سلطة أوسلو .. وشهامة الطائي
2 محرم 1432
مـاهـر حجــازي

كتب عينات فيشباين في صحيفة يديعوت أحرنوت الصادرة يوم الاثنين السادس من كانون أول الجاري، حول الحرائق في جبل الكرمل مقالا بعنوان (الاطفائية الفلسطينية الحديثة حيال الاطفائية الاسرائيلية القديمة ) يصف من خلاله التخلف الاسرائيلي في مجال تقنية اطفاء الحرائق مقابل التفوق الفلسطيني في ذات المجال.

 

ربما هذا الموضوع محل فخر لدى سلطة رام الله ويضاف لسجلاتها في مجالات التفوق مثل دخولها سجل غنيس للأرقام القياسية بأكبر طبق مسخن، واليوم تتفوق على التخلف الاسرائيلي في مجال الدفاع المدني.
فإذا علمنا أن جميع سيارات الإطفاء الاسرائيلية التي اشتركت في اخماد الحرائق قديمة جدا، في حين أن (21) سيارة اطفاء فلسطينية بعثت بها سلطة رام الله لمساعدة الإسرائيليين ذات انناج حديث و معداتها متطورة.
يقول فيشباين مادحاً السلطة:" كل من سخر أمس حين سمع بأن السلطة الفلسطينية تبعث بالاطفائيات لمساعدة اسرائيل – يمكنه أن يمحو الابتسامة. إذ يتبين انه في كل ما يتعلق بمعدات الاطفاء، فان دولة اسرائيل متخلفة جدا عن الفلسطينيين".
ولو علمنا أن عدد الاسرائيلين في كل سيارة اطفاء كان ثلاثة، مقابل سبعة من الفلسطينيين في سيارة اطفاء السلطة.
ماهذا الكرم وكأننا أمام شخصية تتفوق على كريم العرب حاتم الطائي، لكن لنتذكر الشهداء الذين قدمتهم مؤسسة الدفاع المدني الفلسطيني خلال اعتداءات جيش الاحتلال الصهيوني المستمرة عليهم في الضفة وقطاع غزة..وبعد كل ذلك ترسلهم السلطة لمساعدة قتلة زملائهم..!

 

فعلا هي سلطة الكرم والجود.. لكن هل احتاجت سيارات الإطفاء موافقة اسرائيلية لمغادرة مقراتها في الضفة إلى جبل الكرمل للمشاركة في اخماد الحرائق.
أسأل عن ذلك لأننا جميعا سمعنا حديث رئيس سلطة رام الله محمود عباس قبل أيام عبر " فضائية فلسطين" بأنه لا يحتمل أن يبقى رئيس للسلطة وهو يحتاج إلى إذن من السلطات الاسرائيلية لمغادرة المقاطعة، وهو ذات الشخص الذي اتصل برئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو للإطمئنان على أوضاع اسرائيل في ظل الكارثة معربا عن تضامنه معهم.. فيا للعَجب العُجاب ..!
هذه السلطة يضرب فيها المثل الشعبي القائل:" بيضربني كف بدير له الخد الثاني"، يعني منذ توقيع أوسلو إلى اليوم لا تعطيهم اسرائيل شيئا وتضرب بمطالبهم عرض الحائط إلا أنهم يستمرون بالتودد لهم وتنفيذ أجندة اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني بأيدي للأسف فلسطينية، فأين الأفق السياسي لهذه السلطة..؟

 

بعيداً عن الحرائق..انظروا إلى موقف أجهزة أمن السلطة من الكلب الضائع الذي دخل أحد البيوت الفلسطينية في الضفة المحتلة، هذا الكلب التائه الذي يعود لأحد المستوطنين كيف أن الأجهزة الأمنية استنفرت في البحث عنه لتعيده إلى صاحبه بأوامر من جيش الاحتلال.
هي ذاتها الأجهزة الأمنية التي تختبأ في جحورها عندما تجتاح القوات الصهيونية مدن الضفة المحتلة تعيث فيها الفساد قتلا واعتقالا وتدميرا، لكن سرعان ما تنتشر أجهزة أمن السلطة لتختطف المجاهدين الذين ينغصون على المحتل عيشه، وتتحطم تحت أقدامهم أوهام قيام دولة" اسرائيل" والدويلة الفلسطينية المنزوعة السيادة.
كرم سلطة أوسلو يمتد إلى اختطاف خنساوات فلسطين والمربيات الفاضلات في الضفة المحتلة والزج بهن في سجون العار وتعذيبهن دون مراعاة للقيم الفلسطينية، فهن المجاهدات..الأسيرات..زوجات الشهداء والأسرى.
كم هم الشهداء الذين ارتقوا برصاص الغدر والتنسيق الأمني مع المحتل، و كم هم المستوطنون الذي أعادتهم سلطة رام الله أمنين مطمئنين إلى أحضان عائلاتهم في حين يتجرع أكثر من ( 6000 ) أسير وأسيرة من أبناء شعبنا الويلات جراء سياسة ادارة السجون الصهيونية بحقهم من تعذيب وقمع وانتهاك حقوق الأسرى التي كفلتها المواثيق الدولية.

 

كيف لرئيس السلطة محمود عباس أن يقلق على أرواح الاسرائيلين من الحرائق، وهو ذاته من لم يكلف نفسه الإطمئنان على عشرات الفلسطينيين المعتصمين في شوراع برازيلية خلال زيارته للبرازيل...!!
كيف تقلق السلطة على وضع الاسرائيلين، ولا تعير بالاً للاجئين المقموعين من الشرطة البرازيلية مقابل سفارة السلطة في البرازيل وأمام ناظري نبيل شعث مسؤول العلاقات الدولية في حركة فتح...!!
كيف لهذه السلطة أن تقف صامتة تجاه الجرائم التي ارتكبت بحق اللاجئين الفلسطينيين في العراق مقابل حقيبة دولارات تسلمها محمود عباس من جلال طالباني، لكن سلامة الاسرائيلين من أولوياتهم...!!
كيف لسلطة أوسلو أن تضع إمكانياتها الدفاعية في خدمة اسرائيل وما يمكن أن يترتب عليها من تكاليف مادية وبشرية لإخماد الحرائق، في حين تعلن افلاس الصندوق القومي لمنظمة التحرير لتقوم بتعويض افلاسها من جيوب ابناء الجالية الفلسطينية في الدول العربية، ففي دمشق بدأت منذ أشهر بتقاضي أجور من الفلسطينيين عن المعاملات التي ينظمونها في ممثلية منظمة التحرير بدمشق، وهذا ما اشتكى منه الفلسطينيون خاصة من أصحاب الدخل المحدود...!!
 

 

فعجبا لهذا الكرم السلطوي..
كرم أهم أجنداته رضا اسرائيل .. وفي سلة مهملاته حقوق وثوابت فلسطين
سلطة تريد جيوبها مليئة بالدولارات شعارها ( نعم لاسرائيل .. وليذهب الفلسطيني إلى الجحيم ).