الحرب العالمية على الإرهاب: (السعودية والويكليكس نماذج إضافية)
27 صفر 1432
د. محمد بن عبد الله السلومي

منذ أن قامت الحرب الرابعة المسماة "الحرب العالمية على الإرهاب" وعقلاء العالم يتساءلون عن حقيقتها وأهدافها ومشروعيتها, وقد شكك الكثير بمصداقية الأساس الذي قامت عليه, فصدرت عشرات أو مئات الكتب الغربية الوثائقية القوية لتكشف زيفها وهشاشة صناعتها, كما تخصصت مئات من المواقع الإليكترونية الغربية تشكك بحقيقة وأهداف حدث الحادي عشر من سبتمبر 2001م, ومن كان حقيقة وراء هذا الحدث كمسوغٍ للشروع في هذه الحرب.

 

وجاء الغزو الأمريكي للعراق فأصبح حالة دراسية تكشف عن زيف المزاعم من خلال الممارسات والنتائج, كما أن العراق كحالة دراسية تعطي مؤشرات فشل المشروع الأمريكي (حرب الإرهاب) بما آلت إليه العراق من نفوذ إيراني توسعي مستكبر على شريكه الأمريكي, وبما ستؤول إليه العراق –والله أعلم- من تقسيم وعدم استقرار يلوح في الأفق لكل راصد للأحداث.

 

كما أن أفغانستان وغزوها ونتائج الغزو وكل ذلك مما يعتبر إضافات للحالات الدراسية التي تعطي مؤشرات قوية لفشل المشروع الأمريكي (حرب الإرهاب), بل وكذب الأساس الذي قام عليه هذا المشروع, فهل الخروج المنتظر للقوات الأمريكية من أفغانستان –وهو ما أصبح حقيقة- يعتبر مؤشراً ودليلاً إضافياً على بوادر فشل المشروع؟.

 

لقد كرّس المتعصبون الغربيون من رجال السياسة والدين جهودهم وأموالهم ومراكزهم البحثية للقضاء على منافسة الإسلام ومؤسساته.
ولكن إلى أي مدى والحالات الدراسية تتجدد وتصب في خانة كشف زيف هذه الحرب التي أصبحت كل الأمم الضعيفة بفقرائها وأغنيائها ومانحيها وممنوحيها من ضحاياها البريئة!!.

 

إن ما يهم أي متابع لهذه القضية المسماة (حرب الإرهاب) وما ترتب عليها يلفت نظره أي مستجدات وحالات دراسية جديدة تضيف أدلة وبراهين على كذب المشروع, ثم على بوادر فشله, فمصادرة الحريات الحقيقية والجناية بحق الحقوق المدنية الإنسانية داخل الولايات المتحدة الأمريكية قد أحدثت شرخاً سياسياً, وانشقاقاً ثقافياً لم تعهده الولايات المتحدة الأمريكية في سابق عهدها, بل إنها تمر بأسوأ حالات الانقسام الأيدلوجي السياسي, وذلك بين مؤيد للحرب على الإرهاب وما ترتب عليها من إمبريالية أدت إلى إضعاف أو انهيار الاقتصاد الأمريكي, إضافة إلى إضعاف الحريات والحقوق المدنية داخل أمريكا وخارجها, وبين معارض للحرب يرى أنها حرب مصطنعة مفتعلة كاذبة نتائجها الحتمية الفشل والخسارة الأخلاقية والمادية لأمريكا وللعالم.

 

والحالات الدراسية كثيرة, والجديد منها يستوجب التوقف, ومن أهمها في نظرنا الحالات التالية:

الحالة الأولى: السعودية أنموذجاً للبراءة وذلك في كل ما نسب لشعبها ومؤسساتها الخيرية وحكومتها ورجال المال والإحسان فيها, واختصاراً على القاريء نورد هنا ما ورد في الطبعة الجديدة (باللغة الإنجليزية في أمريكا وبريطانيا وهي الطبعة المزيدة بالوثائق والحقائق) من كتاب (ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب) (Innocent Victims In The Global War On Terror) من وثائق وأدلة وبراهين جديدة على سقوط التهم والدعاوى, بل وانتهاء آخر قوائم الإرهاب عن السعودية والسعوديين تقريباً في دهاليز المحاكم الأمريكية وفي الكتاب ورد التالي:

 

"بينما اتخذت الإدارة الأمريكية قضية (مؤسسة الحرمين) كنموذج للمؤسسات الخيرية الداعمة للإرهاب والتي اعتبرتها (حالة دراسية) تمثل كل المؤسسات الخيرية الإسلامية في كل أنحاء العالم, فقد اعتبرنا نفس هذه القضية معياراً, وتمت المحاكمة العلمية إلى هذا التقرير ذاته, وبرهنت الحقائق والوثائق من التقرير المذكور ذاته عكس الاتهامات ليس فقط لأن التقرير الأمريكي الشهير (تقرير 11/9 الفصل السابع) عن مؤسسة الحرمين لم يدلل على أن تلك الاتهامات كانت خاطئة فحسب, بل لم يكن هناك دليل أصلاً على كل تلك الاتهامات, وبالطبع فإن كل الاتهامات قد أسقطت في المحاكم الأمريكية وغيرها.

 

علاوة على ذلك, فإن اللجنة المالية لمجلس الشيوخ قد برأت كل المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة من تهمة تمويل الإرهاب, فكما ذكرت صحيفة الواشنطن بوست بتاريخ 19 نوفمبر عام 2009م في مقال للكاتبة (ميري بيث شيريدان Mary Beth Sheridan) بعنوان (مجموعة من مسلمي الولايات المتحدة أزيلوا من قائمة تمويل الإرهاب US Muslims Groups Cleared)" وفي المقال ورد: " أن اللجنة المالية لمجلس الشيوخ قد طوت تقريراً من البحث الدقيق في سيرة المنظمات الإسلامية وعلاقتها بتمويل الإرهاب، قائلة أنها اكتشفت أن ليس هناك شئ فيه الكفاية مما يستدعي إصدار قوانين جديدة أو اتخاذ أي إجراءات احترازية أخرى - ضد هذه المنظمات-. قال رسميون إن الاستفسار الذي تطلب سنتين من البحث والتحقيق كان غير عادي بدرجة كبيرة، بحيث أن اللجنة انكبت على البحث في معلومات مالية ذات خصوصية قامت بها الدولة. فبعد تلك الحقائق التي وجدتها اللجنة المالية لمجلس الشيوخ، لربما يخطر ببال الفرد، أن المنظمات الإسلامية أصبحت في مأمن من أن تستهدف كمنظمات تدعم الإرهاب، ولكن حكومة الولايات المتحدة واصلت الاستهداف مرة أخرى. ففي 19 فبراير 2006 أغلقت إدارة الخزانة الأمريكية (منظمة القلوب الرحيمة) داخل أمريكا وجمدت أرصدتها، وكرست تعليق المساعدات الخيرية حتى أثناء فترة التحقيق".

 

والحقيقة أن تصدي الإدارة الأمريكية لوصول المساعدات الإسلامية من قبل المنظمات الإسلامية, إضافة إلى استمرار ممارسات الضغوط على الدول العربية والإسلامية كافٍ لإثبات الإستراتيجية الأمريكية الثابتة حتى مع تغير الرئيس أو الحزب. " إن تعليق المساعدات لمدة طويلة سيكون كارثة على العمل الخيري " على حد قول الدكتور حاتم الهادي رئيس مجلس إدارة منظمة (القلوب الرحيمة)، غير أن الناطق الرسمي لإدارة الخزانة الأمريكية قال لا يوجد جدول زمني للبحث والتحقيق، حينها قال الدكتور حاتم الهادي " هذا هدفهم فعلاً، سيستغرقون وقتاً طويلاً ولن يصلوا إلى شئ، ولكن إلى أن يقرروا شيئاً ما، فإن كل فرد سينسى كل شئ عن منظمة القلوب الرحيمة(1).

 

إضافة على ما ذكر أعلاه من حقائق، فإن معظم –إن لم يكن كل- أسماء السعوديين الذين اتهموا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في قضايا اتهام المنظمات الخيرية والعاملين فيها والداعمين لها بتمويل الإرهاب قد أسقطت عنهم التهم، وبطلت بذلك دعاوى أهالي ضحايا الحادي عشر من سبتمبر, وهذا يظهر غياب الأدلة التي تقول باتهام المنظمات الخيرية الإسلامية عامة والمنظمات الخيرية السعودية على وجه الخصوص بتمويل ما يسمى (الإرهاب). بل أبعد من ذلك فإن تبرئة المتبرعين والمتطوعين يجعل الحكومة الأمريكية بموقع يوجب عليها أن تدفع ثمن التحطيم الأخلاقي والمالي للأفراد والمؤسسات. وبعد كل ذلك فإن القضايا القانونية التي رفعت عليهم برهنت أنها لا أساس لها من الصحة ولذلك أسقطت، فعلى سبيل المثال فقد أصدرت المحكمة الأمريكية الجزئية لجنوب مدينة نيويوركUS District Court for the Southern New York في الوثيقة Case 1:04-cv-07065 Document 380 filled 28/9/2010 ورقم آخر لنفس الوثيقة Case 1:03-md -0170- GBD- FM- Document 2341 Filled 09/29/2010 وكان ذلك الحكم الذي صدر من المحكمة متضمناً أكبر قائمة من المبرئين من الأمراء والمسؤولين السعوديين والبنوك والجمعيات والمؤسسات الخيرية ورجال الأعمال, ومعظم هذه القائمة من السعوديين.(2)

 

المحكمة الفدرالية للولايات المتحدة الأمريكية قررت إسقاط مجموعة كبيرة من الأسماء المذكورة في الهامش السابق تمهيداً لإغلاق كل ملفات السعوديين الذين اتهموا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في قضايا المنظمات الخيرية، وأسقطت هذه القضايا على أرضية عدم وجود دليل يثبت تمويل تلك الأسماء والجهات لأحداث الحادي عشر من سبتمبر, مع نقص المرجعية القانونية لإدانة المدعى عليهم، ومن بين أولئك الشيخ عقيل العقيل الرئيس السابق لمنظمة الحرمين الخيرية، والمهندس سليمان البطحي المدير العام السابق لمنظمة الحرمين في أمريكا، وياسين القاضي، وعدنان باشا, وجمال خليفة (رحمه الله).

 

وفي يونيو من عام 2009 م عدد كبير من الأسماء أسقطت عنهم الدعوى أيضا(3).(4) وإضافة إلى ما سبق من دراسة تحليلية عن (التقرير المذكور 11/9) في الكتاب سابق الذكر فإن البراءات المتتالية وإسقاط التهم والدعاوى من قبل المحاكم الأمريكية، كل ذلك يكشف ان السعودية حكومة وشعباً ومؤسسات ليسوا (إرهابيون إلى الأبد). كما يريد الأعداء والمنافقون.

 

في الفصل الرابع والخامس – من الكتاب المذكور – هناك ما يكفي من الأدلة الإضافية، التي تظهر حقيقة هذه الحملة على المنظمات الخيرية الإسلامية، مما يؤكد البراءة, كما يكشف زيف مزاعم دعم المؤسسات الخيرية لما يسمى الإرهاب.

 

وهذا وذاك مما يوجب رد الاعتبار حيث انعكاس الاستحقاقات, ووجوب إعادة العمل الإغاثي والخيري بشكل أقوى من السابق في الوسائل والأهداف حفاظاً على حق السيادة الوطنية.

 

الحالة الثانية: ثورة الويكليكس المعلوماتية:

هل هذه الثورة الجديدة تكشف زيف وكذب ما يسمى (الحرب على الإرهاب) الذي تم تضخيمه من الدول الكبرى والصغرى على حد سواء لمنافع خاصة بالحكومات؟ وهل سوف تؤدي هذه الثورة إلى فضح هذا المشروع وبالتالي إيقاف الظلم والطغيان؟ وهل ستضاف هذه إلى الحالات الدراسية السابقة؟ وهل موضوع الويكليكس مؤامرة(5)؟ أم أنها تكشف المؤامرة والمؤامرات؟ وهل انكشاف معلومات الويكيليكس تدلل وتثبت حقيقة نظرية المؤامرة؟.

 

ومع تقديرنا لوجهات النظر المختلفة التي ترى أنها حلقة من سلسلة طويلة من المؤامرات الأمريكية, إلا أننا نختلف في هذه الرسالة عن من يرى ذلك, وذلك حسب معطيات علمية -نرى من وجهة نظرنا- أنها أقوى من غيرها, حيث المعطيات العلمية عندنا تشير إلى أهمية اعتبار معطيات علمية أخرى تتعارض مع نظرية المؤامرة, ومن تلك المعطيات أهمية اعتبار الكيدٌ الرباني والمكر إلالهي في هذه القضية, وهذا الأمر يتحقق بين الفينة والأخرى وبحبل من الناس أنفسهم, حسب سنن الله في التاريخ, كما قال تعالى {.....وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)} ]الطارق[ وقوله: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} ]الأنفال[.

 

ومع وجهات النظر المختلفة أترك الجواب للقارئ من خلال تأمله في وقفاتنا واختيارنا لبعض مقاطع من المقابلة الشخصية التي تمت بين قناة الجزيرة وبين الرجل الأول في منظمة الويكليكس جوليان أسانج فقد تكون المقابلة أبلغ من أي تحليلات سياسية خارجية عن هذا الحدث الذي وصفه كثير من الراصدين للأحداث بأنه لا يقل عن زلزال الحادي عشر من سبتمبر 2001م, فلهذا الحدث (الويكليكس) ما بعده من نتائج ومآلات على المشروع الأمريكي بالدرجة الأولى وهو مشروع:(الحرب على الإرهاب).

 

يقول جوليان أسانج في (الحلقة الأولى) في قناة الجزيرة بتاريخ 27/10/1431هـ(6) إجابة عن مصدر قوته في نشر هذه الوثائق وذلك قبل سجنه: " في الحقيقة أجد هذا العمل مرضيا جداً لي ويشعرني بالقناعة بأن أواجه الحكومات الفاسدة التي تسيء معاملة الناس والأفراد سواء كان ذلك عن الحكومة أو الجيش الأمريكي أو الحكومات في أفريقيا، وقد حظينا بنجاح يبعث على الرضا لدينا، وننظر إلى هذا الأمر بالتالي بأنه واجب علينا أن نخوض في غمار هذا العمل، وذلك بغية الدفاع عن التاريخ والضحايا الأبرياء، ولكن هذا العمل مرض جداً للغاية، ومصدر الرضا يأتي من خلال مواجهة هذه التصرفات والسلوكيات الفاسدة وهذا هو مصدر طاقتنا وقوتنا".

 

وعلى مستوى تفاعل الآخرين المطلوب والمنتظر لدعم موقع ويكيليكس لتمكنه من نشر الحقيقة، وتحقيق العدالة الدولية وأن هناك أنصار للعدالة الدولية والحقيقة يعملون بجد لإيقاف مزاعم الصراع والحروب قال:" فلقد حظينا بدعم كبير من المحامين، حتى بدعم كبير من أناس داخل وزارة الدفاع البنتاغون وداخل المؤسسات الاستخباراتية الأميركية، والذين يقدمون لنا معلومات عن هذا النوع من التهديدات ضدنا، ونحن نشرنا تقريراً من الاستخبارات الأميركية كتب عام 2008م مكوناً من32 صفحة عنا وكيفية الهجوم على منظمتنا وعلى ما يسمونه مركز الخطر ألا وهو الثقة التي نحظى بها من الجمهور ويقدمون لنا المعلومات بالتالي، إذاً فنحن نحظى بدعم من المحامين ومن أناس يقدمون لنا المساعدة ومن أنصارنا داخل المؤسسات الاستخباراتية الأميركية والاستخبارات الغربية الذين هم يشعرون بالغضب بشأن ممارسات حكوماتهم، ليس هناك دعم رسمي من أي حكومة، هناك فقط أفراد في أماكن محددة قد يعلمون شيئا ما ويقدمون لنا بعض المساعدة من خلال تقديم المعلومات عن طبيعة الهجمات التي ستوجه ضدنا" وأكد عن الشركاء الأعلاميين: " كان لنا ثلاثة شركاء الغارديان وديرشبيغل والنيويورك تايمز" مؤكداً ما طرحه المحاور معه أحمد منصور من الوسائل الإعلامية التالية: " الجزيرة, والقناة الرابعة البريطانية, والغارديان البريطانية, واللوموند الفرنسية, ودير شبيغل الألمانية, والنيويورك تايمز الأمريكية".

 

وعن هدفه وهدف منظمته المستقلة قال في نفس المقابلة ما يؤكد وجوب وضرورة تغيير السلوك الأمريكي وغيره إلى الأفضل: " فنحن عندنا تاريخ للنشر يمتد إلى أربعة أعوام ويكشف الإساءات التي تتم في (120) دولة, بالإضافة إلى أن المادة التي نقدمها وننشرها وخاصة ما يتعلق في العراق وأفغانستان وملفاتها هي وثائق أميركية، هذا لا يعني بأننا نخوض في حرب دعائية ضد الولايات المتحدة, ولكن نقول إن هذا الجيش الأميركي يقول هذا عن نفسه بنفسه, ونحن فقط نقدم هذه المواد للعالم، العالم بالتالي يستطلع ما تقوم به أميركا ضد ذاتها وإن لم يحب العالم ما يقوله الجيش الأميركي عندها الجيش الأميركي يجب أن يتصرف بطريقة أخرى مغايرة، لا يمكن أن نقول إن نشر الحقيقة هو أمر سيء أو شرير، لا، بل إن هذا يعتبر نشراً للوقائع والحقيقة, وإن لم يحب الناس سلوك البنتاغون لأننا كشفنا الحقيقة فالإجابة هي ليست في قمع وحجب الحقيقة, ولكن الإجابة تتمثل في الاعتذار وأن يغير السلوك في المستقبل إلى الأفضل".

 

وعن رسالته للعالم العربي قال في (المقابلة الأولى) مع قناة الجزيرة: "ادعمونا بكل سبيل تستطيعونه، الغرب الآن من الصعب علينا أن نحصل على دعم وذلك لأن نفوذ الولايات المتحدة يمتد إلى دول حتى كالسويد, وحتى بشكل أقل إلى دولة مثل آيسلندا, وأيضا المملكة المتحدة وألمانيا، إذاً فمن الصعب علينا الآن أن نحظى بقاعدة دعم في الديمقراطيات الغربية الليبرالية, ولذا فنحن بحاجة إلى دعم العالم العربي وهذا يتمثل بالدعم المالي وتقديم المعلومات والبيانات وإخباريات عن التهديدات التي قد نواجهها ودعم يتمثل في جوهر عملنا وأن تقدم لنا مساعدات كتقديم معلومات من حكومات تشير إلى سلوكيات سيئة"

 

وقد أكد ما سبق في (الحلقة الثانية)(7) مع القناة نفسها بتاريخ 23/1/1432هـ الموافق 29/12/2010م بعد خروجه من سجنه في الزنزانة الانفرادية, وأكد أن سجنه والحرب عليه وعلى موقعه الإليكتروني كلها مؤشرات وأدلة على أهمية ما نشره وينشره.

 

وقال عن إسرائيل تحديداً وهل هي مستثناة من مشروع الفضح؟ وأقول:(إن كان لديها ما يُفضح),(7) وعن غيرها من الدول مجيباً: " فما زلنا بانتظار أن نطلق وثائق عن إسرائيل الكم الأكبر منها لم ينشر بعد وهذا سيكون مثيرا للجدل للغاية, وأيضا واحدة من كل برقيتين مثيرة للاهتمام ربما واحدة من كل عشرة لها أهمية سياسية معتبرة" وأضاف قائلا:" وهناك حوالي 3700 وثيقة لها علاقة بإسرائيل أو مصدرها، ربما 2700 فقط مصدرها إسرائيل ", وقال: " نحن سننشر كل ما لدينا عن إسرائيل وعن أي بلد في العالم ولا يوجد بلد سوف نستثنيه" وقال أيضاً عن التهم الموجهه إليه في بعض الصحافة العالمية: "صحف الإثارة اتهمونا بالعمالة لإسرائيل, واتهمونا بالعمالة لـ CIA (المخابرات الأمريكية), واتهمونا بالعمالة لإيران, واتهمونا بكثير من الأشياء وهي ليست صحيحة".

 

ومن المهم ذكره في هذا المقام أن قضية الويكليكس تحتاج إلى مزيدٍ من الدراسات التحليلية التي تضع بعين الاعتبار الواقع الجديد لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية وللمجتمع الأمريكي حيث يشهد هذا الواقع أكبر انشقاقٍ أيديولوجي سياسي في تاريخ الولايات المتحدة, والواقع السياسي والاجتماعي شاهد بذلك, ويكفي الإشارة إلى ما حدث مؤخراً من اعتداء مسلح على (تجمع الحزب الديمقراطي) بتاريخ 9/1/ 2011, والذي عبرت عنه معظم الوسائل الإعلامية العالمية بـ(مجزرة أريزونا), وقد أودى بحياة ستة قتلى, واثنا عشر جريحاً, وهذا مؤشر من مؤشرات كثيرة, وقد أطلقت هذه الجريمة جدلاً سياسياً نوعياً في المجتمع الأمريكي, مع اتهام كتَّاب ومعلِّقين ومسئولين في شرطة أريزونا لليمين المتطرف بالوقوف ولو بشكل غير مباشر خلف الاعتداء(9) ,مما دعا الرئيس أوباما للوقوف لدقيقة صمت وقال: "إنها مأساة لاريزونا ولكل البلاد, كما تأَسَّف على مقتل القاضي الفدرالي جون رول, وأشاد بالنائبة الديمقراطية غابرييل غيفوردز التي أصيبت في الحادث برصاصة في رأسها"(10), كما قال: "ما نعلمه هو أن عملاً عنيفاً شائناً وفضيعاً كهذا لا مكان له في مجتمع حر" , وقال عن الحادثة وواقع الانشقاق الأمريكي أيضاً: "ستكون مناسبة لنا للتوحد كأمة مجدداً سواء في الصلاة أو التفكير"(11), والأمثلة كثيرة على مؤشرات الانشقاق الأمريكي بسبب الحروب الكاذبة والمصطنعة والمصدرة إلى دول العالم الثالث وما ترتب عليها من أضرار اقتصادية وسياسية, وسوف تتم الإشارة إلى هذا الصراع في الرسالة التالية (الرسالة الرابعة عشر لمركز قطاع).

 

ومع إيمان المسلم الكامل بالحجم الكبير للتآمر الدولي القوي خاصة على الضعفاء من الدول والشعوب -وذلك حقيقة لا يمكن تجاهلها خاصة تجاه المسلمين وقضاياهم- إلا أن هذا يجب أن لا ينسي الباحث عن الحقيقة من المسلمين مكر الله وكيده والذي هو عقيدة للمسلم, وقد يكون هذا الأخير ناتج عن الأول بحبل من الله أو حبل من الناس أو بهما جميعاً, وعقوبات الله واردة على الكبير والصغير, والقوى الكبرى وغيرها بإمكانياتها –مهما بلغت- ليست بمعزل عن ذلك, لأنها تحت قوة الله ومكره وكيده, كما أن الظلم والطغيان لن يكون بمعزل عن المكر الرباني والكيد الإلهي {وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} ]الطارق:16-17[.

 

وبعد عرض هذه الحالات الدراسية الجديدة التي هزَّت –ولا زالت- مصداقية الحكومة الأمريكية في تعاملها مع الدول والشعوب والحقوق الإنسانية يحق للقاريء أن يحكم إلى أي مدى ساهمت وتساهم تلك الحالات سابقة الذكر بكشف حقيقة ما يسمى (حرب الإرهاب), القائمة على البحث عن عدو وهمي جديد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي!!, وإلى أي مدى سوف يفشل هذا المشروع الإمبريالي؟, ثم هل ستبقى الإدارة الأمريكية تتخبط؟, وإلى متى؟, وهل وقعت في مأزق بحكم السنن الربانية؟, وهل غفلت هي وغيرها ممن يسير في فلكها عن القوانين والنواميس الكونية في البقاء أو السقوط؟, ومن أهمها أن الدول القوية لا تستخدم آلتها وقوتها في الحرب بقدر ما تستخدمها في التخويف والردع, فـ(التخويف بالقوة خير من ممارستها), ولكن {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ]يوسف:21[.

 

__________________

(1) انظر كتاب الدكتور محمد بن عبد السلومي ضحايا بريئة في الحرب العالمية / باللغة الانجليزية الصادر عن شركة أوثرهاوس ( AuthorHouse ) المطبوع في أمريكا وبريطانيا. طبعة مزيدة ومنقحة ص 156- 157
(2) وهي الأسماء التالية: بنك عقيدة الخاص المحدود، وشركة عقيدة للاستثمار، مجموعة البركة (وتشمل 11 مؤسسة من بنوك وشركات) ومؤسسة الحرمين الخيرية، بنك الراجحي، بنك الشامل، وشركة التقوى التجارية ومؤسسة اسات الوقفية أيمن الظواهري بنك التقوى المحدود، باتقوى للتجارة والعقارات، بنك التقوى، مجموعة مؤسسات البركات (وتشمل 5 مؤسسات)، دي أم أي للخدمات الإدارية، دي أم أي الوقفية، دار المال الإسلامي، بنك فيصل الإسلامي، ومركز الخليج التجاري، العالمية للشئون الإنسانية، وإبراهيم أفندي، وهيئة الإغاثة العالمية، والشركة الخليجية الإسلامية للاستثمار، والهيئة الإسلامية للإغاثة، خالد بن محفوظ، حكومة المملكة العربية السعودية، مؤسسة الرحمة العالمية، الرحمة العالمية، منظمة ميجا الماليزية، ندا العالمية، ومؤسسة ندا للإدارة، ناسكو ساس نصر الدين للاقتصاد، ناسكو للخدمات، شركة ناسكو تكس، شركة نصر الدين، ومؤسسة نصر الدين الخيرية، مجموعة نصر الدين القابضة العالمية، البنك الأهلي التجاري، أسامة بن لادن، أصحاب السمو الملكي الأمراء (سلطان ونايف وسلمان أبناء عبد العزيز) وصاحب السمو تركي الفيصل آل سعود, وصاحب السمو محمد الفيصل آل سعود، صالح عبد الله كامل، وجمعية سنابل الخير، الهيئة السعودية العليا للإغاثة, الشيخ عادل عبد الجليل بترجي، مؤسسة النجاح، سليمان بن عبد العزيز الراجحي، بنك التضامن، شركة فازير، وشركة يوسف ندا وجيسلشافت.
(3) ومن بينهم الأسماء التالية: طلال باد كوك، شهير بترجي، عبد الله طارق وإسلام وعمر وبكر أبناء بن لادن ومجموعة دلة البركة المتحدة ومؤسسة دبي الخيرية للخدمات الإدارية، الشيخ صالح الحسين، الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم الابراهيم، مؤسسة الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز بن إبراهيم الابراهيم الخيرية، يوسف جميل، عبد الرحمن بن محفوظ، خالد بن محفوظ، البنك الأهلي التجاري، عبد الله بن صالح العبيد، عبد الله الراجحي، صالح الراجحي، سليمان الراجحي، عبد الرحمن السويلم وعبد الله بن عبد المحسن التركي.
(4) انظر كتاب الدكتور محمد بن عبد السلومي ضحايا بريئة في الحرب العالمية / باللغة الانجليزية الصادر عن شركة أوثرهاوس ( AuthorHouse ) المطبوع في أمريكا وبريطانيا. ص 157- 158
(5) انظر مجلة البيان عدد (282) صفر 1432هـ -تسريبات ويكليكس مؤامرة أم فضيحة-؟ وقد خلص المقال بنتيجه أن التسريبات مؤامرة, حسب معطيات علمية معتبرة, وانظر طلعت رميح بعنوان البعد الأهم في حكاية موقع ويكليكس, والذي رأى أنها مؤامرة أمريكية http://almoslim.net/node/135973
, ومع تقديرنا للمعطيات العلمية التي استندت عليها مقالة مجلة البيان, وبعض الإشارات في المقال الأخر إلا أننا نرى في هذه الرسالة –الثالثة عشر- رؤية أخرى مغايرة.
(6) انظر الحلقة الأولى بموقع قناة الجزيرة نت، برنامج بلا حدود http://www.aljazeera.net/NR/exeres/A627F536-93AA-49DD-931A-A729CD124D6C.
(7) انظر برنامج بلا حدود, قناة الجزيرة, الحلقة الثانية: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/C978D278-412B-4FC8-BF89-63B8392DE636.htm
(8) يلاحظ أن دولة إسرائيل فاجرة وعدوانية, وتفتخر بفجورها السياسي والعسكري عملياً وإعلامياً, وليست دولة منافقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول التي تظهر خلاف ما تبطن.
(9) انظر صحيفة الحياة العدد(17448) الثلاثاء 7صفر 1432هـ, الموافق 11كانون الثاني 2011.
(10) انظر صحيفة الاقتصادية العدد(6299), تاريخ 5/2/1432هـ الموافق 9/1/2011.
(11) انظر صحيفة المدينة العدد (17429) الثلاثاء 7صفر 1432هـ الموافق 11 يناير 2011م.