صيد الإعلام
27 جمادى الأول 1431
منذر الأسعد

أيّ عمقٍ هذا يا ظفيري؟!

بثت قناة الجزيرة حلقة جديدة من برنامج في العمق في يوم الثلاثاء20 /5/1431 الموافق (4/5/2010م)، خصصتها للحديث عن  المحاكم الدولية بين العدالة والتسييس.

وكان مع المذيع علي الظفيري ضيفان في الاستديو هما: علي الغتيت من مصر وعمر نشابة من لبنان. واشتملت الحلقة على تسجيل رأي اللواء المتقاعد جميل السيد، وهو أحد الضباط الأربعة –جميعهم قادة أجهزة أمنية!!-الذين احتجزتهم لجنة التحقيق الدولية في مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

 

وكان مقتل الحلقة مهنياً محضاً، فقد كان المتحدثون الثلاثة من اتجاه واحد معروف لكل متابع للقضية منذ اغتيال الحريري في 14/2/2005م، حتى إن  كلاً منهم كان يكرر كلام الآخر أو يكمله. بل إن المذيع تخلى عما تبقى من الحد الأدنى من الموضوعية في غياب ممثلي وجهة النظر الأخرى، فإذا بأسئلته وتعليقاته تشبه أسلوب المذيعين في المحطات الرسمية عندما يحاورون مسؤولاً رفيعاً في النظام الحاكم!! وكان أضعف الإيمان في حالة كهذه أن تكون أسئلة المذيع استفزازية لثلاثة ضيوف يعبرون عن رأي أحادي ليس في البرنامج من يفنّده!!

 

إنها حلقة غريبة جرى فيها استبعاد الرأي الآخر، وهو ركن ركين في شعار الجزيرة التي تؤكد دائماً أنها منبر الرأي والرأي الآخر. فالحلقة موجهة وتكاد تصبح إعلاناً مدفوع الأجر للجهة المناوئة للمحكمة الخاصة بمقتل الحريري ورفاقه. والأسوأ أنها تضمنت هجاء مقذعاً لرئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة ومديحاً فجاً ومكشوفاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أقفل البرلمان شهوراً عديدة وكأنه منزل أبيه، وذلك لكي يمنع مناقشة الاتفاق بين لبنان والأمم المتحدة على إنشاء المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري.

فهل الجزيرة التي تمنح إعلامييها ثقة ضرورية هي من أهم عناصر نجاحهم، لا تراقب أداءهم مهنياً بعد البث لكي تنبههم إلى أخطائهم لاجتنابها مستقبلاً؟

 

إننا ننتقد على أساس مهني صرف، دون أن نتبنى موقفاً من الرأيين: الحاضر بقوة والمغيب بإصرار مريب. فكثير مما قيل في الحلقة  حق  ولكن يراد به باطل، فالغرب يتعامى عن محنة فلسطين والعراق وأفغانستان.. وما من عاقل يتوقع من الغرب مؤسس هذه المظالم أي إنصاف للمسلمين وقضاياهم العادلة.لكن هل الحل في استمرار الاغتيالات للسنة في المنطقة منذ عقود دون مساءلة؟ (حسن خالد-صبحي الصالح-الحريري....)؟ وهل نكون نحن وحدنا ضحايا وحشية الغرب اليهودي الصليبي وهمجية وكلائه المحليين الذين يشتمون بالكلام وينفذون تعليماته في الواقع، في ظل كراهيتهم العميقة لنا ولديننا، بما يجعل من تلك البغضاء مصلحة مشتركة لهما؟

*******

 

العلمانية العميلة

خيانة العلمانيين في بلاد الإسلام لأمتهم، من خلال التواطؤ ضدها مع عدوها الخارجي، ليست جديدة، فعمرها من عمر الاستقلال الشكلي الذي منحه الغرب لأدواته المحلية، بعد أن ربّاها على عينه. وما كان لهذه الزمرة العميلة أن تتصدر مواقع القيادة لولا "إخلاصها" لسيدها الغربي، وسذاجة اتسمت بها أكثر المجتمعات المسلمة، إذ انخدعت بشعارات العلمانيين الوطنية، ولم تتبين زيفها إلا بعد فوات الأوان.فقيادات التحرير الحقيقة كانت من علماء الدين:عمر المختار-عبد الكريم الخطابي-ابن باديس.....

 

وها هو الكاتب القبطي المصري جمال أسعد، يقدم لنا شاهداً عملياً على كذب العلمانيين العرب وخيانتهم لشعاراتهم الضالة ذاتها، فهو يميط اللثام عن تآمر حزب التجمع المصري (الماركسي!!) وبخاصة المدعو رفعت السعيد  مع زعيم الغلو القبطي البابا شنودة، إذ يصف العلاقة بين الجانبين بأنها غير طبيعية وغير صادقة. وأشار الرجل الحر إلى أموال تقدمها الكنيسة الحاقدة إلى الحزب ذي الشعار العلماني المتطرف، في حين أن التجمع لا يعادي غير الإسلام ومبادئه وقيمه وتاريخه والدعاة إليه في العصر الحاضر..

 

والمثير للاهتمام أن علاقة شاذة كهذه تضرب الأمن القومي في مقتل، لا تستفز غلاة العلمنة في النظام المصري، الذين تخصصوا في محاربة مظاهر التدين بين الأكثرية المسلمة، وفي ملاحقة الإسلاميين بالمحاكم الاستثنائية المفصلة على مقاس موجهيها!!