سؤال عاجل للأحمري: هل السعوديون أفضل من مجتمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
12 جمادى الأول 1431
منذر الأسعد

غفر الله للكاتب الفاضل الأستاذ محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الأحمري، الذي كتب قبل فترة قريبة مقالاً بعنوان: رأي في البيان التالي (يعني برنامجاً تلفزيونياً معروفاً). فالرجل استهل مقاله باستنكاره الشديد لتقسيم أبناء المجتمع السعودي إلى إسلامي ولبرالي، ويصف هذه التصنيفات بأنها "فجة"!! لكنه يعترف بعد سطور معدودات لا أكثر بما جحده في استهلاله العجيب، فالحلقة التي يعلق عليها كشفت –في رأيه- أن الإسلاميين يخافون من كل رأي مخالف حتى لو كان صواباً بنسبة 100%، وأن آخرين -لا يسميهم هنا!!- يرتابون في كل صاحب لحية أو فكرة إسلامية ولو كانت صائبة 100%!!

 

صحيح أن الأحمري سمى أحد الفريقين واجتنب تسمية الفريق الخصم، لكنه أقر بوجود انقسام حاد، بدأ مقاله بإنكاره بالكلية بل إنه جعله من صناعة فئة محدودة، وهذا يضيف فريقاً ثالثاً إلى فريقين كان ينكر وجودهما 100% -ما دام يفضّل هذه النسبة!!-.
 ومع ذلك فلنتجاهل تناقض الكاتب في أقل من 10 سطور، ولنحصر مناقشته في رأيه الأساس، وهو سخطه القوي لتقسيم المجتمع الواحد، هو المجتمع السعودي في حالتنا هذه!!

 

أفلا يعلم الأحمري أن خير مجتمع عرفتْه أو سوف تعرفه الإنسانية أي مجتمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان فيه انقسام جذري بين المؤمنين والمنافقين، ورد في عشرات الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، وأجمعت عليه الروايات الصحيحة للسيرة النبوية المطهرة، حتى بات معلوماً منها وعنها بالضرورة؟ فهل المجتمع السعودي مجتمع ملائكي يمتاز على المجتمع النبوي، الذي كان قائده ومعلمه سيد ولد آدم، والذي كان تلاميذه النجباء الصحابة الكرام الذين لم تعرف البشرية –بعد الأنبياء-بشراً مثلهم إيماناً راسخاً والتزاماً صادقاً وسجايا حميدة، ويكفيهم فخراً تزكية رب العالمين لهم في محكم التنزيل وتزكيات النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وفعلاً وإقراراً؟.

 

ثم أليس من أمانة الكلمة أن يتحدث أصحاب القلم بصدق وشفافية وأن يسموا الأمور بأسمائها؟ألم يكن المجتمع السعودي إلى عهد قريب أكثر نقاء وأقل شوائب، إلى أن ذرّت فيه فتن التغريبيين الذين يسعون إلى إفساد المجتمع وتحويله إلى تابع للغرب في كل شيء؟ إذا كان أخونا لا يدري فتلك مصيبة لأنه يفتي في قضية تأريخ نعيشه من غير علم، وأما إن كان يدري-ونربأ بأمثاله عن ذلك-فالمصيبة أعظم..

 

أليس كل ما ينشره هؤلاء المتغربون –في الصحف ومواقع النت وما يبثونه في الفضائيات-من دعوات ضالة للخروج على قطعيات الإسلام كافياً للكاتب الفاضل كي يدرك وجود فئة لا خلاق لها تمارس عمالة فكرية رخيصة للغرب الصليبي والصهيوني؟

 

ولأننا نناقش الفكرة فقط، فإننا في غنى عن إيراد عشرات بل مئات النماذج القاطعة بزندقة رموز هذه الفئة  من الحاضر أو الماضي القريب على حد سواء. فلطالما استفز غثاؤهم عامة المسلمين في البلد، ولطالما جأر العلماء والدعاة من سفههم ووقاحتهم التي تزداد شيئاً فشيئاً.

 

ألم يدخل الأستاذ الأحمري مواقع يديرها هؤلاء المجرمون تنشر كتب الكفر البواح والإلحاد الصريح؟ هذا بالرغم من الجهود المبذولة لحجب تلك المواقع وكف أذاها عن الناس!!

 

وأما قصة ال100% فلعلها سبق قلم، فنحن جميعاً نعتقد أن الحق القطعي -بالنسبة المذكورة- لا يكون إلا للوحي الإلهي، فإذا كان الإسلاميون على صواب تام في خلاف القوم فهذا يعني ضمناً أن الخلاف محصور حول النصوص الشرعية القطعية في ثبوتها وفي دلالاتها، فما حكم من يعاندها عنده؟

 

ثم أليس عجباً أن الكاتب الكريم يزعم بعد ذلك أن خلاف الفئتين على لا شيء!! فهل الخلاف على وجوب الحكم بما أنزل الله خلافاً على لا شيء؟ وهل الدفاع عن السيستاني الضال المضل وفي ذروة عدوان المتسللين الحوثيين على تراب المملكة بدعم صفوي معلن يدخل في باب ال"لا شيء" في مفهوم الأستاذ العزيز؟

 

لقد كان الرجل في غنى عن هذا الكلام غير الموفق جملة، وإلا فكيف يوافق الإسلاميين على رفضهم دعوة رافضة محليين لتقسيم الوطن، ويعترف بأن اللبراليين يلمزونهم بذلك، ثم يصف تنازع الفريقين بأنه لاشيء؟