إيران إلى الهجوم.. وشدة العدوانية
11 صفر 1431
طلعت رميح

تصاعدت التحركات الإيرانية ذات الطبيعة الهجومية في مختلف الاتجاهات، الإقليمية والدولية -وقبلها تجاه المعارضة الداخلية -بما يمكن القول معه أن الحكم في إيران تحولت من "الدفاع " إلى "الهجوم "،ومن الهجمات التكتيكية المتحسبة إلى شن الهجوم في اتجاهات عديدة ، بما يمكن وصفه بالتحول نحو إستراتيجية هجومية .

 

يمكن رصد العديد من ملامح هذا التحول وشواهده .مؤخرا أطلق أحمدي نجاد تصريحا قال فيه بأن إيران هي مفتاح حل المشكلات في الإقليم ،وأن أحدا لا يستطيع حل المشكلات المتفاقمة أو الجارية في المنطقة دون الحوار مع طهران .وقبلها ،كان إطلاق صاروخ شهاب 2 المطور، إعلانا بأن طهران قد دخلت في مجال امتلاك القدرة الإستراتيجية على الهجوم ،بسبب الإمكانيات التي يتمتع بها هذا الصاروخ .كما جرت عملية احتلال "معلنة" لحقل الفكة 4 المنتج للبترول في العراق ، ونقول معلنة ،على اعتبار أن إيران تسيطر فعليا على جوانب كثيرة من السلطة والأرض في العراق .وكان قد جرى قبلها إعلان إيراني بالتدخل في الشأن اليمنى الداخلي ،عبر الحديث عن الاستعداد للوساطة بين الحكومة اليمنية وحركة التمرد الحوثي ..الخ ، أو لنقل أن الأهم كان تحول الحوثيين أنفسهم نحو الهجوم ضد خصوم إيران في المنطقة (تطوير الهجوم من الفعل الداخلي إلى الحركة في الإقليم ) حين هاجموا الحدود السعودية وتسللوا في داخلها.

 

 

وفي ذات الإطار، يبدو الأمر ظاهرا وبشدة في إعلان إيران عن دخول أجهزة طرد مركزية جديدة أكثر تطورا إلى الخدمة في مجال إنتاج اليورانيوم ،وهو ما جاء مترافقا مع درجة الوضوح السافر في المواجهة حول هذا الملف ،إذ وجهت إيران "إنذارا محدد المدة للدول الغربية بشأن اقتراح تصدير –استيراد اليورانيوم اللازم لتشغيل المفاعلات الإيرانية ،إذ صدرت تصريحات إيرانية رسمية تعلن إمهال الغرب حتى آخر يناير 2010 لقبول العرض الإيراني باستيراد اليورانيوم 18 ، وإلا أقدمت إيران على إنتاج هذا اليورانيوم على أرضها ،وهو ما يعنى التهديد بإحداث انقلاب نوعى "معلن" في قدراتها النووية .وقد جاءت كل هذه التطورات الهجومية مترافقة أيضا ،مع شن هجوم ديبلوماسى وسياسي من الدوائر الإيرانية ضد كل من أمريكا وروسيا وبريطانيا ،من خلال مطالبة تلك الدول بدفع تعويضات لإيران عن ما لحق بها خلال وجود قوات تلك الدول على أرضها أثناء الحرب العالمية الثانية ،وقد وصل الأمر حد التهديد بطلب تعويضات عن قيام المخابرات الأمريكية بتدبير انقلاب في إيران ضد حكومة مصدق .

 

هي إذن مرحلة مختلفة على نحو كبير عن "السلوك" الإيراني السابق .فبشأن العراق ،كانت إيران  تتحدث من قبل ،عن أن العراق هو المعتدى عليها ،وأن العراق هو الذي بادر إلى إشعال الحرب العراقية الإيرانية ..الخ .وبعد الاحتلال الأمريكي ،كان الإعلام والساسة الإيرانيون يتحدثون عن عدم التدخل في الشأن العراقي الداخلي ، بل كان هناك من يتحدث رافضا الاحتلال الأمريكي.

 

 

 في تلك المرحلة كان التدخل الإيراني يجرى بوسائل المخابرات والعمل التحتي وتربية الميليشيات ودعمها والتغلغل في المجتمع العراقي. وهو ما اختلف الآن، إذ المرحلة الحالية شهدت سفورا في التدخل الإيراني أو لنقل سفورا في العدوان الإيراني على العراق ،بالتحرك العسكري لاحتلال احد آبار النفط .

 

 

وعلى صعيد الملف النووي فالوصول إلى حد إنذار الغرب ،بموعد محدد لقبول العرض الإيراني ،يمثل انقلابا كليا في التحرك بشأن هذا الملف .من قبل كانت حركة إيران تعتمد أسلوب المناورة التكتيكية في العلاقات مع الغرب على مختلف الصعد . هي كانت تناور في المساحة الممكنة بين المصالح الأمريكية والأوروبية ،وعليه قامت تحركات التفاوض مع أوروبا حين كانت الولايات المتحدة تبدى تشددا في العلن ضد إيران ،وهى كانت تلعب بطريقة الصراع بين القط والفار مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ،إذ كانت تبدى دوما التزامها بمعاهدة منع الانتشار وبقية الالتزامات الدولية مع التحرك على الأرض خارج تلك الاتفاقيات ،وهى كانت تبدى تعاونا "وتفاؤلا "بجدوى المفاوضات بينها والغرب ،حتى وصل الأمر بها إلى طرح اقتراحات بشأن مقايضة مخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب بالأعلى منه تلبية لحاجاتها ،مع المطالبة في البحث بكل البدائل الممكنة في هذا الشأن .

 

 

وفي مجال إنتاج الصواريخ ،كان هناك حرص إيراني على سيادة حالة من التعتيم حول تجاربها الصاروخية في جانب الإعلان عن "المحتوى" التكنولوجي لأسلحتها (يفهمه المتخصصون تحت عناوين الغموض البناء) ،حتى كان يخيل للمتابع أن إيران وصلت حد القدرة على إنتاج أي شيء تريد .

 

 

وفي وضعية الصراع داخل اليمن ،كان أقصى ما وصل إليه الموقف الإيراني هو الحديث عن الاستعداد للوساطة ،غير أن الأمر انقلب هجوما محددا على المملكة العربية السعودية من مختلف المحاور ،وعلى رأسها الحوثيين وصراعهم .

الآن يلحظ المتابع لكل اتجاهات الحركة الإيرانية ،أن القيادة الإيرانية بدأت مرحلة واضحة من الهجوم في اتجاهات ذات طابع استراتيجي شامل !.

 

 

دلالات وأبعاد
في كل خطوة أو تصريح أو تهديد أو تحرك إيراني – مما سيق الإشارة إليه - ثمة دلالات أبعد وأعمق مما يظهر في التلقي المباشر لها، وهو ما يدعو للقول بأننا أمام هجوم إيراني شامل ..لا مجرد تحركات تكتيكية هنا وهناك لا تعبر عن تحول استراتيجي.
في مسألة احتلال حقل الفكة العراقي، وسواء تراجعت القوات الإيرانية وخلت الحقل أم لا، فنحن أمام "تأكيد" إيراني بتحريك القوات إلى داخل الحدود العراقية، ونحن في مواجهة تهديد إيراني بإمكانية استخدام القوة العسكرية ضد حقول النفط في دولة أخرى، وفق نمط من الفعل الاستعماري باستخدام القوة المسلحة والاعتداء .
الخبر الذي نشر ببساطة، هو أن قوات عسكرية إيرانية عبرت الحدود العراقية وقامت بالسيطرة على موقع نفطي قرب المنطقة الحدودية شرق مدينة العمارة.

 

 

الملاحظة الأولى هي أن مصدر الخبر هو الجيش الأميركي.

والملاحظة الثانية أن مصدر الخبر قد شدد على عدم حدوث عنف لا خلال اختراق القوات الإيرانية ولا فيما بعد ،ولا من القوات الأمريكية –ومهمتها كدولة وقوة احتلال هي حماية البلد المحتل حدودا وأجواء -ولا من غيرها بفرض وجود قوات عراقية وهو ما يكشف حدود القوة العراقية أمام القوة الإيرانية وحدود وملامح التوازن الجديد بين الدولتين لتفرض من خلاله إيران شروطها من بعد .

 

 

وفي الملاحظة الثالثة قد أعرب المصدر العسكري الأمريكي الذي أذاع الخبر عن أمل بلاده أن تتم معالجة الوضع بين العراق وإيران،دون إشارة إلى موقف أمريكي، وهو ما يحدد ملامح العلاقة المباشرة والتماس المباشر بين القوتين الأمريكية والإيرانية.

 

 

هنا يبدو أننا أمام تجديد النزاع العراقي الإيراني مع فارق أن الحكم في العراق أقرب إلى إيران  – حسب رأى البعض – منها إلى العراق ، وأننا أمام نوايا هجومية إيرانية واضحة لاشك أنها تمثل تحذيرا لدول أخرى في الإقليم ،وأمام ضعف أمريكي وربما رغبة أمريكية في تعميق حالة الخلاف الإيراني العراقي أو جر إيران إلى مواجهة مع العراق ..الخ .

 

 

في جانب التجربة الصاروخية التي أجرتها إيران مؤخرا ، نحن إزاء تطور عسكري مختلف عن ما سبق . الصاروخ الإيراني الجديد قادر على إيصال الرأس القتالي إلى مسافة تبلغ 2000 كيلو متر.لتصبح كل القواعدِ العسكريةِ الأمريكيةِ في منطقة الخليج ودول الخليج من قبل ،والكيان الصهيوني وبعض مساحات من أوروبا ، في مرمى الصواريخ الإيرانية ،التي صار بعضها على درجة تصويب أدق وفقا لتلك التجربة .

 

 

هنا بات البعض يرى أن هذه التجربة التي جرت مؤخرا تمثل بدايةَ العد التنازلي لحربٍ جديدةٍ في منطقة الشرق الأوسط. ووصل الأمر حد القول بأن سيناريو الحربِ القادمةِ صار محددا الآن وهو كالتالي: سيقوم سلاح الجو الإسرائيلي بالمبادرة إلى ضرب كل المنشآت النووية المعروفة لأجهزة الاستخبارات وبعد ذلك تَدخل الأساطيل الأمريكية الحرب لتمطر إيران بوابل من الصواريخ المجنحة. أما إيران فسوف تطلق كل ما يتبقى لديها من صواريخ بعد تلقى الضربة الأولى على القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج. وسوف تطلب من "حماس" و"حزب الله" المبادرة بإطلاق الصواريخ أيضا . ومن المتوقع أن تقدم إيران على إغراق سـفن في مضيق هرمز لضمان وقف تصدير النفط الخليجي بشكل تام.

 

 

غير أن الدراسات الحديثة الصادرة عن بعض مراكز الدراسات الإستراتيجية في الولايات المتحدة –المهتمة بالتنبؤات المستقبلية-صارت تصدر تقارير عن إمكانية تعايش الولايات المتحدة مع إيران نووية ،كما هناك قطاع من كبار السياسيين والعسكريين صار يتحدث بلغة تعديل التوازنات في المحيط (حرب باتجاه حزب الله أو حماس –جذب سوريا للنظام الرسمي العربي ) مع العمل على إسقاط النظام الإيراني من الداخل ،دون مواجهة مع إيران.

 

 
لم هذا التحول ؟
في حسابات التوازن والصراع ،فإن دولة ما تتحول من الدفاع إلى الهجوم إذا قويت هي أو إذا ضعف خصومها دون ن تتغير معالم قوتها هي ،فما الذي دفع إيران لتغيير سلوكها من المستتر إلى المعلن ؟ ومن العدوان بوسائل تبدو غير ظاهرة للبعض إلى العدوان العسكري المباشر ،ومن المناورة والمداورة إلى المجابهة وتحديد مواعيد وإنذارات للخصوم ..الخ .

 

 

واقع الحال أننا أمام أسباب عامة يقف في مقدمتها سبب ضعف العراق ،وتولى مجموعات مرتبطة بإيران السيطرة على لعبة الحكم ،كما الأمر يعود إلى لعبة تقاسم المصالح والأدوار مع الاحتلال الأمريكي، وكذا لأن الولايات المتحدة صارت إلى حالة ضعف عامة ، فضلا عن ضعفها الناتج عن ارتباطها بخطة سحب قواتها إلى قواعد يسهل الدفاع عنها في العراق ،وبسبب الضغط الهائل على قواتها في أفغانستان .وكذا يبدو السبب المباشر متعلقا بحالة الضعف العربي على مستوى العلاقات البينية والعلاقات مع دول الإقليم والقدرة على مواجهة المخططات الإقليمية والدولية .وإذا أردنا وصفا مدققا للرؤية الإيرانية التي بنيت عليها عملية التغيير من الدفاع النشط إلى الهجوم ،يمكن التشديد على التالي:

 

 

1-إيران تدرك أمر التراجع الأمريكي في المنطقة والعالم ،وتؤسس اندفاعاتها للحلول محل النفوذ الأمريكي بقدر الانسحاب الأمريكي .

لم يعد أمر انهيار الإمبراطورية مجرد توقعات من خارج أمريكا ،أي من قبل أعدائها ،بل صار هناك توجه في داخلها يتحدث علنا ويطلق تحذيرات باحتمال حدوث هذا الانهيار ،والأهم هو أن أصحاب تلك الرؤية في داخل أمريكا ،هم من كبار الاستراتيجيين والساسة الذين لعبوا أدوارا مهمة في تاريخ ونهضة وقوة أمريكا .السياسي الأميركي المخضرم، جورج ماكغيفرن الذي نافس ريتشارد نيكسون في انتخابات ،1972 خرج عن صمته الطويل ودعا إلى الاعتبار من انهيار الإمبراطورية السوفييتية غداة هزيمة مذلة في أفغانستان.ودعا الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مراجعة إستراتيجيته في أفغانستان، محذرا من “فشل ذريع” مع استمرار نزيف الأموال والأرواح، على غرار الإخفاق السوفييتي، الذي انتهى بانهيار دولة عظمى.

 

 

كاتب مرموق آخر هو جيم هوغلاند قال أن الولايات المتحدة انزلقت إلى الشرق الأوسط الكبير نتيجة لهزيمة بريطانيا العظمى في حرب السويس (1956) وإلى أن الإمبراطورية الأميركية المنتشية بقوتها الاقتصادية والعسكرية غاصت في المستنقع الشرق أوسطي أكثر فأكثر بسبب المغامرات العسكرية “الإسرائيلية” في المنطقة العربية .وانتقد هوغلاند إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، ووصفها ب “الكارثة”، واتهمها بتوريط الولايات المتحدة في حربين بأفغانستان والعراق، وطالب بلجنة تحقيق مستقلة نزيهة على غرار لجنة التحقيق البريطانية (لجنة شيلكوت الخماسية) لكشف زيف الادعاءات التي ساقتها الإدارة السابقة لشن حرب غير شرعية .

 

 

وقد لمست إيران حالة الضعف الأمريكي في المنطقة ،وصارت تستعد للحلول محل نفوذها من عدة عناصر أساسية .أولها ،توقف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني ،وخفوت التهديدات بفرض عقوبات دولية جديدة على طهران بسبب هذا البرنامج ،ليس فقط بسبب مواقف روسيا والصين المناورة،ولكن أيضا بحكم حالات الضعف المتنامية في أوضاع الولايات المتحدة .

 

 

وثانيها ، تصاعد حركة الهجوم على الولايات المتحدة والمتعاونين معها في باكستان ووصولها آفاقا يمكن أن تعرقل -على نحو أو آخر -الخطة الأمريكية المعلنة لاستمرار الحرب في أفغانستان حتى بدء الانسحاب في عام 2011 . لقد وصل أمر الصراع الباكستاني الأمريكي أن اتهمت مصادر أميركية "علنا" قطاعات من الجيش والاستخبارات الباكستانية بتصعيد حملتها "للتحرش" بالدبلوماسيين الأميركيين على نحو يؤثر سلبا على العلاقات المشتركة بين الدولتين .وهو ما حدا بدبلوماسي أميركي كبير للقول أن "الحملة الباكستانية ضد الدبلوماسيين الأميركيين تشمل رفض تمديد أو منح تأشيرات دخول إلى البلاد لأكثر من 100 مسؤول أميركي فضلا عن إجراء عمليات تفتيش متتالية لسيارات الدبلوماسيين الأميركيين في المدن الرئيسية".كما وصل الأمر أن دخلت الولايات المتحدة في حالة رد فعل على التحرشات الباكستانية ،إذ لم تقم الصيانة اللازمة للمروحيات الأميركية التي يستخدمها الجيش الباكستاني لقتال طالبان باكستان ،كما جرى وقف دفعات المساعدات الأميركية لباكستان المخصصة لمكافحة الإرهاب والتي تبلغ مليار دولار بسبب مغادرة خمسة محاسبين أميركيين للسفارة الأميركية في إسلام أباد بسبب انتهاء تأشيرات دخولهم.

 

 

وقد وصل أمر الخلاف الأمريكي الباكستاني أن صارت باكستان تقترب من إيران في طرح إقليمي يشدد على حل إقليمي للوضع في أفغانستان ،كما وصل الأمر أن هددت الولايات المتحدة باكستان بالهند وفق ما ورد في تصريحات وزير الدفاع الأمريكي في نيودلهي إذ أبدى تعاطفا وتقديرا لرد فعل هندي تجاه باكستان –دون أن يسميها بالاسم –إذا وقعت "عملية إرهابية في داخلها .

 

 

2-افتقاد الوضع الدولي لقوى منافسة قادرة على ملأ الفراغ في المنطقة  :
رأت إيران أن الوضع الدولي الذي تتراجع فيه القوة والقدرة الأمريكية ،لم يحقق بالمقابل بروزا وقدرة من طرف أو أطراف دولية قادرة على ملء فراغ القوة في المنطقة والعالم ،وأن القوى الدولية الصاعدة ما تزال بحاجة إلى دول إقليمية تتكئ عليها في حركتها المتصاعدة نحو امتلاك عناصر القوة والتأثير الدولي ،وهى لذلك قررت التحول نحو الهجوم ارتكانا إلى قوة الآخرين من جهة وضعفهم من جهة أخرى .

 

 

3-الضعف العربي وافتقاد إرادة المواجهة :
وصلت إيران إلى تقدير عام بأن الموقف العربي صار مكبلا بقيود وأوضاع إقليمية تشل قدرته على الحركة في أي اتجاه ،وأن الموقف العربي صار نهبا للقوى الإقليمية والدولية دون قدرة على الحراك المنظم أو المترابط ،بل هم صاروا حزمة متفرقة تدور التطاحنات بينها .وكذا أن العرب صاروا مخترقين إيرانيا ،أن على صعيد النظم الحاكمة من خلال تحالفات إيرانية تكبل بعض الأطراف العربية وتضعف تواصلها مع غيرها من الدول العربية أو تقيده ،أو على صعيد القوى الشعبية المعارضة التي صار بعضها مروجا لإيران ودورها وفق معطيات متعددة ومتنوعة ،وأن إيران قد تمكنت من تثبيت قطاعات من النخب الفكرية والسياسية عند مواقف يصعب التراجع عنها ..الخ ,وكلها وغيرها ،أمور اختبرتها إيران واقعيا في ظروف محددة على نحو بالغ القسوة ،خلال العدوان الصهيوني على لبنان وعلى غزة ،ومن خلال ردود الفعل على التهديدات الإيرانية باحتلال البحرين ومن خلال مراقبة ردود الفعل على المواجهة الجارية في اليمن ..الخ .