نايلسات.. والمعايير المزدوجة!!
9 رمضان 1431
منذر الأسعد

أمام إدارة أي قمر اصطناعي انتهاج طريقة من اثنتين لا ثالث لهما، فإما المقاييس المهنية المحضة-وهذه لا وجود لها إلا في كتب التنظير الإعلامي والإعلانات الدعائية المضللة-وإما التزام قواعد المهنة المطبقة عالمياً مع احترام ثوابت الأمة ومصالحها العليا التي تحظى بإجماع عام، وترسم معالمها الجهات السيادية ذات الاختصاص في الدولة.

 

وإدارة القمر الاصطناعي المصري (نايلسات) ليست بدعاً من مثيلاتها في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا في الأقل ما يجب عليها أن تسير عليه في تعاملها مع القنوات المختلفة التي تبث من خلال قمرها.

 

غير أن الواقع العملي يفيد أن هذه الإدارة لا تنتهج سياسة ثابتة موحدة ولا تطبق على عملائها ضوابط راسخة وجلية لا تتباين بحسب الرؤية الإيديولوجية الخاصة بإدارة نايلسات أو بعض الرؤوس النافذة فيها.

 

فهي تسمح بقنوات طائفية تخصصت في الشتم والسب وإيذاء مليار ونصف مليار مسلم في أنحاء الأرض، وبخاصة مئات الملايين منهم من الناطقين بلسان الضاد.لكنها تمارس تضييقاً عجيباً على قنوات إسلامية معتدلة، لمجرد أنها استضافت أشخاصاً للرد على بذاءات ومفتريات أقباط المهجر، الذين توجب القوانين الوضعية نفسها محاكمتهم بجريمة الخيانة العظمى، لأنهم دأبوا على الكذب على وطنهم الأصلي وعلى تحريض الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ضد مصر رئيساً وحكومة وشعباً.

 

فهل ترضى القيادة السياسية لمصر الشقيقة أن تصبح حماية الخونة والعملاء من دحض أراجيفهم واجباً على جهة مصرية رسمية مثل إدارة نايلسات؟!

 

وهل نسي هؤلاء المتطاولون على مكانة مصر العزيزة على قلب كل عربي وكل مسلم، هل نسوا أم تناسوا أن خونة القبط في الغرب لا يحظون بهذه الحصانة المذهلة التي يريدون أن يَخُصّوهم بها من دون خلق الله تعالى، وكأنهم من مقدسات المصريين-والعياذ بالله-!!

 

كما تلقت إحدى القنوات تهديداً تحت اسم تحذير، من المساس بعلاقات القاهرة مع "جمهورية إيران الصديقة"!!وهو ما يجعل كل عاقل يعرف أبجديات العلاقات المتوترة بين طهران والقاهرة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، يسأل إدارة نايلسات إن كانت تعيش في مصر حقاً؟

 

فالمسألة ليست سرية بل هي معلومة بالضرورة لتلاميذ العلوم السياسية والمتدربين في حقل الإعلام.والبلدان مختلفان إستراتيجياً إلى حد التناقض، وقد دأبت إيران على سب مصر ورئيسها وعلى التحرش بأمنها القومي من خلال العصابات المتدثرة بدعم المقاومة زوراً وبهتاناً.

 

ولا تخفي القيادة المصرية قلقها من مساعي إيران وأدواتها لنشر مذهبها الاثني عشري في أوساط الشعب المصري الذي يفتخر بانتمائه إلى أهل السنة والجماعة، بل يعتز بأن بلاده الأزهر الذي يعد من أبرز معاقل العلوم الشرعية الإسلامية التي تتبنى عقيدة أهل السنة ومذاهبهم الفقهية ونظرتهم إلى التاريخ الإسلامي ورموزه ورجالاته.

 

وفي سجل الإدارة "الفذة" ذاتها، ترخيصها لقناة تدعو صراحة وعلانية إلى تقسيم اليمن، وهو عضو في جامعة الدول العربية، الأمر الذي يجعل من تلك الدعوة جريمة قومية لا يقبلها بلد عربي مطلقاً!!

 

إن القضية ليست زلات عابرة نتصيدها، بل سياسة مضطربة إثمها أكبر من نفعها، وخطايا لا يجوز السكوت عليها. ونحن على ثقة من أن في مصر مؤسسات محترمة تستطيع -بل يتعين عليها- كبح هذا المسار المزاجي الذي يهدد المصالح العليا لمصر قبل سواها من بلاد الإسلام والعروبة.