رئيس جمعية الشباب المسلم في البوسنة: المسلمون بحاجة لمنظمات مستقلة.. لا نملك مقراً.. ونقدم مساهمة فكرية رائدة ومعيشية للمسلمين
7 ربيع الأول 1431
عبد الباقي خليفة

جمعية الشباب المسلم من أقدم الجمعيات الإسلامية في منطقة البلقان حيث يعود تأسيسها إلى ثلاثينات القرن الماضي وتحديدا 1938 م. عرفت ابتلاءات كثيرة، وحققت انجازات كبيرة منها تأسيس حزب العمل الديمقراطي، الذي يمثل اليوم رقما صعبا في معادلة الحكم . لكن الحزب ولأسباب كثيرة تتعلق بالوضع السياسي تحول إلى حزب جماهيري بأولويات سياسية . وكانت الجمعية هي من قادت حرب التحرير في مواجهة الإبادة عبر رموزها وفي مقدمتهم الرئيس الراحل علي عزت بيجوفيتش. وفي هذه الأيام تم انتخاب المهندس الشاب أدهم باسكيتش رئيسا جديدا لها خلفا لرئيسها السابق عمر بهمن الذي تعرض لحادث سيارة، مثل حلقة إضافية في مسلسل الابتلاءات التي تعرض لها في الحقبة الشيوعية المظلمة، أقعده عن مواصلة مهامه. وقد أجرى موقع " المسلم" حوارا مع الرئيس الجديد لجمعية الشبان المسلمين، هذا نصه:

 

المسلم: تم انتخابكم مؤخرا رئيسا لجمعية الشباب المسلم ما تعليقكم على ذلك وما هي آفاق التغيير المنتظرة على عمل الجمعية . وكيف تنظرون للأمانة الملقاة على عاتقكم وعاتق الجيل الجديد من أبناء الجمعية ؟.
أدهم باسكيتش: هذه مسؤولية كبرى ألقاها الإخوة على كاهلي ، أدعو الله أن يعينني على أداء هذه الأمانة التي ناءت بحملها الأرض والسماء والجبال . ولا شك فإني سأحتاج لمساعدة إخواني وأخواتي من داخل الجمعية ومن خارجها ، فنحن لسنا جمعية منغلقة على نفسها، وإن كان لنا برنامجنا الخاص، وأعضاؤنا الملتزمين به.
من جهة أخرى نحن نعمل على إحداث تغييرات في أشكال العمل والأنشطة نحو الأفضل لتحقيق أهداف الجمعية ، وهي تنظيم شباب المسلمين ورفع مستوى الوعي الثقافي بالإسلام لديهم.

 

المسلم: قدمت الجمعية تضحيات كبيرة من أجل الأهداف التي تأسست من أجلها، لو تحدثونا عن هذه الأهداف التي قدم الكثيرون أرواحهم فداء لها، مثل الشهداء الشيخ محمد خانجيتش، ومصطفى بوسولادجيتش، وقاسم دوبراتشا، وقاسم تشامجيتش، وعثمان كروباليا وغيرهم من قافلة الشهداء؟
أدهم باسكيتش: لم تذهب تلك التضحيات سدى ، فقد كانت بالأمس واليوم وغدا وما بعد الغد وحتى يوم القيامة، معالم في الطريق، فهي الشموع التي تنير درب الشباب، وتقدم له الأمثلة الحية في التضحية والفداء من أجل الإسلام. إن هؤلاء الشهداء كانوا مسلمين، ومن أجل الإسلام قدموا أرواحهم وضحوا في سبيله بأغلى ما يملكه الإنسان وهو حياته.
لقد كانت دماء الشهداء الذين ذكرتهم ومداد المفكرين والعلماء بمثابة القناديل والطريق الذي يجب على المسلمين سلوكه في حياتهم وفي كدحهم إلى الله، في هذا الظلام المحيط بهم من كل جانب. لقد قدم الشهداء للأجيال النور ليبصروا الطريق الذي مهده العلماء بمدادهم، ولا غنى بهذا عن ذاك.

 

في البوسنة على سبيل المثال كان لدماء أولئك الشهداء وغيرهم، ومداد المفكرين والعلماء دور في استقلال البوسنة، والتصدي للعدوان والإبادة التي تعرض لها شعبنا أثناء حرب التحرير في تسعينات القرن الماضي، ومن ثم بقاء المسلمين في هذه المنطقة المهمة من العالم، وأمامنا طريق طويل يتطلب منا جهدا ناصبا، على كل المستويات، وفي مقدمتها التحديات الثقافية التي تمثل أولوية كبرى بالنسبة لنا.

 

المسلم: الجمعية من أقدم الجمعيات في المنطقة، وفي الوقت الذي وصلت فيه جمعيات مماثلة إلى مستويات عليا، يرى البعض أن الجمعية ظلت صغيرة، ما صحة ذلك وما هي الأسباب من وجهة نظركم؟
أدهم باسكيتش: لا نزعم الكمال، وفي نفس الوقت لا ننكر التقصير رغم كل الجهود التي نبذلها، وكما قلت في بداية حديثي، لم يمض كثيرا على انتخابي رئيسا للجمعية ولا شك بأن تطورا ملحوظا ستشهده الجمعية، وهو الإجابة على كل أسئلة الطيبين وكل أعضاء وأحباء الجمعية.

 

المسلم: على المستوى الأيديولوجي ضمت الجمعية أسماء كبرى مثل علي عزت بيجوفيتش، رحمه الله، وأدهم بيتشاكيتش، وعمر بهمن، وجمال الدين لاتيتش، لكن لم يبرز من الجيل الجديد أسماء بهذا الحجم لماذا في اعتقادكم؟
أدهم باسكيتش: اسمحوا لي أن أؤكد لكم بأن جمعية الشباب المسلم لا تزال تزخر بالمثقفين وبالطاقات من مختلف التخصصات العلمية وبالكتاب وبالأساتذة الجامعيين وبالأئمة والأطباء والمهندسين وغيرهم. وللكثير منهم مؤلفات وبحوث في مجال تخصصاتهم.

 

المسلم: هناك من يقول أن جمعية الشباب المسلم تحولت إلى جمعية خيرية فقط ما تعليقكم على ذلك؟
أدهم باسكيتش: من حق أي إنسان أن يعبر عن موقفه من أي جماعة ويقول عنها ما يشاء، لكن يجب أن يكون ذلك وفق معطيات حقيقية، ومعرفة تنطلق من الداخل أولا.
الجمعية لا تكتفي بالعمل الإغاثي وإن كان ذلك من ضمن نشاطاتها، وهي من الأولويات نظرا للوضع الاجتماعي في البوسنة.
ومن الناحية الفكرية نجد الإسلام يحث على هذا المعطى، فهو ليس دينا جافا يقول أن مملكته ليست في الأرض. بل إن العمل الخيري من أفضل القربات لله تعالى.
ومن الناحية الاجتماعية تمثل حاجيات الناس أولوية بالنسبة لهم، وفي قصار السور نجد أبعادا عقائدية واجتماعية كبرى، ففي سورة قريش سبق الإطعامُ من جوع الأمنَ من الخوف. والخوف عنصر نفسي له علاقة بالبعد الروحي.
وفي البوسنة هناك نسب كبيرة من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر. والناس لن يستمعوا إليك وأنت تدعوهم لضرورياتهم الروحية والثقافية إذا لم توفر لهم الحد الأدنى من ضرورياتهم المعيشية.

 

المسلم: ما مستوى عمل الجمعية ضمن اتحادات الطلبة وغيرها من النقابات والجمعيات المختلفة داخل الدولة. وهل أنتم راضون على برنامج الجمعية المعد للأعضاء. ولماذا تقف العضوية عند حد الشباب، أي لماذا لا يظل العضو عضوا حتى بعد التخرج وبناء أسرة أي مدى الحياة. وهل هناك نية لتغيير النظام القديم لتكون العضوية مدى الحياة؟
أدهم باسكيتش: لدينا حضور قوي في اتحادات الطلبة، ولكن ضمن فعاليات أخرى، لأن وضع البوسنة يتطلب منا ذلك. كما أن قوانين الاتحادات تفصل العمل النقابي عن العمل التنظيمي. ونحن راضون على هذا الحضور المميز والفاعل، والذي يعبر عن موقفنا من العمل الطلابي ونظرتنا له ولآفاقه المستقبلية.
أما بالنسبة للعضوية فنحن بصدد مراجعة برنامجنا. واهتمامنا بالشباب مرده للحماس المتدفق لدى هذه الفئة تجاه الإسلام، ولكن كبار السن يظلون أعضاء بأسماء كبار الشباب المسلم.

 

المسلم: لماذا وقفت الجمعية عند حدود البوسنة ولم تفتح لها فروع في الدول المجاورة بحكم أنها جمعية ثقافية في أحد وجوهها؟
أدهم باسكيتش: بحكم أننا جمعية قديمة، هناك جمعيات مماثلة تتعاون معنا في المنطقة، ولدينا فرع في السنجق. ولكن بسبب الأوضاع الصعبة هناك، حيث تسيطر صربيا على الإقليم، تركنا لهم الحق المطلق في الاختيار والنشاط. فقد وجدنا من الأفضل قيام جمعيات محلية ننسق معها على قدر المستطاع، أفضل من أن تكون أحد فروعنا، فهي أدرى بواقعها، ويبقى الفضاء الثقافي والمعرفي ما يجمعنا. كما يمكن أن نشترك في بعض المشاريع سواء على المستوى الإغاثي أو التثقيفي.

 

المسلم: يعود تأسيس جمعية الشباب المسلم إلى أربعينات القرن الماضي لكنها لا تملك حتى الآن مقرا خاصا لماذا؟
أدهم باسكيتش: عندما تم تكوين الجمعية في ثلاثينات القرن الماضي، لم يكن لدينا مقر أو ممتلكات. فقد نشأت جمعيتنا في ظل نظام معاد للإسلام والمسلمين، وعلى ذلك الحال كان الوضع في زمن السطوة الشيوعية، حيث تم منع جمعيتنا من العمل القانوني، أي لم يكن معترفا بها. وبالتالي لم تسع لإيجاد مقر، ثم جاء العدوان وظلت الجمعية بدون مقر، ونحن نعمل على إقامة مقر خاص، وهذا يحتاج لأموال لا نملكها حتى الآن. ولعله يكون من بين الجهات التي تطلع على هذا الحوار القيام بمساعدتنا على بناء مقر.
وفي الوقت الحالي، كما تعلمون نحن نستخدم مبنى تابعا للأوقاف ولا ندري متى سيطلبون منا إخلاءه. وإن كانت ثقتنا كبيرة في رئيس العلماء الدكتور مصطفى تسيريتش، لكننا لا ندري ماذا سيحدث في المستقبل. وكما تعلمون أيضا فإن جمعية الشباب المسلم، تضع خدمة الإسلام والشعب في مقدمة أولوياتها ولذلك تضحي بكل ما تملك في خدمة الآخرين تحت راية الإسلام. ونحن نساعد المشيخة الإسلامية لاستعادة جميع الأوقاف التي لا تزال تحت نفوذ الدولة، وهذا يخدم الدعوة الإسلامية سواء تمثلت في المشيخة أو جمعية الشباب المسلم أو غيرها من الجمعيات الإسلامية في البوسنة والمنطقة .

 

المسلم: هل لديكم مشاريع تحتاج لتمويل ما هي وما أهميتها؟
أدهم باسكيتش: لدينا الكثير من المشاريع الصغيرة، وتحتاج بالفعل للتمويل، ويمكن لمن يرغب في التفاصيل الاتصال بنا على الإيميل التالي:
[email protected]