العربية نت.. خيانة المهنة وازدراء شرف الكلمة
28 ربيع الثاني 1431
منذر الأسعد

سوف نفترض –جدلاً- أن الشيخ محمد العريفي قد عزم على زيارة القدس المحتلة، بل أنه قد زارها فعلاً.فما الذي يستفز قناة العربية وموقعها على الإنترنت حتى تقام القيامة على رأس الشيخ؟أليست القناة في طليعة وسائل الإعلام العربية المُطَبّعة منذ سنوات مع رموز الاحتلال الصهيوني، تستضيف مجرميه الملوثة أياديهم بدماء الفلسطينيين العزل، وتجبر مشاهديها-وهم يستحقون!!-على الاستماع إلى الكذب المحض والتضليل المفضوح، بذريعة المهنية والموضوعية والقبول بالرأي الآخر (أي أن إبادة الشعوب تصبح وجهة نظر!!فكيف إذا كانت القناة تنتمي بنسب أصحابها ولغتها بل واسمها إلى العرق الذي تنتسب إليه الضحية)؟!

ولم يسألوا أنفسهم في لحظة صدق مستحيلة: هل يستضيف إعلام العدو اليهودي وشقيقه الصليبي أي قيادي من فصائل المقاومة الفلسطينية؟

 

أليس من أول بديهيات المهنة الصحافية وجوب التثبت من الخبر قبل تبنيه وبثه؟ أم أن العربية نت وشقيقتها قناة العربية يبثان ما يهويان كما يهويان؟ ألم يكن من حق الشيخ العريفي –مهنياً لا شرعياً ولا وطنياً حتى- أن يسأله ناشر الفرية عن حقيقة ما نُسِب إليه من اعتزام السفر إلى القدس الأسيرة وبخاصة أن تعليق الرجل على الأمر يعد سبقاً مهنياً، سواء أكان تعليقه تأكيداً للنبأ أم نفياً له؟!

 

إن من يتابع موقف العربية نت من خبر لم تصح نسبته إلى صاحبه، يتخيل أنه يستمع إلى قناة الأقصى الناطقة باسم حركة حماس، لشدة عدائها للتطبيع مع العدو الصهيوني، في حين اشتهرت العربية بشقيها- في الخافقين بتأييدها الأعمى للاعتراف بالكيان الصهيوني وبسدنته وأذياله عربياً وفلسطينياً!! بل إن العربية بلغ بها مقتها للمقاومة حد الفضيحة في فترة العدوان الغادر على غزة!! أم أن بغضها للعلماء والدعاة يجيز للعربية أن تتناقض وترفع شعار مناوأة التطبيع؟

 

والمدهش أن أهل القضية الشرفاء في فصائل المقاومة المرابطة، علقوا على الخبر المختلق تعليقاً طيباً، يعارضون فيه عزم الشيخ على زيارة القدس في ظل الاحتلال، ولكن من دون لمز ولا همز!! ولم يمنعهم تقديرهم للشيخ وثناؤهم عليه من الاعتراض على الفكرة-لو صحت-!! وكذلك هو شأن الشرفاء أصحاب القضية، وعلى العكس منهم كان تصرف التجار بشرف الكلمة والمتلاعبين بالمبادئ!!

 

غير أن الأدهى من كل ذلك –على فظاعته- أن الشيخ العريفي أوضح رفضه الجازم لفكرة زيارة القدس ما دامت تحت نير الاحتلال، وجلّى اللبس الذي اكتنف كلامه الذي اقتطعه القوم من سياقه وحرفوه عن مواضعه!! وكيف لا يحرفون كلام إنسان غير معصوم بينما هم تخصصوا في تحريف دلالات نصوص الوحي المحفوظ بحفظ الله تعالى، لإخراجها عن مواضعها وتغيير مقاصدها القاطعة لكي يلبّسوا على العامة أمور دينهم!!

 

وكان الموقع نفسه قد نشر قبل مدة غير بعيدة تقريراً يشبه الخبر الحالي في دوسه على أبجديات المهنة الإعلامية، إذ ادعى في حينه أن أهل السنة في السعودية مستاؤون من كلام الشيخ العريفي عن السيستاني وغلو الشيعة الاثني عشرية,وذلك في ذروة عدوان المتسللين الحوثيين على الأراضي السعودية مدعومين من آيات قم والنجف جهاراً نهاراً!!!

 

والموقع يعلم أنه يكذب ويعلم أننا نعلم أنه يكذب فأهل السنة في أربعة أنحاء الأرض كانوا مع الشيخ العريفي في وقفته المشرفة بالقلوب والألسنة!!ولو كان لدى القائمين عليه ذرة من وطنية يزعمونها لما صمتوا صمت أهل القبور في تلك الفترة على سكوت الصفار وأمثاله من رافضة السعودية، بل إن المذكور اضطر -تقية-إلى حذف اسم بدر الدين الحوثي من قائمة شيوخه وهي قائمة تتصدر موقعه على الشبكة العنكبوتية!!!

 

أما في الزيارة المفتراة على الشيخ، فلنا كلمة أخيرة: نقول للعربية نت وقناة العربية، إن كنتم صادقين في تباكيكم على التطبيع مع الصهاينة، فما لكم لا تهاجمون وزير الأوقاف المصري الذي حض المسلمين كافة على زيارة القدس، نكاية في الصهاينة؟! أم أن المكاييل المزدوجة التي باتت بصمة تخص العربية تتيح لها الاستمرار في استهتارها بذكاء الجمهور الذي تحسبه جمهور أحمد سعيد قبل نصف قرن!!