الإعلام العربي.. الواجب الغائب والطاقات المعطلة
16 ذو القعدة 1430
علا محمود سامي

يجزم كثير من المراقبين بأن هناك العديد من التحديات تقع على عاتق أجهزة الإعلام العربية عموما والفضائيات خصوصا، ولا سيما في المرحلة الراهنة، التي تتعدد فيها مجالات تشويه الصورة العربية والإسلامية ، والتي تأتي امتدادا لتداعيات حملات الدعاية والتشويه ، التي تصاعدت بعد أحداث 11 سبتمبر الشهيرة.

 

ولاشك أن ذلك كله يضع على الإعلام العربي واجباً أساسياً في تصحيح الصورة العربية والإسلامية في الخارج، لإزالة ما علق بها من تشويه وتزوير وتحريف, وبخاصة أن هذه الفضائيات أصبحت تجوب العالم بفعل ثورة الاتصالات، وانتشار الأقمار الاصطناعية، وتمتعها بقدرات تقنية عالية.

 

وفي هذا الإطار،  يقع على أحد أبرز الهياكل الإعلامية القائمة القسط الأكبر من المهمة ، ونعني بذلك اللجنة الدائمة للإعلام العربي لتصحيح الصورة العربية في الخارج، لاسيما في مثل هذه الأوقات، الأمر الذي يتطلب تعزيز هذا التحرك، على مستويات مختلفة، منها تحريك المكاتب الإعلامية العربية في الخارج وخاصة في أوروبا وأمريكا لإعداد رسالة إعلامية عربية وإسلامية تخاطب الآخر بلغته، بدلا من مخاطبة الذات.

 

كما يتطلب الحال نفسه تكليف المراكز البحثية في العالمين العربي والإسلامي بإلقاء الضوء على أصالة حضارتنا وتفرد قيم الإسلام التي تدعو إلى التسامح والحوار مع الآخر، وأنه دين لا يعرف العنف العشوائي، بالإضافة إلى توسيع دائرة نشر المقالات في كبريات الصحف الدولية، واستئجار ساعات بث متكررة في أجهزة الإعلام الغربية للقيام بالغرض نفسه.

 

وبحسب الواقع، فإن الفضائيات العربية التي يتسع انتشارها عالميا بالبث على الأقمار الاصطناعية  العالمية، تتحمل مسؤولية كبرى للنهوض بهذا الواجب، بعدما تعذر على العالم العربي الرسمي إنشاء فضائية موحدة تنطق باسمه وتذود عن هويته وحقوقه ومصالحه، على الرغم من أن هذا الحلم عريق وقديم نسبياً، وليس انعكاساً أو رد فعل  لأحداث 11 سبتمبر أو غيرها.

 

وفي هذا السياق يتجلى دور القمرين الاصطناعيين "نايل سات وعربسات" اللذين يمكنهما القيام بالعبء الأكبر  في مهمة تصحيح الصورة، من خلال الفضائيات العربية التي تبث عليهما، بأن يكون ذلك أحد شروط البث عليهما للمساهمة في الجهود العربية والإسلامية ، التي يفترض أن تكون مبذولة لتصحيح الصورة بالخارج.

 

ويضاف إلى ما سبق، دور آخر، يتمثل في وسائل تقنية أخرى، أبرزها ما يعرف بالطريق السريع للمعلومات والذي يمكن تنفيذه نتيجة الترابط التقني الذي يشهده العالم بفعل ثورة "الإنترنت"، وما أحدثته من تدفق سريع للإعلام والمعلومات.

 

ومن الضروري أن يكون لدى اللجنة الدائمة للإعلام العربي فريق عمل لبحث ما يتم التوصل إليه في اجتماعاتها الدورية  في الجامعة العربية ،وبخاصة أنه سبق لفريق من خبرائها القيام بدراسة هذا الموضوع (تصحيح الصورة في الخارج)، وقد انتهى الفريق المذكور إلى ضرورة إقامة مراكز للمعلومات مترابطة في الدول العربية، لتوفر المعلومات الكافية والسليمة عن الوطن العربي، بما يمكنها في مرحلة لاحقة من الانطلاق إلى العالم الغربي.

 

وإذا كانت القوى الصهيونية والصليبية قد استغلت  11 سبتمبر 2001 لتعبئة الرأي العام الغربي ضد الإسلام وضد العالمين العربي والإسلامي ، فإن على دولنا عبئاً ثقيلاً، لكسب المواجهة لدى الجمهور الغربي المضلل،والذي يتلقى تصوراته عنا من خلال إعلامه المعادي لنا بشدة.

 

وفي المقابل فإن الزخم الهائل من الفضائيات العربية الذي يصل إلى أوروبا وأمريكا يمكن أن يكون ردا على هذه الدعاية الفجة والمغرضة من جانب الدعايات الغربية ، بما يمكن أن يساهم في معرفة المزيد عن الدين الإسلامي والعالم العربي.

 

وهذا الدور الفضائي لن يتم - ولا شك - في ظل التبعثر الفضائي العربي، إذ لابد أن يكون هناك قدر من التعاون والتنسيق، وينبغي ألا يغفل التعاون المنشود- في جميع درجاته - إنتاج برامج خاصة موجهة إلى العالم الغربي لتوضيح أن الإسلام هو دين العدل، وصانع السلام الحق، وإبراز دور المسلمين في إثراء مسيرة الحضارة الإنسانية وصنعها، وأنهم طرف أصيل فيها، وتأكيد أن أي الحكم على الإسلام بناء على تصرف يقوم به منتسبون إلى الإسلام، هو ظلم مرفوض إنسانياً.

 

والمؤكد أن هذا الأمر سيحتاج إلى إمكانات هائلة، وأعتقد أن هذه ليست مشكلة في الإعلام العربي الذي يملك الإمكانات والكوادر التي تؤهله للقيام بهذا الدور، ولكن المهم في هذا كله توافر عنصر الإرادة، التي لو تحققت في النشاط الإعلامي العربي - على أي من مستوياته - لتغير الحال كثيرا، ولاستطاعت فضائياتنا القيام بدورها في تصحيح الصورة بالخارج، ولساهم ذلك أيضا في الدفاع عن قضايانا الأساسية، بالشكل الذي يحقق المصلحة العامة، ويخدم أهدافنا في ظل عالم لا مكان فيه  للضعفاء ، وأن مواجهة تحدياته لا يمكن إلا أن تكون بالتعاون والتنسيق ما دمنا قد عجزنا عن تحقيق التكامل المطلوب.

 

وأخيرا.. فان اجتماعات مسؤولي الإعلام العرب في "بيت العرب" قادرة على ترجمة هذه الطموحات إلى واقع يمكن أن يرى النور، ويحقق أحلاما أخرى، ظل يحلم بتطبيقها كثيرون من أجل إعلام عربي وإسلامي يلبي احتياجات مواطنيه، ويحقق لهم طموحاتهم.