في شهر رمضان المبارك الذي ودعناه قبل أيام، كانت أكثر فضائيات العرب مشغولة بمسلسلات الفجور، وتسخيف العقول وتغييب الوعي بالرقص والغناء والميوعة، كانت غزة الباسلة على موعد مع رئيس وزرائها الأستاذ إسماعيل هنية الذي يؤم المصلين في صلاة التراويح، بمسجد الخلفاء الراشدين الذي دمره اليهود الحاقدون في عدوانهم الغادر العام الماضي، وأعيد ترميمه بفضل الله ثم بالهمّة العالية لدى هذا الشعب المجاهد.
المهم أن هنية حصل في الشهر الكريم على السند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قراءة القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم وهي القراءة الأكثر انتشاراً ولا سيما في بلدان المشرق الإسلامي.ولو كانت أوضاع قطاع غزة المحاصر عادية لظل اهتمام رئيس الحكومة بتحصيل هذا الشرف أمراً مثيراً، بحكم ما يراه المرء لدى معظم المسؤولين في بلاد العرب من عدم اكتراث بأداء الصلاة وهي آكد فروض الأعيان، فكيف بما هو من فروض الكفايات!!
إن الرجل الهمام الذي نحسبه صادقاً والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً، أثبت أن المسلم الذي يتبوأ موقعاً قيادياً، يمكنه أن يعنى بكتاب ربه سبحانه، حتى لو كان العدو الغدار يتربص به ليل نهار، ولو كانت إدارة القطاع الأسير في مثل هذه الظروف تحدياً لا ينهض به إلا الرجال أولو العزيمة وذوو الإيمان القوي.
فتهنئة من القلب للأستاذ هنية، وتهنئة لغزة برئيس وزرائها الذي يؤم المصلين في بيوت الله، ولا يعرف اللهو ولا العبث ولا هدر المال العام على المنكرات!! ولعل ذاكرة أهل غزة الأكارم يقارنون هنية بأناس سبق لهم السيطرة على مقاليد الأمور عندهم فكانوا شركاء للاحتلال وخونة لشعبهم وفاسدين ومفسدين، وكانوا رموزاً للتهتك والانحدار أخلاقياً.