جردة حساب أولية لحروبنا الإعلامية.. يوم لنا وآخر علينا والمبشرات..
3 رجب 1431
منذر الأسعد

قال أبو البقاء الرندي يرثي الأندلس عندما سقطت في أيدي أعداء الله الصليبيين:

لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ *** فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ *** مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد *** ولا يدوم على حالٍ لها شان

 

وهي كلمات تعبر عن حزن صادق وتتجاوز الأسى البدهي لكي تكون حكمة عامة صحيحة، وبخاصة أنها تستقي صدقها من قول أصدق القائلين سبحانه وتعالى: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران:140].

 

إن استذكار تلك الحقيقة الناصعة ضروري في خضم الحرب الإعلامية الضروس، التي يشنها أعداء التوحيد على ديننا من كل حدب وصوب، في ظل موازين قوى غير متكافئة إطلاقاًً!!

فالإعلام الحديث صناعة غربية في أساسها، الأمر الذي يمنح القوم خبرات متفوقة، بالإضافة إلى طاقاتهم المادية الهائلة-وإن أكثرها نتيجة نهبهم المديد لثروات الأمم والشعوب بعامة والمسلمين منها بخاصة-. كما أن أكثر النظم المستبدة في ديار الإسلام نظم تغريبية عميلة، تسخّر إمكانات البلاد في أيدي التغريبيين ضد هوية أمتهم وحتى ضد مصالحها بالمعايير البشرية المادية!!

 

لسنا نمارس نوعاً من رفع معنويات عام وعائم، أبداً فنحن واثقون من انتصار الحق بإذن الله مهما طال الزمان، فالمولى عز وجل لا يخلف الميعاد.وفوق إيماننا نجد أننا أخذنا نحقق انتصارات إعلامية بالرغم من الفوارق الشاسعة كما قلنا في الطاقات والخبرات وحدود التحرك.

 

وليس يشك عاقل في أن دعاة الإسلام أفادوا كل الإفادة من ثورة الاتصالات والمعلومات، فهم ما قبل الفضائيات والإنترنت كانوا مقموعين وكان التعتيم عليهم شاملاً وأفواههم مكممة. وكان أهل الباطل ودعاة الضلالة يرومون توظيف التقنيات الجديدة لمزيد من الحرب الجائرة على الله ورسوله جرياً على عادتهم، لكن المكر السيئ حاق بأهله فأصبح صوت الخير قادراً الوصول إلى ملايين المتلقين ولله الحمد والمنة. والمتسلطون يفعلون ما يمكنهم من منع فضائياتنا من البث بذرائع واهية، أو منع عالم أو داعية من دخول هذا البلد أو ذاك.... لكن قدرتهم على التعتيم أصبحت ضئيلة بفضل الله.

 

ومتى كانت صور الإرهاب اليهودي والصليبي تدخل بيوت الأمريكيين والأوربيين؟
وقل الشيء ذاته عن عورات دين الرافضة التي دأبوا على إخفائها عن عامة أهل السنة والجماعة لتضليلهم بدعاوى التقريب المخادعة، فقبل هذا التقدم في وسائل الاتصال ونقل المعلومات وسهولة حفظها واسترجاعها، كان أكثر المسلمين –بل كثير من عامة الشيعة أنفسهم!!-يجهلون ضلالات المجوس المتدثرة بعباءة آل البيت زوراً وبهتاناً!! أما اليوم فقد افتضح أمر القوم من قولهم الكفري بتحريف القرآن الكريم، وصولاً إلى مقام الإرهابي الأول جدهم المجوسي الأكبر أبي لؤلؤة قاتل الفاروق رضي الله عنه غيلة وغدراً وحقداً على الذي أطفأ الله على يديه نار المجوس في بلاد فارس!! والتحدي على الملأ بات يحرجهم ويكشف خواءهم، أما مقولاتهم الباطلة فموثقة بالصوت والصورة!!

 

وعلى شبكة الإنترنت توفرت كتبهم الحافلة بالشرك الأكبر والكذب والتطاول الدنيء على خير البشر بعد الأنبياء: صحابة نبينا الكريم وزوجاته الطاهرات المطهرات أمهات المؤمنين.

وصار إنكار تلك المخازي أمراً متعذراً، فالمصادر موجودة بالكتاب والمجلد والصفحة بالنص وصورته!!
ليس الهدف من هذه المبشرات أن نسترخي ونتكاسل البتة!! بل إنها تحفزنا على مواصلة الدرب، فهي من عاجل بشرى المؤمن إن شاء الله. والغرض ألا يدب اليأس إلى قلوب البعض ممن يتحمسون كثيراً فيستبطئون النصر الحاسم!! وقد غفل هؤلاء المتعجلون عن قول الحق تبارك وتعالى: {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء:81].

 

إن العاقل يقارن ما يلمسه اليوم من ثمار واعدة والحصار الظالم الذي كان يعيشه دعاة الحق منذ ربع قرن كحد أقصى!! فلنستذكر أمام محاولات إبليس وجنوده عبارة بليغة مما يروى في هذا الشأن عن علي رضي الله عنه وهي قوله: دولة الباطل ساعة،، ودولة الحق إلى قيام الساعة!!