د.عبد القادر الزوبعي: نفي ساسة العراق الجدد للطائفية تأكيداً لها.. لا أستبعد تصفية معارضي إيران قبل الانتخابات..المرجعيات تتراجع
5 صفر 1431
سارة علي

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في العراق تثار تساؤلات كثيرة من قبل الشارع العراقي , عن ماهية وجدوى هذه الانتخابات في ضوء استمرار تصاعد وتيرة العنف والقتل الطائفي ودمار وخراب العراق وهل كانت الانتخابات السابقة مجدية لكي يكرر العراقيون التجربة , وتساؤلات كثيرة أخرى طرحها موقع المسلم على الدكتور عبد القادر الزوبعي مدير قسم الدراسات في مركز الأمة للدراسات والتطوير

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية كيف تقرؤون واقع هذه الانتخابات وهل ستكون عواقبها أفضل على المجتمع العراقي والعراق ؟
إن الحديث عن واقع الانتخابات لا يختلف كثيراً عن الحديث عن عموم المشهد العراقي الذي يكتنفه الغموض والتعقيد، لكن المتفحص المتأمل يمكنه أن يقرأها في سياقها الصحيح، فمشروع الاحتلال الأميركي للعراق له صفحات متعددة وما الاحتلال العسكرية إلا صفحة من صفحاته كما أن (العملية السياسية) هي الوجه الآخر لهذا الاحتلال الذي يدير أدواتها ويمسك بخيوطها الاحتلال نفسه، وهذا ينسحب على كل تفاصيل العملية السياسية، وهذا لا ينفي أن يمنح المحتل حيزًا من مساحة الحركة لبعض أدواته، من أجل إعطاء نوع من المصداقية للعملية بما لا يتعارض مع المصالح العليا للاحتلال، إذ لا يمكن لأحد أن يصدق بأنه يمكن أن تكون هناك سلطة لأي كان في ظل وجود الدبابات الأمريكية، كما لا يمكن أن تكون هنالك انتخابات ديمقراطية حقيقة في ظل وجود القوات المحتلة، وبالتالي فإن ما يمكن أن تسفر عنه أي عملية انتخابية لن يتميز بأي شرعية.
ومن هنا يمكن قراءة الانتخابات التي تجري في العراق السابقة منها واللاحقة، وبالتالي لا يمكن التعويل على هذه الانتخابات أو غيرها ما دام الاحتلال موجوداً سواءً بالتدخل المباشر أو غير المباشر عبر أدوات مشروعة بدليل أن الوجوه نفسها هي الوجوه منذ دخول الاحتلال وحتى اليوم، ولذلك نقول إن هذه الانتخابات لن تغير من الواقع السيئ شيئاً بل ربما سيزداد سوءً إلى سوءه، ولن تكون نزيهة ولا شفافة ما دامت تتم تحت سنابك الاحتلال وما دامت تجري طبقا لقانون انتخابي ودستور طائفي عرقي يحاول ترسيخ الانقسام، وهي كذلك لن تكون شفافة في ظل من – يشرعن- الوجود الأجنبي من خلال اتفاقيات مشبوهة، عدا عن بيع كامل للعراق وموارده من خلال توقيع اتفاقيات مشبوهة لنهب الثروة النفطية للعراق وتضييعها.

تصاعد وتيرة العنف والانفجارات في العراق هل هي تصفية الحسابات بين الفرقاء السياسيين في العراق أم هي جهات خارجية تسعى إلى تصفية الحسابات الخارجية داخل العراق ؟
من المعلوم أن العراق أصبح منذ احتلاله 2003 ساحة مفتوحة للتنافس والصراع بين الكثير من الإطراف الدولية والإقليمية من خلال أدواتها التي جاءت مع الاحتلال أو بعده، لكن المتابع لتصاعد وتيرة العنف والتفجيرات في الأشهر الأخيرة وطبيعتها والتي جاءت مع اقتراب موعد الانتخابات، يتأكد له أنها ليست بعيدة عن دائرة صراع القوى الإقليمية، واللاعبون في الساحة العراقية اليوم هم قوى كبيرة وفاعلة على المستوى الدولي والإقليمي لها أهدافها وأجنداتها الخاصة، لكن أنا أعتقد أن ما جرى هو أكبر مما يمكن أن يطلق عليه تصفية حسابات على مستوى الفرقاء السياسيين خاصة، ثم إننا نلاحظ أن طريقة هؤلاء في تصفية الخصوم لا تتعدى التصفية الجسدية والسياسية، لكن الأحداث التي شهدتها بغداد من تفجيرات كبيرة ونوعية قطعًا وراءها قوى كبرى وإقليمية لها الحضور القوي والفاعل في الساحة العراقية،  لكن لنا أن نسأل من المستفيد من كل هذه العمليات، وأنا برأيي هناك أكثر من جهة يمكن أن تكون مستفيدة من هذه العمليات ثم لا يعني ذلك بالضرورة أن يكون لها دور في تنفيذ هذه العمليات.

الكتل والأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية كلها تطرح ضمن مشروعها الخيار الوطني هل هو إدراك من قبل هذه التكتلات أن النفس الطائفي لم يعد مجد في العراق أم هو نفس وطني حقا ؟
لعله من المفارقة أننا نلحظ أن أكثر من 60 كياناً سياسياً اتخذ من كلمة (الوطنية) ومشتقاتها اسماً لكيانه أو تجمعه ليعطي الانطباع أنه تخلى عن طائفته أو يحاول أن ينفي تهمة الطائفية عنه أو عن كيانه وحزبه، وهذا بنظري جزء من متطلبات الدعاية الانتخابية لهؤلاء بعد أن أدرك الجميع أن الورقة الطائفية استهلكت في المرحلة الماضية وهذا بالتأكيد ما كان ليحصل لولا (الوعي الشعبي) الذي أجبر هؤلاء السياسيين على الخروج من تحت عباءة الطائفية والمحاصصة الطائفية التي روجوا لها طيلة السنوات الماضية.
أنا أعتقد أن هؤلاء (الساسة الجدد) لا يمكن أن يتخلوا عن طائفيتهم يوماً مهما رفعوا من شعارات وطنية؛ لأنهم لم يصلوا للسلطة إلا من خلال المشروع الطائفي وبالتالي فإن حديثهم عن الوطنية ليس هو خيارهم الحقيقي، بل (مكره أخاك لا بطل) كما يقال ولذلك نراهم لم يغادروا الطائفية على صعيد السلوك والممارسة على الأقل، بل إن بعضهم صرح بأن الوطنية هي شعار المرحلة، إذن القضية قضية شعارات ليس إلا وهذا يفصح عن طبيعة الطبقة السياسية الحاكمة في العراق اليوم.
لقد بات من الضروري أن يدرك العراقيون اليوم حجم المؤامرة التي تحاك ضدهم ولذا عليهم أن يتخذوا الموقف الصحيح في فضح هؤلاء السياسيين المتاجرين بدمائهم ومحاسبتهم، فكم يا ترى سيقدمون من أبنائهم ودمائهم حتى موعد الانتخابات القادمة، ألا يكفي ما قدموه من تضحيات؟! كما أن عليهم أن يدركوا أيضًا أن الاحتلال لن تُنزع شرعية بقائه ما دام هؤلاء الموجودون بالسلطة يحظون بأصوات ولو شكلية يتم تجييرها على أنها انتخابات شرعية، وقد كان هؤلاء الواجهة السيئة التي من خلالها تم حكم العراق على مدار السنوات الأخيرة وهم من حاول القيام بما عجزت عنه قوات الاحتلال من محاولات لزرع الفتنة والفرقة بين أبناء العراق.
إن شعبنا اليوم أصبح أكثر وعيًا من أي وقتٍ مضى، وسيكشف كل هذه المؤامرات ويسقط الأقنعة عن كل الوجوه الطائفية التي تتستر خلف قناع الوطنية الزائف.

تتناقل بعض وسائط الإعلام عن تصفيات ستقوم بها المليشيات الطائفية لبعض شيوخ العشائر المعارضين للنهج والتدخل الإيراني في العراق ما حقيقة ذلك؟ وهل فعلا ستتم تصفية للشخصيات التي رشحت نفسها وهي ترفض التدخل الإيراني في العراق؟
بداية أنا لا أستبعد ذلك أبداً والتغلغل الإيراني في العمق العراقي بات معلوماً للجميع وإيران نفذت الكثير من العلميات داخل العراق عن طريق أذرعها المتعددة، وقد شهدت الساحة العراقية الكثير من التصفيات الجسدية للكفاءات العراقية من أساتذة الجامعات والعلماء والضباط فضلاً عن شيوخ العشائر وكل الأصوات الرافضة للتدخل الإيراني في العراق، ثم ما الذي يمنعها من القيام بهذا الدور عبر أدواتها الموجودة حتى في الأجهزة الأمنية الحكومية مستغلة الفوضى الحاصلة اليوم في العراق فلا نستبعد أن تشهد المرحلة القادمة وكلما اقتربنا من موعد الانتخابات المزيد من عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية وخصوصاً للمناوئين للدور الإيراني في العراق.

هل تتوقعون إقبالا من قبل المواطن العراقي على المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة ؟
أنا شخصياً لا أتوقع إقبالاً كبيراً على الانتخابات القادمة فهناك حالة من السخط الشعبي والعزوف الطوعي عن المشاركة في أي انتخابات وخصوصًا بعد أن جربوها في السابق وجربوا من جاءت بهم وما جروه على البلاد من ويلات ونهب للثروات وفساد طيلة الأربع سنوات الماضية وما قبلها، ولعل هذا ما يفسر الإقبال الضعيف على سجلات الناخبين حسبما أعلنته المفوضية العليا للانتخابات، ذلك لأنهم فشلوا في تأمين أبسط مقومات الحياة لهم فضلاً عن تحقيق الأمن الذي فقدوه منذ مجيء الاحتلال وما زالوا يحلمون به كما أن المواطن العراقي بات اليوم مدركاً لأبعاد اللعبة السياسية التي تجري تحت وصاية الاحتلال الأميركي ويؤدي أدوارها وكلاء الاحتلال، وقد سئم من هذه الوجوه التي جلبت له الدمار وكلفته الكثير من دمائه وأرواحه، والمتابع لردود أفعال المواطنين بعد كل حادث تفجير يسقط فيه مدنيون يكتشف أن مطلبهم الوحيد هو خروج الاحتلال ومن جاء معه وقد أدركوا أنهم كانوا ضحية شعارات زائفة ووعود كاذبة لم يتحقق منها شيء ولذلك فهم غير مستعدين لأن يقعوا في الخطأ نفسه، هذا إذا علمنا أن نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات الماضية لم يتجاوز 27% حسب مفوضية الانتخابات فما بالنا الآن وقد افتضح أمر الفساد الحكومي الإداري في كل مفاصل الدولة هذا علاوة على فشل الحكومة في تحقيق أدنى المتطلبات على رأسها الأمن للمواطن الذي بات مطلبه الرئيس هذه الأيام.

المهجر العراقي في الخارج هل تعتقدون انه سيقبل على الانتخابات في العراق ؟
أنا أعتقد أن المهجر العراقي آخر ما يفكر فيه هو موضوع مشاركته في الانتخابات, وهنا أتساءل هل باتت هموم العراقيين ومعاناتهم مادة انتخابية ووسيلة دعائية لأصحاب العملية السياسية من أجل كسب أصوات الناخبين وزيادة نفوذهم السياسي؟! هل أن همَّ المهجرين العراقيين اليوم وشغلهم الشاغل هو كيفية ضمان مقاعد من يمثلهم في البرلمان؟! أم أن همهم الوحيد هو كيف يمكنهم العودة إلى مناطق سكناهم التي هجروا منها بالقوة؟ أنا أعتقد أن قضية المهجرين استغلت من أطراف عديدة لإغراض الدعاية الانتخابية في الوقت الذي أهملت المطالب الحقيقة للمهجر, ولذلك أنا على قناعة أن المهجر لن يحرص على المشاركة في الانتخابات حرصه على البحث عن السبل الكفيلة بإعادته لبلده وتامين الحياة الحرة الكريمة له.

بتصوركم من هي القوائم التي ستحوز على أكبر نصيب من المقاعد وهل ستخلو العملية الانتخابية من التزوير؟
بداية لا يمكن تصور إجراء انتخابات في ظل هكذا بلد تحكمه الفوضى السياسية في كل تفاصيله من دون وقوع التزوير فيها وإذا أردنا الحديث عن الخارطة السياسية في الانتخابات البرلمانية القادمة, فأنا لدي رؤية خاصة فيما يتعلق بنتائج الانتخابات وشكل البرلمان, فكل المؤشرات والدلائل المستندة إلى طبيعية الائتلافات والتكتلات التي تكونت قبل الانتخابات تؤكد حقيقة واحدة مفادها أنه لن يكون هناك طرف قوي على حساب آخر، وإنما سيكون هناك حالة من التوازن في القوة والثقل السياسي مقارنة بالمرحلة السابقة من انتخابات عام 2005 التي شهدت اصطفافات طائفية نتجت عنها كتل برلمانية كبيرة خلقت حالة من عدم التوازن بين الأطراف الرئيسة المكونة للشعب العراقي.
ما أريد قوله هو أننا سنشهد في المرحلة القادمة برلماناً مفككاً خالياً من الكتل البرلمانية الكبيرة التي يمكنها من تشكيل حكومة بنفسها فلا أغلبية برلمانية ولا غلبة لطرف على طرف وبالتالي سيضطر الجميع للتحالف مع الآخر وهذا الآخر كثير ومتعدد وهذا يعني أنها ستكون مرحلة حافلة بالمعارك البرلمانية الخاضعة للصفقات السياسية داخل البرلمان وستكون هناك حكومات متعددة تتعاقب على السلطة على مدى الأربع سنوات القادمة وهي عمر الدورة البرلماني الواحدة.
وهذا جزء من الإستراتجية الأمريكية في المرحلة القادمة وهي أن يكون برلمان مفكك وحكومات ضعيفة تمنح المبررات للبقاء لفترات أطول من أجل الالتفات على ما يسمى بالاتفاقية الأمنية.
إذن نحن أمام حالة من الفوضى السياسية في أشد صورها في المرحلة القادمة وهذا سينعكس بالتأكيد سلباً على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في البلد، وهذا مرهون كله بالوضع الميداني على الأرض بالنسبة لقوات الاحتلال الأمريكية وهو ما صرح به كثير من القادة العسكريين الأمريكية بأن موضوع الانسحاب من العراق يعتمد على تطورات الوضع الميداني على الأرض وهي قابلة للمراجعة في أي وقت.

هل ستحصل الأحزاب الطائفية على نتائج ومقاعد اكبر من التوجهات العلمانية على غرار الانتخابات البرلمانية السابقة ؟
لا أعتقد ذلك فورقة الأحزاب الطائفية انتهت بسبب الفشل الذريع الذي منيت به هذه الأحزاب على كل الأصعدة، وهذا بالتأكيد ينعكس على تأثير هذه الأحزاب وشعبيتها في الشارع العراقي ذلك أننا بدأنا نلحظ تراجع دور المرجعيات الدينية في الحملات الانتخابية لهذه الأحزاب والسياسيين أنفسهم، وبدؤوا يرفعون شعارات الوطنية والعلمانية حتى وصل الأمر بأحد القيادات الإسلامية السياسية المشاركة في العملية السياسية إلى القول إن الحل لمشكل القضية العراقية ليس هو المشروع الإسلامي وإنما المشروع العلماني الليبرالي، وهذه (الردة الفكرية) – إن صح التعبير - تعود باعتقادي إلى تراجع الزخم الروحي والاعتباري للمرجعيات الدينية ودورها في تحريك القاعدة الجماهيرية فضلاً عن أن الورقة الدينية (الطائفية) كانت قد استهلكت على خلال المرحلة السابقة وما عادت تؤثر في الشارع العراقي، ولذلك أنا أتوقع أن تتراجع حظوظ التيارات والأحزاب الدينية في الانتخابات القادمة.
وعلى أية حال ومن خلال قراءة معطيات الواقع السياسي الموجود اليوم فإن اللاحق لن يكون أقل سوءً من السابق ما دام الراعي للانتخابات واحدًا وهو الاحتلال، وما دامت الشخوص المشاركة في العملية السياسية هي نفسها تلك التي جاءت مع الاحتلال.

ما حجم الدور الأمريكي والإيراني في التأثير على نتائج هذه الانتخابات ؟
لا شك أن الاحتلال الأمريكي هو من يمسك بزمام السلطة في العراق ويسيطر على كل مفاصل الدولة رغم ما يدعيه من عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية، أما ما يتعلق بالانتخابات فهذا (رئيس الجمهورية) جلال الطالباني يؤكد في تصريح له (أن مسئولين أمريكيين مارسوا ضغوطاً كبيرة على مجلس النواب والقوى السياسية لإقرار قانون الانتخابات) ، ويضيف( أن السفير الأمريكي كريستوفر هيل مارس ضغوطاً كبيرة على مجلس النواب العراقي والمسئولين العراقيين لإقرار قانون الانتخابات ).
والعراقيون يدركون جيدًا أن السلطة الحقيقية هي بيد الاحتلال الأمريكي، والقوى السياسية العرجاء التي تتوكأ على بنادق المحتل والمتنفذة أمريكيًا لا يمكنها الخروج عن إرادة المحتل ليس فقط لأنها لا تستطيع، ولكنها أيضًا لا تريد.
أما ما يتعلق بالتأثير الإيراني فكل الوقائع تشير إلى أن إيران متدخلة في الشأن العراقي حتى النخاع ودورها في التأثير السلبي يتجاوز كل الحدود، ولعل ما يمكّنها من أن تمارس هذا الدور هو علاقتها القوية بمعظم الأحزاب والشخصيات الموجودة في السلطة وهذا ليس مقصورًا على القوى والأحزاب (الشيعية) والكردية فقط وإنما حتى بعض الشخصيات (السنية) التي لم تنقطع زياراتها إلى إيران خلال الفترة الماضية.
أما شكل هذا التأثير فيتمثل في تشكيل التحالفات والائتلافات السياسية بين هذه القوى والأحزاب فضلاً عن تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه الأطراف المشاركة في الانتخابات سواءً كانت هذه التحالفات قبل الانتخابات أو بعدها على المرجح.
إن إيران ترى أن لها مصلحة حقيقية في التأثير على الانتخابات العراقية ونتائجها تمهيدًا للهيمنة على العراق وجعله يدور في الفلك الإيراني، لأنها يهمها مستقبل العراق السياسي وشكل الحكم فيه تأريخيًا، وقد صدرت تصريحات كثيرة من مسئولين إيرانيين تؤكد هذا التدخل والتأثير، فقد أعلن رفسنجاني في خطبة الجمعة التي أعقبت نتائج انتخابات 2005: (إننا ساعدنا الحكومة العراقية لتحقيق هذا النصر ودفعنا الكثير لوضع أسس هذه الانتخابات، وإنه نصر كبير لنا بسبب النتائج التي ظهرت).
وهذا التأثير المحتمل يعني إعادة تشكيل الائتلافات على أساس طائفي فيما لو حصل هذا التحالف بين القوى المدعومة من إيران، وهو ما يعني العودة إلى الحكم على أسس طائفية وعرقية، وهذا ما تريد تحقيقه إيران في الأربع سنوات القادمة وهو ما يشكل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل العراق.

كيف تقرأ فصائل المقاومة انتخابات العراق وهل هي مجدية للشعب العراقي؟
من خلال متابعة أدبيات فصائل المقاومة الفاعلة في الساحة العراقية نجد أنها مجمعة على عدم الاعتراف بشرعية العملية السياسية في ظل الاحتلال برمتها وكل ما ينتج عنها من انتخابات وغيرها، لأنها تعتقد أن المشكلة في القضية العراقية ليست سياسية وإنما هي مسألة احتلال بلد بالحديد والنار والسيطرة عليه بالقوة وليس بالوسائل الأخرى وعليه فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والمقاومة تعتقد أيضًا أن الذي أجبر الأمريكان على التفكير بالانسحاب ووضع الجداول الزمنية لخروجه - إن صدقت – لم تحصل نتيجة العمل السياسي والدبلوماسي وإنما بفضل ضربات المقاومة التي ألحقت بالجيش الأمريكي خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وتسببت له بأزمة مالية لا زالت تداعياتها مستمرة حتى اللحظة، ودائمًا ما تؤكد فصائل المقاومة في بياناتها على أن كل الاحتلالات على مر التأريخ تحاول دائمًا الالتفاف على إرادة الشعوب من خلال اللجوء إلى تجميل وجه الاحتلال القبيح عن طريق إيجاد حكومات متواطئة معه تخدم مصالحه بالدرجة الأساس بعيدًا عن مصالح الشعوب وكرامتها.