د.موسى أبو مرزوق يتحدث لـ"المسلم" عن المصالحة والسودان والمقاومة العراقية والدورين المصري والتركي
26 محرم 1432
محمد الصواف

* هناك رفض بأن تكون المصالحة على قاعدة الشراكة

* ذهب المفاوض بالإرادة الأمريكية والرغبة الصهيونية ولم يأخذ تفويضاً
* حماس مع مشاركة الجميع دون تفرد لشخص أو فصيل
* نحن مع وحدة السودان، وللولايات المتحدة أهداف ومرام ضد هذه الوحدة
* للانسحاب الأمريكي من العراق أسباب متعددة منها المقاومة
* لا زال من المبكر الحديث عن دور مركزي لتركيا في القضية الفلسطينية
* لا أحد يستطيع منافسة أو أخذ دور مصر في المنطقة
* دور مصر مركزي إن لم تنفرد بالقرار الجمعي العربي
* على الإعلام العربي أن ينحاز للمقاومة وبرنامجها
* الإخوان أدركوا خطورة المشروع الصهيوني مبكراً
* لا زالت الأمة العربية تقف إلى جانب فلسطين المقاومة الصامدة.

 

 

 

كثيرة هي القضايا التي تعج بها المنطقة العربية، والتباين في المواقف هو سيد الموقف، وفي هذه العجالة تناولنا جملة من القضايا العربية، فلسطين والمصالحة، الوضع في العراق، السودان ومؤامرة التقسيم، الموقف العربي، أيضا الإعلام العربي، وعرضنا على نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس الدكتور موسى أبو مرزوق لتبيان موقف حركة حماس من هذه القضايا التي تكاد تتشابك مع بعضها البعض وتؤثر بشكل أو بآخر ببعضها البعض، مما استوجب الوقوف على موقف حماس واستطلاع رأيها فيها.

 

غزة- دمشق- مكتب الجيل للصحافة – محمد الصواف:

 

 

 

 
فلسطين:

برأيكم ما أسباب تأخر المصالحة الفلسطينية رغم إقراركم بأهميتها وضرورتها للشعب الفلسطيني، هذا الإقرار أيضاً نسمعه على لسان محمود عباس، نرجو أن تضعنا في صورة الحقيقة من وجهة نظركم والأدلة على ذلك؟

الأسباب الحقيقة لتأخر المصالحة تتلخص في عدة أمور أجملها بالآتي أولاً:

1. هناك رفض بأن تكون المصالحة على قاعدة الشراكة والإصرار بأن تكون المصالحة بوابة إلحاق قطاع غزة بالضفة ولذا لا نكاد نجد في الورقة المصرية إشارة إلى الشراكة بشيء.

2. الدعوة للمصالحة لم تكن تحظى بجدية ورغبة وإرادة وإنما كانت لتجاوز تبعات حرب غزة على السلطة الفلسطينية وغيرها نتيجة لمواقفهما من الحرب ولذا انقلب الأمر من رفض اللقاء بحماس إلى المطالبة بالحوار بعد الحرب مباشرة.

3. عدم القدرة على الرفض الواضح للمصالحة -كما الموقف الأمريكي - لشعبية هذه المسألة وإلحاحها جماهيرياً ولهذا لم يطلب أحد التحرك للمصالحة من أبو مازن إلا رحب؛ ولكن دون تفويض أو صلاحيات .

4. في الفترة الأخيرة أصبحت المهمة والأساس هي المصالحة مع الراعي المصري وليس مع السلطة في رام الله، والدليل الإصرار على توقيع الورقة دون تعديل حتى إذا اتفقت فتح وحماس على ذلك.

5. عدم قدرة السلطة في رام الله على إنقاذ أي اتفاق له علاقة بالضفة الغربية كما حصل في الاتفاقات الأولى بإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين من حماس.

6. الموقف الأمريكي والذي لا تستطيع السلطة رفضه وتجلى ذلك بعد مبادرة عمرو موسى واقتراح السيد إسماعيل هنية والقاضي بالاتفاق مع فتح على نقاط الخلاف والتوقيع على الورقة المصرية في القاهرة وقبول مصر والسلطة ثم الرفض المطلق بعد تصريحات جورج ميتشل لأنهم لا يقبلون أن تكون حماس شريكاً سياسياً في إطار السلطة الفلسطينية

 

 

 

ما مدى تأثير المفاوضات المباشرة على العلاقة الفلسطينية الفلسطينية وعلى المصالحة الفلسطينية وهل الدخول في المفاوضات يقضي على أي أمل بالمصالحة، وهل المفاوضات المباشرة تأكيد على أن محمود عباس وحركة فتح غير معنيين بالمصالحة ؟ 

عباس أجبر على المفاوضات المباشرة وبلع كل اشتراطاته في وقف الاستيطان ووضوح المرجعية للمفاوضات، وذهب إلى المفاوضات بالإرادة الأمريكية والرغبة الصهيونية ولم يأخذ تفويضاً بذلك من وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في القاهرة رغم إلحاحه على هذا التفويض، وأخذ قرارا من منظمة التحرير الفلسطينية في اجتماع للجنتها المركزية (9 أعضاء فقط) في ظل انقسام حاد في قيادة فتح ورفض مجمل الفصائل الفلسطينية بما فيها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامي والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والفصائل العشر في دمشق وأعتقد أن هناك إجماعاً شعبياً كبيراً على رفض المفاوضات لاعتقاد كل هؤلاء بأنها البوابة نحو التفريط بالثوابت الفلسطينية وتضر بالمصالح الأساسية لشعبنا وأما مدى تأثيرها على العلاقات بين الفصائل:

فقد اجتمع 13 فصيلاً فلسطينياً في دمشق للمرة الأولى للتضامن والتعبير عن الرفض.

وزاد الانقسام الداخلي في صفوف حركة فتح.

وان بقي أمر المصالحة الفلسطينية على رأس الأجندة الشعبية والفصائلية لما له من اثر في الحفاظ على الثوابت ومنع الانهيار في الساحة الفلسطينية .

 
ما البدائل التي بحوزة حركة حماس، حال نجاح مشروع التسوية الأمريكية أو فشله؟

حركة حماس ترى أن المقاومة هي المشروع صاحب الإجماع الوطني ولم تنقسم الساحة الفلسطينية يوماً على المقاومة وكان دائماً الانقسام والتشرذم بسبب مبادرات نحو العدو وتنازلات بالمجان دون تفويض شعبي، كما أن المقاومة من مستلزماتها الأساسية الوحدة الوطنية والمصالحة وجمع الصفوف وتقرير التعاون والارتباط بأمتنا العربية والإسلامية.

 
هل حركة حماس جاهزة لقيادة المشروع الوطني وكيف؟ 

حماس لن تتخلى عن التزاماتها وثوابتها، وهي جزء من الكل الفلسطيني ومع المشاركة الفعالة لكل هؤلاء في حمل المشروع الوطني، والتنافس في مرحلة التحرر اتجاه البذل وليس الكسب ومشاركة الجميع دون تفرد لشخص أو فصيل .

 

 

 

السودان:
 

رأيكم كمراقب للوضع في السودان كيف تنظرون إلى قضية الاستفتاء حول انفصال الجنوب، وما تأثير ذلك على وحدة السودان لو كانت النتيجة القبول بانفصال الجنوب، وهل هذا الإستفتاء هو صناعة أمريكية تهدف إلى تقسيم السودان وفق الخطة الإستراتيجية بتقسيم العالم العربي إلى وحدات صغيرة ؟

الاستفتاء مسألة داخلية اتفق الطرفان عليها، ونحن مع وحدة السودان، وللولايات المتحدة أهدافاً ومرام ضد هذه الوحدة وهي تعمل جاهدة للانفصال، أما ما يتعلق بتقسيم العالم العربي فهذه خطة صهيونية قديمة ويساعد الغرب في ذلك مقتضاها الحرب على الأطراف بعيداً عن القلب، وأحداث خلافات وانشقاقات وحركات انفصال لا تنطفئ بذاتها، في العراق مشكلة الأكراد في الشمال وفي المغرب العربي مشكلة عرقية بين العرب والأمازيغ، وفي جنوب السودان العرب والأفارقة ...

وهكذا في كل بلد صنعوا له ما يشغله أبعاداً لهم عن قضيتهم المركزية - القضية الفلسطينية– ففي جنوب السودان قام الصهاينة بتدريب عناصر الجيش وإمدادهم بالسلاح والذخائر والأموال، وهذا الأمر لا يخفيه الجنوبيون، وأنا سمعته من العديد منهم في لقاءات عدة بعد الاتفاقية الموقعة في نيروبي.

 

 

 

هل تعتقدون أن هذا الاستفتاء سيقضي على أي احتمال لنشوب حرب داخل السودان، أو هو بالفعل الشرارة التي ستؤدي إلى نزاعات لا طاقة للسودان به مما يؤثر عليه داخلياً،  أو يكون مقدمة لتمرير التقسيم على مصر بين المسلمين والأقباط ؟

أعتقد أن الجنوب لن ينعم بالاستقرار عند فصله عن شماله، وآثار الفصل متعدية إلى الكثير من البلاد الأفريقية لأن اختلاف الأعراق والديانات تقريباً في كل البلاد الأمر سينعكس علي دول عديدة من هذه السابقة مثل اثيوبيا ـ نيجيريا ـ كينيا– الكونغو ..... كما أن الخلاف على ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب سيكون مدعاة لحروب مستقبلية، وكثرة الجنوبيين في الشمال مدعاة لاضطرابات مستقبلية .

 

هل قضية دارفور صناعة أمريكية بامتياز، وهل تعتقدون أن جهود المصالحة التي تبذلها دولة قطر يمكن أن تنهي قضية دارفور دون آثار سلبية على وحدة السودان، أو أن الهدف الأمريكي في تقسيم السودان إلى ثلاثة أجزاء الشمال، دارفور، الجنوب، سيمضي قدماً في ظل الضعف العربي؟

. أدعو الله أن يوفق إخواننا في السودان الحكومة والمعارضة بالوفاق ونبذ الخلاف؛ لأن "إسرائيل" والغرب وراء استمرار هذا الخلاف، بل في إشعال ناره واستمرار أواره.     

إن الشبكة التي يقودها اليهودي (بيني شتايتتس) الذي يقوم بإجراء الاتصالات مع حركات التمرد في إفريقيا لاسيما في السودان وغينيا وتشاد وتقديم المساعدات وفق معادلة ادعمك بلا حدود مقابل منحي امتيازات في التنقيب عن الطاقة والثروة، سواء كان هناك بترول أو غاز أو يورانيوم أو غيره، ويقوم اليهودي (تسيم فرويلي) وتساعده فرنسا في إدارة حوار مع متمردي دارفور من أجل الحصول على امتيازات باستغلال الثروة في دارفور بعد الانفصال.

والأهم من كل ذلك ماذا نحن فاعلون فالعرب يملكون من الثروة والمصلحة المعتبرة ما يحافظ به على وحدة أقطاره الحالية، نحن كنا نتمنى وحدة هذه الأقطار،  فلا أقل من أن لا نتركها تتمزق في كل اتجاه والسودان بحاجة إلى هذا الجهد العربي مالياً وسياسياً واقتصادياً واستثماريا،ً ولو تحرك العرب لحافظوا على وحدة السودان.

 

 

 

 

العراق:
 

أمريكا أعلنت نيتها الانسحاب من العراق هل تعتقدون أن هذا القرار الأمريكي يمكن أن يتحقق بالفعل وتنسحب القوات الأمريكية بالكامل من العراق، وبرأيكم ما الأسباب الحقيقة التي دفعت أمريكا للتعجيل بالانسحاب؟

 

انسحبت الولايات المتحدة إلى قواعد خاصة بها في العراق شماله وجنوبه وفي المنطقة، وإلى قواعد أخرى في الولايات المتحدة وغيرها، وأعتقد أن هذا الانسحاب سيتوقف عند هذا الحد في الوقت الحاضر، وقد تستمر القوات الأمريكية لأعوام قادمة في العراق حسب الاتفاقية الأمنية.

أما عن أسباب الانسحاب كثيرة وأهمها:

 

 

انتهاء مهمة هذه القوات، ولم يعد لها حاجة بهذه الكثافة.

تم ربط العراق ومستقبله وثروته باتفاقيات إستراتيجية مع الولايات المتحدة والشركات الأمريكية ما يصعب الخروج من هذا المأزق .

الخسائر الأمريكية والتي لم تكن في ذهن صانع القرار الأمريكي عند الزج بهذا الجيش في حرب كهذه والخسائر مادية ومعنوية وبشرية.

عدم شعبية استمرار القوات في العراق في الشارع الأمريكي .
 

هل الانسحاب الأمريكي جاء على خلفية اشتداد المقاومة العراقية وكثرة القتلى والجرحى، أم أن الهدف الأمريكي تحقق في إضعاف العراق وتركه فريسة للصراعات الطائفية، وهل بالفعل أمريكا هي من يقف خلف الصراعات الطائفية؟ 

أحد أسباب الانسحاب الأمريكي هو الخسائر في الأرواح، و ضراوة المقاومة العراقية التي أعلنت أنها ستواصل عملها حتى تحرير العراق،  والوضع الطائفي موجود في العراق منذ مئات السنين؛ ولكن من رسم النظام بشكل طائفي هم الأمريكان وعبثوا حتى قبل الحرب على الوضع الطائفي.

 

في ظل الانسحاب الأمريكي من العراق، هل تعتقدون أن المقاومة العراقية ستواصل حتى تحرير العراق من ذيول الاحتلال الأمريكي، أم أن هذا الانسحاب سيضع حدا لها، أو يجعل المواجهة بشكل مباشر مع قوات الأمن العراقية؟

- المقاومة أعلنت بأنها ستواصل عملها حتى تحرير العراق، ولا أعتقد في ظل هذا القرار أن الانسحاب سيضعف المقاومة؛ بل العكس قد يقويها وأعتقد أنه إذا تحقق بالانسحاب الكامل وتم تشكيل نظام حكم عادل ورشيد قائم على الكفاءة والعلم والقدرة سيحد من أي أعمال معادية والله أعلم.

 

 

 

مصر وتركيا:
 

برز الدور التركي جلياً أثناء حصار غزة، هل تعتقدون أن تركيا تلعب اليوم دوراً مركزياً في القضية الفلسطينية، وما الدوافع التركية التي أدت إلى هذا الاستيقاظ المتأخر نحو القضية الفلسطينية؟

1. لا زال من المبكر الحديث عن دور مركزي لتركيا في القضية الفلسطينية، حيث تركز الدور الأساسي في هذه المرحلة بيد الولايات المتحدة الأمريكية، وتراجع الدور العربي بشكل كبير، وكذا الدور الأوروبي، وخسارة الفلسطينيين الأساسية في هذه المعادلة لكون الولايات المتحدة الأمريكية الحليف المركزي والضامن الأساس للأمن الإسرائيلي، ولذا ترى أن معظم المطروح في القضية من حلول على حساب الشعب الفلسطيني ومستقبله وثوابته الوطنية. وتركيا كانت إلى مرحلة قريبة الحليف الأهم لإسرائيل في المنطقة، وبينها العديد من الاتفاقيات الإستراتيجية في مختلف المجالات والمصالح المشتركة واضحة في هذا السياق، والضامن لذلك تيار تركي كبير داخل تركيا خاصة في المؤسسة العسكرية والأحزاب التاريخية في الحياة السياسية التركية، وبلا شك أن حزب العدالة والتنمية وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في المرحلة الأخيرة عكس السياسة التركية التقليدية في أكثر من قضية خاصة القدس والحرب على غزة والحصار على غزة وانتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات الصهيونية في فلسطين، وبذل جهداً دبلوماسياً مميزاً يعد كسباً للقضية الفلسطينية، ورغم حساسية بعض الأطراف العربية للدور التركي خاصة أثناء وبعد الحرب على غزة وجهدها في كسر الحصار عن غزة والذي تمثل بأكبر أسطول متجهاً إلى غزة؛ إلا أن الموقف التركي بقي متماسكاً ومؤيداً للحق الفلسطيني وخاصة كسر الحصار، والاعتراف بنتائج الانتخابات، وتقليل مستوى العلاقة مع الكيان الصهيوني، مما يعد كسباً إضافياً للقضية الفلسطينية .

 

هل بروز الدور التركي ناتج عن تراجع الدور المصري بشكل خاص، والعربي بشكل عام نحو دعم القضية الفلسطينية، وهل التحرك التركي جاء بعد رفض أوروبا قبول تركيا إليها فكان التوجه نحو الشرق العربي من خلال البوابة الفلسطينية، التي دخل منها كل الزعماء والثوريين العرب وتوقفوا عند نقطة معينة؟

التراجع العربي في القضية الفلسطينية من الناحية العملية تمثل بترك الولايات المتحدة العامل الأهم والحاسم في القضية، كما تمثل بتراجع حجم التمويل العربي، وحل محله الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كما أن سياسة السلطة اتجاه الولايات المتحدة و"إسرائيل" عوضاً عن العرب والمسلمين، بالإضافة إلى أن حجم المعارضة العربية الشعبية للولايات المتحدة وفشل سياساتها في الموضوع الفلسطيني والعراقي وسياساتها العدوانية اتجاه ملفات عدة في لبنان وسوريا والسودان ترك فراغاً ملأته تركيا وإيران، وإن كانت تركيا تحركت في هذا السياق متأخرة؛ ولكن بقوة كبيرة خاصة من النواحي التجارية والسياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى السياسة، وهي في نفس الوقت لا تجد الصدود نفسه الذي يواجهه الإيرانيين من الغرب والأمريكيين.

أما البوابة الفلسطينية فهي البوابة الأهم في هذا الجانب على الرغم من تنوع المداخل وعموم الأمة تعيش سياسات الدول بمواقفها من القضية الفلسطينية.

 

 

 

هل تراجع الدور المصري هو من فتح الباب على مصراعيه أمام تركيا للعب الدور المركزي، وهل تعتقدون أن مصر جزء من الحصار على الشعب الفلسطيني، وأن تركيا جادة في مساعيها لكسر هذا الحصار رغم ضعف الهمة بعد مجزرة أسطول الحرية؟

نحن لا نشك أن القرار والحصار هو "إسرائيلي" بامتياز؛ ولكن تستطيع مصر لعب دور في إبطال القرار "الإسرائيلي" وإنهاء الحصار، ولاعتبارات سياسية وإستراتيجية ذاتية ترفض مصر أن تمارس هذا الدور وهذا أمر مؤسف للغاية.

 

هل هناك إمكانية لإعادة الاعتبار لدور مصر في المنطقة من خلال التحالف مع تركيا، أو أن مصر باتت تنظر إلى تركيا على أنها عدوا إقليمياً جاء ليحل مكانها ويأخذ دورها؟

لا أحد يستطيع منافسة أو أخذ دور مصر في المنطقة؛ لأنها جزء قيادي فيها عكس إيران وتركيا، وتراجع الدور المصري في ملفات المنطقة خاصة العراق والسودان والخليج وشمال إفريقيا كان سياسة أمريكية مبكرة ونحن نأمل أن يستعيد العرب وحدتهم ورؤيتهم الموحدة ويجمعوا صفهم ولمصر الدور الأبرز في هذا السياق وبغيابها ينفرط العقد ويصبح حالنا كما ترى . 

 

 

 

 

الجامعة العربية:
 

الجامعة العربية باتت أشبه (بخيال المآتة) والانقسام سيد الموقف فيها، وضعفها أفقدها احترام أهلها قبل أعدائها، ما أسباب الضعف الذي أصاب الجامعة العربية، هل هو اختلال المصالح، أم سيطرة مصر على قرار الجامعة؟

إن من أهم الأسباب لحال الجامعة العربية هو غياب مصر عن دورها، ولعل بداية الضعف كان بعد كامب ديفيد مباشرة، فأي تجمع يحتاج إلى بلد محور أو مركز، وأثبتت القراءة التاريخية الحديثة أن هذا هو دور مصر، وإن لم تنفرد بالقرار الجمعي العربي، وبالإضافة إلى أسباب أخرى منها التشكيلات المختلفة عربياً والتي لم ينجح منها أي تكتيل غير التكتيل الخليجي وبشكل محدود، وغياب الإرادة العربية بأن تبقى الجامعة بيت العرب وعجزها عن حل أي قضية من قضايا العرب العالقة فالصومال مفوض للإتحاد الأفريقي، والسودان إلي كينيا، والولايات المتحدة والعراق إلي أمريكا والغرب واليمن متروك لحاله ولبنان لم يكن للجامعة نصيب في إنهاء مشاكله وفوق كل ذلك نظامها الداخلي وميثاقها الذي يحتاج إلى تعديل وتطوير.

 

كيف يمكن إصلاح الجامعة العربية لتأخذ مكانها في الدفاع عن قضايا الأمة العربية بخطوات عملية؟

الإصلاح بحاجة إلى إرادة عربية جامعة، وآليات واضحة، ورفض التدخلات الخارجية لصالح بيت العرب، وتطوير ميثاق الجامعة ولوائحها.

 

 

 

 

الإعلام العربي:
 

الإعلام العربي بات كحال النظام العربي منقسم على نفسه في الدفاع عن قضايا الأمة، كيف ترون موقف الإعلام العربي من القضية الفلسطينية، هل يؤدي الدور المطلوب منه، أم أنه يخضع للمصالح والتجاذبات السياسية؟

الإعلام انعكاس للسياسة وتوجهاتها وتجاذباتها خاصة في العالم العربي؛ لكون الإعلام رسمي، وقليل ما هو مؤسسات خاصة، والإعلام العربي للآسف الشديد إعلام تسووي - في معظمه- في الموضوع الفلسطيني يبرر كل ما هو في اتجاه التسوية مع الكيان الصهيوني وقليل ما يقف إلى جانب المقاومة وبرنامجها.

 

ما المطلوب من الإعلام العربي بخصوص القضية الفلسطينية، وكيف يمكن أن يتعامل هذا الإعلام مع القضية الفلسطينية، هل على أساس قضية إنسانية، أو على أساس أنها قضية تحرر وطني وقضية استرداد للأرض والحقوق؟

على الإعلام العربي أن ينحاز للمقاومة وبرنامجها خاصة بعد التجارب المريرة التي مرت بالتسوية السياسية، والسقف السياسي الذي وصلت إليه، والحالة الفلسطينية التي أفرزتها تجربة أوسلو، والانقلاب على المشروع الوطني حتى قبل دخول الإسلاميين إلى الانتخابات والمساجلات السياسية.

الإعلام العربي عليه أن يكون موجهاً للجماهير مبصراً بمستقبلهم محذراً من مخاطر الهيمنة الأمريكية والصهيونية، وعليه أن يبتعد عن التطبيع وتسويق البرامج الانهزامية. بحجة الواقعية السياسية وأن لا تسوق المفاهيم والمصطلحات التي لا تخدم أمتنا في صراعها مع العدو الصهيوني.

على الإعلام العربي أن يثق بالمستقبل، وأن قضيتنا عادلة، وقضية إنسانية، والعالم لا يتعاطف مع من لا يتعاطف مع نفسه، ولا من يصمد مع ثوابته ولا يعجز عن المطالبة بكامل حقه.

على الإعلام العربي أن يعتبر الهدف هو استرداد الأرض وعودة الشعب، وتثبيت الحق وإعزاز المقدسات، وأن لا يتهاون بالانحياز للأمة وخياراتها وأن يثق أن الواقع المعاش يحتاج لإرادة موازية لتغير وإثبات الذات.

 

 

 

الإخوان المسلمون:
 

فلسطين قضية الأمة المركزية، وقضية الإخوان المسلمون الأولى، هل جماعة الإخوان المسلمين على مدى أكثر من ستين عاماً قامت بواجبها اتجاه القضية الفلسطينية؟

لقد أدرك الإخوان خطورة المشروع الصهيوني مبكراً، واستنفروا قواهم لمواجهته في مختلف أقطار تواجدهم، وتواجدوا في ساحات القتال عند نشوب المعارك وعانوا الكثير بسبب هذه المواقف؛ لا سيما في مصر وخرجت من تحت عبائتهم فتح وحماس كبرى المنظمات الفلسطينية، ولا زالت مواقفهم كما عهدناها عليهم وان غاب جهدهم في الستينات والسبعينات عن الجهاد والنضال الفلسطيني؛ ولكن عندهم ما يبرر ذلك، والقضية بحاجة إلى جهد أكبر رغم كل ما بذل.

 

البعض يتهم الإخوان بأن موقفهم لا يختلف عن موقف النظام العربي الرسمي، وهو مجرد موقف إعلامي بعيد عن الدعم الحقيقي للقضية الفلسطينية بدليل أنهم لم يحققوا شيئاً يخدم مصالح الشعب الفلسطيني، أم أن الصورة لديكم مختلفة، وأنكم ترون أن الإخوان قاموا بواجبهم ولا زالوا يقومون؟

الموقف الإعلامي لا ينكر، وهو مطلوب، خاصة إن كان في الاتجاه الصحيح؛ ولكنه لا يكفي، فنحن بحاجة إلى جهد عملي في مختلف الميادين، وحسب ما أعلم فقد بذل الإخوان جهداً مميزاً في الكثير من ساحات العمل،  فتقديم المساعدات، وجمع التبرعات، وحملات كسر الحصار، وقوافل الإمداد لغزة لهم في كل ذلك الجهد المميز.

 

 

 

 

الحالة العربية:

على ضوء الاتجار بالقضية الفلسطينية على مدى أكثر من ستين عاماً، كيف تقيمون الحالة العربية السائدة الآن، وهل يمكن أن تشكل سنداً حقيقاً للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال "الإسرائيلي"؟

لا زالت الأمة العربية تقف إلى جانب فلسطين المقاومة الصامدة، وإن كان هناك صمت رسمي أو غير ذلك، بقيت الأمة بتوجهها العام مؤيدة لفلسطين وللمقاومة وهو السند الحقيقي بعد الله، ولعلك تلاحظ ذلك عند الأزمات ففي معركة غزة أحد أهم الأسباب التي واجهت العدو تحرك الأمة بكل فئاتها،  وأحرار العالم لنصرة غزة، ومواجهة الاحتلال ولعل القارئ يلحظ أن مقارنة بسيطة بين حالة الأمة منذ عشرين سنة وحالها اليوم يرى اختلافاَ جلياً، فلم تعد الهزائم من نصيب العرب فقط، فالحربين الأخيرتين انهزمت فيها إسرائيل، وتوسع "إسرائيل" الذي حصل في الأعوام ( 1948-1956- 1967- 1982) لم يعد ممكناً، فقد انسحبوا بفعل المقاومة من جنوب لبنان، ومن غزة تحت قوة المقاومة،  لم يعد هناك الجيش الذي كنا نواجهه، وموازين القوى لم تعد كما كانت فنظريات العدو في نقل المعركة إلى أحضاننا والحسم العسكري السريع وأمن جبهته الداخلية لم يعد شيء من ذلك موجوداً علي الأرض، وهكذا نحن بحاجة إلى المزيد من دعم المقاومة ومشروعها المقاوم، وبنيتها التحتية المقاومة، وبنيتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، نحن بحاجة إلى رص الصفوف وإنهاء الانقسام وغلق ملف التسوية المذلة والأمل كبير بنصر الله،  ينصر من يشاء.

أين تكمن نقاط الضعف والقوة في الحالة العربية، ومن وجهة نظركم كيف يمكن تعزيز نقاط القوة، وتقليل نقاط الضعف في الموقف العربي؟

أهم نقاط القوة التي تحمل إيماننا العميق، وحقنا الثابت، وأمتنا المعطاءة، ومقاومتنا التي لا تنحني ولا تلين، والمواقف السياسية التي أثبتت جدارتها وصحتها، نحن نملك الرجال القادرين والإمكانات المادية المعينة وأمة من خلفنا تساعد وتساند، نحن نملك العمق الذي امتص الكثير من الانعكاسات والإرادة التي تبني وتستمر في البناء، ونقاط الضعف التي يجب أن نعالجها قلة الثقة في المستقبل، وأفكار حطمها الواقع وموازين القوى، وأقلام لا تخدم قضيتنا، وأموال مهدورة، وقوى معطلة، ووحدة غائبة، وتخطيط مفقود، وعداءات تسللت إلى مجتمعاتنا؛ ولكن الدنيا دول، ودولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.