7 ربيع الأول 1431

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة أني رجل متزوج من 15 سنة تقريبا وأعيش مع زوجتي وأولادي حياة سعيدة ولله الحمد، ولكن الذي يعكر صفو هذه الحياة ما يحصل من زوجتي من تمنع في بعض الأحيان عن الفراش، والسبب الرئيس الذي أظنه أن زوجتي معلمة وتحمل هما عظيما لوظيفتها فهي في الحقيقة ربما لا تطيق هذه العملية وهي تذكر أن وراءها غدا عمل واستعداد لهذا العمل، ولذا أصبحت أتهيب من أن أطلب منها هذا الأمر في أيام الدراسة، ولكن ربما طلبت منها هذا فأبدت بعض التمنع وعدم الرغبة فيؤثر هذا في نفسيتي أثرا كبيرا حتى ربما أدى إلى أن لا أطيق النظر إلى زوجتي، وأنا في الحقيقة أحسب أني لا أقصر معها في أي شيء حتى أثناء المعاشرة أحرص جدا على إشباع رغبتها ولكن تعرض هذه المشكلة بين الحين والآخر فتفسد علي صفو حياتي، أفكر بالزواج من ثانية كجزء من الحل لكن أرى أن الوقت بالنسبة لي غير مناسب وأنا في الحقيقة أقول لو أن زوجتي تكون معي في هذا الأمر على ما أريد وأحب لما فكرت في الزواج من الثانية، أقدم لسعادتكم مشكلتي آملا أن أجد منكم الرأي والمشورة.

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

الزواج مسئولية كبيرة ومشاركة عاطفية ووجدانية عظيمة أساسها المودة والرحمة.. قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. فكلا الزوجين بحاجة لهذه المودة والرحمة وكلاهما بحاجة لإشباع عواطفه، ويجب على كل طرف من الطرفين ان يجعل الطرف الأخر اولى اهتماماته ليسود الإستقرار النفسي لديه ويعيش حياة هانئة سعيدة.
ومن الخطأ الذي يرتكبه معظم المتزوجين رجالا كانوا ام نساءا هو وضع الطرف الاخر في مرتبة أدنى من المرتبة المفترضة له في قائمة الإهتمامات خاصة بعد انجاب الأطفال.. فكل طرف يظن ان اولى اهتماماته هي رعاية الأبناء وتدبير أمور البيت، متناسين أن للطرف الأخر حقوقا وواجبات يجب أن لا تهمل مهما تقدم بهما الزمان ومهما زادت المسئوليات. وللأسف إن معظم الرجال في وقتنا الحالي سلموا مسئوليات البيت والأسرة بالكامل إلى زوجاتهم بالاضافة الى مسئوليات عملها ان كانت موظفة.. ويتوقعون منها ان تكون بنفس القوة والعطاء السابق الذي عهدوه منها في اول زواجهما.. وهذا غير صحيح.. فمسئوليات الأبناء مسئولية لا يستهان بها.. ولا تنحصر فقط بتوفير الموارد المادية لهم خاصة في هذا الزمان.
والإنسان مهما كان من العقل والقوة والبصيرة له قدرات معينة، وكلما زادت مسئولياته قل عطاؤه العاطفي لانه لا يجد الوقت الكافي للتنفيس عنه.
لذا يجب كل طرف من الطرفين أن يشارك الطرف الآخر في تحمل مسئولياته والتخفيف عن أعباءه ليتمكنا من ايجاد الوقت الكافي لإشباع رغباتهم العاطفية والفطرية بالشكل المناسب.
أخي الكريم:
لا تظن أن الزواج بأخرى سيحل لك المشكلة!! قد يحلها من جانب واحد فقط وقد يكون ذلك لفترة معينة ثم تبدأ مشكلتك من جديد مع الزوجة الثانية بعد ان ترزق هي ايضا بالاطفال وتتزايد عليها المسئوليات.. فماذا ستفعل حينها!! هل ستبحث عن زوجة ثالثة!!
عليك أن تتعامل مع مشكلتك بعقل راجح وبصبر وهدوء وتأن قدر الإمكان لكي تتمكن من علاج المشكلة بأقل خسائر ممكنة...
ابحث عن الاسباب الحقيقية التي تجعل زوجتك لا تتمكن من اشباع رغباتك الفطرية وحاول أن تعالجها.
تذكر أن إقبال أي طرف على الطرف الأخر تتوقف على الحالة المزاجية والنفسية لكل منهما... فقد تكون المسئوليات الملقاة على زوجتك بسبب العمل ومسئوليات البيت والاولاد هي التي تجعلها لا تتمكن فعلا من الالتفات الى رغباتك او رغباتها هي ايضا!! فإذا كانت مسئوليات الابناء هي التي تشغلها عنك شاركها انت في تحمل هذه المسئولية.. حاول أن تذلل أي صعوبات أو معوقات يمكنها ان تمنع زوجتك من الاهتمام بك.. تحمل عنها مسئوليات الاطفال من توجيه وتدريس وغيرها لتجد لنفسها متنفسا من الوقت ولتتيح لها الفرصة للاهتمام بك واشباع رغباتك.
قد يكون سبب المشكلة هو انت دون ان تدري!! فقد تكون انت أيضا لا تشبع رغباتها، وان تصرفاتها هذه ما هي الا ردة فعل منها تجاهك دون ان تدري هي بذلك!! لذا عليك ان تتأكد انك تشبع رغباتها العاطفية بالطريقة التي تحبها هي لا بالطريقة التي تراها انت. فللاسف أن الكثير من الازواج يظنون أنهم لا يقصرون ابدا في حق الزوجة وانهم يشبعون رغباتها الفطرية والعاطفية معظم الاوقات وهذا غير صحيح. بل العكس يحدث في الغالب!! فالمرأة بطبيعتها الفطرية والعاطفية تحتاج إلى الدعم العاطفي والمعنوي أكثر من الرجل، فهي بحاجة الى المشاعر والأحاسيس وتهتم اكثر لسماع كلمات الحب والاطراء والشعور بحب واهتمام الطرف الأخر وهذا يشبعها عاطفيا بقدر كبير.
فعليك أن تسأل نفسك بصدق، هل تلبي طلبات زوجتك الفطرية وتشبع عواطفها وتدعمها نفسيا وقتما تريد هي أم فقط عندما تريد أنت!!....فقد تشعر المرأة احيانا أن زوجها يريدها فقط لقضاء رغباته وتلبية احتياجاته هو فقط, لذا تمتنع عنه كردة فعل أو كنوع من العقاب له ليدرك ان ما يفعله هو خطأ لا يغتفر في حقها وقد تفعل ذلك دون ان تدرك هي ذلك..
قد تكون صدود زوجتك لأسباب أو خلافات بينكما لم تحل بعد، قد تنساها انت ولكنها ما زالت تقبع في ذاكرتها او في عقلها الباطن، مما أثر على نفسيتها تجاهك ونفورها منك وكان سببا في عدم حرصها على اشباع رغباتك.
فعليك أن تظهر لها حبك الصادق قولا وعملا.. فلا تبخل عليها بسحر كلماتك التي تخرج من أعماق قلبك.. الن قلبها بالعبارات الجميلة طوال اليوم خاصة أثناء غيابك عنها عبر الهاتف او رسائل الجوال.. وعبر لها عن حبك الصادق وتأكد أن كلمات الحب هذه التي تهديها لزوجتك سيكون لها من الأثر ما لا يخطر لك على بال شرط ان يكون الحب صادقا والتعبير مؤثرا. ولا تبخل عليها ايضا بنظراتك المحبة ولمساتك الحانية التي تنسيها متاعبها وتشعرها بحبك وحنانك لها، خاصة عندما تراها منشغلة في امور المنزل أو عندما تجدها مستريحة لبعض الوقت.. فعليك ان تدرك ان تجاوب الزوجه لزوجها يعتمد كثيرا على طريقة معاملته لها طوال اليوم ليس فقط عند الفراش.
اخي الكريم..
أنصحك أن لا تقع في مصيدة الحوار النفسي السلبي الداخلي الذي تحدث به نفسك والذي ينتج في الغالب عن أفكارك السلبية ومشاعرك تجاه زوجتك وردود افعالك تجاه مواقفها معك. فها انت تشعر ان زوجتك لا تلبي رغباتك أو تشبعك عاطفيا عندما لا تبدي تجاوبها معك اما بسبب مشاغلها أو لأنها تشعر بالتعب نتيجة أعمالها ومسؤليلتها تجاه الاسرة وتجاه عملها، فبدأت تعترض على ذلك وتقرر انها لا تقدّر رغباتك واحتياجاتك الفطرية.. وبدأت هذه الفكرة تتضخم داخلك وتستقر وتؤمن بها مما جعلك تلقي اللوم دوما على زوجتك دون ان تختلق لها الأعذار فترسبت بداخلك مشكلة ليست بسييطة يمكن ان تؤدي الى انهيار كيان الأسرة. وتأكد أن هذا الأمر سيزداد بتكرار المواقف بينك وبين زوجتك خاصة اذا لم تسعى لتفريغ تلك المشاعر السلبية. وسيزداد شعورك بعدم الاهتمام والتقدير الذاتي من زوجتك مع الأيام.
فنصيحتي لك أن تتجنب تعزيز هذه الأفكار داخلك، وأن تحاربها وتتخلص منها قدر الامكان وان تستبدلها بافكار ايجابية بحيث توجد المبررات والاعذار الإيجابية للاحداث والمواقف التي لا تعجبك من زوجتك ثم تضخم وتعزز هذه الأفكار في نفسك وتقتنع بها وتتعامل مع زوجتك على أساسها بتصرفات إيجابية لترضى بواقعك وتعيش حياة مستقرة وسعيدة.
عليك أن تجلس معها جلسة حوار هادفة لتناقش معها الأمر بجدية.. حاول ان تختار اليوم المناسب والوقت والمكان المناسب الذي ستبدأ فيه الحوار... يمكنك اصطحابها الى احدى الأماكن التي تحبها هي شرط ان يكون هادئ ورومانسي.
لا تدخل في صلب الموضوع مباشرة، بل ابدأ بسرد ذكريات زواجكما السعيد والمواقف الطريفة التي مررتما بها في حياتكما.. واخبرها برومانسية مقدار حبك وتعلقك بها وباطفالكما شرط ان يكون الحديث نابع من القلب.. ثم تدريجيا اخبرها عن مخاوفك تجاه هذا الحب وهذه السعادة وخوفك من ان تفقدها أو تتلاشى مع الزمن بسبب المسئوليات المتزايدة عليكما.
حاول ان تبين لها فخرك واعتزازك بها وبحبها وبصفاتها الطيبة.. ثم اسألها برفق وحنان عن سبب انشغالها عنك وبين لها بهدوء خوفك ان يزداد هذا الانشغال مع الايام وتزداد الجفوة بينكما فيضيع الحب!!
دعها تعبر لك عن ما تعانيه بصراحة وحرية تامة.. استمع لوجهة نظرها جيدا ولاسبابها ولا تستهن بها ابدا.. فقد تراها انت من وجهة نظرك تافهة أو غير مقنعة ولكنها بالنسبة لها غير ذلك وقد يكون في حلها حل مشكلتك.
لا تقاطعها أو تسخر منها.. وتجنب استخدام العبارات الجافة أو اللوم المتكرر أثناء الحديث.
لا تتعامل دوما مع زوجتك بلغة العقل والمنطق فالجانب العاطفي مهم جدا بالنسبة للمرأة، استمع اليها واسألها عن الحلول المناسبة التي تراها هي لحل مشكلتك ولا تستخف بأي حل.
لا تحاول ان تقنعها او تقنع نفسك بانك الضحية أو المظلوم.. ولا تركز دوما على تقصيرها تجاهك.. فانت تريد الحل لا تريد ان تلقي الاتهامات فقط.
لا تعتقد انك غير مقصر في حقها وانك قد وفيت لها بالتزاماتك الاسرية وانها هي المقصرة فقط.. فلا تعتقد أنك عندما توفر لها النواحي المادية والمتطلبات الاجتماعية وما تحتاجه الاسرة انك قد قمت بواجبك.. فالزوجة بحاجة الى العطاء والاستقرار العاطفي الدائم وليس المقترن بحاجة الزوج فقط واشباع رغبته. لا تسعى فقط لتحقيق ما تريده انت بل مايرده كل منكما
قد تعتقد الزوجة مع ازدياد مسؤلياتها وتقدم العمر بها ان هذا الامر لم يعد بتلك الاهمية بالنسبة للزوج. فعليك ان تذكر زوجتك باسلوب هين لين ودون جرح لمشاعرها أو كبريائها ان احتياجاتك العاطفية ورغباتك كرجل تختلف عن احتياجاتها هي كأمرأة وان كل منكما يجب ان يوفر هذه الاحتياجات للآخر لكي لا يضطر تحت اي ظروف ان يبحث عن من يسد ويشبع له هذه الاحتياجات.
اطلب منها ان لا تنسى عواطفها بسبب مسئولياتها.. وأكد لها انها هي محور اهتمامك الأول وانك انت ايضا يجب ان تكون محور اهتمامها الأول... وضح لها بهدوء ان اهتمامها بأطفالها يجب ان لا يؤثر على اهتمامها بك وان لا يشغلها عن حبها وعواطفها تجاهك..
لا تجعل حديثك معها كمن يأمرها أو يعطي لها النصائح.. وليكن حديث عاشق نابع من القلب ولتكن نبرات صوتك معها ونظراتك لها في هذا الأثناء هي التي تتحدث وتتكلم.. وحاول ان تستخدم في عباراتك دوما كلمة "نحن" فانتما اصبحتما كيانا واحدا وهذا ما يجب ان تشعر به زوجتك ايضا.
تأكد ان المرأة تحتاج الى الحب والحنان.. وتحتاج الى من يقدرها ويفهم ما بداخلها من عواطف.. وانك اذا تمكنت من ادارة الحديث بهذه الطريقة ستكسب حبها لك وقلبها مرة اخرى وستحاول أن تبذل ما تستطيع لإشباع رغباتك التي تبحث عنها..
استخدم معها حديث النظرات والعيون لتتمكن من جذب قلبها وعواطفها تجاهك وتجديد حبها وشوقها لك.. حاول أثناء حديثك معها ان تنظر بعشق في عينيها.. ولا تتجاهل النظرات الخاطفة في عينيها بين الحين والآخر فهذا سيوقد مشاعرها وسيشعرها بحبك وإعجابك دون أن تتكلم.
إذا لم تنجح محاولاتك مع زوجتك عليك أن تصارحها بمشكلتك وبمشاعرك وتخبرها بهدوء انك تفكر احيانا بالزواج من امرأة أخرى لتشبع لديك ذلك الفراغ، وتوضح لها انك لا تفكر بالزواج الا لخوفك من الوقوع في الحرام خاصة في هذا الزمان الذي نعيش فيه وتطلب منها أن تشاركك في وضع الحلول المناسبة لمشكلتك.
قد تغضب أو تعترض او تنفر منك في بادئ الأمر لا تيأس حاول أن تتعامل مع الأمر بهدوء وتخبرها أن هذه ما زالت فكرة في رأسك لم تختمر بعد.. وانه لولا حبك واقتناعك وتقديرك لها لما اخبرتها بما يختلج في صدرك ولما شاركتها في مشكلتك لتجد لها حلا!!
حاول أن تمتص غضبها بعد ذلك.. وحاول ان تشعل حبها لك من جديد وتأكد انك ستنجح اذا استخدمت الاسلوب الذي يتناسب معها فلا بد انك تعرف ما هي مفاتيحها بعد هذه العشرة الطويلة بينكما.
أعطها الفرصة من جديد وابدأ معها صفحة جديدة وحاول ان تشاركها في مسئولياتها وتخفف عنها اعباءها لتتفرغ لك.
إذا لم تتغير ولو تغيرا جزئيا.. ناقش الأمر معها بجدية ولكن بهدؤء واخبرها انه لم يعد لديك اي خيار وأن امامك طريقين لاشباع رغباتك الفطرية اما بالحلال واما بالحرام وانك ستضطر الى سلوك طريق الحلال لكي لا تقع في الحرام.. وهذا لا يعني انك لم تعد تحبها او تقدرها.. ولكن الله عندما شرع التعدد فانه شرعه لمثل هذه الحالات التي لم تعد للزوجة القدرة على اشباع رغبات زوجها الفطرية.
ابذل الطرق الممكنة لتضعها في قلب الحدث الذي تتوقع حدوثه.. اجعلها تعيش الاحداث المستقبلية المتوقعة في حال عدم استجابتها.. يمكنك ان تخبرها مثلا انك قد تقدمت فعلا لخطبة فتاة من احد العوائل أو تطلب من احدى اخواتك التي تثق هي بهن ان تخبرها انك قد طلبت منها ان تبحث لك عن زوجة ثانية.. لتفتح لها الموضوع وتناقشها في الأمر وتنصحها بان هذا الطريق التي تتبعه سيؤدي فعلا الى تفرق الاسرة ولو بعد حين.
يمكنك ان تستعين بوالدتها اذا كانت على قيد الحياة أو احد المقربين لها ممن تثق بهم.
أكثر من الدعاء واطلب من الله تعالى ان يسخر لك زوجتك ويصلحها لك وتقر عينك بها وتقر عينها بك.