين أحوال شخصية تخالف أحكام الشريعة.
9-إخضاع المدارس للمناهج التعليمية الصينية دون اعتبار للخصوصية الدينية والعرقية .
* وفي 19 مارس ( 1996م ) صدر القرار السري من المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني برئاسة الرئيس الصيني (جيانغ زمين) وبموافقة الأعضاء الدائمين، ومما جاء فيه :
    1- (شنجانغ) جزء لا يتجزأ من (الصين) ولكن الانفصاليين في الداخل والخارج يعملون على فصلها ويجمعون قواهم، حتى إن بعض الموظفين في الحزب والحكومة ينتقدون سياسة الحكومة المركزية بشكل مكشوف بينما بعضهم يمارس العنف والإرهاب، وقد حان الوقت لاتخاذ خطوات عاجلة لبذر الشقاق والخلاف بينهم .
    2- لا بد من تطهير جميع أجهزة الدولة والحكومة والحزب من الأشخاص المشبوهين بسرعة فائقة، وشغل أماكنهم بالأشخاص الذين يظهرون الولاء للحزب ولا يخشون الموت في سبيله، ولا بد من إرسال وإعداد الموظفين الصينيين الشباب لإسناد المهمة إليهم في (شنجانغ) .
    3- يجب أن تسيطر الدولة على النشاط الديني وتمنع جميع النشاطات الدينية الخاصة، ويمنع أعضاء الحزب الشيوعي من ممارسة أي نشاط ديني، ويطرد كل من يفعل ذلك، ويجب حماية الناس من الدعوة الدينية .
4-يمنع التبادل الثقافي من مدرسين وطلاب وعلماء حالاً، ولا يسمح لأي شخص أجنبي أن يلقي درساً أيّاً كان نوعه في المؤسسات التعليمية، ويجب اختيار الطلاب المبتعثين من شنجانغ بدقة وحسب التزامهم بتعاليم الحزب الشيوعي، وكذلك تحديد عدد الطلاب الذين يدرسون في الخارج على حسابهم، ويمنع علاقة المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية بمثيلاتها في الخارج، والمدارس التي لا تتقيد بهذه التعليمات تغلق حالاً ويعاقب مدراؤها والمسؤولون عنها بشدة.
5-يطور أداء الأجهزة الأمنية كافة، ويجب اختيار القضاة والمسئولين من الموالين للحزب، وكذلك بث العملاء والجواسيس لجمع المعلومات عن دعاة الانفصال في الداخل والخارج؛ إذ إن هناك علاقة وثيقة بينهم .
6-ميلشيات جيش الإنتاج والبناء
XPCC تقوم بدور كبير في استقرار الأوضاع في (شنجانغ)، ولا بد من تقويته وحل مشاكله المادية حتى يتمكن من استيعاب الشباب المهجر، ولا بد من تركيز أفراده في مواقع السلطة والإدارة في الحزب والدولة والحكومة ، ولا يقتصر عمله على البناء والإنتاج بل هو جيش كامل الصلاحية في الدفاع عن الحدود والتجاوزات .
7-فصائل جيش التحرير الشعبي
PLA لا بد من تحديثه وتسليحه بما يمكنه من صد القوى الأجنبية التي تتطلع إلى التدخل في (شنجانغ)، ولا بد من تعزيز علاقاته بالحزب والجيش والشعب كي يقوم بدوره في حفظ وحماية المدن والقرى من حركات الانفصاليين في (شنجانغ).
8-المراكز الرئيسية لدعاة الانفصال هي (تركيا)، (قازاقستان)، و(قيروغيزستان)، أما (الصين) فهي دولة قوية ولها دور في الشؤون الدولية، ولذا لا بد من العمل بالطرق الدبلوماسية بممارسة الضغوط على هذه الدول لمنع نشاط هؤلاء على أراضيها، ولا بد أن تكون هذه الدول هي أهدافنا الرئيسية، ولا بد من تركيز الجواسيس والعملاء ليمكن بث الفتن والخلافات من خلالهم وضرب بعضهم ببعض، ولا بد من تشتيت قواهم ومنع اتفاقهم حتى لا تتاح لهم فرصة تدويل قضية (شنجانغ).
9-لا بد أن لمكاتب وإدارات الحكومة والدولة والحزب والأمن العام وأمن الدولة والجيش ووحدات جيش التحرير الشعبي وميلشيات جيش الإنتاج والبناء أن تضع خطة مشتركة لإعداد قوة عالية التجهيز والتدريب وسرعة الحركة لقمع أي حركة أو مظاهرة أو أعمال عنف في شنجانغ بقوة ،كما لا بد من وضع خطة أخرى للاستفادة من الوحدات الأخرى في المقاطعات المجاورة .
10- المنتسبون للحزب والدولة والحكومة مسئولون عن تنفيذ هذه القرارات التي اتخذها المكتب السياسي بكامل أعضائه للجنة الدائمة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بدون تقصير.
العالم الإسلامي وعلاقته بمشكلة تركستان
 لم يقف العالم الإسلامي إلى جانب المسلمين الأيجور، وبدلاً من إظهار التضامن مع إخوانهم المسلمين قام البعض منهم - مثل (كازخستان)، و(قيرغيستان)، و(طاجكستان)، و(أوزبكاستان) - بالتضامن مع (الصين) لمكافحة ما يسمونه بـ"الأصولية الإسلامية"، وأكبر دليل على ذلك يتمثل في مجموعة (شنغهاي) التي تضم الدول الإسلامية الأربع، إضافة إلى (الصين) و(روسيا)، وعقدت عدة اتفاقيات تعمل على إعادة اللاجئين الأيغور بالقوة إلى بلادهم (سينكيانج)، وهو ما يمثل انتهاكًا لمعاهدة الأمم المتحدة للاجئين، كما رفضت (كازخستان) اللاجئين الأيغور، وأعادتهم قسرًا إلى الإقليم، ورفضت (باكستان) الطلبة الأيغور وأغلقت بيوت الضيافة المخصصة لهم في (إسلام آباد)، وفي غمرة عكوف العالم كله على الحرب الأمريكية ضد الإرهاب تضيع قضية المسلمين الأيغور وسط الزحام منشغلين بالإرهاب الذي تعرفه (أمريكا) وفق رؤيتها ومتناسين الإرهاب الذي يحدث في إقليم (سينكيانج) !!.
رغم ذلك فقضية الشعب المسلم في (تركستان الشرقية) لم تجد التأييد الإسلامي أو محاولة إثارة قضية هذا الشعب حتى في المحافل الدولية ..
ونتيجة لسلبية العالم الإسلامي، وعدم اهتمام المسلمين بدعم قضية شعب (تركستان الشرقية) المسلم .. ظلت هذه القضية الإسلامية المهمة .. محصورة في عنق الزجاجة الصيني، لا تبرحه إلى الآفاق العالمية أو الإسلامية على حدّ سواء.
    التحرك الإسلامي الشعبي :
والتحرك الإسلامي الشعبي تجاه قضية شعب (تركستان الشرقية).. يتلخص في أن رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة تقدمت بمذكرة لمؤتمر القمة الإسلامي الذي عُقد في مكة المكرمة عام (1401 هـ) جاء فيها: "نتيجة تحسن نظرة حكومة (الصين الشعبية) للمسلمين.. تطالب رابطة العالم الإسلامي الحكومات الإسلامية بالقيام بمساع لدى (الصين الشعبية) لتحقيق المزيد من الحرية الدينية للمسلمين في (تركستان الشرقية) .. هذا بالنسبة للدول التي لها علاقات مع (الصين) .. وإرسال الوفود الإسلامية بصورة متواصلة إلى (تركستان) ومحاولة إيجاد بعض المؤسسات الإسلامية وتقديم المساعدات الثقافية".
 
 
الدور المنتظر من الحكومات
1- تستطيع الحكومات بما لديها من إمكانيات ومصالح متبادلة مع الدولة الصينية إرغامها على وضع حد للتجاوزات القمعية العنصرية بحق إخواننا  المسلمين في (تركستان) الشرقية والوصول إلى حل يرضي هذه الفئة المظلومة ويعيد إليها حقها في الحياة الكريمة.
2- تستطيع الحكومات تفعيل دور المؤسسات الإسلامية كالأزهر الشريف بمصر للقيام بدورها تجاه هذا الشعب المستضعف.
3- التبادل الثقافي مع الشعب التركستاني واستضافة طلاب (تركستان) وتعليمهم وتثقيفهم وإعادتهم إلى بلادهم كوادر متعلمة تنشر العلم وتنهض بالبلاد.  
 
الدور المنتظر من الشعوب
1- الفهم الصحيح للقضية والإلمام بجذورها التاريخية ومراحل تطورها، مما سيكون له أعظم الأثر في تحديد أنسب الطرق لعلاج هذه القضية، وتبني أنسب الوسائل المساعدة على حلها.
2- التحرك وبسرعة ولتكن البداية في الناحية الإعلامية وذلك بالتوعية والتثقيف وإلقاء الضوء على هذه القضية لوضعها في بؤرة اهتمام الرأي العام حيث إن ما يحدث في (تركستان الشرقية) من ظلم لا يقل عما يحدث في فلسطين والعراق..
3- الإعانة المادية لدعم أعمال المقاومة الشعبية في (تركستان) بعمل صندوق لدعم (تركستان) أو عن طريق التبرع لهيئات الإغاثة.
4- الدعاء لهم بالنصر والتثبيت أمام محاولات التذويب من جانب الصين.
5- المواقف الايجابية تجاه الدولة الصينية بمقاطعة منتجاتها مثلًا، ولنتخيل الضرر الواقع عليها إذا ما قاطعها العرب والمسلمون الذين يمثلون سوقًا رئيسية للمنتجات الصينية.
6- تنظيم فعاليات لدعم المقاومة التركستانية والتعريف بقضيتهم ودعوة المنظمات الحكومية والأهلية لتبني القضية والقيام بدور إيجابي تجاهها.
7- المضي قدمًا في إصلاح النفس حتى تكون قادرة على تقديم المساعدة لغيرها و المشاركة في عمليات الإصلاح المجتمعي حتى يصبح قويًا ومؤهلًا، بل وقادرًا على ممارسة الضغوط لحل مثل هذه القضايا.

8- بث الأمل بقرب نصر الله للمؤمنين الصادقين، وإعادة حقوقهم المسلوبة، ومحاسبة الطغاة والمتجبرين وتلك الأيام نداولها بين الناس.

نقلا عن موقع قصة الإسلام