خطورة الإعلام المقاوم سبب وقف قناة الأقصى
17 رجب 1431
مجدي داود

استفيدوا من تجربة قناة الرحمة قبلكم فهي درس مؤثر

فى خطوة ليست مستغربة قام القمر الصناعي يوتل سات والقمر الصناعي نور سات بإعطاء قناة الأقصى مهلة قصيرة بعدها سيقوم بوقف بث القناة وقد انتهت هذه المدة وتم تمديدها حتى الثانى والعشرين من شهر يونيو الجاري, ووقف القناة جاء انصياعا لقرار المجلس السمعي البصري الفرنسي الذي يتهم قناة الأقصى الفضائية بأنها تحض وتدعو إلى الكراهية والعنف.

 

إن قناة الأقصى الفضائية هي إحدى القنوات الفضائية الإسلامية الداعمة لمشروع المقاومة, والتي انطلقت أساسا من رحم مشروع المقاومة, وذلك بعد الفوز الكاسح لحركة المقاومة الإسلامية حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني مطلع عام 2006م, فالمقاومة ليست مجرد عمليات عسكرية تقوم بها الحركات المسلحة, بل إن المقاومة مشروع متكامل الجوانب والأساليب, فهناك مقاومة مسلحة, ومقاومة سياسية ومقاومة اقتصادية, وأخرى فكرية وثقافية.

 

وكل هذه المجالات تحتاج إلى إعلام مقاوم, إعلام قوي يكون متحدثا بلسان مشروع المقاومة, خاصة ونحن في عصر الإعلام الذي يؤثر فعلا في صياغة أفكار الناس وتكوين شخصياتهم وثقافتهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية, فالإعلام المقاوم هو الذي يوضح ويبين للناس حقيقة ما يجرى على الأرض, وهو الذي يوضح فكر المقاومة وأهدافها, وهو الذي يوضح ما تتعرض له الشعوب من قوى ظلم وعدوان وإجرام وإرهاب قوى الاحتلال, والمقاومة بلا إعلام يدعمها ويساندها تصبح مشروعا خاسرا, فمن أجل هذا ومن رحم المعاناة والجهاد خرجت إلى النور قناة الأقصى الفضائية, ولم يمض وقت قليل حتى كانت لهذه الفضائية مكانتها المرموقة بين الفضائيات الإخبارية والإسلامية على حد سواء.

 

على الرغم من أن قناة الأقصى الفضائية تبث من قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من أربعة أعوام حصارا ظالما بلا مبرر ولا سبب, فإنها في وقت وجيز صارت وسيلة إعلامية جبارة, وقدمت نموذجا رائعا للإعلام الإسلامي المقاوم, فقد فضحت المحتل وكشفت أفعاله وسياساته وجرائمه, وكانت معبرة بصدق عن واقع الشعب الفلسطيني, وعن مدى الظلم الواقع عليه, كما فضحت العملاء والجبناء والخونة الذين باعوا الأرض والديار والدين والأهل بثمن بخس.

 

وفى حرب غزة الأخيرة قامت قوات الاحتلال الصهيوني بتدمير المقر الرئيسي للقناة رغبة في التعتيم على جرائمه التي ارتكبها, إلا أن القناة عاودت البث بعد وقت قصير جدا, ونقلت وبينت للعالم كله إجرام وإرهاب الكيان الصهيوني, ليس هذا فحسب بل لقد ناقش الكونجرس الأمريكي قرارا يعتبر فضائية الأقصى مؤسسة إرهابية, ومؤخرا تم إقرار فرض عقوبات مالية على القناة.

 

إن الحرب الصهيونية والغربية الشعواء على الإعلام الإسلامي والمقاومة, لهي دليل قوي على أهمية وخطورة الدور الذي يقوم به الإعلام, وليس أدل على هذا من محاولة إغلاق فضائيتين إسلاميتين فى شهر واحد, ولخطورة دور الإعلام؛ فإن  اللوبي الصهيوني يسيطر على وسائل الإعلام الغربية ويفرض رقابة صارمة على كافة وسائل الإعلام هناك, ولعل تعامل وسائل الإعلام الغربية مع قافلة أسطول الحرية قبل الهجوم الإرهابى الصهيونى عليها خير دليل على ذلك, وكذلك تعامل وسائل الإعلام الغربية مع موضوع الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة, وأمثلة أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.

 

فالصهاينة يريدون إسكات وإغلاق كل منبر إعلامي يؤثر في الناس ويفضح جرائمهم وأفعالهم القذرة الدنيئة, خاصة بعد الفضائح المتتالية للكيان الصهيوني, وآخرها فضيحة اغتيال الشهيد بإذن الله محمود المبحوح, وفضيحة التعامل الإجرامي مع قافلة أسطول الحرية الذي فتح بابا لإدانة وانتقاد الكيان الصهيوني على نطاق واسع دوليا, ولو كان الصهاينة يستطيعون إغلاق كل المنابر الإعلامية على الشبكة العنكبوتية, وكل المجلات والصحف الورقية لما تأخروا فى ذلك لحظة.

 

فلهذا علينا أن نعمل على عدم وقف بث فضائية الأقصى, بأي طريقة كانت وبأي وسيلة, وعلى إدارة القناة أن تحذو حذو فضائية الرحمة المصرية التي ظهرت باسم جديد وبتردد جديد مع عدم تغيير أي من برامجها أو أسلوبها, ولئن اقتضى الأمر تغيير بعض البرامج شريطة عدم تغيير المضمون المقاوم فلا مانع من ذلك, المهم ألا نفقد ذلك المنبر الإعلامي القوي, وألا نترك الساحة خالية لوسائل الإعلام الصهيونية ومثيلاتها الفاسدة التي تنشر الفسق والفساد بين الناس, وتؤثر على أفكارهم وهويتهم وانتماءاتهم.

 

إن الحرب الصهيونية والغربية على الإعلام يجب أن تدفعنا إلى إيجاد وسائل ومنابر إعلامية قوية ومنتشرة بين الناس, فيجب على القنوات الإسلامية الكثيرة ذات المضمون الواحد أن تغير من مضمونها وأن تملأ الفراغ الذي قد ينتج عن إغلاق فضائية الأقصى لا قدر الله, بل يجب على من لديهم القدرة على إنشاء فضائيات جديدة تتبنى دعم مشروع المقاومة أن يفعلوا ذلك, ثم لنسعَ إلى إيجاد منابر إعلامية قوية على شبكة الإنترنت, وأخرى من الصحف والمجلات على قدر المستطاع.

 

وفى النهاية: يجب أن ننبه الناس إلى أن هناك حرباً قذرة ضد وسائل الإعلام الإسلامية بصفة عامة والقنوات الفضائية بصفة خاصة, وأن نحدثهم عن خطورة هذه الحرب, وعن مآلاتها الخطيرة إذا نجح العدو في إسكات وإغلاق هذه المنابر لا قدر الله, ويجب أن يعلم الناس أن حربنا مع العدو ليست حربا عسكرية فقط, بل ليتها كانت  عسكرية فقط, فنحن فيها الأقوى بإذن الله رغم ضعف إمكاناتنا لكن عدونا جبان, فالحرب بيننا وبين عدونا سياسية واقتصادية وفكرية وثقافية و.........إلخ.