الإسلام في عصر الاتصالات.. تقديم البديل خير من شتم الظلام
24 جمادى الثانية 1431
منذر الأسعد

قبل أيام معدودات، نجح الغضب الإسلامي الصادق والحكيم، في وأد فتنة دنيئة أطلت قرونها من أمريكا، وهي إقامة مسابقة تافهة على موقع فيسبوك الشهير لنشر رسوم مفتراة لسيد ولد آدم نبينا الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم. و لقيت الفكرة السقيمة قبولاً واسعاً في البيئات اليهودية والصليبية في شتى أنحاء الأرض، بحكم الإرث الثقيل من الكراهية المزمنة، التي يرضعها الطفل هناك حتى لو كان أبواه ملحدين لا يعتنقان النصرانية ولا اليهودية، بل قد يكونان ممن يزدرون هاتين الملتين!! وتلك الحال تذكّرنا بأسلافهم من الكافرين الذين كانوا يكررون فعل سابقيهم من الكافرين برسالات الأنبياء الذين بعثهم الله سبحانه إلى أممهم، فقال فيهم عز من قائل: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ* أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 52-53].

 

والقيمة الرئيسة لهذا الحصاد الطيب، تتلخص في أننا نستطيع فعل الكثير والكثير، إذا عزمنا عليه متوكلين على الله تبارك وتعالى حق التوكل، وكنا على قلب رجل واحد، ولم نتصرف بانفعال موقوت لا يلبث أن يتبخر!! هذا على الرغم من أن التصدي لمسابقة الإفك لم تكن شاملة كما ينبغي لها أن تكون، إذ اقتصرت شدتها على أشقائنا في باكستان وبنجلادش بالدرجة الأولى!!

فكيف لو أنها كانت عامة يسهم فيها المسلمون المتعاملون مع الشبكة العنكبوتية؟

 

أما الخطوة التالية لخطوة التصدي الحازم، والتي أطلقها شباب مؤمنون واعون فتركزت على الدعوة إلى إنشاء موقع إسلامي يكون بديلاً  لفيسبوك، يؤدي وظائفه المشروعة ويكون نظيفاً من قذاراته، وفوق ذلك فإنه يقدم صورة حقيقة وإيجابية عن المسلمين اليوم، بعيداً عن عمليات الكذب والدس والتشويه الرخيصة التي دأب أعداؤنا على شنها ضدنا ليل نهار.

 

فما دمنا في زمن ثورة الاتصالات وتدفق المعلومات، فلن تتوقف بذاءات مرضى القلوب والعقول في حق ديننا الحنيف وحقائقه ومبادئه وتاريخه....فهي لم تتوقف في أزمنة العزلة وعسر التواصل بين بني آدم، وعصور ندرة المعلومات وصعوبة حفظها وتداولها واسترجاعها..فكيف وقد أتاحت الفضائيات المتكاثرة كالفطر ومواقع النت المتاحة للشريف والوضيع، لداعي الحق وناشر الباطل، لعشاق الخير وأدوات الشر، لعباد الرحمن ولأتباع الشيطان؟

 

والجميل في مبادرة الشباب المؤمنين انسجامها مع المنهج الإسلامي البهي، الذي يتصف بإيجابية تقديم البديل الطيب عن المنكر الخبيث الذي يمنعه.فالله سبحانه حرّم الربا وفي المقابل أحل البيع الذي يشتمل على منافع المحظور القليلة ويخلو من مضاره الجمة ويضيف منافع أخرى نقية.والأمر كذلك في تحريم الخمر وإباحة المشروبات النافعة ، وفي تحريم العلاقات الجنسية السيئة بينما يحض المسلمين على الزواج النظيف العفيف الشريف....

فهلا تعاون العلماء والدعاة ورجال الإعلام والأدب على مؤازرة الدعوة الكريمة، وهلا جعلنا من المبادرة وتقديم البديل الطيب مبدأ نطبقه في سائر الأحوال والأوضاع المشابهة؟!

*******

 

بين نقائنا وتلوثهم!!

خرس الإعلام التغريبي كلياً، أمام خبر صاعقة نشرته واشنطن بوست-وليس أعداؤهم وقاهروهم من الإسلاميين!!-، فضحت فيه نقلاً عن مصادر رسمية من داخل الاستخبارات الأمريكية عن اصطناع أفلام مزورة لتشويه خصوم واشنطن وبخاصة في العالَم الإسلامي، وتصويرهم في أوضاع جنسية مخزية لكنها مختلقة"مفبركة"!!!

 

وكان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على رأس الشخصيات المستَهْدَفة بهذا السلوك الشائن، مع أنه عندهم مألوف فهم قوم "الغاية تبرر الوسائل"!! وهنا يكمن الفارق الحضاري الهائل بيننا وبينهم، فنحن نخاصم الرجلين عن دين واقتناع، لكن ديننا العظيم يمنعنا من الكذب على الناس، حتى لو كانوا كفاراً محاربين.قال ربنا تبارك وتعالى في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].

 

وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
وإذا كان الصليبيون يجهلون هذه الآيات فهل يجهلها عبيدهم عندنا ممن يحملون أسماء مسلمين ويتظاهرون بأنهم مسلمون؟