الإعلام الإسلامي.. مشكلات في خط المواجهة! (2-3)
5 محرم 1431
خباب الحمد

تنحصر المشاكل التي تواجه المؤسسات الإعلامية الإسلامية في صنفين من المشكلات، هما:

1)    مشاكل داخلية.
2)    مشاكل خارجية.

 

المشاكل الداخلية

من تلك المشاكل الداخلية ما يلي ذكره:

• ضعف المنهج الإسلامي عند بعض العاملين في المؤسسات الإعلامية الإسلامية.

فهنالك مؤسسات إعلامية يقوم عليها إسلاميون، جعلوا هدفهم ونصب أعينهم ـ كما يقولون ـ الانطلاق من ثوابت الإسلام وعقيدته، ولكنَّ النظرية لا تغني عن التطبيق، والقول لا ينفع دون الفعل، والكلمة المزخرفة لا تقنع العاقل ما لم تظهر عبر منهج فعلي سلوكي.

 

فنشاهد مجازفات ومخالفات واضحة في خط بعض المؤسسات الإعلامية الإسلامية، من ظهور شخصيات لا تمت للمنهج الإسلامي بصلة؛ مع إعطائهم هالة إعلاميَّة لا يستحقونها، والأنكى من ذلك أن يطلق عليهم مفكرون إسلاميون، وهم إلى الليبرالية ومنهجها أقرب منهم إلى الإسلام وشرعته، ويحاولون أن يبثوا سموماً وفتناً وشبهات في آذان المستمعين!!

 

كما نجد ظهور النساء سافرات متبرجات كاشفات عن شعورهنَّ وشيء من أجسادهنَّ، ويظهرن في مقابلات فضائيَّة عبر القنوات الإسلامية، وبصورهنَّ في بعض الجرائد والمجلات الإسلاميَّة، أو عن نساء متحجبات ولكنه حجاب آخر موضة أو تقليعة من الألوان الزاهية المثيرة، والمكياج والكحل، وأنوع الزينة، وكل هذا داخل في باب الحرمة الشرعية.

 

وفي مجال الإعلانات والدعايات كثير من الانحراف عن المنهج الإسلامي وعرض ما لا يجوز، ومن الكذب والمبالغة في تسويق بعض المنتجات عبر هذه (المؤسسات الإعلامية).

 

ونجد المبالغة الشديدة في استخدام المعازف المحرَّمة، وأدوات الطرب، التي لا يجوز استخدامها في غير الإعلام فما بالنا بالإعلام القائم على النشر والتسويق.

 

زد على ذلك؛ القيام باستفتاءات لجمهور من الطلبة والطالبات المتبرجات وجلوسهم بعضهم مع بعض بشكل مختلط، وسؤالهم عن قضايا شرعيَّة لا يجوز أصلا الاستفتاء فيها وأخذ رأي الشباب والفتيات فيها مع قصور علمهم، وضعف التوجه الإسلامي لديهم.

 

كذلك نلحظ ضعف ارتباط بعض المؤسسات الإعلامية بأهل العلم الثقات الربانيين بتكوين هيئات شرعيَّة تشرف على مثل هذه المؤسسات الإعلامية أكان ذلك فضائية أم مجلَّة وما نحا نحوهما، وذلك ما يسبِّب سيطرة رؤوس الأموال على العمل الإعلامي الإسلامي والدخول ببعض الأفكار الغريبة أو الممارسات المستغربة لتظهر في قنوات أو مجلات إسلاميَّة!

 

• ضمور الطاقات الإدارية الفعَّالة والفاعلة في إدارة المؤسسات الإعلامية.

نجد في كثير من الأحيان أنَّ العمل في بعض هذه المؤسسات الإعلاميَّة، تحت إدارة بعض المشايخ الثقات، ولكنَّ بضاعتهم في علوم الإدارة والتخطيط للمشاريع مزجاة وضعيفة، فضلاً عن العمل في كثير من الأحيان بروح الفوضويَّة والتكاسل والتواكل، وقلَّة الخبرة مع اشتغال الوساطات والمحسوبيات في بعض الوظائف الإعلامية، والتي لا تحسن الإدارة في هذه المؤسسات، مع أنَّها تظن أنها تحسن صنعاً، (وكم من مريد للخير لم يصبه)، بل نجد بعضهم حين يخفق في مشروع إعلامي يدندن بالعبارة المشهورة:(علينا العمل دون النظر إلى النتائج) وهي عبارة تحتمل الصواب والخطأ وإنَّ كانت في نظري بحاجة لمراجعة فكرية إذ الدوغمائيَّة ـ كما يقولون ـ والعشوائَّية في بعض المشاريع الإسلامية تطفو على السطح الفكري، والأصل أن يكون التخطيط سليماً لكي يكون الوصول للهدف وشيكاً بإذن الله.

 

وفي بعض وسائل الإعلام الفضائيَّة ـ كمثال ـ نجد مقدِّم البرنامج أقرب إلى الروح الخطابيَّة منه إلى الروح الإعلاميَّة التي تستخدم جميع أدوات التأثير الإعلامي على عقل المشاهد، وأظن أنَّ قلَّة قليلة منهم تخرجت في مدرسة إعلاميَّة وقامت على نفسها بالممارسة المستدامة حتَّى تبلغ الدرجة المرجوَّة من القبول الإعلامي في التقديم للبرامج.

 

•    العنصرية والحزبية المقيتة.

ما أسوأ العنصرية والحزبية الضيقة التي تلخصها مقولة:(من لم يكن معنا فهو ضدنا)، فقد تجد بعض المؤسسات الإعلامية شخصا يحمل منهجاً إسلامياً نقياً وخبرة إعلامية واعية، لكنَّه يختلف معهم في بعض التصورات والمفاهيم، فيرفضونه بدلاً من أن يبقوه معهم ويكتسبوا شيئاً من خبراته، أو يحصل بينهم وبينه نوع من الحديث التفاعلي مع مطارحة الآراء سواء أثَّر فيهم أو أثَّروا فيه، ليكون في ذلك نفع للجميع، وليتهم يأخذون بمبدأ الشورى وعرض ذلك من خلال هيئة معلوم عنها النزاهة والحياديَّة مع الأخذ بالحق والموضوعية، ولو أنَّهم فعلوا لكان في ذلك الخير والنفع ولكن هكذا يحصل من بعض المؤسسات الإعلامية (الإسلامية) الحزبية والمتعصِّبة لحزبها في الوقت نفسه!

 

ولست أقصد بالحزب هنا مجموعة الأحزاب الإسلامية، فهذا جزء منها، ولكن هنالك جماعات لا تعد نفسها حزباً لكن أعضاءها حزبيون أشد من بعض الأحزاب، وكذلك ما نجده لدى بعض العاملين في الحقل الإعلامي الإسلامي من تقديم جنسيات معينة على حساب المؤهلات والخبرات والمهارات والطاقات التي تكون لدى آخرين، لأنَّ الداعم لهذه القناة أو تلك محسوب على جنسيَّة محددة، ولهذا فسيكون غالب العاملين من تلك الجنسية وأكثر المستضافين من تلك الجنسية، ولا شكَّ أنَّ هذا يضر بالعمل الإسلامي العام.

 

•    سطحيَّة التفكير الاستراتيجي.

الإعلام الإسلامي بحاجة ماسة إلى من يضع الأهداف ويرسم الحلول ويهدف لذكر البدائل المتاحة في حالة وقوع أية معضلة تحل بهذه المؤسسة الإعلامية.

 

(البارادايم) والمقصود به: صناعة المنظور الشامل لدى هذه الوسيلة الإعلامية الإسلامية، والتي تطمح للارتقاء والنمو زمنا بعد زمن، أراه غائباً لدى بعض المؤسسات الإعلامية الإسلامية، فكم من قناة ظهرت خلال خمس السنوات الأخيرة، ثم اختفت فجأة دون ذكر أسماء لهذه القنوات، والتي كانت تهدف إلى البقاء والاستمرار، ولكن ضعف البنية الاستراتيجية، واستراتيجية الإدراك للحراك ـ كما يقول الدكتور جاسم سلطان في كتبه- كل هذا أدَّى إلى السطحيَّة في التعامل مع هذه الأمور الأساسية.

 

ولهذا فما إن تحيق بهذه المؤسسة أو تدور عليها دائرة، فما أسهل أن تراها أعلنت وقفها أو إغلاقها بحجة ضعف الدعم المالي، أو حصول خلافات في المؤسسة، وما شابه ذلك، والمشكلة الأكبر أن تتكرر مثل هذه الأحداث فينة بعد أخرى، دون استفادة من تجارب الآخرين، و(التجربة فيها موعظة) كما يقول الصحابي الجليل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وهذه القرارات المتسرعة هي في الحقيقة معضلة تحتاج لقرار صائب في المعالجة والتقويم.

 

ومن خلال عدَّة تجارب إعلاميَّة من هذا القبيل، ندرك أنَّ بعض هذه المواقع والمؤسسات الإعلامية كانت نتيجة حديث أخوي، ما لبث أن أطلق سريعاً في عصر السرعة، دون سابق تفكير منهجي وتأملي لمسار هذا الموقع، والخطط الجارية عليه حين الإطلاق، ولذا فلم يعمّر طويلاً لأنه أطلق سريعاً، وأغلق بعدها سريعاً، ومن هنا يقول أحد المفكرين: (لدينا أفكار كثيرة لا تجد سبيلها إلى التطبيق، وأعمال كثيرة لم تُسْبَق بأي تفكير).

 

•    الانفعال في الظروف الطارئة.

بعض وسائل الإعلام تتناول الحديث عن المقدسات الإسلامية في وقت الأزمات وهذا حسن، لكن أن نمضي قدماً لصناعة برامج خاصة في هذا الإطار وحول هذه الدائرة المهمة، فإنَّ هنالك تقصيراً واضحاً حول هذه الأحداث.

 

ولنتحدث حول أزمات سياسية تمر بالأمة فإعلامنا الإسلامي كثيراً ما يغفل عن الحديث حول وضع المسلمين في الشيشان ومستقبل القضية القوقازية، وقضية كشمير والاتفاقات التي تجري بين فترة وأخرى حيالها وقلَّما تشير إليها الأضواء، فنرى أنَّ وسائل إعلامنا الإسلامية مقصرة في الإشارة لها، فلا تعرض للحديث عن ذلك إلا في وقت الطوارئ، وساعة الأزمات، وهذا أمر معلوم لدى الكثير من رواد الإعلام ومؤسسيه، ولكنهم ما زالوا يراوحون مكانهم في هذا الخصوص إلا قليلاً!!

 

ولا أنسى حينما استدعت المملكة العربية السعودية سفيرها في الدنمارك، حيث قالت رئيسة حزب الائتلاف مع الحزب الحاكم الدنماركي:(اتركوه فإنَّه سيعود بعد أسبوع... هكذا شأن العرب!!) وحين نطقت هذه المجرمة بهذه الكلمة سمعها وعلم بها الكثير من المسلمين، فحفَّزتهم في إشعال جذوة الدفاع عن رسول البشرية عليه الصلاة والسلام، وحرَّكتهم في الذب عنه صلى الله عليه وسلم أكثر فأكثر.

 

المهم أن يكون هنالك عرض للقضايا الإسلاميةَّ عموما، وأن يكون هنالك صحفيون أشبه بالباحثين عن الحقائق المخفية، لكي يقدموا برامج ذات انتشار وصيت ومفعمة بروح التجديد والنشاط والمعرفة المستمرة.

 

•    ضعف الاختراق الإعلامي لغير المسلمين.

ندرك أنَّ الحديث حول هذا يحتاج لجهود كبيرة لكي تكون هنالك وسائل إعلاميَّة إسلامية هادفة تصل لغير المسلمين، وتؤثر في مستوى تفكيرهم وطبيعة نظرتهم للعالم الإسلامي، ولا أشك أنَّ الإعلاميين الإسلاميين يدركون مدى ضرورة الخبرة بإعلام الآخرين ووسائلهم الخبيثة للغزو الفكري، والسطو على العقول، والاختراق القيمي والثقافي للأمة المسلمة.

 

لقد تحدث الباحث الإعلامي الأمريكي(هربرت شيلر) في كتابه:(وسائل الإعلام والامبراطورية الأمريكية) كما نقله عنه الدكتور عبد القادر طاش ـ رحمه الله ـ في كتابه:(الإعلام وقضايا الواقع الإسلامي،ص15) حيث قال:"إن صنّاع القرار السياسي الغربيين انشغلوا بالبحث عن بدائل تضمن استمرار السيطرة الغربية- وعلى وجه التحديد الأمريكية- على الأوضاع الثقافية والاقتصادية الدولية، فاستقر رأيهم على التكنولوجيا كبديل.

 

وتتضمن هذه التكنولوجيا شبكات الكمبيوتر، ونظم الأقمار الصناعية.
وتقوم هذه الشبكات ببث كميات هائلة من الأخبار والمعلومات عبر دوائر عابرة للحدود القومية، وأكثر من ذلك فإنها سوف تصبـح في منأى عن الرقابة المحلية، ولذلك فإن هذا التوسع في الاستخدام العالمي للمعلومات بواسطة البث الالكتروني وشبكات بنوك المعلومات سوف تكون له آثاره الخطيرة على الثقافات القومية في الأعوام القادمة".

 

بالطبع! العالم الغربي لديه اتجاهات واضحة تجاه وسائل الإعلام، لاستغلالها لصالح فكرهم وأغراضهم الاستراتيجية، وكثيراً ما تحدَّث المفكرون الإسلاميون عن ذلك، وعن تلكم الخطط الاستراتيجية التي يسعى لها الغرب في واقع العالم العربي والإسلامي.

 

غير أن كثرة لومنا للغربيين المعتدين على حرمات الإسلام، وتبيان مآربهم لا تكفينا في نصرة العقيدة الإسلامية والمشروع الإسلامي، ولا تعذرنا أمام الله تعالى، وكثيراً ما أتذكر حين أرى مواقف الكفرة المعتدين وعدوانهم تجاه الواقع الإسلامي، قول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: (لا تقل كيف حضر إبليس ولكن قل كيف غاب القديس).

 

إنَّ المشاريع الإبليسيَّة والمخططات الغربية أو الشرقية المعادية للإسلام، تحتاج لخطوات معاكسة ثابتة ومخطَّط لها من قبل المدافعين عن الإسلام عقيدة ومنهج حياة.

 

ولا راد لتلك الخطط الغربية في محاولة الاستلاب الثقافي والعقائدي للأمة المسلمة؛ إلا بصناعة إعلامي إسلامي بديل يصل لجميع الكفرة أو المعرضين عن الإسلام لعلَّ هداية من الله تعالى تنالهم؛ لأنَّهم يعلمون أنَّه لو ظهرت الحقائق الإسلامية الناصعة، على مرأى من هذا العالم، لشهدوا للمسلمين بأنَّهم الأمَّة الحقَّة والخيرة من دون الأمم، لكنَّ التعتيم على الحقيقة، والغزو الإعلامي للأمة المسلمة يذكِّرني كثيراً، بالأساليب العمليَّة التي يستخدمها الطغاة والكفرة بالتحذير من سماع منطق الحق والقوَّة بقصَّة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ حيث كان كفَّار قريش يغبِّشون عليه الحقائق، ويخفونها عليه، بعدَّة قوالب وأساليب، ولنتأمَّل ما قاله الطفيل قبل إسلامه:(فوالله ما زالوا بي يقصُّون عليَّ من غرائب أخباره ويخوِّفونني على نفسي وقومي بعجائب أفعاله، حتى أجمعتُ أمري على أن ألا أقترب منه وألا أكلمه أو أسمع منه شيئاً، حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كُرْسُفَاً فَرَقَاً من أن يبلغني شيء من قوله وأنا لا أريد أن أسمعه) كما في كتاب الروض الأنف للسهيلي.

 

وفيه هذا أبلغ دلاله على ما لدى أهل الكفر والزندقة، من محاولة لتضليل شعوبهم، ولي أعناقهم وصرفهم عن حقائق الدين الإسلامي، وإذكاء جذوة العداوة في قلوبهم للكيد للإسلام وأهله.

 

•    ضمور التخصص النوعي في الخطاب الإعلامي الإسلامي.

نجد كثيراً من المؤسسات الإعلامية تخاطب جميع الشرائح بشتَّى أنواعها وهذا حسن بحد ذاته، ولكن أن تقتصر هذه المؤسسات على مخاطبة شتَّى الشرائح والتخصصات، دون تقديم شيء تخصصي فإنَّه نوع من القصور، فالوسائل الإعلامية الإسلامية بحاجة لتنمية خططها ومحاولة تجديد الخطاب النوعي، ومن خير ما نجده الآن تلك المواقع التي تتخصص في (الإعلام المقاوم، التربية الأسرية، شؤون المرأة) وما إلى ذلك، فتنمية العمل الإعلامي بشكل متخصص تفيد العمق في المعالجة، واتضاح الرؤية، وتصحيح أي خلل قد ينحرف عن مسار الهدف الذي تصبو إليه تلك المؤسسات الإعلامية.

 

لكن التخصص ينبغي ألاَّ يسبِّب تحيزا كاملاً له وعدم معالجة بعض الأمور المهمة على مستوى الوضع العالمي الإسلامي، فمن الضروري بمكان أن تكون هنالك قواسم مشتركة لدى أيَّة جهة إعلاميَّة، فيما لو حصل أي أمر طارئ فتتقدم هذه المؤسسات الإعلامية وتنطق بأهميَّة ما جرى، ومن الوقفات الخيِّرة التي رأيتها قد اندمجت في مؤسساتنا الإسلامية بشكل طويل ولا زال إلى الآن، الهجمة الصهيونية على غزة، فقد وجدنا نوعاً من التلاحم والتراص في كشف حقيقة الأمة اليهودية الكافرة، والهمجية الوحشية ضد أهل العزة والجهاد في غزة الصمود، وهذا وإن كان ليس قائماً على تنسيق فعَّال، قد آتى ثماره يانعة خصبة في التأثير على الأمَّة المسلمة، وكذلك حينما قام أهل الكفر والإلحاد في الدنمارك بنشر الرسوم المسيئة لشخص رسولنا وحبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فقامت تلك المحطات الإعلاميَّة قومتها والكل أدلوا بدلائهم مدافعين وذابين عن رسولنا صلى الله عليه وسلم.

 

صحيح أنَّ اليقظة الدفاعيَّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن منظَّمة أو مخططاً لها، وهذه مشكلة بحدِّ ذاتها، ولكن يا حبذا لو كان هنالك منظومة تجمع هذه المؤسسات الإعلاميَّة الإسلاميَّة والمحافظة في إطار واحد ليكون هنالك قواسم مشتركة تهم الجميع للحديث عنها، وحينها يمكن لكل جهة أن تتحدَّث فيها بكل جرأة وقوة، ومن هذه الموضوعات(المسجد الأقصى، الحرب على رموز الإسلام وثوابته وشرائعه، حماية الأخلاق، وحدة الأمة المسلمة، حرمات المسلمين في فلسطين والعراق والشيشان) فهذه أمور حيوية لدى المسلمين، فحبذا لو كانت هنالك قواسم مشتركة تخدم هذا الدين عبر مؤسساتنا الإعلامية الضخمة.

 

•    ندرة عقد اللقاءات الدورية بين المؤسسات والوسائل الإعلامية.

يد الله مع الجماعة، والأمر بالتعاون على البر والتقوى جاءت به نصوص الوحي، وكلما اشتدت الأيادي تماسكاً والصفوف تراصاً؛ قويت المسيرة، لكنَّ من النادر أن نجد عقد اللقاءات الدورية النافعة بين المؤسسات الإعلامية بكافة أشكالها وألوان الطيف فيها، للإفادة والاستفادة، ولا أقل من أن يكون هنالك مؤتمر سنوي تجتمع فيه جميع القوى الإعلامية الإسلامية، لتتباحث في شؤون أمتها وما يمكنها أن تقدمه من خدمات لها وبرامج مفيدة، وعقد ندوات التقويم والمراجعة والنقد الإيجابي الذي يدفعها للاستفادة من كل التجارب الممتازة وتطويرها، وتحاشي التجارب السيئة والبعد عنها.

 

ومن خير ما رأيته مناسباً في ذلك قيام (رابطة الصحافة الإسلاميَّة) التي جمعت أكثر من مجلة وصحيفة وجريدة وأقامت مؤتمراً وندوة بثَّت جزءاً كبيراً منها قناة الجزيرة مباشر، ولها إسهاماتها الجيدة والطيبة، لكنَّها لا زالت ضعيفة في رأيي إلى الآن، ولعلَّ ذلك بسبب بداية العمل والانطلاق فيه فلا زالت هذه الرابطة في طور التأسيس والتقويم، وأتمنَّى أن تبقى متوهجة في العمل والنشاط التنظيمي والعملي.

 

•    كثرة الاستهلاك والإنتاج المكرر.

إعلامنا العربي الإسلامي في الغالب منه يميل للتطرق إلى الجوانب الوعظيَّة فحسب، أو الجوانب العلميَّة الشرعيَّة، وكل هذا حسن جميل، لكنَّه يستهلك نفسه، بالشكل الممل والمخل، فلا تجديد ولا إبداع، ولا طريقة جديدة للعرض الذي يغري المرء بالمتابعة.

 

وقليلاً ما نجد في إعلامنا جوانب الإبداع والابتكار في الطرق والأساليب التي تعرض الأفكار، من خلال (مسلسلات هادفة إسلامية ومنضبطة بأصول الشرع) ومن قبيل:(الأفلام الوثائقية التسجيليَّة) ومن مثل عرض القصص المصورة:(بدراما ممنهجة ومثيرة) ترسخ الفكرة في الأذهان أكثر من الكلام فقط.

فنحن نحتاج إلى الكثير من ذلك لكي يكون إعلامنا الإسلامي سبَّاقا ومتجددا بأفكاره.