24 محرم 1431

السؤال

أنا وزوجي الحمد لله على وفاق لكن المشكلة بيننا أنه عصبي المزاج رغم تدينه، ولا يعرف التصرف في الموارد المالية مما ينعكس سلبا على حياتنا ويجعلنا كل يوم على خلاف يصل في بعض الأحيان إلى حد الطلاق، وأنا أم لطفلة.. ساعدوني في إيجاد حل.. جزاكم الله خيرا.

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

العصبية من الطباع السيئة التي أصبحت سمة الكثيرون منا، كبارا أو صغارا، رجالا أو نساء، ملتزمين أو غير ملتزمين، ومن أهم أسبابها ضعف الشخصية، أو عدم الصبر وعدم الرضا أو الشعور بعدم التحكم في زمام الأمور باختلاف أنواعها صغيرها أو كبيرها..
وما تأصل هذا الطبع فينا إلا لبعد قلوبنا عن الله سبحانه وتعالى رغم أن جوارحنا تبدي غير ذلك!! وألسنتنا تؤكد لنا ولمن حولنا العكس!! فمتى ما اقتربنا حقا من الله قلبا وقالبا استقرت قلوبنا وهدأت أنفسنا وتوكلنا على الله سينعكس ذلك على تصرفاتنا
أختي الفاضلة..
لكي تتمكني من حل مشكلتك والتعايش مع عصبية زوجك عليك أن تبحثي عن الأسباب الحقيقية التي تجعل زوجك عصبي المزاج.. ثم تحاولي أن تجدي لها الحلول الممكنة... فهناك أسباباً كثيرة تدفع الزوج إلى استخدام العنف مع الزوجة، منها تدني مستواه التعليمي والمهني، أو بسبب دخله المادي المنخفض، أو عدم التكافؤ المادي بينه وبين زوجته خاصة إذا كانت تعمل أو إذا كان لديها أي مصادر مادية أخرى تجعل دخلها المادي أكثر من دخله.. وبالخصوص إذا صادف وجود أي مشاكل أو صراعات أو ضغوط نفسية أو إحباطات سواء في محيط الأسرة أو العمل أو المجتمع. فعليك أم تراجعي نفسك في جلسة هادئة وتسأليها بصراحة ما هي الأسباب الحقيقية التي تجعل زوجك يتعامل معك بعصبية.
هل يتعامل معك أنت فقط بعصبية أم مع الجميع!!
إذا كان يتعامل بعصبية مع الجميع فهذا يعني أن المشكلة في الغالب في شخصيته هو وليس منك أنت أو بسببك
تذكري أن الشخص العصبي عادة ما يفتقد الثقة في نفسه.. وقد يفتقد الحب أو والحنان... وقد يعتقد أن من حوله يتعمدون إهانته.. لذا فهو بحاجة للحب والاهتمام والاحترام والتقدير والثناء.. فكلما أشبعتي لديه هذه الاحتياجات في حياتك اليومية.. كلما أصبح أقل عرضة للنوبات العصبية..
تأكدي أن الزوج العصبي عادة ما يكون طيب القلب، ولكنه سريع الغضب وحاد المزاج.. ويشعر بضرورة الهجوم على الآخرين قبل أن يباغتوه هم بالهجوم.. فلا تتعاملي مع عصبية زوجك وكأنها تعمداً لجرح كرامتك.. وحاولي أن لا تستفزيه أبد عندما يغضب، ولا تثيريه بأي عــبارات يمكن أن يعتقد من خلالها انك تستهينين بشخصيته.
إياك أن تتعاملي معه بالمثل أو تقصري في حقه، ولا تدعي تصرفه يغير سلوكك الجيد، فمن واجبه تجاهك أن تحسني اليه.
عليك أن تستعيني بمن تثقين بهم من الأهل أو الأصدقاء، خاصة بمن يثق هو أيضا بهم. اختاري من لهم صلة وثيقة بزوجك ولديهم القدرة على التأثير فيه ليساعدوك في حل المشكلة.
قد تكون أسباب عصبيته منك أنت أو من طريقة تصرفاتك وأسلوبك الذي يستفزه ولا يتناسب معه خاصة عندما يكون متوترا ولا يستطيع التحكم في أعصابه!!
راجعي نفسك جيدا ومرري شريط حياتك معه أمام عينيك وراقبي جميع الأحداث التي مرت بكما وحاولي أن تكتشفي ما هي المواقف أو التصرفات أو الكلمات التي كانت سببا في تغيير مزاجه وعصبيته في كل حادثة.. وحاولي أن تتجنبيها بقدر الإمكان.
قد تكون عصبيته ناتجة عن أسباب خارجية مادية أو اجتماعية أو أسباب أخرى، حاولي أن تتعرفي بهدوء على تلك الأسباب لإيجاد الحلول المناسبة لها.
غيري أسلوبك في التعامل معه خاصة في فترات عصبيته.. احرصي أن تمتصي غضبه بالأسلوب أو الأساليب التي يحبها.. تجنبي استخدام الأساليب التي لا تؤثر فيه أو التي تستفزه حتى لو كنت مقتنعة بها.
لا تكوني أنت الشرارة التي توقد غضبه وتثير عصبيته.. فان لاحظت عليه
أي تغير في المزاج تجنبي التصادم معه.. ولا تزعجيه بأسئلتك وفضولك لمعرفة سبب توتره. ويمكنك تجنب الجلوس في نفس الغرفة التي يجلس فيها إلى أن يهدأ.
عليك أن تذكريه بين الحين والحين بالله بهدوء وتجنبي الطريقة الاستفزازية.. ذكريه أن الدنيا فانية وان لكل مشكلة حل شرط أن يثق بالله حق الثقة ويتوكل عليه، وهو إنسان متدين ويعرف ذلك.
ذكريه أنه في ابتلاء وأن الله يحبه ويريد أن يختبره فعليه أن يكون على قدر هذا الحب وينجح في الامتحان وساعديه أنت على ذلك كوني عونا له ولا تكوني عبئا عليه.
اضبطي انفعالاتك، ولا تبالغي فيها، وانتبهي من طريقة وأسلوب ردك عليه
جربي معه في كل مرة أسلوب مختلف، إلى أن تكتشفي أي الأساليب أفضل. كأن تستخدمي أسلوب الصمت تارة... أو أسلوب الفكاهة والمزاح تارة أخرى.. أو أن تغادري المكان بلطف وتخبريه انك ستعودين عندما يهدأ.
يمكنك آن تطلبي منه أن يتمشى قليلا ولو لوحده، أو يمارس أي عمل يحبه، أو يستمع إلى القران أو إلى أي برنامج من برامجه المفضلة حتى تتمكني من إخراجه من حالة التوتر التي يعاني منها قبل أن تتجسد على هيئة عصبية أو سوء معاملة لك.
عليك أن تجعلي جو المنزل يبعث إلى الهدوء والسكينة والطمأنينة.. احرصي أن تكوني جذابة وفي أحسن صورة، وان يكون المنزل مرتبا نظيفا.. وان يكون الطعام جاهزا بأفضل الأطباق التي يحبها.
ابعدي عنه كل مصادر الإزعاج.. بما في ذلك طفلتك الصغيرة إن كانت مزعجة.. أما إن كانت عكس ذلك يمكنك أن تحضريها له لتمتص غضبه وتوتره.
احرصي على الابتسامة المشرقة النابعة من القلب.. فهي المفتاح السحري لكل باب..
إذا كنت تتوقعين أن مصدر توتره وعصبيته من الإجهاد الجسدي.. فيمكنك أن تمنحيه جلسات تدليك بيديك الحانية.. وتلاطفيه أثناء هذه الجلسات ليزول التوتر الذي يشعر به وتكوني أنت من يزيل همومه وتكونين سكنا له كما يفترض أن يكون... أما إن كان ممن يؤثرون الصمت فيمكنك أن تلتزمي الصمت أثناء المساج.
تعرفي على شخصيته ونفسيته جيدًا لتتمكني من التعرف على مفاتيحه وتتمكني من التصرف بحكمة والتعايش معه.
لاحظي تعبيرات وجهه وافهميها جيدًا، فإذا شعرت أن ملامح الغضب بدأت تعلو وجهه، أو أن في نظراته حدة فأعلمي أنه على وشك الانفجار، عندها تجنبي الاحتكاك معه أو إثارة غضبه.
في اللحظة التي يغضب فيها ويبدأ بالصراخ والعصبية عليك أن تكوني هادئة ومتماسكة وقوية.. لا تقفي أو تجلسي أمامه وقفة خوف أو ذل بل قفي أو اجلسي بثبات منتصبة القامة ولكن باحترام.
تذكري أن السر في تجاوز عواصف الغضب هو الهدوء.. ثم الهدوء.. ثم الهدوء.. وإلا لن تنقضي هذه العاصفة أو تمضي إلا بعد تدمير كل شيء أو أي شيء من كيان الأسرة أو كيانك أنت أو كرامتك أو مشاعرك.
تذكري أن تكوني هادئة ومتماسكة مهما بلغت عصبيته، ابتعدي عن التوتر، أو كثرة التعليقات أو الحركة، أو الجدال أو البكاء، لأن هذه الأمور ستزيد من حدة غضبه وعصبيته.
تحكمي في انفعالاتك والتزمي بردود فعل هادئة الأعصاب، والتزمي الصمت، وإظهار عدم الاكتراث لعصبيته إن لزم الأمر، شرط أن لا تحاولي تجاهله أو استفزازه عن طريق تعبيرات وجهك، فلا تنظري إليه بحدة، أو بنظرات اللامبالاة فتبدين وكأنك لا تهتمين به أو بكلامه.
دعيه يشعر أن هدوءك هذا تقديرا له ومن أجله، ودعيه يدرك انك متفاعلة معه ومتفهمة لأسباب عصبيته.. واستخدمي معه العبارات المهدئة التي تجعله يشعر انك تفهمينه جيدا كعبارة "أنت على حق"، "لنفكر في حل جيد كي لا تتكرر هذه المشكلة مرة أخرى" أو " إن شاء الله سأحاول أن افعل كل ما يرضيك ".. وهكذا
وتجنبي العبارات التي تزيد من حدة غضبه وثورته مثل " اهدأ" أو "لماذا تكبر المواضيع " أو " لا أعتقد أن هذا الموضوع يحتاج إلى كل هذه العصبية " أو " هدئ أعصابك " فهذه الكلمات تزيد من حدة غضبه وثورته.
عليك أن تستمعي إليه وتتركي له فرصة التنفيس عن ما بداخله شرط أن تتفادى التصادم معه، وأنصتي جيدا لما يقوله باهتمام دون أن تقاطعيه خاصة في فترات انفعاله، وأشعريه أنك تتابعين كلامه وتفهمينه.. وتذكري أن عمليه تفريغ شحنات الغضب الداخلية ستريحه كثيرا حتى لو لم يجد حلا للمشكلة التي غيرت مزاجه.
إذا كان الموضوع المطروح يحتاج إلى نقاش جدي.. وكان زوجك قد بدء في فقد أعصابه، لا تصري على مناقشة الموضوع ولا تتنازلي له بسرعة لتسكتيه.. بل أجلي النقاش لوقت لاحق بطريقة لبقة.. كأن تقولي له «نتفاهم في هذا الموضوع بإذن الله فيما بعد»، أو « سنجد حلا لهذا الموضوع بإذن الله فيما بعد» لأن الرضوخ والتنازل الدائم سيجعلك غير راضية على حياتك.
لا تدخلي معه في مناقشات حادة يمكن أن تدفعه إلى درجة العدوانية.
وعندما تنتهي نوبة غضبه ويعود إلى رشده، سيخجل من نفسه، عندها أشعريه بأنك متألمة ومتأثرة وحزينة من طريقته وأسلوبه معك ولكن بصمت، دون أن تعاقبيه أو تشعريه بالكره أو البغض فهذا سيجعله يشعر بالندم.
حاولي أن تتحاوري معه بهدوء فيما بعد، في جلسة حوار هادفة لتناقشيه في الأمر، على أن تختاري الوقت والمكان المناسبين الذي يكون زوجك فيه هادئا، ولديه الاستعداد للمناقشة وحل المشكلة.
حاولي أن تخرجي الرجل الطيب الكامن بداخله، لا تحقري من شأنه أو تقللي من قدراته، فلا تنعتيه بالتهور أو عدم القدرة على تحمل المسؤولية.
ليكن أسلوبك هادئا ونبرة صوتك حانية وأنت تلومينه على أسلوبه. ذكريه بحبك وتقديرك له، وضحي له بأن هذه العصبية ستؤثر على حياتكما في المستقبل رغم حبك الكبير له.
اخبريه انك تعتبريه الزوج المثالي من وجهة نظرك، ولكنه بأسلوبه القاسي، سيجعلك تنفرين منه، أعلني له عن استياءك، واطلبي منه بصراحة ووضوح أن يتغير، وأن يكف عن هذا الأسلوب الخشن المنفر.
لا تسمحي لنفسك أو لزوجك باستخدام الألفاظ الجارحة أو البذيئة لكي لا يضيع الاحترام بينكما، لأنه إن ضاع سيضيع الحب والاستقرار في الأسرة لا محالة.
اطلبي منه أن يضع نفسه مكانك، وليتخيل أنه هو الذي يتلقى هذه المعاملة القاسية.. فكيف سيكون شعوره أو تصرفه!!
ذكريه بهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " لا تغضب.. لا تغضب.. لا تغضب" و" ليس الشديد بالصرعة".
اطلبي منه أن يتمالك نفسه قدر المستطاع خاصة أمام طفلته لكي لا ينعكس الأمر سلبا عليها وعلى نشأتها.
تأكدي أن سر الاستقرار في الحياة الزوجية هو تفادي الجدل بين الزوجين
تذكري أن الإنسان لا يمكنه أن يغير من حوله ولكنه يمكنه أن يغير نفسه، فعليك أن تتحملي أنت المسئولية، فتكوني أنت مركز الأسرة القوي وعمادها، دون أن تعلني له ذلك.. يمكنك أن تتصرفي بحكمة في جميع الأمور دون أن تشعريه بتقصيره أو عدم كفاءته خاصة عند التصرف في الموارد المادية.. عليكِ أن تكوني أمامه الطرف الأضعف دوما.. وتذكري أن قوتك تكمن في ضعفك وحاجتك إلى زوجك.
عليك أن تجلسي معه في احد الجلسات الهادئة لتناقشي الامور المادية معه. اختاري الوقت المناسب الذي يكون مستعدا فيه للنقاش واطلبي منه أن تضعا خطة لعملية الصرف المالي..
لا تحاولي أن تفرضي عليه أفكارك ورؤيتك أنت فقد تكون غير صحيحة وقد يرى ما لا ترين أنت
امسكي ورقة وقلماً وقسمي جميع احتياجاتكم إلى عدة بنود.. رتبي هذه البنود حسب أهميتها.. عليك أن تحددي معه أولويات الأسرة والالتزامات الأخرى التي يفترض أن يضعها في ميزانيته، حددي معه المبلغ المطلوب لكل أولوية
اطلبي منه أن يقتطع من راتبه نفقة هذه البنود وأن يبعدها عن بقية مرتبه لكي لا يتصرف فيها دون أن يدري، أو أن يعطيك شهريا نفقة هذه البنود الهامة لتحتفظي بها لديك وتكوني أنت المسئولة عنها.
ضعي معه الأهداف التي تسعون إلى تحقيقها، وناقشي معه ما يتطلبه كل هدف من ميزانية.
ان كانت الميزانية متوفرة لديكم عليك أن تقنعيه أن يقتطع المبالغ المطلوبة لكل التزام ويحفظها معك أو في حساب آخر في البنك بحيث لا يستخدم هذا المال إلا في البنود التي وضعت له
إذا بقي لديكم فائض من المال بعد اقتطاع المبالغ المطلوبة، اقترحي عليه أن يقسم بقية المبلغ إلى عدة أقسام ليضع كل قسم في بند مختلف. كأن يقتطع شهريا مبلغا بسيطا يضعه في مظروف منفصل لحالة الطوارئ.. ويقتطع مبلغا أخر للادخار.. وهكذا حسب ما ترون انتم
أما إن كان المورد المادي لا يغطي جميع الالتزامات.. فعليك أن تعيدي حساباتكم مرة أخرى وتضعي معه البنود الأكثر أهمية ثم الأقل لسدها
يمكنك أن تفكري معه في عمل أي مشروع بسيط مربح حسب قدراته وهواياته ليزيد دخلكما
ثقي بالله حق الثقة في كل خطوة تخطينها.. وتوكلي على الله حق التوكل.
تذكري أن جهاد المرأة في بيتها.. فاحتسبي الله في كل ما تفعليه واصبري وأكثري من الاستغفار والدعاء فهما السبيل إلى الفلاح بإذن الله.