1 ذو الحجه 1430

السؤال

لقد أتممنا بناء بيتنا - ولله الحمد - وسكنت في الدور العلوي في شقة مستقلة لي ولزوجتي، ولكنها لم تتغير بل زادت قطيعتها لوالدي مع أني بذلت كافة السبل: بالنصح والوعظ والتصبير وغيره بأن تتنازل وتخالط أهلي، ولكنها فاجأتني بقولها: "أنا أكره أهلك وأدعو الله أن لا يوفقهم كل يوم" فتخيلوا الموقف، بالتأكيد ضربتها. وأردت تطليقها هذه المرة ومرات قبلها، ولكن يقف أبوها (خال والدي)، وأخوها حجر عثرة أمامي فلهم عندي من التقدير والاحترام الشيء الكبير، ولكنهم مع الأسف لم يستطيعوا أن يصلحوا من ابنتهم.
أصارحكم بأني لم أعد أستطيع أن أبادل زوجتي المحبة القديمة ولم أعد أطيق أن أنظر إليها، مع ذلك لم ولن أقصر في حقوقها..
الآن فكرت في الزواج؛ فبيتنا كبير وعندي القدرة المادية والجسدية، وسأسكن زوجتي الجديدة - إن شاء الله - مع أهلي، الذين يتمتعون بحسن السمعة والهدوء - ولله الحمد - من قبل أن أوجد على هذه الدنيا..
لقد وجدت بنت الحلال التي رضيت بوضعي؛ فهي على اطلاع على كثير من تفاصيله: ذات دين وخلق وعلم وعقل.. فما رأيكم بزواجي من الثانية؟!
أفيدوني جزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

أخي الفاضل:
الزواج الثاني أمر مباح أحله الله سبحانه وتعالى وشرعه لعباده، وهذا الأمر لا يختلف فيه اثنان شرط أن يكون العدل هو دستوره.
ولكن يأتي السؤال!!
هل رغبتك في الزواج حل للمشكلة أم هروب من المشكلة؟
عليك أن تضع في اعتبارك أن الزواج الثاني قد يكون هو المشكلة وليس الحل !‏ فقد يتفاقم الأمر لديك وقد تزداد حياتك سوء على سوء.
فقرار الزواج الثاني "التعدد" قرار ليس سهلا، وهو يحتاج لحكمة شديدة، وبصيرة ثاقبة حتى يتأكد الزوج أنه سيكون الحل فعلا ، ولن يكون سببا لمشكلة جديدة.
فالزوجة الثانية ليست مجرد مغامرة عابرة ليحصل فيها الزوج على المتعة أو الصفات المفقودة مع الزوجة الأولى، وإنما هي مسئولية جديدة تضاف للمسئوليات القديمة، وهذه المسئولية تقتطع نصيبا كبيرا من الجهد والمال والوقت قد لا يقدره المقدم على الزواج الثاني حق قدره، ويخطئ في حسابه فتقع الطامة الكبرى وتنقلب حياته إلى جحيم مستعر أكثر من ذي قبل!!
لا تستهن بالموضوع فالأمر يحتاج للتفكير الجيد قبل اتخاذ القرار.
عليك أن تسأل نفسك وتجيبها بصراحة:
هل درجة كرهك لزوجتك الأولى كبيرة وعدم قدرتك على تحملها هو كره دائم لا حل له، بحيث لم يعد هناك حل سوى الزواج الثاني بكل مسئولياته وأعبائه ومشاكله؟
هل تعتقد أن لديك الحكمة والقدرة العقلية والنفسية والجسدية ومن حسن التصرف ما يجعلك قادرا على استيعاب ما سيستجد لديك من مشاكل بسبب هذا الزواج، وما ستواجهه من ثورات وغيرة من كلا الطرفين وغير ذلك!!
لا تعتمد في قرارك كليا على أن المرأة التي تنوي الزواج بها على علم بأوضاعك كلها وأنها قد رضيت بها ، وأنها ذات خلق ودين، وعلم وعقل وبصيرة، فالحياة النظرية تختلف عن الحياة العملية، والمرأة مهما بلغت من العقل والعلم والدين تظل امرأة
وأنها الآن راضية لأنها متأكدة أنك لا تريد زوجتك الأولى ولم تعد تحبها . ولكن ماذا سيكون موقفها عندما تراك تدلل الأولى أو تستجيب لطلباتها هي وأبنائها أكثر منها لتتقي شرها ، هل ستستمر في مساندتها لك وهل ستحسب الأمور كما تحسبها انت!!
تذكر أن الارتباط بزوجة جديدة هو بداية لطريق جديد غامض مع امرأة جديدة، ذات طابع مختلف، لا تدري ما هو!!
عليك أن تراجع حساباتك من جديد وتقيم الأمور بالشكل الصحيح، وعليك أن تضع أسوء الاحتمالات التي يمكن أن تواجهها بسبب زواجك الثاني ، وتسأل نفسك هل أنت على استعداد لمواجهة ما سيحدث أم لا!!
عليك أن تضع في اعتبارك أن زوجتك ستتعرض لهزة عنيفة تزلزل كيانها وأنها قد تزداد سوءا أكثر مما هي عليه وقد يحدث العكس.
إذا وجدت أن لديك القدرة على مواجهة ردود أفعال زوجتك وكل ما يمكن حدوثه ووجدت الحلول للفرضيات التي تتوقع حدوثها ووجدت أن الزواج الثاني هو الأنسب لك
عليك أن تحسن اختيار الزوجة الثانية وان لا تتعجل في الزواج من أي امرأة لمجرد أنها على دراية بظروفك.
استخر الله قبل أن تقدم على أي عمل وتوكل على الله حق التوكل وسيدلك هو على الطريق الصحيح باذن الله.
وفقك الله وأصلح لك زوجتك ان شاء الله